لماذا يتورط فنانون مصريون في قضايا «مخدرات»؟

تسببت في إطفاء توهج البعض... وغيَّرت مسار آخرين

شيرين في إحدى حفلاتها (فيسبوك)
شيرين في إحدى حفلاتها (فيسبوك)
TT

لماذا يتورط فنانون مصريون في قضايا «مخدرات»؟

شيرين في إحدى حفلاتها (فيسبوك)
شيرين في إحدى حفلاتها (فيسبوك)

مع تكرار اتهام وإدانة فنانين مصريين وعرب وأجانب، بقضايا مرتبطة بحيازة وتعاطي مواد مخدرة، يتساءل كثيرون عن أسباب تورطهم في هذه القضايا التي تسببت في إطفاء توهجهم الفني، على الرغم مما يتمتعون به من شهرة ودخل مالي كبير.
وحدد المستشار محمد حسين عبد التواب، رئيس محكمة استئناف القاهرة، عضو مجلس القضاء الأعلى، جلسة 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، لبدء محاكمة الممثلة منة شلبي، أمام محكمة جنايات شمال القاهرة، في قضية اتهامها بـ«إحراز جوهر الحشيش المخدر بقصد التعاطي»، بعد إحالتها من قبل النيابة العامة إلى المحاكمة الجنائية، في ختام التحقيقات التي أجريت معها.
وقبيل توقيف الفنانة منة شلبي بأسابيع، ضجت مصر بأنباء احتجاز المطربة شيرين عبد الوهاب في إحدى مصحات علاج الإدمان، قبيل خروجها والاحتفال بعقد قرانها مجدداً على طليقها المطرب حسام حبيب.
وفي يناير 2020، حكمت محكمة جنايات القاهرة على المخرج السينمائي المصري خالد مرعي، بالحبس سنة مع الشغل، وتغريمه مبلغ 10 آلاف جنيه، لاتهامه بجلب مواد مخدرة في مطار القاهرة.
وفي عام 2013 كانت الفنانة المصرية دينا الشربيني، محط أنظار وسائل الإعلام بعد إدانتها بتعاطي المواد المخدرة، والحكم عليها بالسجن لمدة عام وغرامة 10 آلاف جنيه، ومُنعت لفترة عقب خروجها من السجن من مزاولة مهنة التمثيل. كما تعرض الفنان أحمد عزمي للاتهامات المتعلقة بالمخدرات مرتين: الأولى في عام 2013، والثانية في عام 2014، كما قبض أيضاً على الفنانة نهى العمروسي في عام 2014 بحيازة مواد مخدرة، وبعد تحقيقات استمرت 15 يوماً تم إخلاء سبيلها بكفالة 10 آلاف جنيه. بالإضافة إلى اتهام كل من: نيفين مندور، وحاتم ذو الفقار، وماجدة الخطيب، وسناء شافع، وفاروق الفيشاوي، في قضايا متعلقة بتعاطي مواد مخدرة، حسب «وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية الرسمية.
ويرى الناقد الفني والكاتب المصري محمد رفعت، أن «الحياة الاجتماعية غير المستقرة لكثير من المشاهير، وعدم ارتباط بعضهم بأسر وأبناء، بجانب نمط الحياة المرتبط بالسهر، يدفع بعضهم إلى تعاطي المواد المخدرة، وخصوصاً الحشيش الذي يعتبره بعض المصريين أقل ضرراً من تدخين السجائر».
ويضيف رفعت لـ«الشرق الأوسط»: «مرور بعض المشاهير بأزمات نفسية وضغوط اجتماعية ونوبات اكتئاب شديدة، يدفعهم نحو المواد المخدرة، لا سيما أنهم لا يستطيعون الخروج إلى الأماكن العامة بسهولة، والجلوس على المقاهي مثل بقية الناس».
