معركة باخموت الأوكرانية هاجس القوات الروسية

بوريس جونسون يطالب بتكثيف جهود دعم كييف لإنهاء الحرب العام المقبل

قوات أوكرانية تتحصن في باخموت لكنها تتعرض لقصف روسي متواصل (رويترز)
قوات أوكرانية تتحصن في باخموت لكنها تتعرض لقصف روسي متواصل (رويترز)
TT

معركة باخموت الأوكرانية هاجس القوات الروسية

قوات أوكرانية تتحصن في باخموت لكنها تتعرض لقصف روسي متواصل (رويترز)
قوات أوكرانية تتحصن في باخموت لكنها تتعرض لقصف روسي متواصل (رويترز)

يتلقى الجيش الروسي في معركته للسيطرة على باخموت دعماً من مرتزقة من مجموعة «فاغنر»، بينهم سجناء حصلوا على وعود بتخفيف عقوباتهم مقابل قتالهم في أوكرانيا وجنود احتياط مدنيين تم تجنيدهم في سبتمبر (أيلول).
وتقدمت القوات الروسية قليلاً باتجاه المدينة وأعلنت استيلاءها على بلدات صغيرة، من دون أن يبدو أنها في وضع يسمح لها بغزو المدينة التي بقي فيها نصف سكانها الذين كان عددهم يبلغ 70 ألف نسمة قبل الحرب، بحسب السلطات الأوكرانية.
وفي الأسابيع الأخيرة، أصبحت المعارك ترتدي طابعاً رمزياً أكبر بالنسبة للمسؤولين الروس، لأن الاستيلاء على المدينة سيأتي بعد سلسلة من الهزائم المهينة، مع الانسحاب من منطقة خاركيف (شمال شرق) في سبتمبر، ومن مدينة خيرسون (جنوب) في نوفمبر (تشرين الثاني).
وكان قد سمح الوقت للأوكرانيين بالإعداد للدفاع عن باخموت، المدينة الواقعة على بعد 80 كلم شمال دونيتسك و100 كلم غرب لوغانسك في شرق أوكرانيا، وهما معقلان للانفصاليين المؤيدين لروسيا. وعلى الرغم من كل شيء، اعترف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال الأسبوع الحالي، بـ«مواجهة صعبة جداً» في الموقع. وقال إن «كل متر مهم».
ويلقي الروس بكل ثقلهم على ما يبدو في المعركة للاستيلاء على هذه المدينة، التي تحولت هاجساً للقوات الروسية، من أجل السيطرة على مدينة دمر جزء كبير منها حتى الآن. ومنذ الصيف، يستعر القتال حولها، إذ تحاول موسكو بلا كلل الاستيلاء عليها من دون أن تنجح، على الرغم من دعم مجموعة «فاغنر» شبه العسكرية. التكتيك الروسي نفسه متبع في أي مكان آخر ويتلخص في قصف مدفعي للمدينة وتدمير كل البنى التحتية، على أمل انسحاب المدنيين والجنود الأوكرانيين.

وصرح مسؤول غربي لوكالة الصحافة الفرنسية هذا الأسبوع، رداً على سؤال عن الأهداف الروسية في باخموت: «نحن محتارون». ومع بداية فصل الشتاء، يعتقد عدد من المحللين أن خط المواجهة الحالي سيستقر بعد أسابيع من التقدم الأوكراني في الشمال الشرقي والجنوب.
ويرى مركز الأبحاث الأميركي لدراسة الحرب الذي يحلل التطورات اليومية على الجبهة، أن «الجهود الروسية حول باخموت تدل على أنها (قوات موسكو) فشلت بشكل أساسي في استخلاص الدروس» من معارك أخرى فقدت كثيراً من القوات فيها. ويعتبر المركز نفسه أن الهوس الروسي بباخموت سمح للأوكرانيين بتنفيذ هجمات ناجحة أخرى في أماكن أخرى على خط المواجهة، حيث كان تركز القوات أقل. ويتابع أن «الجهود الروسية للتقدم نحو باخموت أدت إلى استنزاف مستمر للقوى البشرية والمعدات الروسية، ما أدى إلى توقف القوات حول بلدات غير مهمة نسبياً لأسابيع وأشهر».
وتصدت قوات الدفاع الأوكرانية الجمعة، لهجمات روسية قرب 13 منطقة. جاء ذلك في بيان صادر عن هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، أوردته وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية (يوكرينفورم)، أمس (السبت).
كما شنت القوات الروسية 5 هجمات صاروخية ونحو 20 غارة جوية، وفتحت النار باستخدام أنظمة الصواريخ متعددة الانطلاق (إم إل آر إس) أكثر من 60 مرة. ويستمر التهديد بشن ضربات صاروخية على نظام الطاقة في أوكرانيا والبنية التحتية الحساسة في مختلف أنحاء البلاد. كما قصفت القوات الصاروخية والمدفعية الأوكرنية 4 مواقع قيادة روسية و5 مجموعات من الأفراد والذخيرة والمعدات العسكرية.
وأعلنت السلطات الأوكرانية السبت، أنّ مدينة أوديسا الواقعة في جنوب أوكرانيا بلا كهرباء بشكل شبه كامل في أعقاب هجوم شنته روسيا بـ«مسيّرات انتحارية» خلال الليل. وكتب جينادي تروخانوف رئيس بلدية أوديسا على «فيسبوك»: «نظراً لحجم الضرر، تم قطع الكهرباء عن جميع المستخدمين في أوديسا باستثناء (مرافق) البنية التحتية الحيوية». وقال مستشار الرئاسة الأوكرانية كيريلو تيموشينكو على حسابه في «تليغرام»: «المدينة من دون كهرباء في الوقت الراهن». لكنه أفاد بأن البنى التحتية الأساسية، لا سيما المستشفيات وأقسام الولادة تتغذى بالكهرباء. وقال تيموشينكو: «لا يزال الوضع صعباً، لكنه تحت السيطرة».
ونشرت إدارة المدينة بياناً عبر تطبيق «تليغرام»، جاء فيه أن الضربات الروسية أصابت خطوطاً ومعدات رئيسية لنقل الطاقة بمنطقة أوديسا في الساعات الأولى من صباح أمس (السبت). وقال حاكم المنطقة ماكسيم مارتشينكو، إن روسيا استخدمت طائرات مسيرة انتحارية، التي تطير نحو هدفها بدلاً من إطلاق الذخائر، وإنه جرى إسقاط طائرتين فوق البحر الأسود. وكتب مارتشينكو على «تليغرام»: «نتيجة للقصف، لا توجد كهرباء في جميع المقاطعات والتجمعات (السكنية) بمنطقتنا تقريباً». وأضاف مارتشينكو أن وحدات الدفاع الجوي الأوكرانية أسقطت مسيّرتين. وأشارت كييف الجمعة، إلى أنّ مناطق جنوب البلاد التي مزقتها الحرب، وبينها أوديسا، تعاني أسوأ انقطاع للتيار الكهربائي بعد أيام على جولة الهجمات الروسية الأخيرة على شبكة الطاقة الأوكرانية. وكان عدد سكان أوديسا، أكبر مدينة ساحلية في أوكرانيا، يزيد على مليون نسمة قبل الاجتياح الروسي في 24 فبراير (شباط).
وأطلقت روسيا عشرات من صواريخ كروز على بنى تحتية رئيسية الاثنين، ما أدى إلى إجهاد شبكة البلاد المتعثرة بعد هجمات متكررة. وتعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مواصلة ضرب شبكة الطاقة الأوكرانية، على الرغم من انتقادات غربية شديدة للهجمات المنهجية التي أغرقت الملايين في البرد والظلام. وكان ميناء أوديسا على البحر الأسود وجهة مفضلة لكثير من الأوكرانيين والروس لقضاء العطل قبل بدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير. وذكر تحديث استخباراتي من وزارة الدفاع البريطانية أن إيران أصبحت واحدة من أكبر الداعمين العسكريين لروسيا، منذ أن غزت روسيا أوكرانيا في أواخر فبراير الماضي. ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أمس (السبت) عن الوزارة، مرددة مخاوف الولايات المتحدة، قولها إن روسيا تحاول الحصول على مزيد من الأسلحة، بما في ذلك مئات من الصوارخ الباليستية، بينما في المقابل ستقدم موسكو على الأرجح لإيران مستوى غير مسبوق من الدعم العسكري والتقني. وأضافت الوزارة أن روسيا من المرجح أن تكون قد استهلكت نسبة كبيرة من مخزونها من صواريخ «إس إس - 26 إسكندر» قصيرة المدى الباليستية.
وحولت روسيا أساليبها التكتيكية لاستخدام هجمات صاروخية واسعة، تستهدف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا منذ سبتمبر الماضي.
وحث رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، الدول الغربية، على البحث بشكل ضروري عما يمكنهم فعله أكثر لدعم أوكرانيا على أمل إنهاء الحرب العام المقبل على الأكثر، بحسب وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا). وكتب رئيس الوزراء السابق الذي أثنى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عليه بوصفه حليفاً رئيسياً للبلاد في حربها ضد روسيا، في مقال بصحيفة «وول ستريت جورنال»، أن «إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن هو في صالح الجميع بما في ذلك روسيا». وقال إنه في حين أن الالتزام المالي الهائل تجاه أوكرانيا «مؤلم» خلال فترة من القيود المفروضة على الميزانية، فإن «الوقت مال، وكلما طال هذا أكثر سوف ينتهي بنا الحال جميعاً بأن ندفع في صورة دعم عسكري».
وما زال جونسون مؤيداً صريحاً للجهود الأوكرانية منذ أن غادر المنصب في سبتمبر الماضي. وتعهد خلفه ريشي سوناك الذي زار كييف الشهر الماضي، مواصلة الدعم البريطاني لأوكرانيا. وكتب رئيس الوزراء السابق: «لا توجد صفقة أرض مقابل السلام لإبرامها، حتى إذا عرضها السيد بوتين وحتى إذا كان جديراً بالثقة، وهو ليس كذلك». وتابع: «حيث إن الحرب لا يمكن أن تنتهي سوى بطريقة واحدة، فالسؤال هو مدى سرعة الوصول إلى تلك النتيجة الحتمية».
وتستعد الولايات المتحدة لإرسال حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 275 مليون دولار إلى أوكرانيا تتيح لها قدرات جديدة لهزيمة الطائرات المسيرة وتعزيز دفاعاتها الجوية. ولم يتسنَّ تحديد المعدات المضادة للطائرات المسيرة ومعدات الدفاع الجوي المدرجة بالتفصيل. ومن المتوقع أيضاً أن تضم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في الحزمة؛ قذائف لمنظومة «هيمارس» الصاروخية التي تصنعها شركة «لوكهيد مارتن» وذخيرة من عيار 155 مليمتراً وعربات عسكرية من طراز «هامفي» ومولدات كهربائية، بحسب المصادر المطلعة والوثيقة. ولم يعلق البيت الأبيض على حزمة المساعدات، كما أحجم متحدث باسم مجلس الأمن القومي عن التعقيب. ويمكن أن تتغير محتويات وحجم حزم المساعدات حتى يوقعها الرئيس. وقال مسؤول كبير بالبنتاغون في نوفمبر (تشرين الثاني)، إن من أهداف تكثيف الضربات الصاروخية الروسية في أوكرانيا استنفاد إمدادات كييف من الدفاعات الجوية والهيمنة على الأجواء فوق البلاد. وللتصدي لهذه الهجمات، أرسلت الولايات المتحدة أنظمة «هيمارس» المتطورة المضادة للطائرات إلى أوكرانيا التي تشغلها منذ بضعة أسابيع. وأعلنت واشنطن أيضاً في وقت سابق، أنها سترسل صواريخ اعتراضية من طراز «هوك». كما أرسل حلفاء الولايات المتحدة أنظمة دفاع جوي. وأرسلت الولايات المتحدة ما تبلغ قيمته نحو 19.1 مليار دولار من المساعدات الأمنية إلى كييف منذ بداية الحرب. وصوت المشرعون الأميركيون الخميس، على منح أوكرانيا مساعدات أمنية إضافية العام المقبل بقيمة 800 مليون دولار على الأقل.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يزور تركيا «لإعادة إشراك الأميركيين في عملية السلام»

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ) play-circle

زيلينسكي يزور تركيا «لإعادة إشراك الأميركيين في عملية السلام»

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الثلاثاء، أنه سيتوجه إلى تركيا الأربعاء لمحاولة إحياء مفاوضات السلام، واستئناف عمليات تبادل الأسرى مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
الاقتصاد أشخاص يمرون أمام شعار شركة «لوك أويل» خلال معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول في أبوظبي (رويترز)

تراجع أسعار النفط مع استئناف الشحن في مركز روسي

تراجعت أسعار النفط، يوم الثلاثاء، مع انحسار المخاوف المتعلقة بالإمدادات بعد استئناف عمليات الشحن في مركز تصدير روسي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
أوروبا إيراستافيكا على الجانب البيلاروسي من معبر الحدود بين بولندا وبيلاروسيا كما شوهد من بوبرونيكي بولندا 17 نوفمبر 2025... بعد إعادة بولندا فتح معبر بوبرونيكي (رويترز)

بولندا تعيد فتح معبرَيْن على الحدود مع بيلاروسيا وسط مخاوف اقتصادية

أعادت بولندا، الاثنين، فتح معبرين حدوديين مع بيلاروسيا كانا قد أُغلقا وسط توترات مستمرة مع حكومة جارتها المتحالفة مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا رجل إطفاء في موقع مبانٍ سكنية استهدفتها الضربات الصاروخية الروسية في بلدة بالاكليا في منطقة خاركيف بأوكرانيا في 17 نوفمبر 2025 (رويترز)

المفوضية الأوروبية: أوكرانيا ستحتاج العام المقبل إلى 70 مليار يورو

أوردت وثيقة للمفوضية الأوروبية أن أوكرانيا ستحتاج العام المقبل إلى أكثر من 70 مليار يورو لتمويل حربها ضد موسكو.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
أوروبا سكان يتلقّون مساعدات إنسانية بالقرب من مبنى شقتهم الذي تضرر خلال ضربات صاروخية روسية في بلدة بالاكليا في منطقة خاركيف بأوكرانيا في 17 نوفمبر 2025 (رويترز)

مقتل 5 أشخاص بقصف روسي استهدف شرق أوكرانيا

قُتل 5 أشخاص على الأقل في ضربات روسية استهدفت شرق أوكرانيا، وفق ما أعلنت سلطات محلية، الاثنين، أشارت إلى وقوع أضرار جسيمة في مناطق سكنية، شملت روضة أطفال.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«العم سام» في الكاريبي... عودة إلى «دبلوماسية المدافع»

صورة وزّعتها وزارة الحرب الأميركية لحاملة الطائرات «فورد» وقوتها الضاربة في موقع غير محدد بالمحيط الأطلسي (أرشيفية - رويترز)
صورة وزّعتها وزارة الحرب الأميركية لحاملة الطائرات «فورد» وقوتها الضاربة في موقع غير محدد بالمحيط الأطلسي (أرشيفية - رويترز)
TT

«العم سام» في الكاريبي... عودة إلى «دبلوماسية المدافع»

صورة وزّعتها وزارة الحرب الأميركية لحاملة الطائرات «فورد» وقوتها الضاربة في موقع غير محدد بالمحيط الأطلسي (أرشيفية - رويترز)
صورة وزّعتها وزارة الحرب الأميركية لحاملة الطائرات «فورد» وقوتها الضاربة في موقع غير محدد بالمحيط الأطلسي (أرشيفية - رويترز)

توقّع العالم والمؤرّخ الفرنسي، ألكسيس دو توكفيل، في كتابه «الديمقراطيّة في أميركا»، أن قدر كل من روسيا وأميركا هو الصعود إلى قمّة الهرم بصفتها قوى عظمى. وهكذا حصل فعلاً. لكن مؤشرات - مُتطلّبات الصعود إلى القمّة تبدأ من تثبيت الداخل سياسيّاً، وتجميع عناصر القوّة للدولة وعلى رأسها القدرة العسكريّة، بالإضافة إلى العمق الجغرافيّ والديموغرافي، وأيضاً وجود قاعدة إنتاج داخليّة قادرة على حمل أعباء المشروع الإمبريالي. بعدها، يأتي الاهتمام بالمحيط المباشر، أو منطقة النفوذ. هذه هي مسارات صعود القوى العظمى.

بدأت ملامح صعود الولايات المتحدة الأميركية بصفتها قوّة عظمى، عندما بدأت تفكّر في منطقة نفوذ لها في محيطها المباشر. وعليه، كانت عقيدة الرئيس الأميركي، جيمس مونرو، عام 1823 والمتعلّقة بالبحر الكاريبيّ. هكذا تفكّر الصين حالياً في محيطها المباشر، بعد أن حضّرت الداخل، وامتلكت قاعدة متقدّمة ومتطوّرة للصناعات العسكريّة، وذلك بالإضافة إلى الاستقرار السياسيّ، كما أن اقتصادها يُصنّف على أنه الثاني في العالم بعد الاقتصاد الأميركي.

طائرات عسكرية أميركية على مدرج بقاعدة في بورتوريكو (أرشيفية - رويترز)

وبعد أكثر من قرنين من الزمن على عقيدة مونرو، تعود الولايات المتحدة إلى البحر الكاريبي، إلى المربّع الأول، حيث كانت انطلاقتها الأولى بصفتها قوّة عظمى. لكن هذه المرّة ليس ضدّ أوروبا. بل لاسترداد منطقة نفوذها في المحيط المباشر من المنافس الأول: الصين، وكذلك لرسم الصورة الجيوسياسيّة لأميركا اللاتينيّة، بما يتناسب مع الطموحات الأميركية الجديدة - القديمة. ناهيك عمّا تملك أميركا اللاتينيّة من ثروات طبيعيّة، دفعت الولايات المتحدة الأميركية لعدّها مسألة أمن قومي عليا.

لم تحشد الولايات المتحدة قدراً كهذا من القوى العسكريّة في البحر الكاريبيّ، منذ الأزمة الكوبيّة عام 1962؛ إذ يوجد حالياً هناك أكثر من 10 في المائة مما تملك أميركا من قطع بحريّة. هذا مع العلم، أن الأزمة الكوبيّة كانت قد تسببّت بها أميركا بعد فشل عملية «خليج الخنازير»، والتي هدفت إلى تغيير النظام في كوبا والإطاحة بفيدل كاسترو.

 

حشد هائل

لا يوجد تناسب (Proportionality) بين القوة الأميركية حول فنزويلا والأهداف المعلنة. فهل يتطلّب وقف تهريب المخدّرات إلى الداخل الأميركي من فنزويلا، نشر أكثر من 10 آلاف جندي من «المارينز» والوحدات الخاصة؟

وهل يتطلّب ذلك تحليق القاذفات الاستراتيجيّة من نوع «بي - 52» و«بي - 1» والقادرة على حمل رؤوس نوويّة؟

ترمب والعودة إلى يُسمّى «دبلوماسيّة المدفع» (أ.ف.ب)

هل يتطلّب الأمر توجيه أكبر حاملة الطائرات في العالم «جيرالد فورد» من أوروبا إلى البحر الكاريبي؟ هذا مع العلم أن هناك 3 مدمّرات تواكب الحاملة، وقادرة على إطلاق نحو 180 صاروخ «توماهوك». وكيف، ومتى، وضد ماذا ستُستعمل هذه القدرة النارية الضخمة؟

هل يتطلّب الأمر نشر غواصة نوويّة، كما تكليف «السي آي إيه» القيام بأعمال سريّة في الداخل الفنزويليّ؟ مع أن عمل «السي آي ايه» يجب أن يكون سريّاً بالمطلق، ولا ضرورة للإعلان عنه على وسائل التواصل الاجتماعيّ.

وهل تفجير قوارب تهريب المخدرات هو تكتيك يهدف إلى خدمة استراتيجيّة أكبر؟ وهل يمكن أن تُسحب هذه القوى بعد فترة دون تحقيق الأهداف؟ وكيف يُقاس النجاح وتنفيذ المهمّة؟

هل تهدف الاستراتيجيّة الأميركية إلى الضغط العسكريّ، كي تنقلب المؤسسة العسكريّة على الرئيس الفنزويلي؟ وهل سيكون هناك أعمال عسكريّة في الداخل الفنزويلي؟

هل تهدف الاستراتيجيّة إلى إكراه الرئيس الفنزويلي على الجلوس إلى طاولة التفاوض مع ترمب، لتوقيع صفقة تتعلّق بالطاقة؛ كون فنزويلا تملك أكبر احتياط نفط معروف في العالم، (303 مليارات برميل).

هل تهدف الاستراتيجيّة لإكراه الرئيس الفنزويلي على الجلوس إلى طاولة التفاوض؟ (إ.ب.أ)

هل يسعى الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى استرداد أميركا اللاتينيّة من كل من روسيا الصين، خاصة وأنها تقع ضمن منطقة القيادة الجنوبيّة الأميركية (Southcom)؟ وهل يستبق ترمب استراتيجية الدفاع الوطني المنتظرة، والتي قيل إنها تُركّز على الأمن الأميركي الداخلي، كما على المحيط المباشر؟

في هذا الإطار، تقول بعض المصادر المفتوحة إن الانتشار العسكري الأميركي حول فنزويلا، ومن الشرق إلى الغرب مروراً بالشمال، هو على الشكل التالي: في الشرق، توجد بعض القوات الأميركية في كل من كولومبيا، وبنما. في الشمال، هناك قاعدة غوانتانامو اللوجيستية في كوبا. في الشمال الغربيّ، يوجد في بورتوريكو قاعدتان، واحدة لوجيستيّة والأخرى فيها طائرات «إف - 35». أما من الغرب، فهناك قوات خاصة في غرانادا، ورادار مهم في ترينيداد وتوباغو.

طائرة أميركية من دون طيار (درون) قبل الإقلاع من قاعدة في بورتوريكو (أرشيفية - رويترز)

في الختام، ومن خلال السلوك الأميركي، قد يمكن القول إن الولايات المتحدة الأميركية قد عادت إلى المربّع الجيوسياسيّ الأول، أي منطقة النفوذ في المحيط المباشر. كما أنها عادت في الوقت نفسه إلى ما يُسمّى «دبلوماسيّة المدفع»، (Gunboat diplomacy)، خاصة ضد دول أميركا اللاتينيّة. لكن دبلوماسيّة المدفع، تهدف عادة إلى إظهار القوّة البحريّة، لكن من دون استعمالها بهدف انتزاع تنازلات من البلد المعنيّ.

حتى الآن، نحن في المرحلة الأولى من هذه الدبلوماسيّة (عرض العضلات). والهدف هو حتماً ليس الاجتياح، خاصة، وأن القوى البريّة الأميركية الموجودة لا تكفي. هذا بالإضافة إلى أن الغرق الأميركي في الكاريبيّ، سيكون حتماً على حساب مسارح أخرى في العالم خاصة حول الصين.


الصين تسعى لمزيد من التعاون مع روسيا في الطاقة والزراعة

رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين (يمين) يصافح نظيره الصيني لي تشيانغ (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين (يمين) يصافح نظيره الصيني لي تشيانغ (إ.ب.أ)
TT

الصين تسعى لمزيد من التعاون مع روسيا في الطاقة والزراعة

رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين (يمين) يصافح نظيره الصيني لي تشيانغ (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين (يمين) يصافح نظيره الصيني لي تشيانغ (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، يوم الاثنين، إن الصين مستعدة لتعميق التعاون مع روسيا في مجالات الطاقة والزراعة والاستثمارات الأخرى.

جاء ذلك خلال اجتماعه مع نظيره الروسي ميخائيل ميشوستين في موسكو، حيث نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن لي قوله لرئيس الوزراء الروسي إن الصين ترحّب بالمزيد من المنتجات الزراعية والغذائية من روسيا.

