تنتاب أنصار سيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، مخاوف كبيرة من «محاولات قد تُجرى لإقصائه عن المشهد السياسي مستقبلاً»، قبيل إقرار «القاعدة الدستورية» الذي لا يزال الخلاف محتدماً حولها.
ولوحظ تزايد هذا المخاوف لدى أنصار النظام السابق عقب حديث عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، عن ضرورة امتثال سيف القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما عده البعض استهدافاً مباشراً لـ«التيار القذافي» لحساب «توجهات أميركية».
وتتداول صفحات داعمة لسيف، على نطاق واسع، ما يرون أنها «معلومات» عن «وجود نية لخطفه بقصد إبعاده عن الساحة السياسية راهناً»، لكن خالد الغويل، مستشار اتحاد القبائل الليبية للشؤون الخارجية، استبعد في حديث إلى «الشرق الأوسط» هذه الفرضية، وقال: «قصة خطفه بعيدة المنال».
وفي ظل تصاعد هذه المخاوف، قال خالد الزايدي، محامي سيف الإسلام، إن «مصادر بمجلسي النواب و(الدولة) أبلغتنا بإقصاء موكلي من خوض الانتخابات الرئاسية»، لافتاً إلى أن الاستبعاد تم بموجب المادة 99 المتعلقة بالأحكام القضائية التي تم الاتفاق عليها باجتماع جنيف في يونيو (حزيران) الماضي، بين رئيسي مجلسي النواب و«الدولة»، عقيلة صالح وخالد المشري.
وتحدث الزائدي في تصريحات نقلتها صحيفة «المرصد» الإلكترونية، مساء (الاثنين)، عن أن المشري، «رفض في لقاءات سابقة مع وسائل الإعلام ترشح سيف الإسلام» في إطار «التخوف من دخوله السباق الانتخابي».
غير أن الغويل دعا إلى «احترام إرادة الشعب الليبي في اختيار رئيسه»، وقال «من حق أي مواطن الترشح وفق الشروط الموضوعة من قبل المفوضية الوطنية للانتخابات؛ وسيف الإسلام توافرت فيه كل الشروط لخوض غمار الاستحقاق».
وأضاف الغويل: «نريد إجراء الانتخابات دون إقصاء أو تهميش؛ وهم يعرفون جيداً مدى شعبية الدكتور سيف، ولا توجد لديهم أي مبررات لإبعاده؛ إلا أولئك المجندين من الاستخبارات الغربية»، دون تحديد هوية من يقصدهم.
ورأى الغويل، أن «القانون الليبي قال كلمته وأعطى سيف الإسلام الأحقية في خوص الانتخابات»، متابعاً: «أما فيما يتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية فليست ملزمة لنا باعتبار ليبيا ليست عضواً فيها».
واستكمل الغويل: «إذا كانت (الجنائية الدولية) تبحث عن المجرمين، فمن أجرموا في حق الشعب الليبي واضحون ويتجولون حول عواصم العالم بدون أي ملاحقة لهم»، وزاد: «هم ارتكبوا أفظع الجرائم في حق الإنسانية».
ومضى الغويل يقول: «كل المخططات التي تستهدف الدكتور سيف، فشلت؛ والشعب الليبي واعٍ لكل الدسائس»، وانتهى إلى أنه «إذا أردنا حقاً تحقيق المصالحة الوطنية، فعليهم الابتعاد عن سياسة الكيل بمكيالين، وندع الشعب يقول كلمته ويختار من يريد عبر الصناديق حسب ديمقراطيتهم».
وفي أعقاب تسليمه أبو عجيلة مسعود، للولايات المتحدة، «لاتهامه المزعوم» عن دوره في تفجير طائرة «لوكربي»، دعا عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، سيف القذافي، إلى الامتثال للمحكمة الجنائية الدولية، في تصريح وصفه متابعون بأنه يستهدف ضرب أنصار النظام، الذي يوصف بأنه «المنافس القوي» في أي استحقاق انتخابي مقبل.
وكفت المحكمة الجنائية الدولة، منذ قرابة عام، عن دعوة السلطات التنفيذية في ليبيا لتسليم سيف القذافي، الذي كانت تطالب بمثوله أمامها لمحاكمته عن «دوره في ارتكاب جرائم» ضد المشاركين بـ«ثورة 17 فبراير/ شباط عام 2011» التي أطاحت بنظام والده.
وللعلم، لم تتضح أي ملامح راهناً حول الاستحقاق الليبي، في ظل تعثر المفاوضات حتى الآن بين مجلسي النواب و«الدولة»، لكن أمام ما وصف بـ«انقلاب» الدبيبة على أنصار النظام السابق، بدعوى «إزالة ليبيا من قوائم الإرهاب»، طفت المخاوف على سطح الأزمة.
ولمزيد من التخوف بشأن مصير سيف القذافي، تحدث حسام القماطي، الناشط السياسي الليبي، عما سمّاها «معلومات من مصادر موثوقة تتحدث عن خطة أميركية، تحت التنفيذ، لاستهداف سيف، بالقبض عليه أو تصفيته»، وفيما استبعد القماطي في إدراج له عبر حسابه على «فيسبوك»، «تدخلاً عسكرياً أميركياً مباشراً»، توقع «اقتصار الدور الأميركي على الرصد والمعلومات لتنفيذ عملية المداهمة».
ويظل هذا الحديث في إطار «الهواجس»، بالنظر إلى وضعية حكومة الدبيبة، التي لا تزال تتلقى انتقادات لاذعة لدورها في تسليم أبو عجيلة، فضلاً عن القوة الداعمة لنجل القذافي من قبائل ومدن ليبية، غالبيتها تساند الدبيبة، من بينها الزنتان.
وطعُن على ترشح سيف الإسلام للانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة نهاية عام 2021، لكن محكمة ليبية قضت بإعادته إلى السباق الرئاسي.
وتنعكس المناكفات السياسية بين روسيا وأميركا، في ليبيا، على قضية سيف الإسلام. وسبق لريتشارد ميلز، نائب المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة في إحاطة لمجلس الأمن الدولي، مطالبة السلطات الليبية بضرورة تسليم سيف الإسلام، إلى المحكمة الدولية، وقال: «إن السلطات الليبية لم تتعاون في تقديم سيف القذافي ليخضع أمام المحكمة في لاهاي. يجب أن يحدث هذا في أقرب وقت ممكن».
بينما طالب جورجي كوزمن، نائب المندوب الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة، في الجلسة نفسها التي عقدت الشهر الماضي، بسحب الملف الليبي من المحكمة الجنائية، ورأى أن مجلس الأمن يستمع مرتين سنوياً منذ 11 عاماً إلى تقارير تتعلق بالوضع في ليبيا «دون إحراز تقدم في هذا الاتجاه».
وموسكو تقف وراء ضرورة أن يكون لسيف دور في الحياة السياسية بالبلاد. وسيف، المولود في 25 يونيو عام 1972 هو النجل الأكبر للقذافي من زوجته الثانية صفية فركاش البرعصي، وثاني أولاد العقيد الراحل التسعة، قبع في مدينة الزنتان غرب البلاد عشر سنوات قبل ظهوره مجدداً وإعلان ترشحه لرئاسة ليبيا نهايات العام الماضي.
أنصار سيف القذافي يتخوفون من تعرضه للإقصاء السياسي
وسط مزاعم عن وجود «خطة لخطفه»
أنصار سيف القذافي يتخوفون من تعرضه للإقصاء السياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة