أعربت منظمات حقوقية ليبية عن مخاوفها من «تصاعد الحملة الأمنية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين بمنظمات المجتمع المدني»، مطالبين بـ«وقف تدخل الجهات الأمنية في شؤون مفوضية المجتمع المدني».
واستنكرت 17 منظمة حقوقية ليبية، قيام جهاز الأمن الداخلي في بنغازي، باحتجاز المدير التنفيذي لمفوضية المجتمع المدني في بنغازي، إبراهيم المقصبي، ومدير إدارة التسجيل والتوثيق وشؤون الفروع بالمفوضية، سالم المعداني، خلال الأسبوعين الماضيين.
وعدّت عملية التوقيف هذه في إطار «حملة أمنية قمعية متصاعدة في ليبيا منذ نهاية العام الماضي ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية المستقلة».
وعقب الإعلان عن توقيف المقصبي والمعداني، قال أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «ظاهرة الاعتقالات العشوائية والاحتجاز خارج إطار القانون ظاهرة لم تتوقف في ليبيا»، لكنه لفت إلى «انخفاض معدلاتها وتصاعدها بين الفترة والأخرى».
وعَدّ حمزة، هذه الظاهرة، «من أبرز انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني المسجلة في ليبيا، بالنظر إلى المؤشرات الخطيرة للغاية، في ظل حالة الإفلات من العقاب المتفشي والسائد بالبلاد».
وانتهى حمزة إلى أن حالة الإفلات من العقاب، «تعطي دافعاً لاستمرار ارتكاب المزيد من هذه الانتهاكات الجسيمة بحق الأبرياء والمدنيين ضحايا ظاهرة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري».
وأخيراً، اتسع نطاق الحملة لتطال بعض موظفي المفوضية، وذلك في إطار ما وصفته المنظمات بـ«سعي الأجهزة الأمنية للهيمنة على المجتمع المدني في ليبيا، وتأميم نشاطه وإدارة شؤونه عبر موظفين ومسؤولين يخضعون للتعليمات الأمنية».
مدير إدارة التسجيل والتوثيق وشؤون الفروع في مفوضية المجتمع المدني سالم المعداني (حسابه على «فيسبوك»)
وقالت إن «المنظمات الموقعة على البيان تابعت النزاع الذي نشب في مفوضية المجتمع المدني في بنغازي خلال الآونة الأخيرة، والذي شهد تقديم مبروكة بالتمر رئيس مجلس مفوضية المجتمع المدني السابقة، بلاغاً ضد إبراهيم المقصبي اتهمته فيه باستمراره في عمله على الرغم من إنهائها ندبه».
ورأت المنظمات، من بينها مركز «مدافع» لحقوق الإنسان، ومنبر المرأة الليبية من أجل السلام، أنه «على الرغم من قيام النيابة العامة في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بحفظ التحقيق في الشكوى، فإن جهاز الأمن الداخلي احتجز المقصبي في نفس اليوم».
ولفتت إلى أن مجلس إدارة المفوضية سبق أن قدم بياناً قال فيه، إن «جهاز الأمن الداخلي صادر أجهزة حاسوب من مكاتب الإدارة التنفيذية، متعهداً بتوقف المفوضية عن العمل إلى حين إطلاق سراح المقصبي، واستعادة الأجهزة المصادَرة».
وأشارت المنظمات إلى أنها «لاحظت خلال العام الماضي لجوء العديد من المنظمات للتسجيل لدى مفوضية المجتمع المدني في بنغازي؛ هرباً من القيود التعسفية التي تفرضها المفوضية في طرابلس على تسجيل الجمعيات».
ودعت المنظمات إلى «ضمان سلامة المدير التنفيذي لمفوضية المجتمع المدني في بنغازي، ومدير إدارة التسجيل بالمفوضية، وإطلاق سراحهما فوراً دون قيد أو شرط»، مشددين على ضرورة «بذل الجهود اللازمة لإعادة هيكلة مفوضية المجتمع المدني وتوحيدها تحت إدارة واحدة مستقلة، تضم أشخاصاً أكفاء مشهوداً لهم بالنزاهة والاستقلال، واحترام حقوق الإنسان، والحرص على حماية نشاط المجتمع المدني».
وحثت المنظمات على اتخاذ إجراءات فورية تسمح لمجلس النواب بمناقشة مشروع قانون الجمعيات المطروح من المجتمع المدني الليبي منذ أكثر من عام، وبذل الجهود اللازمة لوضع تشريع ينظم عمله، وفقاً للمعايير الدولية لحرية التنظيم وتكوين الجمعيات.