«توثيق الطلاق» و«الثروة المشتركة» يعيدان جدل «الأحوال الشخصية» في مصر

مشروع قانون جديد يتضمن إنشاء «صندوق لرعاية الأسرة» ودعمها مادياً

الرئيس المصري خلال اجتماع لاستعراض ملامح قانون «الأحوال الشخصية» (رئاسة الجمهورية)
الرئيس المصري خلال اجتماع لاستعراض ملامح قانون «الأحوال الشخصية» (رئاسة الجمهورية)
TT

«توثيق الطلاق» و«الثروة المشتركة» يعيدان جدل «الأحوال الشخصية» في مصر

الرئيس المصري خلال اجتماع لاستعراض ملامح قانون «الأحوال الشخصية» (رئاسة الجمهورية)
الرئيس المصري خلال اجتماع لاستعراض ملامح قانون «الأحوال الشخصية» (رئاسة الجمهورية)

بمجرد أن انتهت لجنة إعداد مشروع قانون «الأحوال الشخصية» في مصر من الملامح الأولية للقانون؛ لعرضه على الرئيس عبد الفتاح السيسي، السبت، سرعان ما عاد النقاش بشأن قانون «الأحوال الشخصية» إلى ساحة المناقشات المصرية، ولا سيما مع إعلان بعض البنود التي يُنظر إليها بشكل جدلي.
ويستهدف المشروع صياغة قانون يحل محل القوانين المتعددة التي صدرت منذ عام 1920 وحتى الآن، والتي تبلغ 6 قوانين. ووفق بيان صحافي نشرته وسائل إعلام محلية، فإن اللجنة المنوطة برئاسة المستشار عبد الرحمن محمد، قدمت صياغة تفصيلية لـ188 مادة، من بينها توثيق الطلاق بأوراق رسمية، كما هو معمول به في حالة الزواج تماماً؛ وذلك للحد من حالات الطلاق الشفهي، ولا سيما مع ارتفاع معدلات الطلاق في مصر.
وتضمّن مشروع القانون كذلك حق الزوجين في الحفاظ على الذمة المالية، ونصيب كل منهما في الثروة المشتركة التي حصلا عليها خلال فترة الزواج فيما يُعرف بـ«تقاسم الثروة».
كما وجّه المشروع بإصدار صياغة جديدة لوثيقتي الزواج والطلاق من شأنها حفظ الحقوق والتزام الطرفين بالشروط المتفَق عليها من قبل.
ووفقاً لتقرير أصدره «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء» في مصر، أغسطس (آب) الماضي، ارتفعت نسبة الطلاق في مصر عام 2021 بنسبة 14.7 %، مقارنة بالعام الذي سبقه 2020. وتقع 32 % من حالات الطلاق ما بين سن 18 إلى 20 عاماً، في حين وقع أكثر من 5 ملايين حالة طلاق منذ عام 1965 وحتى الآن.
من جانبها قالت فاطمة الزهراء غنيم، عضو مجلس نقابة المحامين ومقرر لجنة المرأة بالنقابة، إن «مشروع القانون هذا من شأنه الحد من حالات الطلاق». وأردفت، في تصريحات، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «حتى وإن قرر الطرفان الطلاق، فثمة بنود عدة يجب الالتزام بها بوضوح لضمان الحقوق تجنباً للمقاضاة أمام محاكم الأسرة».
وشدّدت غنيم على أهمية ما أطلقت عليه حق «الكد والسعاية»، وأوضحت أن «الاعتراف بحق الزوجة في الثروة التي كوّنها الزوج خلال فترة الزواج يُعدّ انتصاراً كبيراً للأسرة المصرية؛ لأن ثمة زوجات يتركن عملهن، وربما يسافرن وراء سعي الزوج لتأمين معيشة الأسرة، من ثم يجب أن تحتفظ الزوجة بحقّها في هذه الرحلة».
وتابعت أن «هناك زوجات يعشن حياة دون أية حقوق شرعية، لتربية الأبناء، ثم ينتهي بهن المطاف بلا مأوى».
وكشفت دار الإفتاء المصرية، في حصاد عام 2022، الذي نُشر قبل أيام، أنها أصدرت أكثر من مليون وخمسمائة وثلاثة وستين ألف فتوى، 93 % منها تخص قضايا الأسرة.
كان المستشار عبد الرحمن محمد، رئيس لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، قد تطرّق إلى قضية الرؤية وحق الآباء، ومركزه في مشروع قانون الأحوال الشخصية. وقال، خلال مداخلة هاتفية في برنامج «على مسؤوليتي» على فضائية «صدى البلد»، إن «مشروع القانون الجديد وضع حق الرؤية ضمن الأولويات»، موضحاً أن «الرؤية مقابل النفقة، بينما الأب الذي لا ينفق على أبنائه لا يحق له رؤيتهم. كذلك يحق للأب أن يستضيف الأطفال في منزله، مع فرض عقوبة رادعة لمن لا يعيد الأطفال للطرف الذي يحق له الحضانة».
من جانبها ثمّنت جواهر الطاهر، مديرة برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، ما خرجت به اللجنة، واعتبرته انتصاراً لجهود المرأة. وقالت، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما شاهدناه حتى الآن هو تحويل حقيقي لجهود المؤسسة إلى واقع ملموس نأمل أن يغير حياة الأسرة المصرية، ولا سيما أن جميع البنود التي جرى التطرق إليها جاءت ضمن مشروع نعمل عليه منذ عام 2003، وتقدمنا به للجهات المعنية كافة، ويبدو أن جميع التوصيات أُخذت بعين الاعتبار».
كان الرئيس السيسي قد وجّه، السبت، خلال الاجتماع بإنشاء «صندوق لرعاية الأسرة، ووثيقة تأمين لدعمها مادياً في مواجهة النفقات والتحديات ذات الصلة بمسائل الأحوال الشخصية».
وقالت الطاهر إن «الصندوق يستهدف ضمان حق الأطفال والمطلقة في الحصول على النفقة التي حكم بها القاضي، غير أن المعمول به حال عدم تلبية الأب للنفقة هو أن تحصل المطلقة وأبناؤها على مبلغ 500 جنيه مصري (20 دولاراً أميركياً) فحسب، وهو مبلغ ضئيل جداً».



محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
TT

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

في جلسة حوارية مع المخرج المصري محمد سامي، استضافها مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» في دورته الرابعة، تحدَّث عن مسيرته الإبداعية التي أسهمت في تجديد الدراما التلفزيونية العربية، مستعرضاً دوره، مخرجاً ومؤلّفاً، في صياغة أعمال تلفزيونية لاقت نجاحاً واسعاً. أحدث أعماله، مسلسل «نعمة الأفوكاتو»، حصد إشادة جماهيرية كبيرة، ما عزَّز مكانته واحداً من أبرز المخرجين المؤثّرين في الساحة الفنّية.

في بداية الجلسة، بإدارة المذيعة جوزفين ديب، وحضور عدد من النجوم، مثل يسرا، ومي عمر، وماجد المصري، وأحمد داش، وشيماء سعيد، وبشرى؛ استعرض سامي تجربته مع بدايات تطوُّر شكل الدراما التلفزيونية، موضحاً أنّ المسلسلات في تلك الفترة كانت تُنتج بطريقة كلاسيكية باستخدام كاميرات قديمة، وهو ما رآه محدوداً مقارنةً بالتقنيات السينمائية المتاحة.

التجديد في الدراما

وبيَّن أنّ أول تحوُّل حدث بين عامي 2005 و2008، عندما برزت مسلسلات أثَّرت فيه بشدّة، من بينها «بريزن بريك» و«برايكينغ باد». ومع إطلاق كاميرات «رِدْ وان» الرقمية عام 2007، اقترح على المنتجين تصوير المسلسلات بتقنيات سينمائية حديثة. لكنَّ الفكرة قوبلت بالرفض في البداية، إذ ساد اعتقاد بأنّ الشكل السينمائي قد يتيح شعوراً بالغرابة لدى الجمهور ويُسبِّب نفوره.

رغم التحفّظات، استطاع سامي إقناع بطل العمل، الفنان تامر حسني، بالفكرة. وبسبب الفارق الكبير في تكلفة الإنتاج بين الكاميرات التقليدية وكاميرات «رِدْ»، تدخَّل حسني ودعم الفكرة مادياً، ما سرَّع تنفيذ المشروع.

وأشار المخرج المصري إلى أنه في تلك الفترة لم تكن لديه خطة لتطوير شكل الدراما، وإنما كان شاباً طموحاً يرغب في النجاح وتقديم مشهد مختلف. التجربة الأولى كانت مدفوعة بالشغف والحبّ للتجديد، ونجحت في تَرْك أثر كبير، ما شجَّعه على المضي قدماً.

في تجربته المقبلة، تعلَّم من أخطاء الماضي وعمل بوعي أكبر على تطوير جميع عناصر الإنتاج؛ من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي. هذه الرؤية المُبتكرة ساعدت في تغيير نظرة الصناعة إلى التقنيات الحديثة وأهميتها في تطوير الدراما.

وأكمل سامي حديثه بالتطرُّق إلى العلاقة بين المخرج والممثل: «يتشاركان في مسؤولية خلق المشهد. أدائي بوصفي مخرجاً ركيزته قدرتي على فهم طاقة الممثل وتوجيهها، والعكس صحيح. بعض الممثلين يضيفون أبعاداً جديدة إلى النصّ المكتوب، ما يجعل المشهد أكثر حيوية وإقناعاً».

متى يصبح المخرج مؤلِّفاً؟

عن دورَيْه في الإخراج وكتابة السيناريو، تحدَّث: «عندما أتحلّى برؤية واضحة للمشروع منذ البداية، أشعر أنّ الكتابة تتيح لي صياغة العمل بما يتوافق تماماً مع ما أتخيّله. لكن هذا لا يعني إلغاء دور الكاتب؛ إنه تعاون دائم. عندما أكتب وأُخرج، أشعر بأنني أتحكّم بشكل كامل في التفاصيل، ما يمنح العمل تكاملاً خاصاً».

ثم تمهَّل أمام الإشارة إلى كيفية تحقيق التوازن بين التجديد وإرضاء الجمهور: «الجمهور هو الحَكم الأول والأخير. يجب أن يشعر بأنّ العمل له، وأنّ قصصه وشخصياته تعبِّر عن مشاعره وتجاربه. في الوقت عينه، لا بدَّ من جرعة ابتكار لتحفيز عقله وقلبه».

وبيَّن سامي أنّ صناع السينما حالياً يواجهون تحدّياً كبيراً بسبب تطوُّر جودة الإنتاج التلفزيوني، ولإقناع الجمهور بالذهاب إلى السينما، ينبغي تقديم تجربة مختلفة تماماً، وفق قوله، سواء على مستوى الإبهار البصري أو القصة الفريدة.

في ختام الحوار، عبَّر عن إعجابه بالنهضة الثقافية والفنّية التي تشهدها السعودية: «المملكة أصبحت مركزاً إقليمياً وعالمياً للإبداع الفنّي والثقافي. مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، على سبيل المثال، يعكس رؤية طموحة ومشرقة للمستقبل، وأشعر بالفخر بما تحقّقه من إنجازات مُلهمة».

محمد سامي ليس مخرجاً فحسب، وإنما مُبتكر يعيد تعريف قواعد الدراما التلفزيونية، مُسلَّحاً برؤية متجدِّدة وجرأة فنّية. أعماله، من بينها «نعمة الأفوكاتو»، تُثبت أنّ التجديد والإبداع قادران على تغيير معايير النجاح وتحقيق صدى لا يُنسى.