اليمن يشدد على رفع الجاهزية الأمنية ـ العسكرية لمواجهة تصعيد الحوثيين

الحكومة دعت إلى إسناد شعبي ولوحت باللجوء لـ «الخيارات الصعبة»

عبد الملك يرأس اجتماعاً لمحافظي المحافظات المحررة (سبأ)
عبد الملك يرأس اجتماعاً لمحافظي المحافظات المحررة (سبأ)
TT

اليمن يشدد على رفع الجاهزية الأمنية ـ العسكرية لمواجهة تصعيد الحوثيين

عبد الملك يرأس اجتماعاً لمحافظي المحافظات المحررة (سبأ)
عبد الملك يرأس اجتماعاً لمحافظي المحافظات المحررة (سبأ)

مع تعثر المساعي الأممية والدولية لإقناع الميليشيات الحوثية بتجديد الهدنة وتوسعتها، واستمرار الجماعة المدعومة من إيران في تهديد مواني تصدير النفط، شددت الحكومة اليمنية على رفع الجاهزية الأمنية والعسكرية، ودعت إلى الإسناد الشعبي، ملوحة باللجوء إلى ما وصفته بـ«الخيارات الصعبة» رداً على الإرهاب الحوثي.
التصريحات اليمنية جاءت خلال اجتماع لرئيس الحكومة معين عبد الملك مع محافظي المحافظات المحررة، خُصص لمناقشة تنسيق وتكامل الإجراءات المركزية والمحلية، لتنفيذ قرار مجلس الدفاع الوطني بتصنيف ميليشيا الحوثي «جماعة إرهابية»، والإجراءات الواجب اتخاذها على المستوى المحلي، وفق السياسات الإجرائية الحكومية المقرَّة من مجلس الوزراء في المسارين القانوني والاقتصادي.
ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن الاجتماع المنعقد عبر الاتصال المرئي، بمشاركة عضو مجلس القيادة الرئاسي، محافظ مأرب، سلطان العرادة: «شدد على رفع الجاهزية الأمنية والعسكرية، والتواصل الفعال مع القوى السياسية والمكونات المجتمعية في المحافظات لرفع الاستعداد الشعبي، لمؤازرة وإسناد الخيارات الصعبة التي قد تذهب إليها قيادة الدولة والحكومة، للتعامل مع هجمات وتهديدات ميليشيا الحوثي الإرهابية».
وفي ظل استمرار التعنت الحوثي، أشار الاجتماع إلى أن «استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً، بات الخيار الحتمي لتخفيف معاناة الشعب اليمني، وحماية الملاحة الدولية والاستقرار الإقليمي والعالمي».
وحمَّل الاجتماع «ميليشيا الحوثي الإرهابية مسؤولية العواقب الوخيمة المترتبة على تصعيدها الإرهابي المدمر، بما في ذلك تداعياته على الإمدادات الإنسانية المنقذة للحياة، وجهود إحلال السلام».
وحسبما أوردته المصادر الرسمية، شدد رئيس الحكومة اليمنية على المكاتب التنفيذية في المحافظات، للالتزام بالتوجيهات الصادرة من الوزارات فيما يتعلق بالإجراءات التنفيذية الخاصة بتصنيف ميليشيا الحوثي «جماعة إرهابية»، ومتابعة مستوى التنفيذ، ورفع تقارير دورية عن ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، استعرض الاجتماع التحديات والصعوبات في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، خصوصاً في الجوانب الخدمية. وتم التوافق على مجموعة قرارات لحلها، وفقاً للأولويات القائمة والإمكانات المتاحة، وفي مقدمها الكهرباء والمياه، إضافة إلى تصويب العمل الإداري في المحافظات، وضبط وتنمية الإيرادات، ومعالجة أسباب القصور في انتظام الخدمات، واتخاذ إجراءات حازمة لمكافحة الفساد أينما وُجد.
وذكرت المصادر أن رئيس الوزراء معين عبد الملك أكد «دعم الحكومة الكامل للسلطات المحلية في إجراءاتها، وتقديم كل ما يمكن من إسناد لإنجاح جهودها في تطبيع الأوضاع وتحسين الخدمات، بما يتناسب مع خصوصية كل محافظة واحتياجات مواطنيها الملحة».
وقال عبد الملك إن «الدولة وضعت جملة من الإجراءات والخيارات للتعامل مع الاعتداءات الإرهابية المتكررة لميليشيا الحوثي وداعميها من النظام الإيراني على المنشآت النفطية، ومقدرات الوطن والشعب اليمني». وشدد على ضرورة عدم التغافل عن معركة اليمن والعرب الأساسية والمصيرية ضد ميليشيا الحوثي الإرهابية، واستكمال إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة. وفق ما ذكره الإعلام الرسمي.
وأكد رئيس الحكومة اليمنية أن أولوية الدولة والحكومة التي ستحدد كافة المسارات الأخرى، السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، هي: «تأمين تصدير النفط، وتأمين حياة ومعيشة المواطنين، وتلبية احتياجاتهم، والحفاظ على الحد الأدنى من الحقوق والخدمات».
ووصف الاعتداءات الحوثية على مواني ومنشآت النفط بأنها «إعلان حرب مفتوحة» وقال إن آثار ذلك «لن تتوقف على المؤسسات الاقتصادية الوطنية وحياة ومعيشة المواطنين؛ بل ستطول جهود السلام وأمن واستقرار المنطقة، وإمدادات الطاقة وحرية الملاحة الدولية والتجارة العالمية».
وجدد رئيس الوزراء اليمني التزام حكومته «بالدفاع عن المصالح والمنشآت السيادية الوطنية، وتأمين الخدمات الأساسية وسبل العيش، والحد من تداعيات الاستهداف الإرهابي الممنهج للقطاع النفطي والمنشآت المدنية».
وفي حين أثنى عبد الملك على «الدور المحوري الذي تلعبه السلطات المحلية» وجَّه بالاستمرار في إعادة بناء مؤسسات الدولة، وتفعيل عملها، باعتبار ذلك عاملاً أساسياً لتضييق هامش الفساد، وبما ينعكس على تحسين وضع المواطنين والخدمات.
وقال إن «العمل ومواجهة التحديات الصعبة، لن يتم إلا وفق خيارات الدولة وفي إطار مؤسساتها، وينبغي أن تكون هناك أهداف واضحة ومحددة أمام السلطات المحلية، لتلبية احتياجات المواطنين وتحقيق تطلعاتهم».
وكان مجلس الدفاع الوطني اليمني قد أقر تصنيف الميليشيات الحوثية جماعة إرهابية، عقب تصعيدها باستهداف مواني تصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة، عبر الطائرات المُسيَّرة المفخخة، وهي الهجمات التي أعاقت تصدير النفط للشهر الثاني على التوالي.
وتشمل الإجراءات اليمنية المقرَّة معاقبة قيادات الميليشيات الحوثية والكيانات التابعة لها، وأفراد منخرطين في شبكة تمويلات مشبوهة لتقديم الدعم المالي والخدمي للجماعة الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.