«المسؤولية الطبية» يعيد الجدل بشأن «الرعاية الصحية» في مصر

حملة توقيعات نقابية طالبت بتعديله

اجتماع الأطباء لمناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية (نقابة الأطباء في مصر)
اجتماع الأطباء لمناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية (نقابة الأطباء في مصر)
TT

«المسؤولية الطبية» يعيد الجدل بشأن «الرعاية الصحية» في مصر

اجتماع الأطباء لمناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية (نقابة الأطباء في مصر)
اجتماع الأطباء لمناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية (نقابة الأطباء في مصر)

أعاد مشروع قانون «المسؤولية الطبية» الجدل بشأن الرعاية الصحية في مصر. ودخلت قضية البحث عن حلول تشريعية لفض الالتباس والتداخل بين حق المريض ومسؤولية الطبيب، إلى منعطف جديد، إذ دشنت «النقابة العامة لأطباء مصر» حملة توقيعات لمناشدة الرئيس عبد الفتاح السيسي التدخل لضمان أن يخرج قانون المسؤولية الطبية، الذي يناقشه البرلمان، «بشكل عادل يضمن حقوق الأطراف كافة دون تحامل على الأطباء»، على حد مطالباتهم.
وقال مجلس «النقابة العامة لأطباء مصر» مخاطباً السيسي: «تعلمون سيادتكم مدى عجز أعداد الأطباء والتمريض في دول العالم جميعاً، والذي يتفاقم في مصر».
وتضمنت المناشدة مطالب الأطباء بفتح نقاش حول مشروع قانون «المسؤولية الطبية» الذي أرسله مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) مطلع الشهر الحالي، إلى نقابة الأطباء لاستطلاع رأيها.
ويرفض الأطباء عدداً من مواد مشروع القانون، أبرزها مواد تجيز تطبيق عقوبة السجن على الطبيب في حال ارتكاب خطأ طبي.
وقالت الدكتورة إيمان سلامة عضو مجلس «النقابة العامة لأطباء مصر» لـ«الشرق الأوسط» إن «المناشدة لفتح حوار مجتمعي حول قانون المسؤولية الطبية ليس المقصود بها مناقشة مواده فقط، وإنما يجب أن يتطرق النقاش إلى وضع الرعاية الصحية في مصر».
وأضافت: «من أهم مشكلات القطاع الصحي العجز في أعداد الأطباء، فعدد الخريجين الجدد قليل ولا يلبي احتياجات المستشفيات، كما أن كثيراً من الأطباء يضطرون للسفر نتيجة ضعف المرتبات وغيرها من المشكلات».
ويبلغ إجمالي عدد الأطباء في مصر بالقطاعين العام والخاص 212853 طبيباً، وفقاً لسجلات النقابة العامة للأطباء، منهم أكثر من 120 ألفاً يعملون بالخارج، بما يعني أن 67 في المائة من خريجي كليات الطب يغادرون البلاد، بواقع سبعة آلاف طبيب سنوياً.
ويواجه القطاع الصحي في مصر مشكلات أخرى عدة، أبرزها حالة المستشفيات الحكومية وضعف إمكاناتها، وفقاً للدكتور محمد حسن خليل المنسق العام لـ«لجنة الحق في الصحة»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مفهوم الرعاية الصحية يجب أن يكون شاملاً، بمعنى أن يضمن تقديم الخدمة الطبية بمستوى جيد لكل من يحتاجها، وأهم المشكلات التي تعوق ذلك هي ضعف إمكانات المستشفيات الحكومية، وأوضاعها السيئة، نتيجة عدم توفر موارد مالية، وأيضاً ضعف مهارات الخريجين الجدد، نتيجة عدم توفر تدريب كافٍ يضمن لهم خبرات جيدة، فضلاً عن عدم توفر عدد كافٍ من الأطباء، نتيجة ظاهرة هجرة الأطباء للخارج وقلة عدد الخريجين».
ووصل عدد المستشفيات الحكومية في مصر عام 2020 إلى 662 مستشفى، بزيادة بنسبة 1.5 في المائة عن العام السابق، حيث كان العدد 652 مستشفى وفقاً لتقرير «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء». كما بلغ عدد المنتفعين بالتأمين الصحي 57 مليون منتفع عام 2020 مقابل 56.9 مليون عام 2019 بزيادة بلغت نسبتها 0.2 في المائة وفق التقرير نفسه.
في حين بلغ إجمالي عدد مراكز الإسعاف 1565 مركزاً عام 2020 مقابل 1516 مركزاً عام 2019 بزيادة بلغت نسبتها 3.2 في المائة.
ويرى خليل أن «الحوار المجتمعي يجب أن يشمل قضية الرعاية الصحية، وليس قانون (المسؤولية الطبية) فقط؛ للبحث عن حلول توفي أعداداً كافية من الأطباء الجدد، ويجب التركيز على حقوق المرضى بالاهتمام نفسه بحقوق الأطباء الذين يحتاجون فعلاً لتحسين أوضاعهم حتى لا يضطروا إلى الهجرة للخارج».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الدولار… صداع مزمن يقض مضاجع المصريين

مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)
مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)
TT

الدولار… صداع مزمن يقض مضاجع المصريين

مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)
مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)

قبل أيام مَعدودة، وتحديداً مع سلسلة ارتفاعات طفيفة في سِعر صرف الدولار بالبنوك المصرية، قام صاحب شركة رخام في منطقة شق الثعبان بالقاهرة، المتخصصة في تصنيع الرخام والغرانيت، بوضع أسعار جديدة لرخام مُستورد من الهند، رغم إدراكه أنَّ «زيادة الأسعار تُسبب ركوداً حاداً».

ويضرب صاحب الشركة، الذي يدعى (م.أ)، المثل بسِعر متر الرخام المستورد من نوعية «غلاكسي» قبل زيادة الدولار في البنوك، الذي كان بنحو 2600 جنيه، لكن بعدَ أن تَخطي الدولار حاجز الـ49 جنيهاً، تمَّ رفع السعر إلى نحو 3000 جنيه دون إضافة تكاليف نقله وتركيبه.

وبلغ سعر صرف الدولار، الثلاثاء، لدى البنك المركزي المصري نحو 49.02 جنيه للشراء مقابل 49.15 جنيه للبيع. ويَأتي ارتفاع سعر الدولار في البنوك المِصرية وتخطيه حاجز الـ49 جنيهاً، غداة زيارة مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، القاهرة؛ لإجراء المراجعة الرابعة التي تتعلق بالقرض المُقرر منحه إلى مصر.

وتنعكس أي زيادة في سعر صرف الدولار بصورة مُباشرة على زيادة أسعار السلع والخدمات في مصر، في ظل الاعتماد على مواد مستوردة.

يقول الخبير الاقتصادي رشاد عبده، رئيس «المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية»، إنَّ «المواطن هو مَن يَتحمل فارق زيادة سعر الدولار في البنوك، لكون الشركات المستورِدة من القطاع الخاص تُضيف هذه الزيادة على جميع منتجاتها». ويضيف: «ارتفاع سعر الدولار يُعدّ صداعاً مزمناً للمصريين بطبقاتهم كافة، سواء كانت غنية أم متوسطة».

وسمح البنك المركزي المصري، في مارس (آذار) الماضي، بتحديد سعر صرف الجنيه، وفق آليات السوق (العرض والطلب)، لتنخفض قيمة العملة المحلية إلى ما يقل قليلاً عن 50 جنيهاً للدولار، بعدما كانت مستقرّة لأشهر عند حدود 30.85 جنيه للدولار.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مديرة صندوق النقد الدولي قبل أيام (الرئاسة المصرية)

وخلال مؤتمر صحافي، عقدته مع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأحد الماضي، قالت غورغييفا، إن «مصر تحرَّكت بنجاح لتحقيق نظام مَرِن لسعر الصرف». وأثنت على جهود البنك المركزي.

ولا تزال التوقعات تُحيط بزيادة جديدة لسِعر صرف الدولار أمام الجنيه، وفق ما أكده الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس، لـ«الشرق الأوسط».

يقول النحاس: «المواطن هو مَن سيكون ضحية تَحريك سعر الدولار مرة أخرى أمام الجنيه، لأنه سيكون هناك تقييم مرة أخرى لأسعار المحروقات والخدمات مثل الكهرباء والغاز، بالإضافة إلى زيادة فاتورة استيراد القمح، وما إلى ذلك».

ما يُقلق الاقتصادي وائل النحاس، هو أن يكون الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على زيادة مدة بَرنامج الصندوق، على حساب زيادة أسعار الدولار في البنوك.

وبدأت إجراءات المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد الدولي مع مصر، الثلاثاء.

وهي واحدة من أصل 8 مراجعات في البرنامج، البالغة مدته 46 شهراً، والذي تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار.

وتخوض الحكومة المصرية مشاورات مع الصندوق تسعى في الأساس لمراجعة «عملية المستهدفات»، حسبما صرَّح المستشار محمد الحمصاني المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء.

وستتخذ الحكومة المصرية بعض الإجراءات الإصلاحية ومحاولة مُراجعة التوقيتات وتواريخ اتخاذها، وفقاً لما قاله المتحدث الرسمي باسم الحكومة، في تصريحات تلفزيونية، منذ أيام مضت.

ويطالب ناجي الشهابي رئيس حزب «الجيل» المصري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بدعم الصناعة، وترشيد فاتورة الاستيراد من أجل وضع حدٍّ لارتفاعات الدولار، الذي يرى أن قيمته الحقيقية لا تُساوي هذا الرقم.

وحظيت الارتفاعات الطفيفة في سعر الدولار أمام الجنيه على مدار الأيام الماضية، بتفاعلات رواد السوشيال ميديا عبر منصتَي «فيسبوك» و«إكس»، حيث أبدى البعض تخوفه من «تعويم جديد» وارتفاعات أخرى في الأسعار.

وعبَّر رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، محمود العسقلاني، عن قلقه إزاء زيادة سعر الدولار؛ لأن هذا الارتفاع سيكون له تأثير كبير على السلع، خصوصاً أن الدولة تستورد كمية ليست بالقليلة من احتياجاتها، وأنَّ هذا الارتفاع سيكون له تأثير كبير على السلع وجوانب المعيشة كافة.