نادر الأتات عن حفلة رأس السنة: الفن والفرح يليقان ببيروت

الفنان اللبناني يضع اللمسات الأخيرة على أغنيته المصرية الأولى

الفنان اللبناني نادر الأتات
الفنان اللبناني نادر الأتات
TT

نادر الأتات عن حفلة رأس السنة: الفن والفرح يليقان ببيروت

الفنان اللبناني نادر الأتات
الفنان اللبناني نادر الأتات

منذ دخل مجال الغناء في سن صغيرة، لا يذكر الفنان اللبناني نادر الأتات عقارب الساعة وهي تنبئ بسنة جديدة، إلا وهو واقفٌ على المسرح يحيي حفلة رأس السنة. لا يتحدث عن الأمر من باب التذمر، بل يتوقف عنده بابتسامة لأنه وحسب ما يخبر به «الشرق الأوسط»، احترف الفن ليشارك الناس أفراحهم.
رغم الأزمتين الاقتصادية والاجتماعية التي عصفت بلبنان ملقية بظلالها على الساحة الفنية، يخترع الأتات مواعيد مع البهجة. لا يفوّت، هو وشقيقه المنتج ومتعهد الحفلات علي الأتات، فرصة للتأكيد أن لبيروت موقعها المميز على خريطة الأفراح. هذا العام، وكما في كل عامٍ مضى، يستعد الأتات لإحياء مجموعة من الحفلات ليلة رأس السنة، لعل أبرزها تلك التي ستجمعه بالفنانة اللبنانية هيفاء وهبي والفنان المغربي سعد لمجرد.
عن هذا الحفل المرتقب يقول: «هي أول حفلة لهيفا في بيروت منذ فترة طويلة والإقبال كبير جداً على الحجوزات، ليس من قِبَل اللبنانيين فحسب بل ثمة حضور عراقي ومصري كذلك. أنا متحمس كثيراً لهذه الحفلة بالذات، لأن كل واحدٍ منا يقدم لوناً غنائياً مختلفاً عن الآخر. وبالتالي سيكون العرض ملوناً شكلاً ومضموناً».
منذ تدهور الأوضاع المالية، شهد عدد حفلات رأس السنة تراجعاً في لبنان. فقد اختار كثيرون من نجوم الغناء استقبال السنة الجديدة على مسارح العواصم العربية أو في دول انتشار الجالية اللبنانية. سار نادر وعلي الأتات عكس التيار. حاول المنتج استقطاب أسماء من لبنان والعالم العربي للغناء في بيروت، وذلك في أشد أوقات الانهيار. لم يخيبه هذا التفاؤل الزائد، إذ كانت تلك الحفلات أشبه ببارقة أمل وسط السواد.


لا يخفي الأتات تقديره لرؤية أخيه: «قرار علي تعهد هذه الحفلات والاستثمار فيها هو خطوة جريئة جداً وتحتاج إلى قلب قوي. أتى ذلك انطلاقاً من حبنا الكبير للبنان وإيماننا به. في وقتٍ استسهل متعهدون آخرون الذهاب إلى الخارج، تميزنا ببقائنا وبالإصرار على إقامة الحفلات هنا لأن لبنان بلد الأفراح والحفلات والفن». يضيف الأتات أنه جرى أخذ الأوضاع الاقتصادية في الاعتبار، فحُددت أسعار منطقية لبطاقات سهرة رأس السنة، خصوصاً أن القاعة تتسع لعدد كبير من الحضور.
منذ بداياته ارتبط اسم نادر الأتات بإحياء حفلات الزفاف، وقد رسم ذلك هويته الفنية ففرضت أغاني الفرح نفسها على «ريبيرتواراه» الموسيقي. أضف إلى ذلك شخصيته الحيوية والحماسة في طبعه، ما ساعد على تكوين تلك الهوية الفنية. يجمع الأتات كل ما أوتي من طاقة إيجابية ليشاركها مع جمهوره ليلة رأس السنة. عن هذه المناسبة يقول: «تتميز سهرة رأس السنة بوجوهٍ جديدة بين الحضور... أشخاص ينتظرون هذه الليلة من بين كل ليالي السنة للسهر وحضور حفلة، إضافة إلى عدد أكبر من السياح العرب. مجرد فكرة وداع سنة واستقبال سنة جديدة تجعل الحضور إيجابيين ومتفائلين أكثر من الأيام العادية، فتكون أجواء الفرح طاغية».


