تقرير حقوقي يوثق ارتكاب الحوثيين 1893 انتهاكاً ضد النساء

تنوعت بين القتل والاستغلال الجنسي والاختطاف والتعذيب

تصاعد وتيرة العنف ضد النساء اليمنيات (أ.ف.ب)
تصاعد وتيرة العنف ضد النساء اليمنيات (أ.ف.ب)
TT

تقرير حقوقي يوثق ارتكاب الحوثيين 1893 انتهاكاً ضد النساء

تصاعد وتيرة العنف ضد النساء اليمنيات (أ.ف.ب)
تصاعد وتيرة العنف ضد النساء اليمنيات (أ.ف.ب)

كشف تقرير حقوقي يمني حديث عن ارتكاب الميليشيات الحوثية أكثر من 1893 واقعة اختطاف وتعذيب واغتصاب ضد النساء منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بينهن قاصرات بسجون المباحث الجنائية التي تسيطر عليها الميليشيا، إضافة إلى سجون «الأمن والمخابرات».
وأكد «تحالف النساء من أجل السلام في اليمن» أنه رصد اختطاف 504 نساء في السجن المركزي بصنعاء، و 204 فتيات قاصرات بين سن الـ12 والـ18 عاماً، و283 حالة إخفاء قسري في سجون سرية تابعة لجماعة الحوثي، وصدور 193 حكماً غير قانوني بتهم التجسس والخيانة وتكوين شبكات دعارة والحرب الناعمة.
وفي تقريره الذي يصدر خلال الأيام المقبلة في لندن؛ وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه؛ يفيد التحالف الحقوقي بأن الانتهاكات بحق النساء تنوعت بين نفسية واجتماعية واقتصادية وجسدية، وبلغ بعضها حد القتل وتلفيق التهم الجنائية وغير الأخلاقية، وصدرت أحكام بالإعدام، مؤكداً أن معاناة النساء اليمنيات ستبقى ممتدة، لا سيما بمن خسرن أمنهن ومكانتهن الاجتماعية ولا يستطعن العودة لممارسة حياتهن الاجتماعية.
واتهم «التحالف» قادة ومشرفين حوثيين باغتصاب النساء في السجون، وتعريضهن لتعذيب جنسي، إضافة إلى القتل والتشويه، مشيراً إلى سلطان زابن الذي أعلن إعلام الميليشيات عن وفاته بفيروس «كورونا» بعد إصدار مجلس الأمن عقوبات ضده؛ نتيجة ممارساته بحق النساء في فبراير (شباط) من العام الماضي، في حين ترجح مصادر محلية مقتله بغارة لطيران التحالف.
وينوه التقرير بما يعرف بـ«جهاد التطهير» الذي نبه إلى أنه ممارسة تتشارك فيها ميليشيات الحوثي مع تنظيم «داعش» مع اختلاف المنظور وفق وصفه، حيث يجري اغتصاب النساء من قبل قادة حوثيين بحجة أن ذلك يعدّ تشريفاً لهن، وتطهيراً من الذنوب.
ومن أساليب التعذيب التي جاء ذكرها في التقرير؛ الضرب بالعصي وأسلاك الكهرباء والصفع على الوجوه، والخنق وكتم النفس والإيهام بالغرق، والوقوف لساعات طويلة فوق علب معدنية صغيرة مفتوحة، والتجويع والحرمان من الأكل والشرب لأيام، وخلع الأظافر والصعق الكهربائي، وتعليق الأيدي على السلالم، والعزل عن العالم الخارجي ومنع زيارة الأقارب لأسابيع طويلة.
ووفقاً للتقرير؛ أُجبرت النساء في السجون على قراءة وحفظ ملازم حسين الحوثي؛ مؤسس الميليشيات الحوثية، والاستماع إلى خطابات عبد الملك الحوثي القائد الحالي للميليشيات، ومشاهدة القنوات الإيرانية، وذلك بهدف غسل أدمغتهن وتغييب وعيهن، إضافة إلى تجنيد جاسوسات بينهن لمراقبتهن ومعرفة نياتهن والتطورات التي طرأت عليهن.
ومن التشهير إلى التحقير والازدراء؛ أجبرت الميليشيات المختطفات على زيارة قبر حسين الحوثي، وأجرت لهن فحص البكارة، ومارست بحقهن عمليات تشويه وحلق للشعر، ومنعتهن من الحصول على الخدمات الطبية، وتعمدت عدم توفير العزل للمصابات بأمراض وبائية ومعدية.
