مصريون يترقبون حركة الأسواق وسط مخاوف من «أزمة غلاء» جديدة

تشديدات حكومية لمواجهة ارتفاع أسعار السلع

جانب من اجتماع الحكومة المصرية أخيراً لبحث إجراءات الحماية الاجتماعية (مجلس الوزراء)
جانب من اجتماع الحكومة المصرية أخيراً لبحث إجراءات الحماية الاجتماعية (مجلس الوزراء)
TT

مصريون يترقبون حركة الأسواق وسط مخاوف من «أزمة غلاء» جديدة

جانب من اجتماع الحكومة المصرية أخيراً لبحث إجراءات الحماية الاجتماعية (مجلس الوزراء)
جانب من اجتماع الحكومة المصرية أخيراً لبحث إجراءات الحماية الاجتماعية (مجلس الوزراء)

وسط مخاوف من عدم قدرتها على تلبية احتياجات أسرتها المكونة من زوج وثلاثة أطفال، تترقب مروة أحمد، تأثيرات قرارات البنك المركزي المصري الأخيرة على حركة الأسعار في الأسواق. وتتابع بكثافة القرارات والتصريحات الحكومية لمواجهة «أزمة الغلاء»، على أمل أن يحدث تغيير يوقف موجات ارتفاع الأسعار المستمرة منذ عدة أشهر.
ولا تفهم مروة، وهي موظفة بإحدى الشركات الخاصة، قرارات البنك المركزي، معنى رفع سعر الفائدة، لكنها تدرك حسب تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه القرارات سيكون لها، كسابقتها، تأثير على الأسعار». وتضيف أنها «اضطرت خلال الأشهر الأخيرة لتغيير نمط حياتها، والاستغناء عن، أو تقليل استخدام بعض السلع»، موضحة أنها «لجأت لبدائل أقل جودة في بعض الحالات بسبب ارتفاع أسعار المنتجات التي اعتادت على استخدامها في السابق».
وأعلن البنك المركزي المصري، (الخميس)، رفع أسعار الفائدة 300 نقطة أساس «لاحتواء الضغوط التضخمية وتحقيق معدلات الفائدة المستهدفة»، حسب بيان صحافي. وسبق أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة 200 نقطة أساس في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الانتقال إلى سعر صرف مرن، ما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه المصري، (الدولار بـ24.6 جنيه).
أصبحت اجتماعات البنك المركزي وقراراته من الأمور التي تتابعها مروة وصديقاتها، وتقول إنه «منذ صباح الخميس كان اجتماع المركزي هو محور الحديث الرئيسي مع زميلاتها في العمل، تحسباً لتأثيراته على الأسعار»، وتضيف أنه «في مصر الآن لا صوت يعلو فوق صوت الأسعار، الجميع يترقب ويتابع ويتساءل إلى متى سيستمر الغلاء، لا سيما مع ثبات الدخل».
على الصعيد الرسمي، شددت الحكومة المصرية من إجراءاتها لـ«ضبط الأسواق»، عبر حملات رقابية تستهدف «منع احتكار السلع بشكل عام، والأرز بشكل خاص باعتباره سلعة استراتيجية». وفي هذا السياق أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية، عن «تنفيذ حملات على مضارب ومخازن الأرز والشعير، في محافظات الدقهلية ودمياط وكفر الشيخ والشرقية. وقال الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، في بيان صحافي إنه «تم ضبط عدد من المخازن بمحافظة دمياط، كان بها 150 طناً من الأرز، وتحرير 70 محضراً للمزارعين الممتنعين عن التوريد بعد إنذارهم بإجمالي 220 طناً من الأرز بمحافظة الدقهلية، إضافة إلى ضبط مخزنين بهما 26 طناً من الأرز. وبمحافظة كفر الشيخ تم ضبط 3 مخازن أرز تضم 94 طناً، تم حجبها عن التداول لإعادة بيعها في السوق السوداء، وبالشرقية تم ضبط 133 طناً من الأرز كانت مخبأة بغرض بيعها في السوق السوداء».
تتزامن هذه الإجراءات مع توسع الحكومة المصرية في برامج الحماية الاجتماعية، وعلى رأسها برنامج (تكافل وكرامة)، من خلال «ضم الأسر الأولى بالرعاية إلى برامج الدعم النقدي». بالتزامن مع توفير السلع الأساسية، حيث أكدت الحكومة المصرية، (الخميس)، أنها «تعمل على تسريع إجراءات الإفراج عن السلع الموجودة بالجمارك، وخصوصاً السلع الأساسية والاستراتيجية، من أجل الحفاظ على معدلات الإنتاج، وزيادة المخزون السلعي قبل حلول شهر رمضان».
تأتي هذه الإجراءات بموازاة قرارات حكومية لتوفير السلع بأسعار «مخفضة»، ومحاربة الاحتكار، حيث أمهلت الحكومة المصرية، الأسبوع الماضي، المنافذ التجارية «أسبوعين لوضع أسعار السلع بوضوح وإعلانها». وأعلنت عن إجراءات عقابية ضد المخالفين.
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكثر من مرة، «ضرورة توفير السلع الغذائية للمواطنين». وقال تعليقاً على ارتفاع الأسعار، خلال افتتاح مشروعات جديدة بالإسكندرية أخيراً، إن «الحكومة حريصة على ألا تنعكس زيادة الأسعار العالمية على المواطن المصري».
وللمرة الأولى في حياته يدخل عبد الوهاب محمود، موظف ثلاثيني، أحد منافذ بيع السلع الاستهلاكية بأسعار مخفضة، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «اعتاد شراء احتياجات أسرته، المكونة من زوجة وطفلين، من المراكز التجارية الكبرى، لكن مع ارتفاع الأسعار في الأشهر الأخيرة، بات يبحث عن أماكن تقدم سلعاً بديلة بأسعار أقل، ووجد ضالته في المنافذ الحكومية التي تبيع بعض السلع الأساسية بأسعار أقل من غيرها». ويخشى عبد الوهاب من «أزمة غلاء جديدة في ظل عدم استقرار سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
TT

