تساؤلات حول دور إيطاليا في مكافحة «الإرهاب» بأفريقيا

رجل يشتبه في مشاركته بهجوم «إرهابي» تم إحباطه يرقد بلا حراك على الأرض بعد تعرضه للضرب من قبل حشد أمام قاعدة عسكرية في كاتي بمالي يوليو الماضي (أ.ف.ب)
رجل يشتبه في مشاركته بهجوم «إرهابي» تم إحباطه يرقد بلا حراك على الأرض بعد تعرضه للضرب من قبل حشد أمام قاعدة عسكرية في كاتي بمالي يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT
20

تساؤلات حول دور إيطاليا في مكافحة «الإرهاب» بأفريقيا

رجل يشتبه في مشاركته بهجوم «إرهابي» تم إحباطه يرقد بلا حراك على الأرض بعد تعرضه للضرب من قبل حشد أمام قاعدة عسكرية في كاتي بمالي يوليو الماضي (أ.ف.ب)
رجل يشتبه في مشاركته بهجوم «إرهابي» تم إحباطه يرقد بلا حراك على الأرض بعد تعرضه للضرب من قبل حشد أمام قاعدة عسكرية في كاتي بمالي يوليو الماضي (أ.ف.ب)

في ظل ما تشهده منطقة غرب أفريقيا والساحل الأفريقي من مواقف مناهضة للدور الفرنسي، تتحدث إيطاليا عن دور محتمل لقيادة جهود أوروبية في مكافحة الإرهاب في القارة.
ويقلل مراقبون وخبراء من قدرة إيطاليا على سد الفراغ الفرنسي عسكرياً، لكنهم يرون أنها قد تقدم مقاربة غير مباشرة في هذا السياق، عبر المسار الاقتصادي والتنموي.
وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، الأحد الماضي، إن بلادها «تستطيع قيادة مكافحة الإرهاب في أفريقيا وتعزيز التعاون والنمو الاقتصادي والتجاري بين الاتحاد الأوروبي ودول القارة».
وخلال حديثها، في النسخة الثامنة من ملتقى «حوارات المتوسط» السنوي في روما، قدمت ميلوني خطتها المسماة «خطة ماتي» لأفريقيا، قائلة: «إن الاستقرار والأمن في أفريقيا يعدان شرطاً مسبقاً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية» للدول الأوروبية والأفريقية معاً. وأكدت ميلوني أن إيطاليا «لا تريد أن تلعب دوراً جائراً، تجاه الدول الأفريقية، بل دوراً تعاونياً يقدر هويات وخصوصيات الأمم الأفريقية».
وأكدت ميلوني أن أولويات السياسة الخارجية والأولويات الوطنية والأمنية «الأكثر إلحاحاً» للحكومة الإيطالية، تشمل «تحقيق الاستقرار الكامل والدائم لليبيا»، واتخاذ مكانة رائدة في مواجهة «انتشار التطرف الراديكالي في منطقة جنوب الصحراء الكبرى».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى محمد الأمين ولد الداه، الخبير في شؤون الساحل الأفريقي، أن «إيطاليا تستطيع بالفعل مكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي، عبر شراكات تنموية مع دول المنطقة، يمكن من خلالها تعزيز الاقتصاد والتنمية، وهو أهم محور قد يلعب دوراً حاسماً في كبح النفوذ الإرهابي».
وقال ولد الداه إن «من شأن دور إيطالي في هذا السياق التنموي والاقتصادي أن يصب في مصلحة روما، والاتحاد الأوروبي بصفة عامة؛ لأن الخروج الفرنسي من منطقة الساحل يفاقم التهديد الإرهابي على القارة الأوروبية كلها».
ويرى الخبير في شؤون الساحل الأفريقي أنه «على الرغم من الضرر الكبير الواقع عليها فإن إيطاليا تفتقر إلى النفوذ الفرنسي في دول الساحل، والذي يتكون من علاقات ممتدة ومتشعبة، ليس فقط مع دوائر السلطة، بل مع القوى الاجتماعية والثقافية والحزبية وغيرها».
ويقول إنه «ربما نشهد في منطقة الساحل تبلوراً لدور أوروبي جديد، وإعادة توزيع أدوار، ولن تجد إيطاليا ممانعة من دول أفريقيا التي تعلم تماماً أنها لن تستطيع مواجهة الإرهاب منفردة دون مساعدة من الظهير الأوروبي».
وقبل أن تصبح رئيسة للوزراء، هاجمت ميلوني بشدة فرنسا؛ بسبب سياساتها في أفريقيا، واتهمتها «باستغلال الدول الأفريقية، والسيطرة على مواردها، ومفاقمة معاناة شعوبها».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسمياً انتهاء عملية «برخان» لمكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي.
من جانبه، رأى ماهر فرغلي، الخبير في شؤون الحركات المتطرفة، أن «إيطاليا قد تكون لديها الرغبة في لعب دور في هذه المنطقة بعد الانسحاب الفرنسي، وانتهاء عملية برخان، لكن الرغبة والتصريحات الإعلامية لا تكفي في ظل الوضع المتفاقم للغاية في منطقة الساحل».
ويقول فرغلي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إن إيطاليا لا تستطيع أن تلعب دوراً جوهرياً، حيث لا تملك تراكم الخبرات في المجالين الاستخباراتي والعسكري، كما أنها لم تلعب دوراً جوهرياً من قبل في مواجهة الإرهاب في ليبيا، وبقية دول أفريقيا، والأمور في منطقة الساحل معقدة جداً».
وتصاعد الإرهاب في دول الساحل الأفريقي بشكل أسرع من أي منطقة أخرى في أفريقيا، بزيادة 140 في المائة منذ عام 2020، وأسفر هذا عن مقتل 8 آلاف شخص، ونزوح 2.5 مليون، بينما وصل عدد ضحايا هجمات تنظيم «داعش» وحده، خلال 2022، إلى نحو ألف قتيل، كما يشير تقرير أصدره «مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية»، ومقره واشنطن.
وقال رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إن تصريحات ميلوني تأتي في سياق تسارع وتيرة التنافس الدولي نحو الوجود الاستراتيجي في أفريقيا لأغراض عديدة محتملة، ومنها أغراض اقتصادية وعسكرية واستخباراتية، في وقت تطفو فيه على السطح فكرة تبديل اللاعبين القدامى في القارة، ومنهم فرنسا، ليحل محلهم لاعبون جدد».
وأضاف زهدي أن «القوى الأوروبية تدرك حالياً أكثر من ذي قبل أن استمرار تفشي الإرهاب في أفريقيا يعني تهديداً مستمراً للقارة العجوز، لأن تتحول لمسرح عمليات أو نقاط لانتشار الإرهاب، سواء في شكل عمليات إرهابية مباشرة، أو من خلال دعم لوجيستي أو مالي لعمليات الإرهاب عبر دول أوروبا، ومنها إيطاليا كونها دولة جوار بحري لأفريقيا».
وأشار إلى أن «مشاركة إيطاليا أو قيادتها العمل الأوروبي في مواجهة الإرهاب في أفريقيا هي فكرة طرحت على فترات متقاربة خلال العامين الماضيين، لكن دون إجراءات تنفيذية واضحة أو تمهيدية من جانب روما حتى الآن».


مقالات ذات صلة

إردوغان يعطي دفعة للحوار مع «أوجلان» بإعلان استعداده لقاء «وفد إيمرالي»

شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً لنواب حزبه بالبرلمان خلال إلقاء كلمة أمامهم الأربعاء (الرئاسة التركية)

إردوغان يعطي دفعة للحوار مع «أوجلان» بإعلان استعداده لقاء «وفد إيمرالي»

أعطى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مؤشراً قوياً على المضي قدماً في إنجاح دعوة رئيس حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان لحل الحزب ونزع أسلحة جميع مجموعاته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ساعر: إسرائيل وإثيوبيا يجب أن تحاربا «التهديد المشترك» للإرهاب

ساعر: إسرائيل وإثيوبيا يجب أن تحاربا «التهديد المشترك» للإرهاب

أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأربعاء)، على ضرورة مكافحة الإرهاب في إسرائيل وأفريقيا.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
آسيا نقل جرحى في كويتا (رويترز)

باكستان: مقتل 50 وإنقاذ 300 من ركاب قطار بلوشستان

أعلن «جيش تحرير بلوشستان» مسؤوليته عن العملية ونشر تسجيلاً مصوراً لانفجار على السكة أعقبه تدفق عشرات المسلحين من المناطق الجبلية واقتحام عربات القطار.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
شمال افريقيا حملة شاملة تشنها الحكومة الصومالية للقضاء على الدعاية المتطرفة عبر الإنترنت (شاترستوك)

إغلاق 12 موقعاً إلكترونياً للجماعات الإرهابية في الصومال

تستمر السلطات الصومالية في عملياتها «للقضاء على جميع المنصات الإعلامية التي يستخدمها الإرهابيون لنشر الدعاية والتضليل، وجرى تعطيل كثير من منصاتهم».

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
العالم العربي أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)

الصومال: مقتل 16 مسلحاً من «حركة الشباب» في غارة جوية بمحافظة شبيلى الوسطى

قضت السلطات الصومالية، الثلاثاء، على 16 مسلحاً من حركة «الشباب» الإرهابية، من بينهم قيادات بارزة، في غارة جوية جنوب شرقي البلاد.


أوغندا تنشر قوات خاصة في عاصمة جنوب السودان وسط توتر داخلي

ريك مشار نائب رئيس جنوب السودان والرئيس سلفا كير في جوبا 20 أكتوبر 2019 (أ.ب)
ريك مشار نائب رئيس جنوب السودان والرئيس سلفا كير في جوبا 20 أكتوبر 2019 (أ.ب)
TT
20

أوغندا تنشر قوات خاصة في عاصمة جنوب السودان وسط توتر داخلي

ريك مشار نائب رئيس جنوب السودان والرئيس سلفا كير في جوبا 20 أكتوبر 2019 (أ.ب)
ريك مشار نائب رئيس جنوب السودان والرئيس سلفا كير في جوبا 20 أكتوبر 2019 (أ.ب)

قال قائد الجيش الأوغندي اليوم الثلاثاء إن بلاده نشرت قوات خاصة في غوبا عاصمة جنوب السودان «لتأمينها» بعد أن أثار التوتر بين الرئيس سلفا كير ونائبه الأول ريك مشار مخاوف من العودة إلى الحرب الأهلية.

واحتدم التوتر في الأيام القليلة الماضية في جنوب السودان، الدولة المنتجة للنفط، بعد أن اعتقلت حكومة كير وزيرين والعديد من كبار المسؤولين العسكريين المتحالفين مع مشار. وأطلقت السلطات سراح أحد الوزراء بعد ذلك.

ويُنظر إلى الاعتقالات في غوبا والاشتباكات الدامية حول بلدة الناصر في شمال البلاد على أنها تهديد لاتفاق السلام المبرم في عام 2018 الذي أنهى حرباً أهلية استمرت خمس سنوات بين القوات الموالية لكير ومشار وأودت بحياة نحو 400 ألف شخص، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال قائد الجيش الأوغندي موهوزي كاينيروجابا في سلسلة من المنشورات على منصة «إكس» طوال الليل وحتى اليوم الثلاثاء: «قبل يومين، دخلت وحدات قواتنا الخاصة جوبا لتأمينها».

وأضاف في منشور آخر: «نحن في قوات الدفاع الشعبي الأوغندية لا نعترف إلا برئيس واحد لجنوب السودان، وهو فخامة (الرئيس) سلفا كير... وأي تحرك ضده هو إعلان حرب على أوغندا».

ولم يرد وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان والمتحدث العسكري على مكالمات هاتفية تطلب التعليق.

وبعد اندلاع الحرب الأهلية في جنوب السودان عام 2013، نشرت أوغندا قواتها في جوبا لدعم قوات كير في مواجهة مشار. وفي نهاية المطاف، انسحبت القوات الأوغندية في 2015.

ونُشرت قوات أوغندية مجدداً في جوبا عام 2016 بعد تجدد القتال بين الجانبين، قبل سحبها مرة أخرى.

وتخشى أوغندا من أن يؤدي اندلاع حرب شاملة في جارتها الشمالية إلى إرسال موجات من اللاجئين عبر الحدود مما قد يوجد حالة من عدم الاستقرار.

ولم يوضح كاينيروجابا ما إذا كان أحدث انتشار للقوات جاء استجابة لطلب من حكومة كير أو المدة التي ستبقى فيها القوات في جنوب السودان.