من غدامس إلى الزنتان... تعثر لقاءات حلحلة الأزمة الليبية لـ«حسابات القوة»

سياسيون يعتبرون أن الدبيبة وضع الجميع أمام «الأمر الواقع»

لقاء سابق يجمع عقيلة صالح وعبد الله باتيلي (تويتر)
لقاء سابق يجمع عقيلة صالح وعبد الله باتيلي (تويتر)
TT

من غدامس إلى الزنتان... تعثر لقاءات حلحلة الأزمة الليبية لـ«حسابات القوة»

لقاء سابق يجمع عقيلة صالح وعبد الله باتيلي (تويتر)
لقاء سابق يجمع عقيلة صالح وعبد الله باتيلي (تويتر)

أُجبرت البعثة الأممية لدى ليبيا، على إلغاء اجتماع كان مجدولاً بين عقيلة صالح وخالد المشري رئيسي مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» بمدينة الزنتان (غرب البلاد)، لأسباب وصفتها بـ«اللوجيستية». ووسط تأويلات سياسية تواكبت مع الإعلان عن تأجيل هذا الاجتماع، الذي كان يستهدف مناقشة باقي نقاط الاختلاف «حول مسودة الدستور»، لحين الاتفاق على مدينة ليبية أخرى تقبل استضافة الاجتماع، أبدى سياسيون تخوفهم من «تراجع فرص تنظيم انتخابات رئاسية ونيابية بالبلاد في المدى القريب».
وعلى الرغم من أن عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي، أطلع الليبيين على بعض ما يجري في الكواليس من خلال بيان أصدره مساء أمس (السبت)، فإن واقعة إلغاء اللقاء، الذي كان ينظر إليه على أنه يستهدف «حلحلة الأزمة المستعصية»، أعاد للأذهان مؤتمرات سابقة لم تلتئم في مدينة مثل غدامس (القريبة من الحدود الجزائرية) لأسباب مختلفة.
ودائماً ما يطالب الليبيون بضرورة انعقاد أي اجتماعات تستهدف مناقشة أزمتهم السياسية داخل البلاد، بعيداً عما يرونه «تدخلات خارجية تريد فرض أجندتها على الأطراف الداعمة لها». وعلى مدار سنوات الأزمة، احتضنت عواصم عربية وأوروبية اجتماعات عديدة للأفرقاء السياسيين، من بينها اجتماعات «جنيف» التي انتهت باتفاقية وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد، وانتخاب سلطة تنفيذية، بينما لم تتوفر لها الفرصة للانعقاد داخلياً لـ«حسابات القوة والسيطرة».
ومع الإعلان عن تأجيل اجتماع صالح والمشري في الزنتان، اعتبر الكاتب الصحافي الليبي، عيسى عبد القيوم، هذا الإرجاء بمثابة «فشل رابع لبعثة الأمم المتحدة في فرض رعايتها لأي لقاء يمس مصالح (القوة القاهرة) المسيطرة على مركزي طرابلس وشارع السكة»، في إشارة إلى حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة. ورأى عبد القيوم، أن البعثة «فشلت سابقاً في فرض تنفيذ اتفاقات الصخيرات بالمغرب، وباريس، وبرلين، وأخيراً جنيف، ليبقى الحل كامنا في المثل القائل: ما حك جلدك مثل ظفرك».
وقبل نحو أربعة أعوام من الآن، ألغى الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي السابق، آنذاك، «الملتقى الوطني الجامع» بين الأطراف الليبيّة الذي كان معداً له في منتصف أبريل (نيسان) عام 2019، لحلحلة الأزمة بالبلاد، إلى أجل غير مسمى بسبب الحرب على العاصمة طرابلس.
ومع ترقب قطاعات ليبية لاجتماع صالح والمشري، جاء إعلان البعثة الأممية أن «أسبابا لوجيستية خارجة عن إرادتنا» حالت دون انعقاد اللقاء في المدينة. هذه الأسباب، التي باتت معلنة، تتمثل في رفض بلدية الزنتان برئاسة عميدها عمران العمياني، استضافة الاجتماع وتأمينه إلا بتفويض من الدبيبة، وهو ما اعتبره مراقبون أن الأخير وضع الجميع أمام «الأمر الواقع».
والزنتان هي إحدى المدن الليبية وتقع على قمم الجبل الغربي، (136 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من مدينة طرابلس).
وفتح تأجيل الاجتماع تأويلات سياسية متباينة. ورأى رمضان التويجر، الباحث القانوني، أن بيان المبعوث الأممي «يُوحي بانطلاق حوار سياسي ثالث يُفضي إلى حكومة جديدة تحافظ على الوضع القائم عسكرياً وسياسياً»، مشيرا إلى أنه «لا توجد انتخابات تلوح في الأفق».
وسارع عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق، وقبل أن يُعلن عن تأجيل الاجتماع، باعتبار عقيلة والمشري من «أكبر المعطّلين للانتخابات، ومعهما كتلة في مجلسيهما»، ومضى متسائلاً: هل تُجر البعثة الأممية إلى الفخ مرة أخرى؟ وانتهى قائلا: «لقد سمعت المشري في الانتخابات الأخيرة بالمجلس بأغسطس (أب) الماضي، يقول سنسعى للبقاء عامين أو ثلاثة».
ورأى المحلل السياسي محمد القشوط، أن «الحل في ليبيا لن يُصنع إلا بتغيير معادلة القوة على الأرض، فمن يملكون القوة هم الذين يصنعون التغيير، أو عبر انتفاضة وصحوة شعبية شاملة تزيح كل من في المشهد».
وذهب القشوط في عدة تغريدات عبر حسابه على «تويتر»، اليوم، إلى أن «الذي يستطيع كسر إرادة تركيا والميليشيات المسلحة فسوف ينجح في استعادة الدولة وتحقيق حل لها، وما دون ذلك فإن ما سيُصنع لن يرى النور إلا إذا تم وفق رغبتها».
وعبّر القشوط، عن اعتقاده أن الدبيبة «لن يقبل بأي اتفاق يقصيه من المشهد، وسيرفض الخروج من طرابلس متمسكاً بذريعة إجراء الانتخابات التي يعرف أنها لن تجرى»، متابعاً: «لن يقبل بأن يكون الورقة التي احترقت والوسيلة التي استخدمت لتحقيق غاية الآخرين، لأنه يعلم أن خروجه بهذا الشكل يعني انتحاره سياسياً مستقبلاً».
ومضى يقول إن صالح «سيكون سعيداً إذا تشكلت حكومة ثالثة، فهو منذ فترة طويلة يرغب في فيدرالية على شكل انفصال»، وبخصوص المشري، رأى أن الأخير، قد «يرتضي الخروج من المشهد مع الجميع، أو البقاء مع أي مكسب قد يحققه».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

