جنوب أفريقيا: هل ينجو سيريل رامافوزا من «فضيحة المزرعة»؟

الحزب الحاكم أعلن دعمه للرئيس... والمعارضة تطالب باستقالته

رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا (رويترز)
رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا (رويترز)
TT

جنوب أفريقيا: هل ينجو سيريل رامافوزا من «فضيحة المزرعة»؟

رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا (رويترز)
رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا (رويترز)

يعيش الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامابوزا مأزقاً سياسياً كبيراً، على خلفية اتهامات له بإخفاء مبلغ ضخم من العملات الأجنبية والتغطية على سرقة تلك الأموال. ويختلف مراقبون ومحللون حول مصير الرئيس الذي قد ينتهي به الأمر مثل سلفه جاكوب زوما.
وزعم مدير الاستخبارات السابق آرثر فريزر، وهو أحد المستشارين السياسيين المقربين من رامابوزا، أنه جلب «مبالغ ضخمة» في هيئة دولارات أميركية للرئيس مقابل صفقة بيع جاموس ثم أخفى الأموال في أريكة في منزل رامابوزا، قبل أن ينقل الأموال إلى مزرعة دواجن يملكها رامابوزا.
يقول فريزر، كل ذلك تم بـ«كامل علم وموافقة رامابوزا. الاتهامات تم تضمينها في شكوى تتهم الرئيس بعدم إبلاغ الشرطة أو مصلحة الضرائب بالواقعة، ثم شهادة أدلى بها فريزر أمام وكالات إنفاذ القانون، وضُمّنت في تقرير لجنة الخبراء الذي كان يعتزم البرلمان مناقشته، ثم قام بتأجيل المناقشة بعد أن قدم الرئيس طعناً أمام المحكمة الدستورية.
وأدان تقرير أعدته لجنة تحقيق برلمانية الأسبوع الماضي، سيريل رامابوزا. وبحسب التقرير، انتهك الرئيس الذي يتولى منصبه منذ عام 2018، قانون مكافحة الفساد والدستور. وشكّل لجنة التحقيق البرلمان ورأسها وزير العدل السابق سندايل نكوبو، وبحثت في اتهامات، من بينها غسل الأموال وانتهاك قوانين الضرائب ومراقبة النقد الأجنبي في البلاد.
وأبلغ الرئيس، وهو أيضاً رجل أعمال ومليونير ناجح، عن السرقة، ولم يبلغ عن اختفاء الأموال. وفي ردّه على الاتهامات، قال، إن «المبلغ محل الاتهام ليس ملايين، بل آلاف، وإنه كان قد جناه من بيع حيوانات من مزرعته الخاصة في 2020»، مشيراً إلى أنه «اتّبع الإجراءات الملائمة في الإبلاغ عن الجريمة، ونفى انتهاك أي قوانين».
وقدم رامابوزا أوراقاً قضائية للطعن في تقرير لجنة خبراء. وبحسب موقع «أفريكا نيوز»، أظهرت نسخة من أوراق المحكمة التي قدمها محامو رامابوزا في المحكمة الدستورية، أن رامابوزا طالب بـ«مراجعة تقرير اللجنة وإعلان عدم شرعيته وإلغائه»، وأنه يطالب كذلك بـ«إعلان أي خطوات يتخذها مجلس النواب في البرلمان بشأن تقرير اللجنة، غير قانونية وباطلة».
وبحسب تقارير صحافية، ذكر رامابوزا في مذكرة من 138 صفحة، أن الحيوانات تم بيعها مقابل 580 ألف دولار نقداً فقط، وليس ملايين الدولارات، للسوداني مصطفى محمد إبراهيم حازم. وأضاف الرئيس، أن «مدير المزرعة وضع الأموال في خزانة، ونقلها لاحقاً إلى أريكة في غرفة نوم احتياطية داخل مقر إقامته الخاص؛ نظراً لاعتقاده أنه مكان آمن لا يمكن اقتحامه».
وأفاد متحدث باسم رئاسة جنوب أفريقيا، بأن رامابوزا «لن يستقيل من منصبه، بسبب تقرير تشوبه العيوب».
وعقب تعيينه عام 2014 نائباً للرئيس السابق جاكوب زوما، أعلن رامابوزا تخليه عن إدارة أنشطته التجارية؛ تجنباً لتضارب المصالح. وقبل انتخابه رئيساً من قِبل البرلمان عقب فوزه في اقتراع داخلي بأغلبية بسيطة، من قِبل حزب الزعيم الراحل نيلسون مانديلا (حزب المؤتمر الوطني الأفريقي)، خاض رامابوزا حملته الانتخابية حاملاً شعار مكافحة الفساد.
