امتدت الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها مدينة السويداء، جنوب سوريا، تنديداً باشتداد أزمة المحروقات وتدهور الوضع المعيشي، إلى ريف العاصمة دمشق ووسط البلاد.
وأكدت مصادر أهلية لـ«الشرق الأوسط» أنه في اليوم الذي انتفض فيه الأهالي بمدينة السويداء، يوم الأحد الماضي، قام عشرات من أهالي منطقة «السيدة زينب» التي تعدّ أكبر معقل للميليشيات المرتبطة بإيران في ريف دمشق الجنوبي وتبعد عن مركز العاصمة نحو 7 كيلومترات فقط، بقطع طريق مطار دمشق الدولي تنديداً بعجز النظام عن توفير المحروقات. وقالت المصادر: «تعطلت أعمال المواطنين بسبب عدم وجود وسائل نقل (باصات وسيارات أجرة - سرفيس) للوصول إلى أماكن العمل، كما حُرم الطلاب من الذهاب إلى جامعاتهم نتيجة غياب المواصلات. أما الأسعار فارتفعت بشكل جنوني. وكل ذلك جاء نتيجة عجز الحكومة عن توفير البنزين والمازوت».
وأضافت المصادر ذاتها أن «عشرات المواطنين تجمعوا على طريق المطار في المنطقة المحاذية للسيدة زينب، وقطعوا الطريق، فتدخلت عناصر من الأجهزة الأمينة وفضت التجمع الذي استمر بين 10 دقائق و15 دقيقة».
ولم تقتصر الاحتجاجات على «السيدة زينب»؛ بل امتدت إلى ريف العاصمة الشمالي الغربي؛ إذ أكدت مصادر أهلية لـ«الشرق الأوسط» أن حالة احتقان عمت مدينة قدسيا، شمال غربي دمشق، بسبب عجز الحكومة عن توفير الوقود وتعطل أعمال الأهالي. وكشفت المصادر أن أفراداً من ميليشيا «الدفاع الوطني» الموالية للنظام أطلقوا الرصاص على دورية تتبع جهاز الأمن السياسي أثناء مرورها في أحد شوارع المدينة، احتجاجاً على اشتداد أزمة المحروقات وعدم إيجاد حل لها من قبل الحكومة، وذلك في اليوم التالي لاحتجاجات السويداء.
واتسعت رقعة الاحتجاجات لتصل إلى وسط البلاد، حيث شهد موقف حافلات النقل في حي الحضارة بمدينة حمص في اليوم نفسه الذي خرج فيه الأهالي بالسويداء، تجمعاً للعشرات من الأهالي الذين طالبوا الحكومة بالإسراع في توفير الوقود للسيارات والسكان.
ومنذ فرض الولايات المتحدة ودول غربية أخرى عقوبات اقتصادية ضد النظام السوري خلال سنوات الحرب؛ أبرزها «قانون قيصر» الأميركي، عانت مناطق سيطرة حكومة الرئيس بشار الأسد من أزمات عدة مرتبطة بعدم توافر المحروقات. لكن الأزمة الحالية تعد الأشد؛ إذ تسببت في حالة شلل شبه تام في الطرقات وعدد من المؤسسات الحكومية، وارتفاع كبير في أجور النقل والمواصلات، فيما ضرب الركود معظم الأسواق، إضافة إلى تسببها في موجة ارتفاع جديدة في أسعار معظم المواد الغذائية والخضراوات.
ومع عجز النظام عن إيجاد حل لأزمة المحروقات الحالية، ذكرت وكالة «سانا» الرسمية، الثلاثاء الماضي، أن رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس أصدر بلاغاً بتعطيل الجهات العامة ليومين يصادفان يوم أحد (11 و18 ديسمبر/ كانون الأول الحالي)، علماً بأن يومي العطلة الأسبوعية الرسمية في مناطق سيطرة النظام هما الجمعة والسبت.
ورصدت «الشرق الأوسط» تراجع حركة السيارات في الطرقات الرئيسية وسط دمشق بنسبة كبيرة؛ مقارنة بما كانت عليه الحال قبل أزمة المحروقات الجديدة، فيما عمد كثير من أصحاب السيارات إلى ركنها في الطرقات أمام منازلهم لعدم توافر البنزين والمازوت لاستخدامها.
وفي حين يخيّم ظلام دامس على أحياء وشوارع دمشق مع حلول الليل وتتحول إلى مدينة أشباح بسبب طول فترة تقنين التيار الكهربائي، تراجعت إلى حد كبير أصوات ضجيج مولدات الكهرباء في الشوارع والأسواق بسبب عزوف عدد كبير من أصحاب المحال التجارية عن استخدامها لندرة الوقود وارتفاع ثمنه في السوق السوداء بشكل خيالي. ووصل سعر الليتر الواحد من البنزين إلى 20 ألف ليرة سورية، بعدما كان قبل الأزمة الحالية يباع بما بين 6 و8 آلاف، علماً بأن السعر الحكومي للمدعوم في محطات الوقود يبلغ 2500 ليرة لليتر، وغير المدعوم 4 آلاف، و«أوكتان 95» بـ4500 ليرة.
احتجاجات أزمة المحروقات تمتد إلى ريف دمشق وحمص
تراجع كبير في حركة السيارات... والعاصمة مدينة أشباح ليلاً
احتجاجات أزمة المحروقات تمتد إلى ريف دمشق وحمص
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة