الذهب والعقارات... «الملاذان الآمنان» للمصريين في مواجهة «تقلبات الجنيه»

من الطرق التي جرت توسعتها في المناطق العمرانية الجديدة بمصر (مجلس الوزراء المصري)
من الطرق التي جرت توسعتها في المناطق العمرانية الجديدة بمصر (مجلس الوزراء المصري)
TT

الذهب والعقارات... «الملاذان الآمنان» للمصريين في مواجهة «تقلبات الجنيه»

من الطرق التي جرت توسعتها في المناطق العمرانية الجديدة بمصر (مجلس الوزراء المصري)
من الطرق التي جرت توسعتها في المناطق العمرانية الجديدة بمصر (مجلس الوزراء المصري)

باتت متابعة أسعار الذهب إحدى انشغالات المصريين على مدى الأيام الماضية، فالقفزات المتوالية لأسعار بيع الذهب، وخصوصاً السبائك والجنيهات الذهبية، لفتت انتباه كثيرين، حتى ممن لا ينوون الشراء، أو لا يمتلكون القدرة على ذلك، إلا أنهم صاروا يتخذون من حركة أسعار الذهب مؤشراً لتحديد قيمة الجنيه، وسط تداول عديد من الأنباء غير المؤكدة رسمياً بشأن تحركات جديدة في أسعار صرفه.
وتشهد سوق العقارات نمواً مطرداً، وإن كان بدرجة أقل من تلك التي تشهدها سوق الذهب، وعزا مراقبون ومحللون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» ذلك النمو إلى «بحث المصريين عن ملاذ آمن لمدخراتهم النقدية، للحفاظ على القيمة الشرائية لها من تقلبات قيمة العملة المحلية».
وشهدت حركة الإقبال على شراء السبائك والجنيهات الذهبية إقبالاً كبيراً من المستهلكين خلال الأيام القليلة الماضية، على الرغم من الارتفاع الكبير في أسعار الذهب. وحسب تقديرات غير رسمية، ارتفع سعر الجنيه الذهب عيار 24 (الثلاثاء) ليقترب من 17 ألف جنيه (الدولار يساوي 24.6 جنيه)، بينما بلغ سعر غرام الذهب عيار 24 نحو 1950 جنيهاً، في حين بلغ سعر غرام الذهب عيار 21 (الأكثر تداولاً في الأسواق المصرية) نحو 1700 جنيه.
وامتنعت منصات تداول الذهب وأصحاب محال تجارة الذهب، منذ الاثنين، عن الإعلان عن أسعار الذهب بعد ارتفاعات وُصفت بـ«غير المبررة» في الأسعار، إلا أن تقارير إعلامية تتداول على مدار الساعة أسعاراً متقاربة للبيع، استناداً إلى مصادر عاملة بالسوق.
وأقر نادي نجيب، سكرتير عام شعبة الذهب بغرفة القاهرة التجارية سابقاً: «بوجود ارتفاع كبير للطلب على شراء السبائك والجنيهات الذهب، بشكل ملحوظ خلال الأيام القليلة الماضية، بغرض الاستثمار»، لافتاً إلى أن «الطلب على شراء المشغولات الذهبية يقل بصورة واضحة».
ويرجع نجيب السبب -خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»- إلى أن «الغرض الأول من نمو حركة الشراء هو الاستثمار، وليس الاقتناء من أجل الزينة»، موضحاً أن السبائك والجنيهات الذهبية تحتفظ بالقيمة النقدية للمشتري دون خصم ما تعرف بـ«المصنعية» أو قيمة تشكيل الذهب عند البيع. ويضيف أن «كثيراً من المتداولين يسارعون إلى شراء الذهب من أجل حماية قيمة مدخراتهم؛ خصوصاً إذا كانت في صورة سيولة نقدية، خشية حدوث تراجعات جديدة في قيمة الجنيه».
وارتفع سعر الذهب في مصر بنسبة تجاوزت 200 في المائة منذ بداية العام الجاري، وزاد سعر الغرام عيار 21 من 795 جنيهاً في نهاية عام 2021، في حين بلغ سعر أوقية الذهب عالمياً 1797 دولاراً، ما يعني أن السعر الطبيعي لغرام الذهب عيار 21 يدور في حدود 1300 أو 1400 جنيه.
وتزامنت الارتفاعات المطردة في أسعار بيع الذهب بالأسواق المصرية، مع ارتفاع متوسط سعر الدولار مقابل الجنيه في البنوك بنسبة 56.2 في المائة خلال الفترة نفسها، ليصل إلى 24.6 جنيه، حسب بيانات البنك المركزي.
وأرجع مستشار وزير التموين لشؤون صناعة الذهب في مصر، ناجي فرج: «الارتفاع الكبير في سعر الذهب الذي تشهده السوق المصرية حالياً إلى الإقبال الكبير على عمليات الشراء، كمدخرات وملاذ آمن».
وأوضح في تصريحات متلفزة أن «السبب يعود أيضاً لعدم استيراد الذهب من الخارج في الوقت الحالي»، مطالباً المواطنين بـ«التريث في شراء الذهب خلال الفترة الحالية، لحين استقرار الأسعار»، متوقعاً حدوث هدوء نسبي في أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، بعد انتهاء موجة الطلب التي دفعت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية.
في السياق ذاته، يمثل شراء العقارات ملاذاً أكثر أمناً لمن يمتلكون قدرة شرائية أكبر، ويخشون تقلبات الأسعار. فحسب محمود سمير، خبير التطوير والتسويق العقاري، فإن العقارات تمثل «مخزناً آمناً للقيمة» أكثر من الذهب؛ لأنها بطيئة التقلب، لافتاً إلى أن «السوق العقارية تشهد في الآونة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في الطلب؛ خصوصاً من العملاء الذين يحجزون بمقدمات بسيطة، ويشترون عقارات تحتفظ بالقيمة الشرائية عند تسلمها بعد عدة سنوات».
ويوضح سمير لـ«الشرق الأوسط» أن عديداً من العملاء الآن يشترون عقارات بمقدمات لا تتجاوز 10 في المائة من إجمالي السعر؛ لكنهم يدركون أن قيمة العقارات التي تبلغ حالياً مليون جنيه على سبيل المثال، سيتجاوز سعرها عند التسلم بعد عدة سنوات 3 أو 4 أضعاف ما دفعوه، وبالتالي فهم يضمنون قيمة مدخراتهم بعيداً عن تقلبات سعر العملة المحلية.
ويتابع القول بأنه «على الرغم من وجود ارتفاع في أسعار العقارات، فإن الإقبال على الشراء موجود بالشركات العقارية؛ خصوصاً أن ارتفاع الأسعار لا يتجاوز 10-15 في المائة، مقابل ارتفاعات أكبر لمعدلات التضخم، فالعقارات هي آخر من يستجيب لموجات التضخم؛ لكن أسعارها لا تتراجع بعد أي ارتفاع، وهو ما يجعلها دائماً ملاذاً آمناً ومخزناً للقيمة موثوقاً به لدى المصريين».


مقالات ذات صلة

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مسؤولو «مدن» الإماراتية و«حسن علام» المصرية خلال توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مشروع رأس الحكمة (الشرق الأوسط)

«مدن القابضة» الإماراتية توقع مذكرة تفاهم في البنية التحتية والطاقة بمشروع رأس الحكمة

وقعت «مدن القابضة» الإماراتية، اليوم الثلاثاء، مذكرة تفاهم مع مجموعة «حسن علام القابضة» المصرية، لتعزيز أفق التعاون في مشروع رأس الحكمة في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الشمس أثناء الغروب خلف أعمدة خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي (رويترز)

الربط الكهربائي بين مصر والسعودية يحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل الانقطاعات

ترى الشركة المنفذة لأعمال الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، أن الربط الكهربائي بين البلدين سيحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل من انقطاعات الكهرباء.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد اللواء الدكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء (الشرق الأوسط)

محافظ جنوب سيناء: نتطلع لجذب الاستثمارات عبر استراتيجية التنمية الشاملة

تتطلع محافظة جنوب سيناء المصرية إلى تعزيز موقعها كمركز جذب سياحي، سواء على مستوى الاستثمارات أو تدفقات السياح من كل أنحاء العالم.

مساعد الزياني (دبي)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.