التطور الميداني يكشف هشاشة «داعش» وضعف الاستراتيجية الأميركية في سوريا

يبحث المسؤولون الاتصال مع المعارضة لنقل القتال إلى عمق المناطق العربية

نازحون سوريون من تل أبيض هربوا من القتال بين الأكراد و«داعش» الشهر الماضي ينتظرون الدخول إلى الأراضي التركية (أ.ف.ب)
نازحون سوريون من تل أبيض هربوا من القتال بين الأكراد و«داعش» الشهر الماضي ينتظرون الدخول إلى الأراضي التركية (أ.ف.ب)
TT

التطور الميداني يكشف هشاشة «داعش» وضعف الاستراتيجية الأميركية في سوريا

نازحون سوريون من تل أبيض هربوا من القتال بين الأكراد و«داعش» الشهر الماضي ينتظرون الدخول إلى الأراضي التركية (أ.ف.ب)
نازحون سوريون من تل أبيض هربوا من القتال بين الأكراد و«داعش» الشهر الماضي ينتظرون الدخول إلى الأراضي التركية (أ.ف.ب)

جاءت الهزيمة المنكرة التي منيت بها قوات «داعش» عبر قوس واسع من الأراضي في الشمال الشرقي من قلب سوريا لتكشف عن كثير من مواطن الضعف ضمن صفوف التنظيم المسلح، وفي الوقت نفسه محدودية الاستراتيجية التي تقودها الولايات المتحدة والموضوعة لمواجهة التنظيم.
تمكنت القوات الكردية، التي برزت خلال الأسابيع الأخيرة كأكثر شركاء الولايات المتحدة فعالية في تلك الحرب، من طرد مقاتلي «داعش» من ثلث محافظة الرقة الرئيسية. وأدى ذلك الهجوم، الذي كان مدعوما بالغارات الجوية الأميركية، إلى حرمان مقاتلي «داعش» من السيطرة على أكثر المعابر الحدودية أهمية مع تركيا، كما أجبرهم على اتخاذ المواقف الدفاعية داخل عاصمة خلافتهم المزعومة في مدينة الرقة، وهو الأمر الذي لم يكن متوقعا أبدا قبل شهر من الآن.
أدى ذلك التحول الميداني إلى تحويل تركيز القتال من العراق إلى سوريا لأول مرة خلال شهور، فقد نجم عن الغارات الجوية الـ18 الخاطفة لقوات التحالف ضد مدينة الرقة خلال عطلة نهاية الأسبوع، تدمير الجسور والطرق التي يستخدمها تنظيم داعش في نقل الإمدادات إلى جبهات القتال الأمامية في أماكن أخرى. وكانت الهجمات الجوية المذكورة واحدة من أكثر الهجمات كثافة في سوريا، وفقا لبيان صادر عن وزارة الدفاع الأميركية ووفق شهادة النشطاء على الأرض في الرقة.
وأشار الرئيس أوباما يوم الاثنين الماضي إلى المكاسب المحققة في سوريا كدليل على التقدم المحرز على الأرض، صرح قائلا في واشنطن عقب اطلاعه على تقرير من وزارة الدفاع حول حالة الحرب «عندما يكون لدينا شريك فعال على الأرض، يمكن حينها صد داعش»، وأضاف: «إن نقاط الضعف الاستراتيجية لدى داعش حقيقية ومؤكدة»، مستخدما الاسم المختصر للتنظيم الإرهابي.
غير أن غياب القوات المحلية الموثوقة التي يمكنها الضغط بالقتال إلى عمق المناطق التي يسيطر عليها «داعش»، كشف عن مواطن الضعف التي تعاني منها الاستراتيجية الأميركية حسبما أفاد المحللون. كما أن التوتر المتزايد فيما بين العرب في المنطقة والخطر المزعوم من المحررين الأكراد يزيد من تهديد المكاسب المتحققة.
وينتقل الهجوم بالقوات الكردية إلى ما هو أبعد من الأقاليم الكردية التقليدية، إلى مناطق الأغلبية فيها للعرب السوريين، مما يستدعي مزاعم من هؤلاء ومن الحكومة التركية، بأن الأكراد يستغلون الحرب الجوية التي تقودها الولايات المتحدة في إقامة دولتهم الكردية الخاصة.
وقد وجهت المعارضة السورية الاتهامات للأكراد بطرد العرب من قراهم حتى تتأكد لهم السيطرة عليها، إذ يقول أحمد حاج صالح، وهو ناشط سوري مخضرم من الرقة «إن هدفهم يكمن في تغيير التركيبة السكانية للمنطقة وإقامة دولة كردستان. والحقيقة أن ذلك يتم تحت غطاء الغارات الجوية الأميركية»، ويضيف «أنا علماني، ولكن إذا اقتضى الأمر، فسوف أحمل السلاح وأنضم إلى داعش. فلن أسمح بتغيير التركيبة السكانية لتلك المنطقة أبدا».