الفنان نادر الأتات وشقيقه علي
مثله مثل الحضور، سيودع الأتات عاماً ويستقبل آخر بقلبٍ محمل بالأماني. صحيح أن 2022 كانت سنة متخمة بالحفلات، لكنها لم تكن سخية على مستوى الإنتاجات الغنائية، إذ اقتصرت إصداراته على أغنيتين. يعلق على الأمر مبرراً: «اكتفيت في 2022 بأغنيتين هما «قللي وينك» و«الضيعة»، وهما تنتميان إلى اللون التراثي الأصيل الذي يُفرحني شخصياً حتى إن لم تُحاكيا النمط الغنائي السائد ولم تحققا انتشاراً تجارياً».
يتطرق الأتات في هذا الإطار إلى أثر الأزمة اللبنانية على صناعة الأغنية. يشكو من «همومٍ زادت فأثرت سلباً على معنويات صناع الموسيقى وعلى مستوى الأغنية اللبنانية عموماً». غير أنه لا يستسلم لهذا الواقع، بل يواصل بحثه عن مجموعة من الأعمال التي تُدخل الفرح إلى آذان المستمعين، على غرار ما فعلت أغنيات مثل «قلبي عاليمين»، و«متل الشاطر»، و«بترقص عيوني».


وإذا كان البحث مستمراً عن أغنية لبنانية إيقاعية شبيهة بما سبقها، فإن سنة 2023 ستحمل للأتات مشروعاً لا يشبه أياً من الأعمال الماضية في شيء. ويعلن جاهزيته لأغنيته المصرية الأولى، بل يكشف أن ملامحها اكتملت تقريباً وأنها من إعداده وشقيقه علي. يقول: «النضوج الفني الذي راكمته يحفزني على الدخول إلى مصر العظيمة. الأغنية المصرية في صعود متواصل ومكسرة الدنيا وهي الأولى عربياً. حان الوقت كي أجرب حظي معها. سأزور القاهرة في يناير (كانون الثاني) لتوزيع الأغنية التي أعددتها أنا وشقيقي، وهي ستكون أغنيتي المصرية الأولى. أتمنى أن أترك بصمة من خلالها، لا سيما في قلوب المصريين، وهذه مهمة صعبة لكن غير مستحيلة». إلى جانب تلك الأغنية، ثمة واحدة أخرى في طور التحضير وهي من ألحان عزيز الشافعي.
يضع الأتات الأغنية المصرية إذاً على رأس قائمة قرارات السنة الجديدة، لكنه لا يُهمل الألوان الغنائية الأخرى كالعراقي مثلاً، والذي يرى فيه مفتاحاً إلى قلب الجمهور الخليجي. صحيحٌ أن نادر كالنار على المسرح، لكنه لا يحرق المراحل عندما يعد لمشروع جديد. «أدقق كثيراً في التفاصيل قبل اختيار أغنية أو إصدارها. يجب أن أكون مقتنعاً تماماً بالعمل حتى يصدقني الناس»، هكذا يختصر قلق التحضير. ثم يضيف: «في زمن يتحكم تيك توك بمزاج الجمهور، أنا أسعى إلى السهل الممتنع كلاماً ولحناً. أبحث عن خليط البساطة والفرح».
لا يكتفي الأتات بإيقاعات الفرح لتحديد هويته الفنية، فالمغني الشاب الآتي من بعلبك مشبعٌ بالتراث وبنغمات الشجن. يقول: «كنت في العاشرة عندما بدأت الغناء في الحفلات والأعراس الخاصة بالعائلة. منذ ذلك الوقت، لم يتوقف صوتي عن التطور». لا يُسعِد النجاح نادر الأتات، بقدر ما يُسعدُه هذا اليقين بأن كل ما زرعه من بذور سيأتيه بثمارٍ جيدة، ولو بعد حين.


مقالات ذات صلة

عاصي الرحباني العصيّ على الغياب... في مئويته

عاصي الرحباني العصيّ على الغياب... في مئويته

عاصي الرحباني العصيّ على الغياب... في مئويته

يصادف اليوم الرابع من شهر مايو (أيار)، مئوية الموسيقار عاصي الرحباني، أحد أضلاع المثلث الذهبي الغنائي الذي سحر لبنانَ والعالمَ العربيَّ لعقود، والعصي على الغياب. ويقول عنه ابن أخيه، أسامة الرحباني إنَّه «أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية». ويقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما، طريقة موحدة لتأليف موسيقاه المتنوعة، وهي البحث في تفاصيل الموضوعات التي يتصدى لها، للخروج بثيمات موسيقية مميزة. ويعتز خرما بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، التي تم افتتاحها في القاهرة أخيراً، حيث عُزفت مقطوعاته الموسيقية في حفل افتتاح البطولة. وكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في بطولة العالم للجمباز، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13»، الذي يجري عرضه حالياً في دور العرض المصرية. وقال خرما إنه يشعر بـ«الفخر» لاختياره لتمثيل مصر بتقديم موسيقى حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز التي تشارك فيها 40 دولة من قارات

