«من يريد الزواج، عليه أن يدفع في (صندوق دعم الأسرة) مبلغاً من المال، أعتقد أن الجميع قادر على دفعه»، عبْر هذه الكلمات مهّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لتعديلات على قانون «الأحوال الشخصية»، منوهاً بأن الصندوق المقترح سيتم تمويله من قبل الحكومة والمقبلين على الزواج كجزء من خطوات إتمامه وتوثيقه.
وأثارت الدعوة حالة من الجدل والنقاش في مصر التي تواجه زيادة في أسعار السلع، فضلاً عن الشكاوى الدائمة من تكاليف الزواج التي باتت باهظة.
وشرح السيسي، خلال افتتاح مشروع صناعي (الاثنين)، أن الغرض من الصندوق هو «حماية الأطفال وقت الخلافات الزوجية»، وأوضح أن «الصندوق سيجمع مبلغاً مالياً من كل زيجة يتم توثيقها، بما يتناسب مع جميع الناس، ثم تتكفل الحكومة بدعم الصندوق بمبلغ موازٍ»، وأشار إلى أن «المبلغ الذي سيتم تحديده، ضئيل مقارنة بالتكاليف التي يتكبدها المقبلون على الزواج بهدف إقامة حفل أو شراء (الشبكة)».
وتواجه مصر زيادة في معدلات الطلاق، ويحذر مسؤولون وخبراء من التبعات الاجتماعية والاقتصادية لتفاقم الظاهرة، خصوصاً في ظل وجود أطفال بين الطرفين اللذين يخوضان غالباً نزاعاً قضائياً بشأن تدبير النفقات».
وكان مقترح «صندوق دعم الأسرة»، قد طُرح للمرة الأولى ضمن مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد الذي تعده لجنة قضائية مشكّلة بقرار من المستشار عمر مروان، وزير العدل».
واعتبرت نهاد أبو القمصان، عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر أن «فكرة الصندوق قد تأخرت»، وقالت في تصريحات تلفزيونية، إن «الصندوق من شأنه حل قرابة 90 في المائة من الخلافات الزوجية، لا سيما تلك المتعلقة بالنفقة وحق الأبناء».
من جانبها قالت الدكتورة نيفين عبيد، عضو «لجنة السكان» التابعة لـ«الحوار الوطني»، ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة، لـ«الشرق الأوسط» إن «ما تم طرحه من قبل لجنة قانون الأحوال الشخصية هو الأول من نوعه، وحال العمل الفعلي بالتعديلات، سيتطلب الأمر كثيراً من الجهد من قبل المنوط بهم تحديد آلية عمل الصندوق على نحو يضمن تحقيق الهدف منه».
وترى عبيد أن نجاح فكرة الصندوق مرهون بآلية تحصيل الدعم المالي من قبل المقبلين على الزواج، وتقول إن «الشباب يعاني بالفعل من ارتفاع تكاليف الزواج، من ثم طرح فكرة تحصيل رسوم ربما تواجه بعض الغصة، بينما تقديم تصور دقيق وتفصيلي يشرح طريقة عمل الصندوق ودوره الفعلي في حماية الأسرة المصرية يضمن أن تسير المهمة على نحو أكثر فاعلية».
وتطرح عبيد تساؤلات حول الفرق بين دور الصندوق وبين دور بنك ناصر الاجتماعي، وتقول إن «مصر لديها كيان اقتصادي له مهمة اجتماعية في دعم السيدات اللواتي لم يتمكن من الحصول على النفقة، وهو بنك ناصر، غير أن المبلغ المالي الذي يقدمه لم يعد ملائماً لظروف المعيشة، والمقدر بنحو 500 جنيه مصري شهرياً (الدولار 24.6 جنيه بالمتوسط تقريباً في البنوك) وتقترح أن يتم «دعم بنك ناصر بدلاً من إنشاء صندوق موازٍ، لا سيما أن الصناديق تتطلب منظومة رقابية واضحة».
وفي شأن الزواج أيضاً، وبينما يشتد الجدال بين المصريين حول الصندوق وآليته، ثمة شباب يطرحون فكرة لتخفيف أعباء تكاليف الزواج. ففي مدينة طنطا، محافظة الغربية، قرر الشاب كريم محمد أن يهدي خطيبته شبكة من الفضة، تكلفت نحو 1800 جنيه مصري، مبرراً ذلك بأن «تكاليف المعيشة في مصر باتت بحاجة إلى حلول»، فيما رحب رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالفكرة التي لاقت تفاعلاً بارزاً خلال الساعات الماضية.
النائب إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، اعتبر أن «صندوق دعم الأسرة» فكرة جيدة إجمالياً، غير أن تمويلها يعد إشكالية، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «أعباء الزواج تشكل معضلة، حتى على متوسطي الدخل وميسوري الحال، من ثم إلزام المقبلين على الزواج بدفع مبلغ مالي إضافي ربما صعب التطبيق».
ويحذر مما وصف بـ«تلاعب قد نشهده، عند التنفيذ»، موضحا أن «البعض قد يلجأ إلى الزواج العرفي وتأجيل الصفة الرسمية لحين توفر القدرة المالية، كذلك، فإن حل مشكلات الخلافات الزوجية ربما لا تكون أولوية لحديثي الزواج». ويقترح النائب أن «يبقى تمويل الصندوق محل دراسة»، داعياً الجهات المعنية إلى «فتح باب النقاش حول آليات التمويل على أن يشارك أطياف عدة بغرض الوصول إلى نموذج عمل واقعي».
«رسوم إلزامية» و«شبكة فضة»... تكاليف الزواج تؤرق المصريين مجدداً
السيسي دعا لربط إتمام الزفاف بتمويل «صندوق دعم الأسرة»
«رسوم إلزامية» و«شبكة فضة»... تكاليف الزواج تؤرق المصريين مجدداً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة