المصريون يتابعون تقلبات الجنيه والدولار بـ«قلق وترقب»

سيدة تفحص أسعار السلع في متجر بالقاهرة (رويترز)
سيدة تفحص أسعار السلع في متجر بالقاهرة (رويترز)
TT

المصريون يتابعون تقلبات الجنيه والدولار بـ«قلق وترقب»

سيدة تفحص أسعار السلع في متجر بالقاهرة (رويترز)
سيدة تفحص أسعار السلع في متجر بالقاهرة (رويترز)

فوجئ المصري مصطفى عبد الرازق، خلال جولته لشراء بعض السلع الضرورية لأسرته من متجر مصري كبير يمتلك سلسة منافذ، بعدم وجود أسعار مدوَّنة للسلع، لكنَّ مفاجأته الكبرى كانت عندما أفاده العاملون في المتجر بأنه «الأسعار يتغير سعرها على مدار الساعة، ويعاد النظر في تسعيرها على مدار اليوم».
تجربة عبد الرزاق التي وثّقها في تدوينة نشرها عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك» وحظيت بتعليقات مماثلة تؤكد تكرارها في متاجر أخرى، واحدة من أعراض ما ينظر إليه اقتصاديون بـ«ارتباك الأسواق» خلال الفترة الأخيرة في مصر بسبب «تباين سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار، ونمو التعاملات في السوق الموازية (السوداء) للعملات».
وبينما يعزو متعاملون ومسؤولون حكوميون جانباً من حالة الغلاء إلى استغلال بعض التجار أزمة نقص العملة الأجنبية التي ظهرت في لجوء مصر للاقتراض من «صندوق النقد الدولي»، كان متابعون يعوّلون على إعلان منح مصر جزءاً من قيمة القرض في تحقيق «استقرار الأسعار»، وهو ما لم يتحقق على ما يبدو حتى الآن.
ووافق «صندوق النقد الدولي»، قبل أيام على منح مصر حزمة مساعدات مالية بقيمة ثلاثة مليارات دولار على مدى 46 شهراً. وقال فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة الصندوق إلى مصر، في مقابلة مع رويترز (الاثنين)، إن الصندوق «سيترقب تحول مصر إلى سعر صرف مرن بعد إلغاء شرط تمويل الواردات بخطابات اعتماد في نهاية الشهر الجاري».
وقالت هولار لـ«رويترز»: «نعرف أن البنك المركزي لم يتدخل بعد لضخ احتياطيات في سوق الصرف الأجنبي منذ أن توصلنا لاتفاق على مستوى الخبراء. لكننا نعلم أيضاً أن الواردات المتأخرة لم يتم الإفراج عنها». وأضافت: «ما نتوقع أن نراه هو تغير يومي في سعر الصرف يشبه التغيرات التي نراها في أنظمة الصرف التي تشهد تحريراً حقيقياً لسعر العملة».
وشهدت الآونة الأخيرة إقبالاً ملموساً على شراء المصريين للذهب في محاولة للحفاظ على القيمة الشرائية لمدخراتهم، كما نشطت سوق الصرف الموازية (السوق السوداء)، والتي تضاربت التقارير بشأن أسعار تداول الدولار الأميركي مقابل الجنيه فيها، إذ أشارت تقديرات إلى أن قيمة الدولار بلغت 38 جنيهاً، فيما أفادت أخرى بأنه تراجع إلى 26 جنيهاً، بينما واصلت البنوك الحكومية والخاصة، حتى مساء (الثلاثاء) التداول عند مستوى 24.60 جنيه للشراء، و24.65 جنيه للبيع في المتوسط.
ويرى الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، الخبير الاقتصادي، وعضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي»، أن «المشكلة الأساسية تكمن في نقص العملة الأجنبية المستمر حتى الآن، واتساع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي للجنيه مقابل الدولار، وسعره في السوق الموازية، مما يفرض نوعاً من الضغوط، خصوصاً فيما يخص حركة الاستيراد من الخارج».
ويضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك حالة من الترقب للإلغاء الكامل للاعتمادات المستندية والرجوع مرة أخرى إلى العمل بمستندات التحصيل، وفي المقابل هناك حالة من الترقب في الأسواق لتحرير جديد لسعر الصرف، وبالتالي هناك حالة من التذبذب نتيجة انتشار الشائعات وعدم التوضيح أو النفي». ويُعرب شوقي عن اعتقاده بأن حالة الترقب والحذر المسيطرة على المتعاملين من التجار والمضاربين في الأسواق «ستنتهي بمجرد القيام بتحرير سعر الصرف» وعودة تدفق الأموال الساخنة للسوق المصرية مرة أخرى ودخول مستثمرين جدد، لافتاً إلى أنه «بعد تحرير سعر الصرف ورفع سعر الفائدة ستصبح السوق المصرية سوقاً جاذبة للمستثمرين».
ويتابع شوقي القول إن أخطر ما تعانيه الأسواق في الآونة الأخيرة هي أن «الدولار تحول إلى سلعة وليس عملة، وبالتالي أصبح لا يعكس قيمة الدولار الحقيقية نتيجة افتعال الطلب عليه، مما يتسبب في ارتفاع أسعار السلع، خصوصاً أن معظم السلع ومكونات التصنيع يتم استيرادها من الخارج»، مشدداً على «ضرورة ضبط الأسواق عبر أدوات رقابية فعالة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