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

تعتزم شركة تسجيلات بريطانية إصدار حفل تتويج ملك بريطانيا، الملك تشارلز الشهر المقبل، في صورة ألبوم، لتصبح المرة الأولى التي يتاح فيها تسجيلٌ لهذه المراسم التاريخية للجمهور في أنحاء العالم، وفقاً لوكالة «رويترز». وقالت شركة التسجيلات «ديكا ريكوردز»، في بيان اليوم (الجمعة)، إنها ستسجل المراسم المقرر إقامتها يوم السادس من مايو (أيار) في كنيسة وستمنستر، وأيضاً المقطوعات الموسيقية التي ستسبق التتويج، تحت عنوان «الألبوم الرسمي للتتويج»، وسيكون الألبوم متاحاً للبث على الإنترنت والتحميل في اليوم نفسه. وستصدر نسخة من الألبوم في الأسواق يوم 15 مايو.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هيكل عظمي لـ5 أشخاص تفصل بينهم آلاف السنوات

فُسِّر اللغز لفكّ غموضه (مواقع التواصل)
فُسِّر اللغز لفكّ غموضه (مواقع التواصل)
TT

هيكل عظمي لـ5 أشخاص تفصل بينهم آلاف السنوات

فُسِّر اللغز لفكّ غموضه (مواقع التواصل)
فُسِّر اللغز لفكّ غموضه (مواقع التواصل)

حلَّ علماء آثار لغز هيكل عظمي غريب من بلجيكا يتكوّن من عظام 5 أشخاص عاشوا قبل 2500 عام متفرِّقين.

وذكرت «إندبندنت» أنّ الهيكل الذي اكتُشف في السبعينات دُفن في مقبرة رومانية بوضعية الجنين. اعتُقد بدايةً أنّ العظام تعود إلى القرن الثاني أو الثالث الميلادي، رغم أنّ ترتيب الجثة في وضعية الجنين كان غير معتاد في الحقبة الرومانية.

دفع دبّوس عظمي روماني بالقرب من الجمجمة علماء الآثار إلى تفسير البقايا على أنها تعود إلى امرأة عاشت بين أعوام 69 و210 بعد الميلاد خلال العصر الغالو-روماني. لكنّ تأريخ الكربون المشعّ للهيكل العظمي السليم عام 2019 كشف أنّ أجزاء منه أصلها روماني، وأخرى تعود إلى العصر الحجري الحديث.

وجد العلماء بصورة روتينية جثثاً بشرية تعرَّضت للتلاعب، لكنّ تجميع العظام من أشخاص مختلفين أمر نادر جداً. الأندر، هو الأفراد المركَّبون بعناصر هيكلية تفصل بينهم مئات أو حتى آلاف السنوات. لكن كيف التقت هذه المجموعة المختلطة من العظام في هيكل واحد؟ يشتبه الباحثون في أنّ مدفناً من العصر الحجري تعرَّض للعبث، وأعاد الرومان صياغته بعد 2500 عام بإضافة جمجمة جديدة وأشياء قبرية مثل دبوس العظم. برأيهم أن «ذلك ربما استلزم إصلاحاً من خلال إكمال أو بناء فرد له وجاهة في الحياة الأخرى. الاحتمال الآخر هو جَمْع الفرد بالكامل خلال الفترة الغالو-رومانية، مع الجَمْع بين عظام العصر الحجري الحديث المحلّية وجماجم من الفترة الرومانية».

يتابع العلماء أنّ الرومان، «مستوحين من الخرافات على الأرجح»، ربما جمعوا الهيكل العظمي المركَّب «للتواصل مع فرد احتلّ المنطقة قبلهم. وإما أنه لم يكن ثمة جمجمة في الأصل، وأضاف المجتمع الروماني الذي اكتشف المدفن جمجمة لإكمال الفرد، أو استبدلوا الجمجمة الموجودة من العصر الحجري الحديث بأخرى من العصر الروماني». ورغم أنّ الدافع لا يزال غامضاً، يخلُص الباحثون إلى أنّ «وجود» الفرد «كان مقصوداً بوضوح». فقد «اُختيرت العظام والموقع المناسب ورُتّبت العناصر بعناية لمحاكاة الترتيب التشريحي الصحيح؛ إذ يشير الدفن الناتج إلى عناية وتخطيط كبيرَيْن، فضلاً عن معرفة جيدة بالتشريح البشري».