الكونغو الديمقراطية: هل يضع «تدخل دولي» حداً للمعارك بين الحكومة والمتمردين؟

تنديد أممي واسع بـ«مجزرة كيشيشي»

صور أرشيفية لمتطوعين للقتال في الكونغو الديمقراطية ضد حركة «23 ‏مارس» المتمردة ‏(‏أ.ف.ب)‏
صور أرشيفية لمتطوعين للقتال في الكونغو الديمقراطية ضد حركة «23 ‏مارس» المتمردة ‏(‏أ.ف.ب)‏
TT

الكونغو الديمقراطية: هل يضع «تدخل دولي» حداً للمعارك بين الحكومة والمتمردين؟

صور أرشيفية لمتطوعين للقتال في الكونغو الديمقراطية ضد حركة «23 ‏مارس» المتمردة ‏(‏أ.ف.ب)‏
صور أرشيفية لمتطوعين للقتال في الكونغو الديمقراطية ضد حركة «23 ‏مارس» المتمردة ‏(‏أ.ف.ب)‏

جذبت المعارك في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، بين القوات الحكومية والمتمردين، اهتماماً عالمياً لافتاً، بعد مصرع مئات المدنيين، في قرية «كيشيشي» أواخر نوفمبر (تسرين الثاني) الماضي. وفيما نددت الأمم المتحدة بما اعتبرته «مذبحة»، طالب المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، بأن تظل أحداث الكونغو الديمقراطية مدرجة على جدول الأعمال، مبدياً نيته زيارتها قريباً.
وخلص تحقيق أولي للأمم المتحدة، الخميس، إلى أن «حركة 23 مارس» المتمردة، أعدمت 131 مدنياً على الأقل، وارتكبت جرائم اغتصاب وعمليات نهب، في 29 و30 نوفمبر، في قريتين في شرق جمهورية الكونغو. فيما أعلنت سلطات كينشاسا، أن نحو 300 شخص غالبيتهم من المدنيين، قتلوا في هجمات للمتمردين في قرية كيشيشي بشرق إقليم شمال كيفو. ونفت الحركة مسؤوليتها عن المجزرة.
و«حركة 23 مارس»، هي مجموعة تمرّد يهيمن عليها التوتسي الكونغوليون. وقد هُزمت عام 2013، لكنها استأنفت القتال نهاية العام الماضي، واحتلّت أجزاء كبيرة من الأراضي في شمال غوما، عاصمة مقاطعة شمال كيفو.
وتتهم الكونغو الديمقراطية دولة رواندا المجاورة بدعم الحركة، وهو ما أشار إليه خبراء من الأمم المتحدة ومسؤولون أميركيون في الأشهر الأخيرة. لكن كيغالي تنفي ذلك وتتهم كينشاسا في المقابل بالتواطؤ مع القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وهم متمردون هوتو روانديون تمركزوا في الكونغو الديمقراطية منذ الإبادة الجماعية للتوتسي في 1994 في رواندا.

وندد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، بما أسماها «المجزرة المروعة» بحق مدنيين في كيشيشي، مبديا نيته زيارة هذا البلد العام المقبل. وقال تورك خلال مؤتمر صحافي، الجمعة في جنيف: «هناك حاجة فعلية لوضع حد لهذه المعارك الجارية في أنحاء مختلفة من البلاد، وخصوصاً في شمال كيفو. المدنيون هم الذين يعانون منها دائماً».
وأضاف تورك: «علينا أن نتثبت من أن جمهورية الكونغو الديمقراطية تبقى مدرجة على جدول الأعمال، لا سيما على صعيد حقوق الإنسان. هذا مهم للغاية».
وسبق أن أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في بيان، عن «تنديده الشديد» بالمجزرة، و«حض حركة إم 23 وكل المجموعات المسلحة الأخرى على وقف الهجمات فوراً، وإلقاء السلاح بلا شروط».
والشهر الماضي، وقعت قيادات أفريقية، اتفاقاً بوقف إطلاق النار في شرق الكونغو الديمقراطية، غير أن الهدنة لم تتحقق في ظل هجمات متبادلة.
ويعد الصراع في شرق الكونغو الديمقراطية «معقداً ومتشابك الأطراف» تتداخل فيه عوامل جيوسياسية واقتصادية، فهو ممتد منذ أكثر من عقدين من الزمان، وهناك العديد من الحركات المسلحة في شرق الكونغو وليست حركة 23 مارس فقط، كما تشير ريم أبو حسين، الباحثة المتخصصة في الشأن الأفريقي.
وتشترط الخبيرة في الشؤون الأفريقية، في تصريحات مع «الشرق الأوسط»، لإحلال السلام في تلك المنطقة وجود «دعم دولي وإقليمي للتوصل إلى حلول يتم تنفيذها على أرض الواقع بمتابعة أممية ودولية وإقليمية».

ولتحقيق ذلك -كما ترى أبو حسين- يجب البدء في مباحثات مطولة مع جميع الأطراف المتورطة في الصراع، سواء الحكومة أو الحركات المسلحة بأشكالها أو الأطراف الإقليمية المتهمة بدعم بعض الحركات مثل رواندا، والتي اتهمت في نفس الوقت الكونغو وجماعات مسلحة أخرى بمهاجمتها، وبالتالي هناك رواية ورواية مضادة... لذلك الأفضل للجميع الجلوس في مفاوضات للتوصل لاتفاق سلام شامل يتيح نزع أسلحة كافة الجماعات المسلحة مع انخراط أعضائها في الجيش الوطني الكونغولي، على غرار ما حدث في بلدان أفريقية أخرى، مثل موزمبيق، وإلزام دول الجوار بعدم التدخل في الشأن الكونغولي، والاتفاق على استفادة السكان المحليين من موارد المنطقة الغنية في شرق الكونغو؛ حتى لا تقع ضحية جماعات مسلحة أخرى.
وفي حال التوصل إلى اتفاق، شددت أبو حسين على ضرورة متابعة تنفيذه حتى يلقى مصير محادثات عام 2013، التي باءت بالفشل عند التنفيذ رغم رعاية كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي والأوروبي لها.
في السياق ذاته، طالب رامي زهدي، خبير الشؤون الأفريقية في مركز «إيچيبشن إنتربرايز» للدراسات الاستراتيجية، بـ«تدخل دولي جاد ومؤثر، وليس شكلياً فقط»؛ كون التوتر في هذه المنطقة من العالم «سوقاً ينتقل ككرة اللهب إلى نطاقات جغرافية أبعد، تصل إلى أوروبا ذاتها»، على حد قوله.
وأضاف زهدي، لـ«الشرق الأوسط»، «وبالتوازي مع تداول خطط لتسوية سياسية وعسكرية وأمنية، تحتاج القوات الدولية والحكومة المحلية مزيداً من الدعم المالي واللوجستي والعسكري والأمني».


مقالات ذات صلة

هل يُسهم الدعم الدولي في استعادة الكونغو الديمقراطية استقرارها؟

العالم هل يُسهم الدعم الدولي في استعادة الكونغو الديمقراطية استقرارها؟

هل يُسهم الدعم الدولي في استعادة الكونغو الديمقراطية استقرارها؟

تأمل الكونغو الديمقراطية (شرق أفريقيا)، في استعادة حالة الاستقرار الأمني، اعتماداً على دعم دولي، قد يُسهم في تعزيز منظومتها العسكرية، في مواجهة جماعات مسلحة تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي، خاصة شرق البلاد. و(السبت) تعهد صندوق النقد الدولي، بالمساهمة في تحديث القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم تجدد أعمال القتل في شرق الكونغو يثير المخاوف أممياً

تجدد أعمال القتل في شرق الكونغو يثير المخاوف أممياً

أكدت الأمم المتحدة ومنظمة «معاهدة احترام حقوق الإنسان» المحلية، الخميس، أن متطرفين من «القوى الديمقراطية المتحالفة» مع تنظيم «داعش» نفذوا عمليات قتل جديدة أوقعت في 2 أبريل (نيسان) الحالي، و3 منه، أكثر من 30 قتيلاً في مقاطعة إيتوري بشمال شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقال منسق «معاهدة احترام حقوق الإنسان» كريستوف مونياندرو للصحافيين، إن رجالاً ونساء وأطفالاً قتلوا على أيدي تنظيم «القوى الديمقراطية المتحالفة» بين إقليمي إيرومو ومامباسا في إيتوري.

علي بردى (واشنطن)
العالم «داعش» يتبنى هجوماً أسفر عن مقتل 35 شخصاً في شرق الكونغو

«داعش» يتبنى هجوماً أسفر عن مقتل 35 شخصاً في شرق الكونغو

قالت وكالة إخبارية تابعة لـ«داعش» أمس (الجمعة) إن التنظيم أعلن مسؤوليته عن هجوم استهدف قرية موكوندي الواقعة على بعد نحو 30 كيلومترا إلى الجنوب من مدينة بيني بإقليم نورث كيفو في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفقاً لما نقلته وكالة «رويترز». كان متحدث باسم الجيش قال يوم الخميس إن متشددين قتلوا 35 شخصاً على الأقل في هجوم على القرية ليلا ردا على حملة للجيش على أنشطة المتمردين. وأوضح المتحدث أنتوني موالوشاي أن المهاجمين ينتمون إلى «القوات الديمقراطية المتحالفة»، وهي جماعة مسلحة أوغندية تنشط في شرق الكونغو أعلنت الولاء لتنظيم «داعش» وتشن هجمات متكررة على القرى.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
أفريقيا مسلّحون من بينهم أطفال ينتمون إلى جماعة «الشباب» الإرهابية في شمال الصومال (أ.ب)

الأزمات السياسية والاقتصادية تُفاقم «تجارة الأطفال» في أفريقيا

أعادت محاكمة 8 كرواتيين في زامبيا الحديث حول تفاقم ظاهرة «تجارة الأطفال» في القارة الأفريقية، عبر وسائل متنوعة، بينها عمليات «التبني المشبوهة»، وتجنيد الأطفال في الجماعات المتطرفة، في ظل رصد لمنظمات دولية متخصصة رواج تلك التجارة غير المشروعة، مع تنامي الصراعات السياسية وغياب الفرص الاقتصادية والاجتماعية بغالبية دول القارة. ويُترقب في زامبيا محاكمة 8 أزواج كرواتيين، في الأول من مارس (آذار) المقبل، بتهمة «الاتجار بالأطفال»، بعدما ألقت السلطات القبض عليهم في ديسمبر (كانون الثاني) الماضي، وبحوزتهم «وثائق مزيّفة» تقدموا بها لتبنّي أطفال من جمهورية الكونغو الديمقراطية.

مروى صبري (القاهرة)
أفريقيا تظاهرة سابقة تطالب برحيل القوات الفرنسية عن بوركينا فاسو قبل الإعلان رسمياً عن خروج هذه القوات (رويترز)

فرنسا تتجه إلى وسط أفريقيا بعد «خسائرها» غرباً

يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، القيام بجولة أفريقية الأسبوع المقبل تشمل أربع دول في وسط القارة السمراء؛ بهدف تعزيز التعاون معها، فيما تعاني باريس من تدهور في علاقاتها بمستعمراتها السابقة في غرب أفريقيا، والذي ترتب عليه إنهاء الوجود العسكري الفرنسي ببعض تلك الدول، وسط تنافس روسي - غربي. وتمتد جولة ماكرون من الأول حتى الخامس من مارس (آذار)، وتشمل حضور قمة مخصصة لحماية الغابات الاستوائية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.