سوريا على شفا هوة سحيقة أعمق

مع تأرجح روسيا وتراجع إيران لا يمكن تصور قوة راعية للتعافي السوري سوى العرب

سوريون يصطفون لملء حاويات خارج محطة وقود في منطقة تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» شمال غربي سوريا في 15 ديسمبر (أ.ف.ب)
سوريون يصطفون لملء حاويات خارج محطة وقود في منطقة تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» شمال غربي سوريا في 15 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

سوريا على شفا هوة سحيقة أعمق

سوريون يصطفون لملء حاويات خارج محطة وقود في منطقة تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» شمال غربي سوريا في 15 ديسمبر (أ.ف.ب)
سوريون يصطفون لملء حاويات خارج محطة وقود في منطقة تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» شمال غربي سوريا في 15 ديسمبر (أ.ف.ب)


مع بداية مخاض الربيع العربي 2011، فوضت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما تركيا والقوى المتحالفة معها، بتدبير تداعيات الانهيار الكبير. فكانت زيارة أوباما وخطاباته في أنقرة بعد جامعة القاهرة إلخ... لكن في منتصف حقبة أوباما، انقلبت المعادلة الأميركية على نفسها في اتجاهين واضحين: فمن جهة تم إبعاد العرب، وإطلاق مفاوضات الملف النووي وليرسل أوباما للمرشد الإيراني علي خامنئي رسالة يبلغه فيها، أن الولايات المتحدة لا تسعى للإطاحة برئيس النظام السوري بشار الأسد، ومن جهة أخرى أعادت واشنطن بناء الثقة مع روسيا بعد أن خربتها أطماع روسيا وسط آسيا. زبدة الكلام، أن الحبل انقطع بالسوريين في منتصف البئر.
لكن سرعان ما تبلورت الطبيعة الإشكالية للعلاقات الأميركية - الروسية. وبدأت روسيا دق الأسافين بين الولايات المتحدة وحلفائها في الحلف الأطلسي، وكانت تركيا المثال الصارخ. لم تكن التفاهمات التركية - الروسية حول سوريا، وصفقة الـS 400، وتداعيات الانقلاب في تركيا، إلا إحدى مظاهرها. بل إن جوهر ما سعت إليه روسيا هو استدراج تركيا لتصبح شريكاً استراتيجياً وعقدة توزيع لمشروع خطوط الطاقة الروسية من كازاخستان، وإيران والعراق، والغاز السيبيري المتجه غربا نحو أوروبا عبر ميناء جيهان.

تلميذة تسير نحو مدرستها في مدينة الرقة بشمال سوريا يوم 21 سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

بتدابير خلاسية، لم تتوانَ الولايات المتحدة عن وضع الألغام تحت هذا الجسر الروسي. فكان استفتاء كردستان العراق لقطع الطريق على قنديل، وكان الدخول التركي لغرب الفرات، ونزلت القوات الأميركية شرق الفرات، بل قامت الولايات المتحدة بإجهاض المحاولات الروسية لإنتاج أي حلول بديلة موازية لعملية جنيف، من القاهرة، لآستانة إلى سوتشي. لكن رغم وعورة العلاقة استمر التفويض الأميركي لروسيا، فهي لا ترى بديلاً.

اذهبوا إلى الروس

عشية سقوط حلب عام 2016، قمت، إلى جانب العديد من السوريين الأميركيين، بالتواصل مع الإدارة الأميركية؛ سعياً لوقف القصف الوحشي بالبراميل ومنع سقوط المدينة. وعلى أعلى المستويات كان الجواب «اذهبوا إلى الروس، ثم اذهبوا إلى الروس» وبدا استمرار تفويض روسيا جلياً.
بعدئذٍ، اتجه الصراع السوري نحو استقرار نسبي، في إطار تقسيم العمل ومحاصصة النفوذ. وصولاً إلى اتفاقات سوتشي 2018، حيث ينقل عن الصحافيين المرافقين، أن الحديث لم يدر فيها عن سوريا إلا قليلاً، بل عن الإقليم والشراكة الإيرانية - التركية في مشروع أنابيب الطاقة الروسي.

الرئيس بشار الأسد خلال لقائه «المرشد» الإيراني خامنئي بحضور الرئيس إبراهيم رئيسي بطهران في مايو 2022 (الرئاسة السورية)

بعد شهرين، جرت اجتماعات في القدس حول سوريا، لرؤساء أجهزة المخابرات الروسية والأميركية والإسرائيلية. وبحسب ما تسرب، تم التوصل إلى توافقات أولية على الخطوط التكتيكية لمصالح إسرائيل وأميركا وروسيا في صياغة الصراع. وفي حينه، وعدت روسيا بتخفيض مخاطر النفوذ الإيراني في سوريا، وإتاحة هوامش فعالة لإسرائيل لقص العشب الإيراني.
بذلك كرست روسيا موقعها كوسيط قوة إقليمي مهيمن (Power Broker)، يحتاج إليه الجميع لضبط الجمر تحت الرماد، ليس في سوريا فحسب، بل وفي الإقليم. فبفضل ذلك حاولت روسيا بالرضا أو الإكراه، ضبط إيقاع الصراعات. فهي وسيط القوة بين إسرائيل وإيران، وبين تركيا وإيران والنظام السوري، وبين الأردن والنظام، وبين الأكراد السوريين والنظام، وبين أميركا والنظام... إلخ. والأهم من ذلك، أنها بدأت تتمدد لخطوط التجارة العالمية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب عبر شراكات مع دول الإقليم.

صورة من وزارة الدفاع التركية لزيارة وزير الدفاع وقادة الجيش لمركز قيادة على الحدود مع سوريا نوفمبر الماضي

لكن هيهات؛ إذ ما لبثت أن تجلت مؤشرات هشاشة هذا الاستقرار. وفشلت بشكل ذريع وبائس محاولة روسيا إغلاق الصراع عبر المصالحات في درعا وحلب وريف حمص. ولم تتمكن روسيا من انتزاع أي موقف ذي مغزى من النظام السوري في جنيف، وأخيراً أبلغت روسيا إسرائيل، أنها لم تعد قادرة على ضبط وجود إيران في سوريا.
ثم، وبمغامرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، انكسر مزراب العين! وتفككت مقومات توافقات سوتشي والقدس. وانكسرت لعقود تفويضات الولايات المتحدة لروسيا، بل وأصبحت هزيمة روسيا وإخراجها هي ومصادر الطاقة والنظام الاقتصادي العالمي، خطة تنفذها أميركا بعدوانية ظاهرة. وبدأت تتبلور الخطط الأميركية لضمان هيمنتها على الخطوط البحرية للتجارة العالمية في المتوسط والأحمر وبحر العرب. وإذ تضغط على دول الإقليم، ومع عودة نتنياهو في إسرائيل، يصبح حسم التحالفات الإقليمية مع بوتين، أولوية ملحة للولايات المتحدة. فـ«إما معنا أو ضدنا».
وعلى التوازي من ذلك، تمادت إيران في عبثها في الملف النووي، لتفوّت فرصتها التاريخية.

دورية روسية في مدينة درعا أخيراً (الشرق الاوسط)

