حفتر يلوح بـ«فرصة أخيرة» لرسم خريطة طريق الأزمة الليبية

الدبيبة يغازل مصر وسط تحذيرات أممية من الانقسامات

حفتر يحيي أنصاره بعد الكلمة التي ألقاها أمس بساحة الكيش في بنغازي (أ.ف.ب)
حفتر يحيي أنصاره بعد الكلمة التي ألقاها أمس بساحة الكيش في بنغازي (أ.ف.ب)
TT

حفتر يلوح بـ«فرصة أخيرة» لرسم خريطة طريق الأزمة الليبية

حفتر يحيي أنصاره بعد الكلمة التي ألقاها أمس بساحة الكيش في بنغازي (أ.ف.ب)
حفتر يحيي أنصاره بعد الكلمة التي ألقاها أمس بساحة الكيش في بنغازي (أ.ف.ب)

أعلن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، أمس، ما وصفها بـ«فرصة أخيرة» تُرسم من خلالها خريطة طريق، وتُجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة، مؤكداً «ضرورة توزيع عائدات النفط بشكل عادل من دون تهميش».
واعتبر حفتر في كلمة ألقاها، أمس، بساحة الكيش في مدينة بنغازي (شرق البلاد)، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ71 لعيد استقلال ليبيا، أن «الليبيين هم وحدهم القادرون على حل مشكلتهم، والوصول إلى دولة ليبية واحدة موحدة»، مشدداً على أن «وحدة ليبيا خط أحمر، ولن نسمح بالتعدي عليها والمساس بها، وليبيا لا تزال واحدة لا تتجزأ». كما دعا كل مدن ومناطق الغرب الليبي إلى «حوار ليبي- ليبي، ولمّ شمل الشعب الليبي»، محملاً المسؤولية الكاملة للذين «فرقوا الليبيين، وسلّموا مواطناً بصورة غير قانونية»، في إشارة إلى تسليم أبو عجيلة مسعود المريمي، ضابط الاستخبارات الليبي السابق، إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وقال حفتر إنه «أول من نادى بانتخابات حرة ونزيهة وشفافة، وعلى بعثة الأمم المتحدة تحمل مسؤوليتها لحل الأزمة الليبية». مضيفاً أنه «بعد مرور 8 سنوات من انطلاق مشروع الكرامة، لا يمكن للشعب أن يظل صامتاً على ما يحدث من إساءة لليبيين، في ظل وجود الأجسام السياسية التي عرقلت الانتخابات».
كما دخل حفتر للمرة الأولى على خط قضية اختطاف ضابط الاستخبارات السابق أبو عجيلة مسعود، وتسليمه للسلطات الأميركية بدعوى «تورطه في قضية لوكربي». وقال بهذا الخصوص: «نطمئن عائلة أبو عجيلة بأننا لن نتركهم، ونطالب بإحاطة عن ملابسات اعتقاله».
وكان عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، قد سعى لمغازلة حفتر، قبل ساعات من خطابه، قائلاً إن «حفتر ليس انفصالياً، ويحسب له أنه لم يدعم الانفصال في أي مرحلة من المراحل».
كما سعى الدبيبة لمغازلة مصر، على الرغم من رفضه إقدامها على ترسيم الحدود البحرية من «جانب واحد». وقال في أول تعليق رسمي له على قرار ترسيم حدود مصر البحرية الغربية في البحر المتوسط، إن «مصر دولة جارة، وتشكل الأمن القومي لليبيا، ولا يمكن أخذ قرار أحادي بالاتفاقات البحرية».
كما ادعى في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، أن «الاتفاقية المثيرة للجدل التي أبرمها مع تركيا، جاءت لضمان حق ليبيا البحري والاقتصادي»، نافياً «وجود خلاف شخصي مع فتحي باشاغا»، رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية المكلفة من مجلس النواب، ووصفه بأنه «صديق شخصي»، اعتبر الدبيبة أن هدف مشروع باشاغا «التشويش على المسار الدستوري والانتخابات». وقال إن «مجلس النواب لم يُقر قاعدة دستورية كي لا يستبدل بنفسه... وإذا أقر مجلس النواب أو مجلس الدولة أو أي شخص قاعدة دستورية، فسنسلِّم السلطة غداً».
في غضون ذلك، اعتبر عبد الله باتيلي، رئيس بعثة الأمم المتحدة، أن إحياء ذكرى الاستقلال هذا العام «مشوب بالمرارة، لمصادفته الذكرى الأولى لتأجيل الانتخابات العامة التي كان من المفروض إجراؤها العام الماضي». وقال في بيان له مساء أول من أمس إن «عاماً كاملاً ضاع على ليبيا في مسيرتها نحو السلام الدائم والاستقرار والازدهار»، لافتاً إلى أن هذا العام «كان من شأنه أن يكون بداية لتحقيق السلام والمصالحة الوطنية». وناشد كافة الليبيين من مختلف التوجهات كي يجعلوا من عام 2023 «بداية عهد جديد للبلاد، بما في ذلك إجراء انتخابات حرة ونزيهة». كما حث باتيلي جميع القادة السياسيين في ليبيا على التفكر في الصورة التي سيذكرهم التاريخ بها. ودعاهم إلى أن يكونوا «قوة دافعة لحل الأزمة الليبية التي طال أمدها، عبر التوصل إلى حل مبني على توافق وطني، وتجنب أي أعمالٍ تصعيدية، من شأنها تهديد وحدة واستقرار ليبيا الهشين أصلاً».
وبعدما اعتبر أن «صبر الشعب الليبي آخذ في النفاد»، قال باتيلي: «آن الأوان لإعلاء مصلحة البلاد والشعب، بمن في ذلك 2.8 مليون ليبي تسجلوا للتصويت»، لافتاً إلى أنه على القادة الليبيين وضع نهاية للمراحل الانتقالية، وتحضير البلاد لإجراء الانتخابات، واحترام حق الليبيين في السعي نحو مستقبل أفضل. وتعهد بعدم ادخار الأمم المتحدة جهداً في العمل مع جميع الأطراف، بشكل شامل وبنَّاء وحازم في الوقت نفسه، لدعم الفرقاء الليبيين من أجل الحيلولة دون تعميق الانقسامات وإهدار مزيد من الوقت.
بدوره، أعرب السفير الألماني، ميخائيل أونماخت، عن أمله في أن تكون هذه السنة للتوافق بين الليبيين، والأمن والاستقرار، بينما اعتبر ولي العهد السابق محمد السنوسي، أنه «لا حل لإنهاء الصراع على السلطة في ليبيا؛ إلا بالعودة للشرعية الملكية الدستورية» التي قال إنها «مطلب كثير من القوى السياسية والاجتماعية»، محذراً من محاولة اختطاف دستور المملكة لأغراض شخصية، داعياً للتصدي لكل من يحاول تشويه حقبة الملكية الليبية.
وكان الدبيبة قد ادعى أنه يخوض ما وصفه بـ«طريق الصعاب نحو التأسيس الثاني»؛ ترسيخاً للتعددية والتداول على السلطة، وتحقيقاً للاستقرار رغماً عن المعرقلين.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