وتعرضت النساء الحوامل للتعذيب حتى إجهاضهن، وبعضهن جرى كيّ أجسادهن بالأسياخ، كما أُجبرت كثيرات على الاعتراف أمام الكاميرات بتهم ملفقة؛ بين ارتكاب جرائم جنائية، وممارسات غير أخلاقية، والتخابر مع دول التحالف.
واستغلت الميليشيات بعض المختطفات لتنفيذ مهام خاصة بالمقايضة مع إطلاق سراحهن، ومن ذلك الالتحاق بـ«كتائب الزينبيات» وممارسة التجسس، وأُجبرت كثيرات من العاملات في المؤسسات والمصالح الحكومية على العمل لصالحها أو ترك وظائفهن، ولم تنجُ حتى موظفات السجن المركزي من السجن والاختطاف.
وسجل «تحالف نساء من أجل السلام في اليمن»، و«رابطة حماية النساء المعنفات والناجيات من سجون الحوثي» 9 حالات لفتيات أعلنت الميليشيات أنهن انتحرن في السجن المركزي بالعاصمة صنعاء، واحتجاز 71 طفلاً مع أمهاتهم داخل السجون، وصدور أحكام غير قانونية بحق 93 امرأة، و5 أحكام بالإعدام.
ومن بين اللاتي تعرضن لعنف وانتهاكات الميليشيات 7 نساء من الطائفة البهائية، وامرأتان من الطائفتين المسيحية واليهودية، و184 من العاملات في الحقل الإنساني والحقوقي، إضافة إلى عارضة الأزياء انتصار الحمادي، و27 موظفة في جهاز الأمن السياسي، وجرى تسجيل إيقاف 114 امرأة عاملة في الإغاثة والتحقيق معهن، واختطاف وتوقيف 87 امرأة في طرق السفر بين المحافظات، بعضهن بحجة عدم وجود محرم برفقتهن. واتهم التحالف الميليشيات الحوثية بقتل كل من أسماء الجربي ونادية محسن في السجن المركزي بصنعاء. وتتعرض المختطفات لنهب متعلقاتهن الشخصية وإجبارهن على التنازل عن ممتلكاتهن وأموالهن لصالح الميليشيات.
وتحدث التقرير عن 57 حالة اغتصاب وتعذيب وعنف جنسي ارتكبتها الميليشيات، إضافة إلى اختطاف 74 فتاة من نازحات مديريتي عبس وحرض في مدينة حجة شمال غربي العاصمة صنعاء، و293 حالة إيقاف واحتجاز من أماكن عامة ومقاهٍ ومتنزهات بتهمة الفعل الفاضح.
وأصدرت أجهزة القضاء الخاضعة للميليشيات عشرات الأحكام بحق النساء، بينها 6 أحكام بالإعدام؛ أحدها رمياً بالرصاص مع التعزير بحق الناشطة الحقوقية زعفران زايد رئيسة «منظمة تمكين» بتهمة التخابر والتعاون مع دول التحالف، إضافة إلى أحكام بالسجن بحق أسماء العميسي، والإعدام ضد حنان الشاحذي وألطاف المطري.
وتوفي بسبب الإهمال في السجن المركزي بصنعاء طفل المختطفة دانيا علي المحتجزة بتهمة قتل مجهول، وصدر ضدها حكم بالإعدام عقب اتهامها إدارة السجن بقتل طفلها، في حين تواجه انتصار الحمادي وزميلتها يسرى أحمد يحيى الناشري حكماً بالسجن 5 سنوات، ومحلية عبد الوهاب البعداني 3 سنوات.
وأصدرت الميليشيات عبر أجهزة القضاء التي تديرها حكماً بالسجن على عزيزة أحمد؛ إثيوبية الجنسية، بعد مصادرة وإغلاق مطعم تابع لها وسط العاصمة صنعاء.
ووفقاً للتقرير؛ فقد جرى تزويج عدد من المختطفات القاصرات بقادة حوثيين بالإكراه.
وفند التقرير إعلان الميليشيات خلال عام 2019 عن ضبط أكثر من 400 شبكة دعارة، موضحاً أن المتهمات بعضوية تلك الشبكات هنّ من النساء المختطفات لدى الميليشيات، حيث لم يتم إعلان وجود ذكر واحد في تلك الشبكات، مما ينسف ادعاء وجودها.
وفسر التقرير ذلك الإجراء بسعي الميليشيات لتدمير مكانة وحياة النساء المتهمات بعضوية تلك الشبكات، خصوصاً في مجتمع محافظ مثل المجتمع اليمني، ليسهل تطويعهن وقيادتهن واستخدامهن في الأعمال القذرة للميليشيات؛ وفق وصف التقرير؛ الذي نقل عن بعضهن أنه تم إجبارهن على العمل في خدمة المقاتلين، إلى جانب الممارسات اللاأخلاقية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.