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية

كشفت وزيرة الخارجية المقالة بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، نجلاء المنقوش، عن أن لقاءها مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين الذي تمّ قبل أكثر من عام في روما، كان بتنسيق بين إسرائيل والحكومة، وقالت إنها ناقشت معه عدداً من القضايا «الأمنية الحساسة التي تهم استقرار ليبيا وفقاً لما كُلفت به».

صورة أرشيفية لنجلاء المنقوش (الوحدة)

وأضافت المنقوش لـ«منصة 360»، التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية، مساء يوم الاثنين، في أول حديث لها منذ مغادرتها ليبيا، أن اللقاء مع كوهين كان سرياً لأغراض أمنية واستراتيجية، لكنها أوضحت أنه كان يتعلّق «بالبحر المتوسط، والمحافظة على الموارد الليبية النفطية والمائية بالإضافة إلى الطاقة».

وأشارت إلى أنها «لم تكن طرفاً في الترتيب لأجندة الاجتماع مع كوهين... الحكومة هي التي رتبت، وأنا دوري كان إيصال الرسائل إلى الجانب الإسرائيلي»، واصفة تنصل «الوحدة» من اللقاء بأنه «عدم حكمة أو فقد القدرة على معالجة الأزمة بعد تسريب خبر اللقاء».

وأبدت المنقوش استغرابها من تسريب الجانب الإسرائيلي اللقاء، بالنظر إلى أن «الاتفاق كان عدم إعلانه وإبقاءه سرياً... المشكلة بالنسبة لي لم تكن في تسريب الخبر؛ بل كانت في طريقة معالجته، لأن ما قمت به هو من صميم عملي الدبلوماسي، كنت أقود الدبلوماسية الليبية؛ وعملي مقابلة كل وزراء الخارجية».

وقالت إن لقاءها كوهين «لم يكن خطأ من ناحية المبدأ»، مشددة على أن مقابلة الطرف الإسرائيلي كانت محددة في موضوعات وإطار معين، وكما يقولون «رب ضارة نافعة»، فبداية حديثي مع الوفد الإسرائيلي أكدت لهم أن موقف الليبيين الشرفاء والعرب الشرفاء هو الاعتراض على السياسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته.

احتجاجات سابقة في طرابلس على اللقاء بين المنقوش ونظيرها الإسرائيلي (أ.ب)

وسبق أن أثار اجتماع المنقوش - كوهين، الذي احتضنته إيطاليا في أغسطس (آب) الماضي، حالةً من الغضب في ليبيا تسببت في مغادرتها البلاد، في حين نفى عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة علمه بلقائها كوهين.

ولُوحظ خروج الكثير من المواطنين في مصراتة (غرب ليبيا)، سعياً للتظاهر ضد الدبيبة الذي قالت تقارير إنه وجّه وزير الداخلية بتشديدات أمنية على طرابلس لمواجهة أي احتجاجات.

وصعّد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حمّاد، يوم الاثنين، أمام مجلس النواب، من هجومه ضد غريمه الدبيبة، وعدّ لقاء مسؤولين في «الوحدة» مع «العدو الصهيوني» سقوطاً أخلاقياً وقانونياً، يجرّمه القانون بشأن مقاطعة إسرائيل.

والمنقوش المولودة في بنغازي (54 عاماً) خرجت من ليبيا سراً، عقب حالة غضب عارمة ومظاهرات في بعض المدن، إثر وقوعها تحت طائلة القانون الليبي، الصادر في عام 1957 بشأن «مقاطعة إسرائيل».

ويقضي القانون بـ«الحبس لمدة لا تقل عن 3 سنوات، ولا تزيد على 10 سنوات، وبغرامة لا تتجاوز 5 آلاف دينار، عقاباً لكل مَن يعقد اتفاقاً مع أي نوع من هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيتهم، أو يعملون لحسابها».

وأبدت المنقوش احترامها للقانون الليبي، وقالت إنها مستعدة للمثول أمام جهات التحقيق، لإثبات الحقيقة لليبيين الذين قالت «إنها تحبهم، وليس لديها ما تخفيه عنهم». وكان النائب العام أحالها إلى التحقيق منذ أغسطس 2023، لكنها تقول: «لم يتم استدعائي حتى اليوم».