أكبر حزب معارض يدعو إلى «وقف التسيير الأحادي لشؤون الجزائر»

يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)
يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)
TT

أكبر حزب معارض يدعو إلى «وقف التسيير الأحادي لشؤون الجزائر»

يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)
يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)

دعا حزب «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض في الجزائر، إلى ما وصفه بـ«وضع حد للتسيير الأمني والأحادي لشؤون البلاد، والانخراط في عملية إصلاحات كبرى، قادرة على ضمان الديمقراطية السياسية، والتنمية الاقتصادية والازدهار الاجتماعي»، حسب ما أورده تقرير لوكالة الأنباء الألمانية، اليوم السبت. وقال الأمين الوطني الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية»، يوسف أوشيش، خلال دورة استثنائية للمجلس الوطني، السبت، إنه «بات من الضروري تغيير المقاربات في ظل التغيرات الجيوستراتيجية الكبرى، التي يشهدها العالم»، داعياً إلى «تحديد مشروع وطني واضح وطموح، وإشراك جميع القوى الحية في البلاد فيه».

وأضاف أوشيش موضحاً أن ذلك يتم عبر «تبني وتشجيع الحوار، مع الاستعداد الدائم لتقديم التنازلات، وتشكيل التوافقات من أجل الحفاظ على البلاد، وتعزيز وحدتها وتماسكها». واستطرد ليؤكد أن الاستقرار الحقيقي «لن يتحقق إلا من خلال تسيير سياسي حكيم، يعتمد على بناء إطار ديمقراطي، قادر على بعث الثقة وحماية المصلحة العليا للأمة. فهذا هو الحصن الأقوى ضد كل محاولات تقويض سيادتنا وتهديد وحدتنا الترابية».

يوسف أوشيش خلال حملته للانتخابات الرئاسية (حملة المترشح)

في سياق ذلك، ذكر أوشيش أن التسيير الأمني لشؤون المجتمع، بحجة الحفاظ على النظام العام، لن يؤدي إلا إلى «إضعاف أسس المجتمع الجزائري، وتغذية مناخ الشك، والخوف والانقسام، إذ تعلمنا التجارب أن سياسات الغلق تولد التوترات، التي تؤدي في نهاية المطاف إلى أزمات اجتماعية وسياسية أكثر خطورة». وعلق أوشيش، المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية التي جرت بتاريخ السابع من سبتمبر (أيلول) الماضي على الأحداث المتسارعة في سوريا، بالقول: «يجب أن تشكل درساً لنا، وتذكرنا بحقيقة ثابتة غير قابلة للتأويل، وهي أن قوتنا تكمن في وحدتنا، ومدى قدرتنا على بناء منظومة قوية ومستقلة، تمكننا من حماية أنفسنا من هذه التحولات الجيوسياسية الكبرى الماثلة أمام أعيننا»، داعياً مسؤولي البلاد وجميع القوى الحية في المجتمع إلى تعزيز المؤسسات، وتطوير الاستقلالية الاستراتيجية، وضمان الاستقرار والسلم الداخلي من خلال حوكمة عادلة، شاملة ومسؤولة، مع «الانخراط في ورشة كبيرة للسيادة والقدرة الدائمة على التكيف».

وانتقد أوشيش ما وصفه بـ«نقاشات سامة وخبيثة»، مؤكداً أنه «تقع على عاتق السلطة مقاومة كل الإغراءات السلطوية، كما تقع أيضاً على عاتق المجتمع بأسره محاربة شياطين الانقسام والتفرقة»، معتبراً أن إقالة محمد شرفي، رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، «لا تعد ذا أثر كبير، ما لم تعقبها إعادة نظر في القوانين العضوية، وفي النصوص المؤطرة للحياة السياسية بصفة عامة، وللعملية الانتخابية بصفة خاصة، لإضفاء المصداقية على العملية الانتخابية، ولاستعادة الثقة فيها، وضمان مشاركة مواطناتية فعلية».