«القاعدة الدستورية» تنتظر محادثات فرقاء ليبيا

بعد عودة العلاقات بين صالح والمشري

المشري وعقيلة يتصافحان في مستهل اجتماع بجنيف (البعثة الأممية)
المشري وعقيلة يتصافحان في مستهل اجتماع بجنيف (البعثة الأممية)
TT

«القاعدة الدستورية» تنتظر محادثات فرقاء ليبيا

المشري وعقيلة يتصافحان في مستهل اجتماع بجنيف (البعثة الأممية)
المشري وعقيلة يتصافحان في مستهل اجتماع بجنيف (البعثة الأممية)

قوبل إعلان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري اتفاقهما على عدم إصدار القانون الخاص باستحداث «المحكمة الدستورية» بترحيب حذر بالساحة السياسية الليبية، رغم ما يعنيه هذا القرار من استئناف المجلسين لمفاوضاتهما بشأن الإطار الدستوري المنظم للانتخابات.
ولم يتردد عدد من السياسيين من الإشارة إلى تخوفهم من احتمال ألا يتصدر المسار الدستوري أولوية مفاوضات المجلسين خلال الفترة المقبلة، فيما شكك آخرون بما ورد بالبيان المشترك بأن قرارهم حول القانون جاء «استشعاراً للمسؤولية الوطنية، وتقديراً للظروف الحالية التي يمر بها الوطن»، مشيرين لمستجدات أخرى على الساحة السياسية دفعت عقيلة صالح والمشري للإسراع بالتوافق.
فمن جانبه توقع عضو المجلس الأعلى للدولة أبو القاسم قزيط أن «يتقدم مسار السلطة التنفيذية على أي مسار آخر بمفاوضات مجلسه مع البرلمان»، إلا أن ذلك لا يعني استبعاد تحقيق بعض الخطوات الإيجابية أيضاً بالمسار الدستوري»، موضحاً لـ«الأوسط الأوسط»: «نعم التركيز قد يكون منصباً بدرجة ما على ملف تشكيل حكومة موحدة، لكن بكل الأحوال لا يمكن تصور وجود اتفاق نهائي بين المجلسين حول هذه الحكومة أو حول ملف المناصب السيادية ما لم يكن مؤسساً على توافقات متقدمة بالمسار الدستوري».
وقبل إقرار قانون المحكمة الدستورية مطلع الشهر الجاري، والذي تسبب بتعليق التواصل لأكثر من أسبوعين، كان مجلسا النواب والأعلى للدولة بصدد التوافق بشكل شبه نهائي حول ملفي إعادة تسمية شاغلي المناصب السيادية ومعالجة الانقسام الحكومي الراهن بالبلاد بتشكيل حكومة موحدة، تنفيذاً لتفاهمات سابقة توصل إليها عقيلة صالح والمشري في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بالمملكة المغربية.
وأشار قزيط إلى بيان مجلس الأمن الدولي الأخير والحديث عن دعم أعضائه لحوار ليبي ليبي لتشكيل حكومة ليبية موحدة قادرة على الحكم في جميع أنحاء البلاد وتمثل كافة الليبيين، متوقعاً «أن يتم التقاط هذه الإشارة من قبل المجلسين وبالتالي الدفع بها».
وسلط عدد من المراقبين الضوء على عدم ربط دعوة بيان مجلس الأمن حول تشكيل الحكومة بإجراء الانتخابات، وذهب بعضهم لتفسير الأمر بكونه مؤشراً على تغير مواقف القوى الدولية إزاء حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيية، وعدم التمسك ببقائها.
وقلل عضو الأعلى للدولة بدرجة كبيرة مما طرحه البعض من أن تخوف مجلسي النواب والأعلى للدولة من إدراجهما على لائحة العقوبات الدولية هو ما دفعهما للإسراع بإزالة العقبات أمام استئناف مفاوضاتهما، موضحاً «مجلس الأمن لم يطبق العقوبات على قادة التشكيلات المسلحة وحملة السلاح الذين ينتهكون القوانين الدولية والإنسانية، وبالتالي من الصعب تصور تطبيقه لأي عقوبات ذات بال على المجالس المنتخبة».
وكان المبعوث الأممي عبد الله باتليي، لوّح خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن منتصف الشهر الجاري «باستخدام آليات بديلة في حال عدم توصل مجلسي النواب والأعلى للدولة لاتفاق سريع» داعيا بالوقت نفسه لضرورة «محاسبة الأفراد والكيانات الذين يتصرفون أو يدعمون الأعمال التي تمنع أو تقوض إجراء الانتخابات».
رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي» أسعد زهيو، أعرب بدوره عن شكوك واسعة من قبل النخب السياسية في تصدر الملفات ذات الاهتمام المشترك بين النواب والأعلى للدولة كالحكومة والمناصب السيادية لأجندة مفاوضاتهما المرتقبة.
وأوضح زهيو لـ«الشرق الأوسط» بالطبع قد توجد محاولة منهما بعودة التركيز على ملف الحكومة الذي قطع فيه المجلسان شوطاً كبيراً قبل نشوب الخلاف بينهما وكذلك المناصب السيادية، وقد يتزايد اهتمامهما بعد إشارة بيان مجلس الأمن بتشكيل حكومة موحدة بمعزل عن إجراء الاستحقاق الانتخابي، لكن بتصوري سوف يتم إجهاض تلك المحاولة، فكافة القوى الوطنية تدفع الآن باتجاه ضرورة إنتاج القاعدة الدستورية أولاً».
ولفت زهيو إلى أنه في ظل تكرار خلافات النواب والأعلى خلال السنوات الأخيرة فقد لا يطول صبر البعثة الأممية على المجلسين كثيراً، موضحاً: «إذا لم يستشعر الجميع جدية عملهم بشأن إنجاز القاعدة الدستورية خلال فترة زمنية محددة بالعام المقبل، فمن المتوقع أن تلجأ البعثة لتشكيل ملتقى حوار سياسي جديد يضطلع بوضع خريطة طريق لمعالجة الأزمة».
من جهته، شكك زميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الليبي حافظ الغويل، بما ورد بالبيان المشترك لمجلسي النواب والأعلى للدولة حول عدم إصدار قانون المحكمة الدستورية، واصفاً إياه «بالعبث».
وأوضح الغويل لـ«الشرق الأوسط»: «البرلمان أقر قانوناً بشأن استحداث محكمة دستورية وطبقاً لبيانات هذا البرلمان تم التصويت عليه من قبل أغلبية الأعضاء، والقانون لا يلغى إلا بقانون لا ببيان صحافي مشترك صادر عن عقيلة صالح والمشري».
وأرجع الغويل مسارعة الرجلين إلى إعلان التوافق واستئناف التفاوض «لعاملين الأول هو بيان مجلس الأمن الأخير، ومن قبله تصريحات باتيلي باللجوء لآليات بديلة ومختلفة حال عدم توصل المجلسين لتوافق بينهما، وهذا بالطبع يهدد بدرجة ما وجودهما بالمشهد».
وأكمل: «والثاني وهو الأهم ما يتردد من أخبار بالتوقيت الراهن حول نية (قائد الجيش الوطني) خليفة حفتر، بإعلان نوع من حكم الذاتي بالمناطق الخاضعة لسيطرته شرق وجنوب البلاد».
وأكمل: «حفتر لمّح أكثر من مرة لرغبته في إلغاء كافة الأجسام السياسية الراهنة، فإذا صدقت هذه الأخبار فسيعني هذا إلغاء البرلمان».
وانتهى الغويل إلى أن «المجلسين يحاولان بكل الطرق حالياً إقناع المجتمع الدولي بأنهما سوف يتوافقان حول القاعدة الدستورية لسحب البساط من تحت أقدام باتيلي كي لا ينفذ تهديده لهما وأيضاً سحب أي ذريعة لحفتر».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الصومال يرحب بالمشاركة المصرية في قوات حفظ السلام «الأفريقية»

وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
TT

الصومال يرحب بالمشاركة المصرية في قوات حفظ السلام «الأفريقية»

وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)

رحب الصومال بالمشاركة المصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة لدعم الأمن والاستقرار في الصومال، وذلك خلال لقاء القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، والوفد المرافق له، في القاهرة، مساء الخميس.

ووقعت مصر والصومال، في أغسطس (آب) الماضي، بروتوكول تعاون عسكري، واتفق البلدان حينها على مشاركة مصر في البعثة الأفريقية لحفظ السلام خلال الفترة في 2025 - 2029، ودعمت القاهرة مقديشو بمعدات عسكرية.

ووفق إفادة للمتحدث العسكري المصري، فقد أشاد القائد العام للقوات المسلحة المصرية بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين مصر والصومال واعتزازه بعلاقات الشراكة التي تربط القوات المسلحة لكلا البلدين.

وأضاف في بيان له، الخميس، أن لقاء صقر ومحمد نور تناول «مناقشة آخر التطورات والأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار داخل القارة الأفريقية».

ونقل البيان المصري عن وزير الدفاع الصومالي تقدير بلاده لجهود مصر في «إرساء دعائم الأمن والاستقرار لدول القارة الأفريقية كافة»، مرحباً بالمشاركة المصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي بدولة الصومال، مؤكداً على «أهمية التعاون المشترك بين القوات المسلحة المصرية والصومالية في مختلف المجالات». حضر اللقاء رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسة وعدد من قادة القوات المسلحة لكلا البلدين.

وعززت مصر تعاونها العسكري مع الصومال عقب أزمة بين الصومال وإثيوبيا، العام الماضي، بعدما عارضت القاهرة توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) 2024 اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة. وعدّت القاهرة حينها الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

جانب من محادثات وزير الدفاع المصري ونظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)

وفي وقت سابق رحب سفير الصومال بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، السفير علي عبدي، بإعلان مصر المشاركة في قوات حفظ السلام بالصومال. وقال في إفادة له «ممتنون لتعهد مصر أن تكون من أوائل الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية». واعتبر أن اتفاقية الدفاع المشترك التي تم توقيعها بين البلدين «ستمنع الفراغ الأمني في الصومال»، مشيراً إلى أن الاتفاقية «تتضمن التدريب ودعم المعدات والعمليات المشتركة بين قوات البلدين».

كما أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال لقائه نظيره الصومالي، أحمد مُعلم فقي، في القاهرة، أغسطس الماضي «حرص مصر على المشاركة في بعثة حفظ السلام في الصومال بناء على رغبة الأشقاء الصوماليين»، مشيداً بـ«خطوة التوقيع على بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن «سفينة حربية مصرية سلَّمت شحنة كبيرة ثانية من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية». وكانت القاهرة قد أرسلت طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقّع البلدان اتفاقية أمنية مشتركة في أغسطس الماضي.

وقرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في يونيو (حزيران) الماضي، إرسال بعثة جديدة لحفظ السلم في الصومال باسم «بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال»، اعتباراً من يناير الجاري.