وقرر برلمان جنوب أفريقيا، أمس، تأجيل التصويت على إجراءات عزل رئيس البلاد سيريل رامابوزا لمدة أسبوع، بعد أن كان من المقرر إجراء التصويت الذي قد يؤدّي إلى إقالته، وهو ما يتطلب موافقة ثلثي أعضاء المجلس. وأعرب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم عن دعمه لرامابوزا، الاثنين، وأعلن أنه سيصوّت ضد إجراءات عزله.
وعقب صدور التقرير الذي يُدين رامابوزا، توالت ردود الفعل من مختلف الأحزاب السياسية في البلاد. وقالت الوزيرة في الحكومة الحالية نكوسانزا دلاميني - زوما في تغريدة مساء اليوم (الأربعاء)، بعد صدور تقرير اللجنة «على الرئيس التنحي الآن والرد بخصوص القضية».
ومن ناحيته، قال حزب «مقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية» اليساري المعارض «أفضل طريق أمام الرئيس هي الاستقالة فوراً». ودعا «التحالف الديمقراطي»، أكبر أحزاب المعارضة، إلى إجراء انتخابات مبكرة في وقت تشهد البلاد «تحولاً جذرياً» في سياساتها.
يُذكر، أن توصيات اللجنة التي أدانت رامابوزا ليست ملزمة للبرلمان. وفي حال قرر المشرعون المضي قدماً في عملية عزل الرئيس، فستكون المرحلة التالية هي إنشاء لجنة عزل تتمتع بصلاحيات أكبر بكثير من لجنة الخبراء، وستكون لها سلطة التوصية بعزل رامابوزا من منصبه.
وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، قال عطية عيسوي، الخبير في الشؤون الأفريقية «مسألة إعلان الحزب عن دعم الرئيس لا تنفي وجود جناح قوي داخل الحزب يعارضه». ويضيف «ثمة احتمالان. إمّا أن يساند الحزب رامابوزا ويتوحد خلفه في مواجهة الاتهامات، وذلك هو الاحتمال الأرجح بسبب معاناة الحزب أساساً من تراجع شعبيته»، أو أن «يترك الحزب الحرية لنوابه، ووقتها يمكن أن تشكل جبهة المعارضة من داخل الحزب مع الأحزاب المعارضة جبهة تسقط الرئيس في الاستجواب البرلماني».
ويشير عيسوي إلى أن الحزب الحاكم الذي كان يتمتع بشعبية كاسحة منذ حكم الزعيم الراحل نيلسون مانديلا «يعاني الآن بشدة من تراجع الشعبية ويملك أغلبية برلمانية هشة لا تزيد على 56 في المائة، وقد تطيح الاتهامات الحالية، حتى لو لم يتم إقرارها من المحكمة الدستورية والبرلمان، ببقية تلك الشعبية». ويُرجع عيسوي هذا التراجع إلى «تفشي البطالة والفساد وسوء الخدمات الصحية للفقراء وإدانة مسؤولين عديدين بالحزب، ومنهم الرئيس السابق جاكوب زوما في اتهامات فساد».
بدوره، قال كيث جود شوك، الباحث في قسم الدراسات السياسية في جامعة «ويسترن كيب» لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «معظم أحزاب المعارضة في البلاد تطالب الآن باستقالة الرئيس، وتطالب بانتخابات مبكرة؛ لأنها تشعر أن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم سيفقد بعض أصواته، وتأمل أن بعض هذه الأصوات على الأقل سوف تذهب إليهم». ويضيف «أوصت الدوائر العليا للحزب نواب الحزب بمساندة الرئيس عبر رفض تقرير اللجنة القضائية والتقدم بطلب لمراجعة قضائية للتقرير».
وقال جود شوك «الأغلبية النيابية في هذا الاتجاه مضمونة وسيبقى الرئيس على رأس السلطة وعلى رأس الحزب». ويتابع «على المستوى الشعبي وداخل أروقة الحزب الحاكم، يُنظر إلى رامابوزا، على أنه يقود الحملة الحكومية ضد الفساد وجاءت أكبر الدعوات لاستقالة رامابوزا من أولئك الذين يخضعون لتحقيقات بتهم الفساد».
ويتولى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي مقاليد الحكم في البلاد منذ أكثر من ربع قرن، ويتمتع بالأغلبية المطلقة في البرلمان. وكان من المقرر أن يخوض رامابوزا انتخابات رئاسة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في 16 ديسمبر (كانون الأول)، وهو منصب يضمن ولاية أخرى له رئيساً للبلاد.
وتولى رامابوزا السلطة بعد جاكوب زوما الذي شهد عهده فضائح فساد. ونجا زوما من ثلاثة إجراءات عزل إلى أن أرغمه حزبه على الاستقالة بسبب فضيحة فساد في العام 2018.