وبذلك انهارت بشكل مدهش أعمدة التوافقات السابقة. وإذ تفطم أوروبا نفسها قسراً عن مصادر الطاقة الروسية، فإنها تحرم بوتين من آخر أمل في صفقته مع الرئيس التركي رجب إردوغان حول خطوط الطاقة.
وأكثر من ذلك، أدى انسداد الأفق أمام أي مَخرَج مشرّف لبوتين في أوكرانيا، إلى إضعاف وهم القوة الروسية بشكل استراتيجي. فلا عادت روسيا تملك القدرة على فرض مواجهة تركيا وضبط خطوط التماس معها، ولا على ضمان اتفاقات الأكراد مع النظام، ولا على ضبط القصف الإسرائيلي، ولا حتى على دعم النظام في أزمة اقتصادية تنخره حتى النخاع. ليبدو انهيار وسيط القوة الروسي، وتراجع إيران الاستراتيجي، حقائق غير قابلة للانتكاس. يخلق هذا الوضع فراغاً استراتيجياً. وفي حين يغرد إردوغان لما بعد روسيا، يدخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مغطس بائس. وتحضر إسرائيل لتصعيد إقليمي يائس، لكنه غاية في الخطورة. وعلى إيقاع خيرسون وخاركيف تتحرك القوى الدولية في سوريا بحذر ولكن بثبات، ويتعالى صوت شحذ السيوف، ليصبح احتمال اشتعال الخطوط قضية وقت.
أمام هذا الواقع، تكمن الطامة الكبرى في السياسة الأميركية ذاتها. فباستثناء البيانات والنوايا الحسنة، وباعتراف العديد من الدبلوماسيين، لا تمتلك الإدارة حتى الآن أي خطة أو مجرد رؤية تجاه سوريا. فلقد ألحق التردد والتقلب والتلاعب الأميركي الطويل، ضرراً كبيراً بأدوات أميركا ومصداقيتها. ولا تجد أميركا منصة موثوقة للتقدم نحو مخرج للصراع السوري، لإدارة وضعها المحرج فيها. إنه وضع خطر بحد ذاته. فحين تفتقد الولايات المتحدة الأدوات، تترك العنان للتفاعلات الإقليمية والسورية، لعل حراك الوقائع يفرز جديداً يمكن الاعتماد عليه. ومثال العراق واضح!
هذه المرة، لم تعد تستطيع أميركا أن تقترح على السورين الذهاب لجحيم روسيا. فأين يذهب السوريون؟ يصيب هذا السؤال الدبلوماسيين الأميركيين بالخرس، أو الثرثرة الفارغة. لكنهم يدركون أن الأحداث المتسارعة ستقحم أميركا قريباً في الصراع. وبسبب غياب الرؤية، لن تلبث أن تجد مواقعها محاصرة دبلوماسياً وسياسياً وعسكرياً من قبل الخصوم. ويضع كل ذلك سوريا على شفا دورة جديدة من التفكك والدم.
لكن ثمة حقيقتين صارختين تزيدان من قتامة هذه السيناريوهات المستجدة. إذ ليس ثمة حرب في سوريا من دون القوى المحتلة، ولا سلام في سوريا، من دون السوريين. السوريون والعرب غائبون.
صار السوريون الحلقة الجوهرية المفقودة في الصراع. وكما في لبنان والعراق، فككت الطائفية والمللية أهلها ذاتهم. وحين تصطف النجوم لاختطاف سوريا من أنياب القوى الدولية، وفي غياب السوريين، كما اللبنانيين والعراقيين، ستعمد القوى الدولية لخياطة الجرح السوري بقيحه، لتعاود دورة التفكك عاجلاً.

الغائب الحاضر

السوريون هم الغائب الحاضر الأول. فقبل أسئلة بيدرسون العبثية حول الخطوة مقابل خطوة، وقبل البحث في عمل اللجنة الدستورية، تكمن المسألة الجوهرية في ذلك «الثمن» الذي يمكن أن يقبله السوريون على مختلف مشاربهم للعيش الطوعي المشترك والحفاظ على وحدة البلاد. وإذ يفقد الصراع عزمه لدى جميع السوريين، يتحول الكثير منهم لأدوات في صراع المحتلين.
مرّت بلاد الشام بحقبة مشابهة امتدت لأكثر من أربعة قرون، فلا أبطال، ولا تاريخ ولا شعراء، بل فوضى وضياع يحكمها البلطجية. ورغم هول جرائم النظام، يحتاج السوريون إلى بديل عن موالاتهم و«معارضتهم» على حد سواء. فكلاهما من الجنس التاريخي ذاته. والبديل غير ممكن دون القبول بصفقة تاريخية طوعية جديدة للعيش المشترك.
وفي انتظار ذلك لا بد من حل درء المخاطر الراهنة للتفكك. فنحن على شفا الغرق ولا بد من عمل شيء الآن. الصراعات تحتدم بين السوريين، داخل كل منطقة من مناطقهم الأربع، غرب الفرات وشرقه والجنوب ومناطق سيطرة النظام، لتصبح المهمة الراهنة هي جعل الحياة ممكنة للمدنيين حيثما كانوا، وتحريرهم من عبوديتهم «الطوعية» لبلطجة أمراء حربهم. المهمة الجوهرية هي خلق بيئة ممكنة للعيش الطبيعي المنتج لكل المدنيين. وهذا غير ممكن من دون مستوى معين من الاستقرار. الذي يجب أن تتحمل مسؤوليته الدول المحتلة بحسب القانون الدولي.
في هذا السياق، من العبث الحديث عن مسؤولية روسيا أو إيران. لكن القوى المحتلة شرق وغرب الفرات، وجنوب البلاد، تتحمل المسؤولية الكاملة عن الأوضاع المزرية للناس ولحقوقهم، وعن ضمان حد أدنى من الأمن الشخصي والجماعي والاقتصادي للمجتمعات المحلية. فبذريعة مكافحة الإرهاب، تخلي الدول المحتلة مسؤولياتها تجاه المدنيين، بل تتقاسم الولايات المتحدة في شرق الفرات مع القوات الروسية والإيرانية وقوات النظام متغاضية عن جرائمهم وعدوانهم على المدنيين.
وبالذريعة ذاتها، تتغاضى القوى المحتلة عن استيلاد الميليشيات على الثروات والمعابر والسوق السوداء والإتاوات والقتل والاغتصاب دون محاكمة وبغياب كامل للقانون، ناهيك عن التغييرات الديموغرافية القسرية التي تفرضها الميليشيات. ثم ماذا نقول في الغائب الحاضر الثاني، ألا وهم العرب. فمع سقوط روسيا، وتراجع إيران، لا يمكن تصور قوة راعية للتعافي السوري، سوى العرب. ومن دونهم تُدفع سوريا إلى هوة سحيقة، ليمتد لهيبها للجوار حتماً. فأين أنتم يا عرب؟
- الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

اليمن يشدد على توحيد الجهود الأممية لدعم الإغاثة والتنمية

نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)
نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)
TT

اليمن يشدد على توحيد الجهود الأممية لدعم الإغاثة والتنمية

نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)
نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)

شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن خلال الأيام الماضية سلسلة من اللقاءات الحكومية مع ممثلي عدد من المنظمات الأممية والدولية، في إطار مساعٍ لتعزيز التنسيق وتوحيد الجهود الإنسانية والتنموية، بما يسهم في تحسين الأوضاع المعيشية للسكان في ظل تصاعد انتهاكات الجماعة الحوثية التي عطَّلت أعمال عديد من الوكالات الدولية.

ضمن هذه اللقاءات، بحث نائب وزير الخارجية مصطفى نعمان، مع ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في اليمن، آدم ياو، آليات عمل المنظمة وأهمية تدخلاتها في مجالات الأمن الغذائي والتنمية الزراعية وتحسين سبل المعيشة في المناطق الريفية.

وأشاد نعمان بجهود «فاو» ومشاريعها الداعمة لقطاعي الزراعة والري، مؤكداً حرص الحكومة على تسهيل عملها وتمكينها من تنفيذ برامجها الإنسانية والتنموية بما يسهم في دعم الاستقرار المعيشي.

من جانبه، عبّر ممثل المنظمة عن تقديره لتعاون الحكومة اليمنية، مؤكداً التزام «فاو» بمواصلة تقديم الدعم الفني والإنساني للشعب اليمني، رغم التحديات الميدانية القائمة. وفق ما نقله الإعلام الرسمي اليمني.

في لقاء آخر، ناقش نعمان مع نائب مدير بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، ماري ياماشيتا، نشاط البعثة وسبل تطوير أدائها وفقاً لتفويضها الأممي.