وقد حذر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من أن بلاده لن تسمح أبدا للأكراد بإقامة دولة خاصة بهم على الحدود السورية التركية.
في حين أن ريدور خليل، المتحدث الرسمي باسم وحدات حماية الشعب، المعروفة اختصارا باسم «واي بي جي»، وهي الميليشيات الكردية التي تقود القتال ضد «داعش»، نفى المزاعم التركية أو عزم الأكراد لإقامة دولة خاصة بهم هناك. وأفاد بأن «المناطق المسيطر عليها هي جزء من سوريا ولسوف تظل جزءا من سوريا، ما لم يكن هناك قرار آخر بشأنها من جانب القوى الدولية. وبالنسبة للعرب النازحين من منازلهم فإنه مرحب بعودتهم ما لم يكن هناك دليل قاطع على تعاونهم مع تنظيم داعش الإرهابي».
وتؤكد التوترات الجارية على أوجه القصور طويلة الأمد للاستراتيجية التي تقودها الولايات المتحدة لتقويض تنظيم داعش والقضاء عليه في نهاية المطاف، من حيث الافتقار إلى البدائل المستساغة لتنظيم داعش لدى السكان الذين يعيشون في مناطق التنظيم العميقة، وهي الأقاليم العربية السنية التي تمتد عبر الحدود العراقية السورية.
يقول شادي حامد من «مركز سياسات الشرق الأوسط» التابع لمعهد بروكينغز في واشنطن: «ببساطة، إن البديل السني غير موجود في الوقت الراهن. وهنا يكون التركيز على المكاسب السريعة على الأرض مثيرا للكثير من المشاكل. والولايات المتحدة لا تنظر فيما سوف يحدث عقب طرد تنظيم داعش من تلك المنطقة».
وتحولت المعركة الأخيرة في الشمال السوري إلى انتصار سريع على عكس توقعات الجميع.
فقد صرح المسؤولون الأميركيون والأكراد بأن الهجوم المنفذ لاستعادة السيطرة على بلدة تل أبيض، وهي البلدة الحدودية الرئيسية لدى «داعش» ومنفذ عبور المقاتلين الأجانب والإمدادات للتنظيم عبر تركيا، كان يتوقع له أن يستغرق عدة أسابيع على أدنى تقدير.
بدلا من ذلك، لم يتحمل مقاتلو «داعش» شراسة القتال هناك، حيث انهارت دفاعات التنظيم خلال الشهر الماضي بعد يومين، وسرعان ما تم طرد المقاتلين المنسحبين من عشرات البلدات والقرى في اتجاه الجنوب، مما يضع القوات المتقدمة على بعد 35 كيلومترا فقط من مدينة الرقة.
وأفاد السكان المحليون بمشاهدة أمارات الذعر والفزع حال حفر مقاتلي «داعش» للخنادق، ومناشدة المتطوعين اللحاق بهم عبر مكبرات الصوت في المساجد، واعتقال المنشقين المشتبه بهم في صفوفهم، وتوجيه الأوامر لآلاف المواطنين الأكراد في المدينة بمغادرتها. وقال أحد رجال الأعمال من مدينة الرقة الذي تحدث بشرط إخفاء هويته خوفا على سلامته «يبدو الأمر كما لو أنهم في صدمة شديدة».
غير أن الضربات الجوية يمكن أن تعود بنتائج عكسية على المدى البعيد إذا ما نُظر إليها من زاوية تمكين الجماعات الأجنبية أو المعادية للسكان المحليين هناك، حسبما أفاد المحللون. حيث كانت وحدات حماية الشعب الكردية شريكا أساسيا للولايات المتحدة خلال الحرب، ولكنها الآن هي الشريك الوحيد في الحرب داخل سوريا، مما يجعل من الصعب الضغط للاستفادة من الفوضى والانسحاب الواضح لقوات المتطرفين.
وقد بدأ برنامج وزارة الدفاع الأميركية الذي يتكلف 500 مليون دولار لتدريب وتجهيز المتمردين السوريين المعتدلين لمواجهة «داعش»، بالكاد، عقب عام كامل من إعلان الرئيس أوباما عن تدشينه. وانضم أقل من 200 متمرد سوري إلى البرنامج، ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم يواجهون أوقاتا عصيبة في العثور على السوريين المستعدين لإعطاء الأولوية لمقاتلة تنظيم داعش على معركة الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ورغم قتال وحدات من جيش السوري الحر برفقة الأكراد، فإنهم يمثلون جزءا صغيرا من القوة الشاملة، التي تجمعت تحت ائتلاف يسمى «بركان الفرات».