وقالت «شينخوا» في تقريرها نقلاً عن لي إن الصين تأمل أيضاً أن توفر روسيا المزيد من التسهيلات للشركات الصينية للاستثمار والعمل هناك.

أما ميشوستين فقال لرئيس الوزراء الصيني إن التعاون بين الجانبين أثبت مراراً صموده في وجه التحديات الخارجية.

وأضاف، وفق نص الاجتماع المنشور على الموقع الإلكتروني للحكومة الروسية: «تعاوننا في مجال الطاقة ذو طبيعة استراتيجية خاصة، ويشمل قطاعات النفط والغاز والفحم والطاقة النووية».

وأعلنت بكين وموسكو عن شراكة استراتيجية «بلا حدود» قبل أيام قليلة من إرسال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عشرات الآلاف من القوات الروسية إلى أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

والتقى الرئيس الصيني شي جينبينغ ببوتين أكثر من 40 مرة خلال العقد الماضي. وأشار بوتين في الأشهر القليلة الماضية علناً إلى الصين كحليف.


للمرة الأولى... العلم الفلسطيني يرفرف على مبنى بلدية تورونتو الكندية

رجل يتحدث أثناء تجمع الناس دعماً للفلسطينيين بينما يرفرف العلم الفلسطيني في تورونتو بكندا 17 نوفمبر 2025 (رويترز)
رجل يتحدث أثناء تجمع الناس دعماً للفلسطينيين بينما يرفرف العلم الفلسطيني في تورونتو بكندا 17 نوفمبر 2025 (رويترز)
TT

للمرة الأولى... العلم الفلسطيني يرفرف على مبنى بلدية تورونتو الكندية

رجل يتحدث أثناء تجمع الناس دعماً للفلسطينيين بينما يرفرف العلم الفلسطيني في تورونتو بكندا 17 نوفمبر 2025 (رويترز)
رجل يتحدث أثناء تجمع الناس دعماً للفلسطينيين بينما يرفرف العلم الفلسطيني في تورونتو بكندا 17 نوفمبر 2025 (رويترز)

رُفع العلم الفلسطيني على مبنى بلدية تورونتو، الاثنين، للمرة الأولى منذ اعتراف الحكومة الفيدرالية بدولة فلسطين في سبتمبر (أيلول).

وانضمت كندا إلى مجموعة من الدول الغربية، من بينها بريطانيا وفرنسا، في الاعتراف بدولة فلسطين خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، في خطوة أثارت غضب كل من إسرائيل والولايات المتحدة.

وبعد ذلك، نجح «المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين» (International Center Of Justice for Palestinians)، الذي ينتمي للمجتمع المدني، في تقديم التماس من أجل رفع العلم الفلسطيني على مبنى بلدية تورونتو، واصفاً الأمر بأنّه «خطوة رمزية للتضامن»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

أناس يتجمّعون دعماً للفلسطينيين بينما يرفرف العلم الفلسطيني في تورونتو بكندا 17 نوفمبر 2025 (رويترز)

وقالت بلدية تورونتو إنّها وافقت على الالتماس، إذ إنّ رفع العلم يأتي بعد اعتراف أوتاوا بـ«دولة فلسطين في 21 سبتمبر».

وأضافت أنّه سيتم إنزال العلم في وقت لاحق الاثنين. وقوبلت هذه الخطوة بجهود عديدة لمنعها.

وقال عضو مجلس مدينة تورونتو جيمس باستيرناك الأسبوع الماضي، إنه حث البلدية على «إلغاء القرار المثير للانقسام وغير المبرر» المتمثل بالسماح برفع العلم.

كذلك، حذّرت منظمة «بني بريث» البارزة في مجال الدفاع عن حقوق اليهود، من أن القرار «سيتسبب عن غير قصد في الانقسام والتوتر».

وأثناء الحدث الذي حضره مئات الأشخاص في وسط تورونتو، كان هناك عدد من المتظاهرين المؤيدين لإسرائيل. وقالت الشرطة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنّه تمّ توقيف شخص، ولكنها لم تقدّم أي تفاصيل إضافية.