حكومة شرق ليبيا تحظر احتفالات «رأس السنة»

أحد ميادين مدينة بنغازي (صندوق التنمية والإعمار)
أحد ميادين مدينة بنغازي (صندوق التنمية والإعمار)
TT

حكومة شرق ليبيا تحظر احتفالات «رأس السنة»

أحد ميادين مدينة بنغازي (صندوق التنمية والإعمار)
أحد ميادين مدينة بنغازي (صندوق التنمية والإعمار)

حظرت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، بقيادة أسامة حمّاد، رسمياً، مظاهر الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية كافة، وأمرت «بعدم السماح ببيع السلع المرتبطة بالاحتفال، أو إدخالها إلى البلاد، من بينها شجرة الميلاد وتمثال بابا نويل والصلبان»، في قرار أثار ردود فعل غاضبة.

وقال جهاز البحث الجنائي، بشرق ليبيا، الأحد، إنه «تنفيذاً لتعليمات وزير الداخلية بالحكومة الليبية اللواء عصام أبوزريبة، يتم منع الاحتفال بما يسمي عيد رأس السنة»، وأوضح أنه بناء على ذلك كُلف رئيس جهاز البحث الجنائي اللواء حسن الجحاوي، إدارة فروع: الظواهر السلبية والتحري والاستدلال والدوريات والتمركزات الأمنية ومكافحة التزييف والتزوير والآداب العامة بعدم السماح بدخول وبيع جميع السلع المرتبطة بالاحتفال برأس السنة».

وفي منتصف الأسبوع الماضي، شنّ جهاز الحرس البلدي بمدينة بنغازي، شرق ليبيا، حملة على المحال التجارية المخصصة لبيع الألعاب وأدوات الزينة والأغراض المتعلقة باحتفالات رأس السنة، وصادرها وأمر بعدم بيعها، بداعي أنها «مخالفة للدين».

ويأتي قرار الحكومة التي يترأسها حمّاد، بعد أزمة أخرى أثارها حديث حكومة عبد الحميد الدبيبة، في طرابلس، عن تفعيل شرطة الآداب، بداعي «انتشار الظواهر المنافية لقيم المجتمع الليبي في الشوارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي».

وتعاني ليبيا من انقسام حكومي حاد، ولديها حكومتان؛ الأولى في شرق ليبيا برئاسة حمّاد، وتحظى بدعم البرلمان و«الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، والثانية في غربها بقيادة الدبيبة.