جانب من اجتماع نائب وزير الخارجية اليمني مع ممثلي المنظمات الدولية (إكس)

وأكد نعمان ضرورة تعزيز التنسيق بين الحكومة والبعثة، لرفع فاعلية أدائها وتحقيق أهدافها، مرحِّباً بخطوة نقل مقرات البعثات والمنظمات الأممية إلى العاصمة المؤقتة عدن لما تمثله من أهمية في تسهيل مهامها وضمان التواصل المباشر مع الحكومة الشرعية.

ونسب الإعلام الرسمي إلى ياماشيتا أنها أعربت عن تقديرها لتعاون الحكومة اليمنية وتفهمها لطبيعة عمل البعثة، مشيرةً إلى أن الأمم المتحدة بصدد مراجعة مهامها في الحديدة بما يتناسب مع المستجدات الإقليمية والدولية.

اجتماع موسع

في سياق التحرك الحكومي اليمني، عقد نائب وزير الخارجية اجتماعاً موسعاً مع ممثلي المنظمات الدولية العاملة في عدن، لمناقشة أوجه التعاون المشترك وسبل تعزيز التنسيق مع الحكومة لضمان تنفيذ البرامج الإنسانية والتنموية بكفاءة وشفافية.

ورحب نائب الوزير بممثلي المنظمات، مشيداً بجهودها في التخفيف من معاناة اليمنيين جراء الحرب، ومؤكداً التزام الحكومة بتهيئة الظروف المناسبة لعملها.

وأعرب عن تقدير الحكومة للمنظمات التي نقلت مقراتها الرئيسية إلى عدن، معتبراً ذلك خطوة تؤكد التزامها بالتعامل مع الحكومة الشرعية وتعزيز حضور مؤسسات الدولة.

وشدد نعمان على أهمية التنسيق الدائم بين وزارة الخارجية في بلاده والمنظمات الدولية لتجاوز التحديات الميدانية، وضمان وصول المساعدات إلى المستحقين في جميع المحافظات وفقاً لأولويات الاحتياج الإنساني.

في المقابل، عبّر ممثلو المنظمات عن شكرهم لوزارة الخارجية على تسهيل إجراءات عملهم، مؤكدين حرصهم على توسيع نطاق أنشطتهم وتعزيز الشراكة مع الحكومة لدعم جهود الإغاثة والاستقرار. حسبما نقلت وكالة «سبأ» الحكومية.

كان نعمان قد التقى نائب مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، سعيد حرسي، لبحث سبل تطوير التعاون وتعزيز الدعم الإنساني المقدم للشعب اليمني.

وأكد المسؤول اليمني أهمية إعداد خطة شاملة للاستجابة للاحتياجات الإنسانية والتنموية، والعمل على سد الفجوة التمويلية التي تسببت في تقليص عدد المستفيدين من برامج الأمم المتحدة.

وشدد نعمان على ضرورة اعتماد آليات رقابة شفافة تضمن وصول المساعدات إلى المستفيدين الحقيقيين، وتعزيز التنسيق المستمر بين الحكومة ومكتب «أوتشا» لضمان فاعلية البرامج الإنسانية وكفاءتها.


تحركات دبلوماسية يمنية لدعم الإصلاحات الحكومية

طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
TT

تحركات دبلوماسية يمنية لدعم الإصلاحات الحكومية

طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)

كثّف رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي ورئيس الوزراء سالم بن بريك من نشاطهما في العاصمة السعودية الرياض، ضمن جهود تستهدف توسيع الدعم الدولي لبرامج الإصلاح الاقتصادي، وتعزيز الاستقرار، والتحضير لعقد مؤتمري «المانحين للصحة» و«الطاقة الوطني الأول» خلال الشهر الحالي.

وأفاد الإعلام الرسمي بأن رئيس الوزراء بن بريك بحث مع سفيرة المملكة المتحدة لدى اليمن عبدة شريف مستجدات التعاون الثنائي، وتطورات الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، إلى جانب التحضيرات الجارية لمؤتمري «الصحة» و«الطاقة»، اللذين تراهن عليهما الحكومة لحشد التمويل الدولي للقطاعين الحيويين.