«المساعدات المالية» و«الهجرة» يتصدران محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي في القاهرة

مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«المساعدات المالية» و«الهجرة» يتصدران محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي في القاهرة

مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يتصدر ملفا «المساعدات المالية» و«الهجرة» محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، خلال زيارتها إلى القاهرة، الأربعاء والخميس.

ووفق إفادة لوفد الاتحاد الأوروبي إلى مصر، الأربعاء، فإن الزيارة تأتي في إطار تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر، و«المناقشات الجارية حول مساعدات الاتحاد الأوروبي المالية الكلية، والوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط والمنطقة المجاورة».

وفي مارس (آذار) الماضي، توافقت مصر والاتحاد الأوروبي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة». ووقع الاتحاد الأوروبي ومصر في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، اتفاقية تمويل استثماري بوصفها جزءاً من حزمة أكبر بقيمة 7.4 مليار يورو تهدف لتعزيز التعاون الاقتصادي ودعم استقرار مصر في ظل التحديات الإقليمية والدولية.

وأكد بيان وفد الاتحاد الأوروبي أن اجتماعات ميتسولا في القاهرة «تعد فرصة لمناقشة العلاقات البرلمانية، بما في ذلك تنظيم الاجتماع البرلماني المقبل بين الاتحاد الأوروبي ومصر في القاهرة، والمساعدة المالية الكلية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لمصر التي تجري مناقشتها حالياً في البرلمان الأوروبي، وتدفقات الهجرة واللجوء».

صورة للبرلمان الأوروبي بستراسبورغ (د.ب.أ)

وأشار الوفد إلى أنه من المقرر أن تجتمع ميتسولا، الخميس، مع وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، حيث تتركز المناقشات على عدد من الموضوعات، من بينها «الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، والمساعدات المالية الكلية للاتحاد الأوروبي، والوضع الجيوسياسي في المنطقة، بما في ذلك الحاجة إلى إعادة تنشيط عملية السلام في الشرق الأوسط والوضع في غزة والتطورات الأخيرة في سوريا».

وعلاقات مصر بالاتحاد الأوروبي الوثيقة، ويعد «الأوروبي» أيضاً المستثمر الرائد في مصر، حيث يبلغ رصيد الاستثمار المتراكم نحو 38.8 مليار يورو، يمثل نحو 39 في المائة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر. وتظل مصر ثاني أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب معلومات بعثة الاتحاد الأوروبي إلى مصر عبر موقعها الإلكتروني.

وكان وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي المصري، محمود فوزي، قد أكد، الثلاثاء، حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع البرلمان الأوروبي ومواصلة التشاور بين النواب البرلمانيين المصريين والأوروبيين، «بما يخدم المصالح المشتركة ويدعم الحوار البنَّاء، وتوطيد أواصر التعاون البرلماني بين الجانبين».

وأشاد الوزير المصري خلال استقباله في القاهرة سفيرة الاتحاد الأوروبي ورئيسة بعثة الاتحاد إلى مصر، أنجلينا إيخهورست، «بالتطورات الإيجابية التي تشهدها العلاقات المصرية مع الاتحاد الأوروبي منذ صدور الإعلان المشترك حول الشراكة الاستراتيجية والشاملة في مارس الماضي، خلال زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية للقاهرة»، مؤكداً «اعتزاز مصر بالعلاقات الوثيقة التي تجمعها بالاتحاد الأوروبي، خصوصاً بعد الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، والتطورات الإيجابية التي يشهدها التعاون بين الجانبين في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، إلى جانب التنسيق في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك».