احتجاجات أزمة المحروقات تمتد إلى ريف دمشق وحمص

تراجع كبير في حركة السيارات... والعاصمة مدينة أشباح ليلاً

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها مدينة السويداء جنوب سوريا يوم الأحد الماضي (السويداء 24 - رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها مدينة السويداء جنوب سوريا يوم الأحد الماضي (السويداء 24 - رويترز)
TT

احتجاجات أزمة المحروقات تمتد إلى ريف دمشق وحمص

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها مدينة السويداء جنوب سوريا يوم الأحد الماضي (السويداء 24 - رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها مدينة السويداء جنوب سوريا يوم الأحد الماضي (السويداء 24 - رويترز)

امتدت الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها مدينة السويداء، جنوب سوريا، تنديداً باشتداد أزمة المحروقات وتدهور الوضع المعيشي، إلى ريف العاصمة دمشق ووسط البلاد.
وأكدت مصادر أهلية لـ«الشرق الأوسط» أنه في اليوم الذي انتفض فيه الأهالي بمدينة السويداء، يوم الأحد الماضي، قام عشرات من أهالي منطقة «السيدة زينب» التي تعدّ أكبر معقل للميليشيات المرتبطة بإيران في ريف دمشق الجنوبي وتبعد عن مركز العاصمة نحو 7 كيلومترات فقط، بقطع طريق مطار دمشق الدولي تنديداً بعجز النظام عن توفير المحروقات. وقالت المصادر: «تعطلت أعمال المواطنين بسبب عدم وجود وسائل نقل (باصات وسيارات أجرة - سرفيس) للوصول إلى أماكن العمل، كما حُرم الطلاب من الذهاب إلى جامعاتهم نتيجة غياب المواصلات. أما الأسعار فارتفعت بشكل جنوني. وكل ذلك جاء نتيجة عجز الحكومة عن توفير البنزين والمازوت».
وأضافت المصادر ذاتها أن «عشرات المواطنين تجمعوا على طريق المطار في المنطقة المحاذية للسيدة زينب، وقطعوا الطريق، فتدخلت عناصر من الأجهزة الأمينة وفضت التجمع الذي استمر بين 10 دقائق و15 دقيقة».
ولم تقتصر الاحتجاجات على «السيدة زينب»؛ بل امتدت إلى ريف العاصمة الشمالي الغربي؛ إذ أكدت مصادر أهلية لـ«الشرق الأوسط» أن حالة احتقان عمت مدينة قدسيا، شمال غربي دمشق، بسبب عجز الحكومة عن توفير الوقود وتعطل أعمال الأهالي. وكشفت المصادر أن أفراداً من ميليشيا «الدفاع الوطني» الموالية للنظام أطلقوا الرصاص على دورية تتبع جهاز الأمن السياسي أثناء مرورها في أحد شوارع المدينة، احتجاجاً على اشتداد أزمة المحروقات وعدم إيجاد حل لها من قبل الحكومة، وذلك في اليوم التالي لاحتجاجات السويداء.
واتسعت رقعة الاحتجاجات لتصل إلى وسط البلاد، حيث شهد موقف حافلات النقل في حي الحضارة بمدينة حمص في اليوم نفسه الذي خرج فيه الأهالي بالسويداء، تجمعاً للعشرات من الأهالي الذين طالبوا الحكومة بالإسراع في توفير الوقود للسيارات والسكان.
ومنذ فرض الولايات المتحدة ودول غربية أخرى عقوبات اقتصادية ضد النظام السوري خلال سنوات الحرب؛ أبرزها «قانون قيصر» الأميركي، عانت مناطق سيطرة حكومة الرئيس بشار الأسد من أزمات عدة مرتبطة بعدم توافر المحروقات. لكن الأزمة الحالية تعد الأشد؛ إذ تسببت في حالة شلل شبه تام في الطرقات وعدد من المؤسسات الحكومية، وارتفاع كبير في أجور النقل والمواصلات، فيما ضرب الركود معظم الأسواق، إضافة إلى تسببها في موجة ارتفاع جديدة في أسعار معظم المواد الغذائية والخضراوات.
ومع عجز النظام عن إيجاد حل لأزمة المحروقات الحالية، ذكرت وكالة «سانا» الرسمية، الثلاثاء الماضي، أن رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس أصدر بلاغاً بتعطيل الجهات العامة ليومين يصادفان يوم أحد (11 و18 ديسمبر/ كانون الأول الحالي)، علماً بأن يومي العطلة الأسبوعية الرسمية في مناطق سيطرة النظام هما الجمعة والسبت.
ورصدت «الشرق الأوسط» تراجع حركة السيارات في الطرقات الرئيسية وسط دمشق بنسبة كبيرة؛ مقارنة بما كانت عليه الحال قبل أزمة المحروقات الجديدة، فيما عمد كثير من أصحاب السيارات إلى ركنها في الطرقات أمام منازلهم لعدم توافر البنزين والمازوت لاستخدامها.
وفي حين يخيّم ظلام دامس على أحياء وشوارع دمشق مع حلول الليل وتتحول إلى مدينة أشباح بسبب طول فترة تقنين التيار الكهربائي، تراجعت إلى حد كبير أصوات ضجيج مولدات الكهرباء في الشوارع والأسواق بسبب عزوف عدد كبير من أصحاب المحال التجارية عن استخدامها لندرة الوقود وارتفاع ثمنه في السوق السوداء بشكل خيالي. ووصل سعر الليتر الواحد من البنزين إلى 20 ألف ليرة سورية، بعدما كان قبل الأزمة الحالية يباع بما بين 6 و8 آلاف، علماً بأن السعر الحكومي للمدعوم في محطات الوقود يبلغ 2500 ليرة لليتر، وغير المدعوم 4 آلاف، و«أوكتان 95» بـ4500 ليرة.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.