ووفق المصادر، تناول اللقاء مسار الإصلاحات المالية والإدارية التي تنفذها الحكومة بدعم من شركائها الدوليين، ونتائجها المتوقعة في تحسين الأداء الحكومي وتخفيف المعاناة الإنسانية الناجمة عن حرب ميليشيات الحوثي.

رئيس الحكومة اليمنية سالم بن بريك مع السفيرة البريطانية عبدة شريف (سبأ)

وشدد بن بريك على أن الحكومة ماضية في تنفيذ إصلاحات شاملة لرفع كفاءة مؤسسات الدولة، وضبط العلاقة بين السلطات المركزية والمحلية، مؤكداً أهمية الشراكة الفاعلة مع المجتمع الدولي لدعم خطط التعافي الاقتصادي، وتمكين الحكومة من القيام بواجباتها تجاه المواطنين.

وأوضح رئيس الوزراء أن مؤتمر المانحين للصحة سيكون محطة محورية لتنسيق الجهود الوطنية والدولية، وحشد الموارد لإعادة تأهيل المرافق الصحية وتطوير الكوادر، في حين يُشكل مؤتمر الطاقة الوطني الأول خطوة نوعية لإصلاح هذا القطاع الحيوي، وتحقيق أمن الطاقة واستدامتها، بدعم من السعودية والإمارات.

من جهتها، أكدت السفيرة البريطانية دعم بلادها للحكومة اليمنية في مسار الإصلاحات وتحسين الخدمات، مشيدة بتوجهها لعقد مؤتمرات نوعية تضع حلولاً عملية للتحديات التنموية.

شراكة ألمانية ودعم فرنسي

في لقاء منفصل، استقبل بن بريك سفير ألمانيا الاتحادية توماس شنايدر؛ حيث جرى بحث العلاقات الثنائية وآفاق التعاون في مجالات الإغاثة والتنمية والإصلاح الاقتصادي.

وأشاد رئيس الوزراء بالدعم الألماني المتواصل لليمن، مؤكداً أن حكومته تمضي في تنفيذ خطة الإصلاحات الشاملة التي أقرها مجلس القيادة الرئاسي، بهدف تصحيح مسار المالية العامة، وتحسين إدارة الموارد، واستعادة الثقة بالاقتصاد الوطني.

ونقل السفير الألماني تحيات المستشار فريدريش ميرتس، مؤكداً أن بلاده تتابع باهتمام التطورات الاقتصادية في اليمن، وستواصل دعمها للحكومة ضمن أولوياتها الوطنية لتحقيق الأمن والاستقرار وبناء المؤسسات.

تلاميذ يمنيون في مدرسة الرباط الغربي الحكومية في لحج الواقعة بين مدينتي تعز وعدن (أ.ف.ب)

من جهته، التقى العليمي سفيرة فرنسا لدى اليمن، كاترين قرم كمّون، وبحث معها مستجدات الأوضاع على الساحة اليمنية والدعم الفرنسي لبرامج الإصلاحات.

وأعرب العليمي عن تقديره لدور فرنسا في دعم أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، ومساندة المسار الإنساني والإغاثي، ومواقفها في مجلس الأمن الداعمة لليمن.

وناقش اللقاء -حسب الإعلام الرسمي- البرامج الحكومية لتعزيز التعافي وتحسين الخدمات ودفع الرواتب وتثبيت مؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن.

وأشاد العليمي بالموقف السعودي في دعم الموازنة العامة ومساعدة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها، مشيراً إلى أن مجلس القيادة ماضٍ في مسار السلام الشامل والمستدام وفق المرجعيات المعترف بها، مع إنهاء التدخلات الإيرانية التي عمّقت الأزمة الإنسانية.

السفيرة الفرنسية أكّدت من جانبها التزام باريس بدعم الحكومة اليمنية وجهود تحقيق السلام وأمن الملاحة، وتعزيز التعاون في الملفات الاقتصادية والإنسانية. وفق ما ذكرته وكالة «سبأ» الحكومية.

تعاون صيني

في سياق التحركات اليمنية، استقبل رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي القائم بأعمال السفارة الصينية شاو تشنغ، وبحث معه سبل تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والأمنية.

وأكد العليمي اعتزاز اليمن بعلاقات الصداقة مع الصين ودعمها المتواصل، مشيراً إلى أهمية التنسيق لردع التهديدات المشتركة، خصوصاً تهريب الأسلحة عبر البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في الرياض القائم بأعمال السفير الصيني (سبأ)

وتطرّق اللقاء إلى تقرير فريق الخبراء الأممي بشأن تصاعد عمليات التهريب للجماعة الحوثية، وأهمية التعاون في مشروعات الطاقة والمواني وتطوير قدرات خفر السواحل لحماية الملاحة الدولية.

القائم بالأعمال الصيني -حسب الإعلام الرسمي- جدّد دعم بلاده لمجلس القيادة والحكومة اليمنية، واستعدادها لتوسيع الشراكة الاقتصادية والتنموية في مختلف القطاعات.

وتعكس هذه اللقاءات حراكاً يمنياً يهدف إلى توسيع قاعدة الدعم الدولي لجهود الإصلاح الاقتصادي وتثبيت الاستقرار، في ظل تحديات معقدة فرضتها الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية واستمرار تهديداتها للأمن الإقليمي والدولي.


الحوثيون يعيدون تأهيل موانئ الحديدة لتجاوز آثار الضربات الجوية

الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)
الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعيدون تأهيل موانئ الحديدة لتجاوز آثار الضربات الجوية

الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)
الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)

كثفت الجماعة الحوثية أنشطتها لتحسين قدرات موانئ الحديدة وتأهيلها لاستقبال السفن التجارية، مستحدثة أرصفة تُمكّنها من استقبال سفن تجارية كبيرة، في محاولة للتخفيف من الضغوط الاقتصادية التي تواجهها، بالتزامن مع فرض جبايات جديدة على البيوت التجارية تحت اسم «مواجهة تبعات المواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة».

وذكرت مصادر تجارية في العاصمة المختطفة صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة ضاعفت من أعمال الجباية خلال الأسابيع الأخيرة، وفرضت على البيوت التجارية والمستوردين مبالغ كبيرة؛ للمساهمة في إصلاح ما دمرته الغارات الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت منشآت حيوية واقتصادية تحت سيطرتها.

وأوضحت المصادر أنه، وبينما كان التجار يتوقعون أن تؤدي نهاية الحرب في قطاع غزة إلى حدوث انفراجة في الأزمات التي تواجهها الحركة التجارية بمناطق سيطرة الجماعة بعدما أدخلت الجماعة الحوثية البلاد في نطاق المواجهات العسكرية، فوجئوا بأنهم مطالبون بدفع جزء من فاتورة ذلك التصعيد.

قادة حوثيون قرب أحد موانئ الحديدة (إعلام حوثي)

ووفقاً للمصادر، فقد كرر قادة الجماعة تهديداتهم السابقة للبيوت والمجموعات التجارية والتجار والمستوردين بعرقلة وصول بضائعهم في المنافذ البحرية والبرية، وبفرض مزيد من الرسوم عليها هناك، في حال عدم المساهمة بإعادة تأهيل المنشآت الحيوية، وعلى رأسها الموانئ.

وبينما تقول المصادر إن الجماعة تسارع إلى تحويل مركز أنشطتها الاستيرادية إلى ميناء رأس عيسى شمال مدينة الحديدة، الذي كان مخصصاً لتصدير النفط، وإلى ميناء الصليف، كشفت منصة أميركية مختصة في الشؤون البحرية، عن لجوء الحوثيين إلى مضاعفة القدرات التشغيلية لميناء رأس عيسى للتعامل مع السفن الكبيرة وتفريغ مختلف أنواع البضائع.

وسائل مبتكرة

وفق منصة «ذا ماري تايم إكزكيوتيف»، فإن صور الأقمار الاصطناعية، التي التُقطت للمنطقة خلال الأيام الماضية، أظهرت توسعاً ملحوظاً في الميناء يمكّنه من التحول إلى ميناء استيراد بقدرات كبيرة.