مقالات ذات صلة

جنوب أفريقيا: الفساد والاقتصاد المتردّي يهددان شعبية «المؤتمر»

العالم جنوب أفريقيا: الفساد والاقتصاد المتردّي يهددان شعبية «المؤتمر»

جنوب أفريقيا: الفساد والاقتصاد المتردّي يهددان شعبية «المؤتمر»

جددت تصريحات مسؤول سابق في شركة «الكهرباء الوطنية» الحديث حول تفشي الفساد في جنوب أفريقيا، وسط «تراجع في شعبية» حزب المؤتمر الحاكم، بحسب مراقبين، ما قد يهدد حظوظه في الانتخابات العامة المقبلة المقرر إجراؤها العام القادم. وفي تقرير قدمه إلى اللجنة الدائمة للحسابات العامة بالبرلمان (SCOPA)، قال الرئيس التنفيذي السابق لشركة الطاقة المملوكة للدولة في جنوب أفريقيا، أندريه دي رويتر، (الأربعاء)، إن مليار راند (55 مليون دولار) تسرق من شركة الكهرباء الحكومية الوطنية «إسكوم» كل شهر.

العالم جنوب أفريقيا لن تنسحب من «الجنائية الدولية» وتتحدث عن «خطأ» في التواصل

جنوب أفريقيا لن تنسحب من «الجنائية الدولية» وتتحدث عن «خطأ» في التواصل

أعلنت رئاسة جنوب أفريقيا، أمس (الثلاثاء)، أن البلاد لن تنسحب من المحكمة الجنائية الدولية، متحدثةً عن «خطأ» في التواصل من جانب الحزب الحاكم بشأن مذكرة توقيف الرئيس فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا. وقالت الرئاسة مساء أمس، إنها «تود أن توضح أن جنوب أفريقيا لا تزال موقّعة على نظام روما الأساسي»، مضيفةً أن «هذا التوضيح يأتي بعد تعليقٍ خاطئ حصل خلال مؤتمر صحافي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي» الحاكم. وقبل هذا التوضيح، كان رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا قد أعلن (الثلاثاء)، أن حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» الحاكم الذي يتزعمه، يطالب بانسحاب بلاده من المحكمة الجنائية الدولية. وقال راما

«الشرق الأوسط» (جوهانسبورغ)
العالم مقتل 10 في إطلاق نار بجنوب أفريقيا

مقتل 10 في إطلاق نار بجنوب أفريقيا

قالت شرطة جنوب أفريقيا اليوم (الجمعة)، إن تقارير أولية تشير إلى مقتل 10 أشخاص من عائلة واحدة في إطلاق نار بمدينة بيترماريتسبرج بإقليم كوازولو ناتال، حسبما أفادت به وكالة «رويترز» للأنباء. وقالت وزارة الشرطة في بيان: «وفقاً لتقارير أمنية أولية، اقتحم مسلحون مجهولون منزلاً ومنطقة محيطة به في بيترماريتسبرج ونصبوا كميناً للعائلة. أصيبت 7 نساء و3 رجال بجروح أودت بحياتهم خلال إطلاق النار». وأضاف البيان أن وزير الشرطة بيكي سيلي وكبار قادة جهاز الأمن في البلاد سيتوجهون لموقع الجريمة في وقت لاحق اليوم.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبورغ)
العالم جنوب أفريقيا: السماح للمستقلين بخوض الانتخابات يُربك حسابات السياسيين

جنوب أفريقيا: السماح للمستقلين بخوض الانتخابات يُربك حسابات السياسيين

فيما تشهد شعبية حزب «المؤتمر» الحاكم في جنوب أفريقيا تدنياً غير مسبوق، أتى قانون يسمح للمستقلين بخوض الانتخابات، ليشكل تحدياً للقوى السياسية التقليدية بشكل عام. ووقَّع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الاثنين، على قانون يسمح للمرشحين المستقلين بخوض انتخابات المقاطعات والانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها العام المقبل.

الخليج محكمة في دبي تقرر عدم إمكانية تسليم الأخوين غوبتا إلى جنوب أفريقيا

محكمة في دبي تقرر عدم إمكانية تسليم الأخوين غوبتا إلى جنوب أفريقيا

قالت الإمارات، إن عبد الله النعيمي، وزير العدل في البلاد، أجرى اتصالاً هاتفياً مع رونالد لامولا، وزير العدل والإصلاحيات بجنوب أفريقيا؛ لمناقشة الحكم القضائي بشأن طلب تسليم المتهميْن أتول وراجيش كومار غوبتا، في ضوء قرار محكمة استئناف دبي عدم إمكانية تسليم الأخوين غوبتا إلى جنوب أفريقيا لعدم كفاية الوثائق القانونية فيما يتعلق بقضيّتيْن تتعلقان بغسل الأموال والاحتيال والفساد. وبحسب ما أوردته وكالة أنباء الإمارات (وام)، فإن قرار المحكمة بعدم إمكانية التسليم يأتي بعد عملية مراجعة قانونية شاملة ودقيقة، وجدت أن الطلب المقدّم لا يفي بالشروط والوثائق القانونية على النحو المُبيّن في اتفاقية التسليم الثن

«الشرق الأوسط» (دبي)

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.