«قفزة ثقة» في منطقة اليورو تدعم تهدئة التشديد النقدي

رغم خسائر فادحة لمبيعات التجزئة

مشاة في إحدى المناطق التجارية بمدينة بون الألمانية (رويترز)
مشاة في إحدى المناطق التجارية بمدينة بون الألمانية (رويترز)
TT

«قفزة ثقة» في منطقة اليورو تدعم تهدئة التشديد النقدي

مشاة في إحدى المناطق التجارية بمدينة بون الألمانية (رويترز)
مشاة في إحدى المناطق التجارية بمدينة بون الألمانية (رويترز)

رغم تراجع بالغ لمبيعات التجزئة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ارتفعت ثقة المستثمرين بمنطقة اليورو في شهر ديسمبر (كانون الأول) الجاري للشهر الثاني على التوالي، لتصل لأعلى مستوى منذ يونيو (حزيران) الماضي، وذلك وفقاً لاستطلاع لمعهد سينتكس الألماني البحثي يوم الاثنين.
ويأتي هذا التحول في ظل تحسن قوي في كل من تقييم الوضع الحالي والنظرة المستقبلية للكتلة الأوروبية الموحدة. وارتفع مؤشر ثقة المستثمرين بصورة حادة إلى سالب 21.0 نقطة، مقارنة بسالب 30.9 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفقاً لما ذكره المعهد. وكان الاقتصاديون قد توقعوا تحسناً متوسطاً بواقع سالب 27.6 نقطة، وقد أُجري الاستطلاع في الفترة من 1 حتى 3 ديسمبر الجاري، وشمل 1268 مستثمراً.
وقال مدير المعهد مانفريد هوبنر: «المستثمرون يأملون في تحول اقتصادي». وأضاف أن المستثمرين يأملون أن يتجاوز التباطؤ الاقتصادي ذروته بفضل طقس الشتاء المعتدل، والغاز الكافي المخزن واحتمالية وصول بيانات التضخم للذروة.
قفزة الثقة تأتي رغم أن بيانات وكالة الإحصاء الأوروبية «يوروستات» أظهرت، يوم الاثنين، أن مبيعات التجزئة تكبّدت أكبر خسارة حتى الآن هذا العام في أكتوبر الماضي، بسبب ضعف مبيعات المنتجات الغذائية وغير الغذائية، في ظل تضرر إنفاق المستهلكين من مستويات التضخم القياسية.
وتراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 1.8 في المائة على أساس شهري في أكتوبر الماضي، مقارنة بارتفاعها بنسبة 0.8 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وتعد هذه أكبر نسبة تراجع منذ ديسمبر عام 2021، عندما انخفضت بنسبة 2.6 في المائة. ويرجع الانخفاض الشهري إلى نقص مبيعات المنتجات غير الغذائية بنسبة 2.1 في المائة، ومبيعات الأغذية والمشروبات والتبغ بنسبة 1.5 في المائة. في حين تراجعت مبيعات المنتجات غير الغذائية بنسبة 0.9 في المائة، وعوضها جزئياً ارتفاع مبيعات وقود السيارات في المتاجر المتخصصة بنسبة 0.3 في المائة.
وتراجعت مبيعات التجزئة على أساس سنوي بنسبة 2.7 في المائة، عقب ثباتها خلال سبتمبر الماضي. وتراجعت مبيعات التجزئة في الاتحاد الأوروبي بنسبة 1.7 في المائة في أكتوبر الماضي، بعد ارتفاعها بنسبة 0.8 في المائة. وانخفضت المبيعات على أساس سنوي بنسبة 2.4 في المائة، مقارنة بارتفاعها بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر الماضي.
في غضون ذلك، قال عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي غابريل مخلوف، إن من المحتمل أن يرفع البنك تكاليف الإقراض بمقدار نصف نقطة مئوية هذا الشهر، ما يبطئ من وتيرة زيادتها بعد أن خفت حدة التضخم للمرة الأولى منذ عام ونصف العام.
وقال مخلوف، في تصريحات للصحافيين في دبلن، نقلتها وكالة «بلومبرغ» للأنباء، إن زيادة بمقدار 50 نقطة أساس «هي ما سننتهي إليه»، قائلاً إنه إذا كان هذا هو الحال، ستتبعها زيادات أخرى في اجتماعات لاحقة.
واعتبر أن الخطوة بمقدار نصف نقطة مئوية ستكون «الحد الأدنى المطلوب» لمواصلة الحد من التضخم إلى أن يصل إلى نسبة 2 في المائة المستهدفة، من خمسة أمثالها في الوقت الراهن. غير أنه لم يستبعد زيادة أكبر، استناداً لما ستكشف عنه التوقعات الاقتصادية الفصلية الجديدة هذا الشهر.
وقال محافظ البنك المركزي الآيرلندي إنه «يجب علينا أن نكون منفتحين أمام سياسة تحريك أسعار الفائدة إلى منطقة مقيدة لفترة». وتابع أن «من السابق لأوانه الحديث عن نهاية لسياسة أسعار الفائدة في خضم مستويات حالة عدم اليقين السائدة».


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.