ويوضح رفعت أن «بعض الفنانين ينخرطون في تعاطي المخدرات مثل فئات الشعب الأخرى؛ لكن لأنهم مشاهير يتم تسليط الضوء عليهم بشدة».
ويفسر الدكتور عبد الرحمن حماد، الرئيس التنفيذي لمستشفى «إيوان» للطب النفسي، والمدير السابق لوحدة الإدمان في مستشفى العباسية، بعض الأسباب التي تدفع الفنانين إلى تعاطي المواد المخدرة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الوقوف أمام الجماهير على المسرح والغناء لساعات طويلة، والحاجة إلى إزالة الخوف والرهبة من الجماهير، والشعور بالاسترخاء، يدفع كثيراً منهم إلى تناول الخمور والمخدرات»، مضيفاً أنهم «يلجأون إليها أحياناً طلباً للخلود للنوم بعد الوقوف ساعات طويلة أمام الكاميرات، أو لتعزيز الانتباه لاستكمال المشاهد في ساعات متأخرة، وهو ما ينتج عنه فقدان السيطرة على شرب الخمور أو تعاطي المخدرات والدخول في دوامة الإدمان»، على حد تعبيره.
ويلفت حماد إلى «وفاة وإصابة كثير من النجوم الأميركيين بسبب تناولهم جرعات زائدة من المخدرات، على غرار ماك ميلر الذي توفي عن عمر يناهز 26 عاماً، كما تم إنقاذ النجمة العالمية ديمي لوفاتو من الموت، نتيجة تعرضها لجرعة زائدة من المخدرات، وفي عام 2016؛ أعلن الطب الشرعي الأميركي بشكل رسمي أن وفاة الممثل المشهور فيليب سايمور هوفمان جاء بسبب جرعة زائدة من المخدرات، وذلك بعد 8 أيام من العثور عليه ميتاً في منزله، وبيده إبرة مخدرة، بالإضافة إلى وفاة مغني الراب الأميركي ليل بيب بجرعة زائدة وعمره 21 سنة».
وحسب «تقرير المخدرات العالمي» لعام 2018، فقد بلغ عدد وفيات المخدرات حول العالم؛ 450 ألف شخص، منهم نحو 167 ألف شخص توفوا بسبب الجرعة الزائدة، وكانت مؤثرات الأفيونين، الهيروين والمورفين والفنتانيل والأوكسيكودون، هي المسؤولة عن نحو 76 في المائة‏ من حالات الوفاة.
ويرى حماد أنه «عبر طريق النمذجة يتعلم الفرد كثيراً من سلوكياته؛ بالملاحظة والتقليد، سواء كان هذا السلوك مرغوباً أو غير مرغوب، والنمذجة قد تكون موجهة أو عفوية؛ حيث يقوم فرد معين بتقليد وملاحظة سلوك معين ومحاكاته، مثل ملاحظة الابن لوالده، والتلميذ لمعلمه، والمعجب بمطربه أو بمطربته، أو بنجمه المفضل، كأنه يحاكيه في لبسه، أو في قصة شعره».
ويشير حماد إلى أن «دراسات سابقة أفادت بأن ما تروجه وسائل الإعلام خلال ما تعرضه من أفلام وأغانٍ، ووسائل أخرى، يخلق صورة إيجابية عن تعاطي المخدرات، كما يثبت معتقدات إيجابية أحياناً عن هذا التعاطي».
وحسب حماد، فإن «بعض الباحثين ربطوا بين تعاطي المواد المخدرة والإبداع، قائلين إنه بسبب البحث عن إثارة ما للأفكار والانفعالات، وطلباً لراحة العقل من بعض انشغالاته المحدودة، وسعياً وراء التخفف من التوتر المستمر في الحياة، يتعاطى فنانون مواد مخدرة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
TT