الغارات الإسرائيلية ألحقت أضراراً بتجارة الوقود التي يديرها الحوثيون (أ.ف.ب)

وكان الحوثيون حولوا الميناء من منصة لتصدير النفط إلى محطة لتخزين النفط الذي يستوردونه، ويعملون على نقله إلى الخزانات عبر خطوط أنابيب تُوصَّل بالسفن المحملة به التي تضطر إلى الرسوّ في أقرب نقطة مقابلة يمكنها الوصول إليها في البحر.

ورجحت «المنصة» أن تُستخدم بقايا السفينة «غالاكسي ليدر» في إعادة تأهيل ميناء الصليف الواقع شمال محافظة الحديدة، على بعد أميال عدة من ميناء رأس عيسى، وتحوَّل إلى رصيف عائم.

واستهدفت الغارات الإسرائيلية، في يوليو (تموز) الماضي، السفينة «غالاكسي ليدر» المخصصة لنقل السيارات، بعد أكثر من عام ونصف العام من استيلاء الحوثيين عليها ضمن مزاعمهم «مناصرة سكان قطاع غزة»، وجاء هذا الاستهداف بسبب استخدام الجماعة إياها موقعاً لرصد تحركات السفن في البحر الأحمر.

الأقمار الاصطناعية تظهر نشاطاً لتأهيل ميناءي الصليف ورأس عيسى (سنتينل 2 ومركز الأبحاث المشترك)

وبينت «المنصة» أن الصور تظهر عودة ميناء الصليف إلى العمل بشكل كامل؛ مما يشير إلى أن الجماعة لجأت إلى تفريغ البضائع فيه، بعد استهداف ميناء الحديدة، وهو الميناء الرئيسي الذي تدير الجماعة عملياتها الاقتصادية منه، وأرجعت ذلك إلى عدم تضرر مرافق الأول بمثل تضرُّر نظيراتها في الثاني.

وصول سفن جديدة

منذ مارس (آذار) وحتى يوليو (تموز) الماضيين، تعرضت الموانئ الثلاثة لغارات أميركية ثم إسرائيلية؛ رداً على الأنشطة العسكرية الحوثية في البحر الأحمر واستهداف السفن التجارية، إلى جانب هجماتها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة على إسرائيل.

ووفقاً لـ«المنصة»، فإن سفينتين لنقل البضائع السائبة تمكنتا من الرسوّ عند رصيف ميناء الصليف، في حين تمكن ميناء رأس عيسى من استقبال السفن النفطية التي نقلت وقوداً خاضعاً للعقوبات الأميركية، بعد استحداث أرصفة جديدة فيه.

وأوضحت أن هناك رصيفين جديدين في الميناء بُنِيا بسرعة منذ أكثر من 3 أشهر، بالإضافة إلى رصيف ثالث متصل بجزيرة صناعية وُسّعت أيضاً، ورُصِدت سفن صغيرة ترسو إلى جوار هذه الأرصفة خلال الأسابيع الأخيرة، إلى جانب سفينتين لنقل البضائع رَسَتَا هناك منذ أسبوع، وما لا يقل عن 17 سفينة في المياه تنتظر الرسوّ في الميناءين.

الحوثيون يعملون على استغلال ميناء الصليف للتهرب من العقوبات واستئناف نشاطهم الاقتصادي (إعلام حوثي)

ووصفت «المنصة» هذه الأنشطة بالتحول الاستراتيجي في إدارة الجماعة الموانئ وتجاوز القيود المفروضة عليها.

وتشير مصادر محلية، بالإضافة إلى شهود عيان وعمال بالقرب من الموانئ، إلى أن الجماعة باتت تستخدم الرافعات على السفن لتفريغ الشحنات؛ مما يرجح عدم قدرتها على الحصول على رافعات جديدة، وأيضاً أنها تخشى إنشاءها فتصبح عرضة للغارات الجوية.

ويعدّ وصول السفن إلى الموانئ الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية دون المرور على «آلية التفتيش والتحقق الدولية» في ميناء جيبوتي، مخالفاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم «2216» الصادر قبل 10 أعوام.