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

في جلسة حوارية مع المخرج المصري محمد سامي، استضافها مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» في دورته الرابعة، تحدَّث عن مسيرته الإبداعية التي أسهمت في تجديد الدراما التلفزيونية العربية، مستعرضاً دوره، مخرجاً ومؤلّفاً، في صياغة أعمال تلفزيونية لاقت نجاحاً واسعاً. أحدث أعماله، مسلسل «نعمة الأفوكاتو»، حصد إشادة جماهيرية كبيرة، ما عزَّز مكانته واحداً من أبرز المخرجين المؤثّرين في الساحة الفنّية.

في بداية الجلسة، بإدارة المذيعة جوزفين ديب، وحضور عدد من النجوم، مثل يسرا، ومي عمر، وماجد المصري، وأحمد داش، وشيماء سعيد، وبشرى؛ استعرض سامي تجربته مع بدايات تطوُّر شكل الدراما التلفزيونية، موضحاً أنّ المسلسلات في تلك الفترة كانت تُنتج بطريقة كلاسيكية باستخدام كاميرات قديمة، وهو ما رآه محدوداً مقارنةً بالتقنيات السينمائية المتاحة.

التجديد في الدراما

وبيَّن أنّ أول تحوُّل حدث بين عامي 2005 و2008، عندما برزت مسلسلات أثَّرت فيه بشدّة، من بينها «بريزن بريك» و«برايكينغ باد». ومع إطلاق كاميرات «رِدْ وان» الرقمية عام 2007، اقترح على المنتجين تصوير المسلسلات بتقنيات سينمائية حديثة. لكنَّ الفكرة قوبلت بالرفض في البداية، إذ ساد اعتقاد بأنّ الشكل السينمائي قد يتيح شعوراً بالغرابة لدى الجمهور ويُسبِّب نفوره.

رغم التحفّظات، استطاع سامي إقناع بطل العمل، الفنان تامر حسني، بالفكرة. وبسبب الفارق الكبير في تكلفة الإنتاج بين الكاميرات التقليدية وكاميرات «رِدْ»، تدخَّل حسني ودعم الفكرة مادياً، ما سرَّع تنفيذ المشروع.

وأشار المخرج المصري إلى أنه في تلك الفترة لم تكن لديه خطة لتطوير شكل الدراما، وإنما كان شاباً طموحاً يرغب في النجاح وتقديم مشهد مختلف. التجربة الأولى كانت مدفوعة بالشغف والحبّ للتجديد، ونجحت في تَرْك أثر كبير، ما شجَّعه على المضي قدماً.

في تجربته المقبلة، تعلَّم من أخطاء الماضي وعمل بوعي أكبر على تطوير جميع عناصر الإنتاج؛ من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي. هذه الرؤية المُبتكرة ساعدت في تغيير نظرة الصناعة إلى التقنيات الحديثة وأهميتها في تطوير الدراما.

وأكمل سامي حديثه بالتطرُّق إلى العلاقة بين المخرج والممثل: «يتشاركان في مسؤولية خلق المشهد. أدائي بوصفي مخرجاً ركيزته قدرتي على فهم طاقة الممثل وتوجيهها، والعكس صحيح. بعض الممثلين يضيفون أبعاداً جديدة إلى النصّ المكتوب، ما يجعل المشهد أكثر حيوية وإقناعاً».

متى يصبح المخرج مؤلِّفاً؟

عن دورَيْه في الإخراج وكتابة السيناريو، تحدَّث: «عندما أتحلّى برؤية واضحة للمشروع منذ البداية، أشعر أنّ الكتابة تتيح لي صياغة العمل بما يتوافق تماماً مع ما أتخيّله. لكن هذا لا يعني إلغاء دور الكاتب؛ إنه تعاون دائم. عندما أكتب وأُخرج، أشعر بأنني أتحكّم بشكل كامل في التفاصيل، ما يمنح العمل تكاملاً خاصاً».

ثم تمهَّل أمام الإشارة إلى كيفية تحقيق التوازن بين التجديد وإرضاء الجمهور: «الجمهور هو الحَكم الأول والأخير. يجب أن يشعر بأنّ العمل له، وأنّ قصصه وشخصياته تعبِّر عن مشاعره وتجاربه. في الوقت عينه، لا بدَّ من جرعة ابتكار لتحفيز عقله وقلبه».

وبيَّن سامي أنّ صناع السينما حالياً يواجهون تحدّياً كبيراً بسبب تطوُّر جودة الإنتاج التلفزيوني، ولإقناع الجمهور بالذهاب إلى السينما، ينبغي تقديم تجربة مختلفة تماماً، وفق قوله، سواء على مستوى الإبهار البصري أو القصة الفريدة.

في ختام الحوار، عبَّر عن إعجابه بالنهضة الثقافية والفنّية التي تشهدها السعودية: «المملكة أصبحت مركزاً إقليمياً وعالمياً للإبداع الفنّي والثقافي. مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، على سبيل المثال، يعكس رؤية طموحة ومشرقة للمستقبل، وأشعر بالفخر بما تحقّقه من إنجازات مُلهمة».

محمد سامي ليس مخرجاً فحسب، وإنما مُبتكر يعيد تعريف قواعد الدراما التلفزيونية، مُسلَّحاً برؤية متجدِّدة وجرأة فنّية. أعماله، من بينها «نعمة الأفوكاتو»، تُثبت أنّ التجديد والإبداع قادران على تغيير معايير النجاح وتحقيق صدى لا يُنسى.