ويريد أكبر ألوية المتمردين والمعروف باسم «ثوار الرقة»، الضغط بالقتال إلى داخل مدينة الرقة، حسبما قال أبو شجاع الناطق الرسمي باسم ذلك اللواء الذي يستخدم اسما مستعارا. ولكن على العكس من الأكراد، الذين ينسقون الضربات الجوية من خلال مركز العمليات الأميركية في المنطقة الكردية المجاورة للعراق، فإن لواء «ثوار الرقة» ليست لديهم أي اتصالات مع الجيش الأميركي هناك، وبالتالي، ما من سبيل لاستدعاء الضربات الجوية التي أثبتت أهميتها خلال العمليات الأخيرة.
ويهتم المقاتلون الأكراد كثيرا بالانطلاق غربا، كما قال الناطق الرسمي، في اتجاه بلدة جرابلس الحدودية الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، بهدف توسيع الجيب الكردي بدلا من التقدم في اتجاه مدينة الرقة. وأضاف الناطق الرسمي «يبدو أن قوات التحالف لا تثق بالعرب وهم لا يقصفون داعش إلا لمساعدة الأكراد».
وقد أقر الرئيس أوباما أنه يتعين فعل المزيد لتدريب وتجهيز القوات المحلية، وأن إلحاق الهزيمة النهائية بتنظيم داعش سوف تكون «مهمة القوات المحلية على الأرض»، وتابع يقول: «ملأ تنظيم داعش الفراغ، وعلينا التأكد من طردهم خارجه، وإعادة ملء ذلك الفراغ من جديد».
ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم يبحثون سبل الاتصال مع الجماعات المعارضة من أجل نقل القتال إلى عمق المناطق العربية السورية، ومن بينها الرقة. حيث صرح أحد كبار مسؤولي الإدارة الأميركية، والذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة الاستراتيجية العسكرية «إن مفتاح القتال يكمن لدى الوحدات العربية، وإننا مستعدون تماما للعمل معهم وتعزيز قوتهم بكل ما نستطيع».
يمكن لمثل تلك الشراكات أن توفر البديل لخطة الولايات المتحدة في تدريب وتجهيز قوة سورية مستقلة، غير أن العثور على تلك الجماعات يعد تحديا واقعيا في حد ذاته، حسبما أفاد الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة أمام جلسة استماع بالكونغرس الشهر الماضي.
إن انعدام وجود الشراكات في سوريا هو، في جزء منه، خطأ استراتيجية «العراق أولا» للإدارة الأميركية، التي أولت أهمية قصوى للقتال الدائر في العراق على ذلك الجاري في سوريا، كما صرح حسن حسن، الذي شارك في تأليف كتاب بعنوان: «داعش: من داخل جيش الإرهاب» ويعمل محللا لدى مؤسسة «تشاتام هاوس»، وهي مركز للأبحاث مقره في لندن. وقد أشار منذ فترة طويلة إلى أن ميدان المعركة السورية يعد أسهل كثيرا من العراق الذي يحمل «داعش» فيه تاريخ طويل، ويقدم للسنة هناك بدائل عن الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد.
وأضاف حسن «إن قدم داعش ليست أكثر رسوخا في سوريا من العراق. إنهم حديثو عهد بسوريا، ويعتبرون هناك تنظيما أجنبيا، بل إنه تنظيم عراقي أكثر من كونه سوريا. وفي سوريا، هناك إمكانية أكبر، نظرا لوجود المزيد من القوات على الأرض، غير أنهم تعوزهم المساعدات الحقيقية»، مشيرا إلى وجود عدد كبير من الجماعات المعارضة التي ظلت تقاتل تنظيم داعش لما يربو على العام.
يمكن لذلك أن يتغير رغم كل شيء. بقدر ما أدى الاعتماد العراقي على القوات الكردية والشيعية إلى تهميش السنة هناك، فإن المكاسب الكردية في سوريا تواجه خطر توجيه الدعم والإسناد في اتجاه «داعش»، كما أشار إلى ذلك حامد من معهد بروكينغز.
وقد احتل ذلك الخطاب موطئ قدم راسخا لدى الآلاف من السوريين الذي فروا من القتال في الآونة الأخيرة عبر الحدود وإلى بلدة تل أبيض التركية، حيث يقول كثيرون منهم إنهم لن يعودوا إلى منازلهم طالما ظلت تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية التي تتعارض آيديولوجيتها اليسارية مع الميول المحافظة للكثير من سكان تلك المنطقة.
يقول أحد الشبان البالغ من العمر (22 عاما) الذي طلب أن يشار إليه باسم أبو محمد نظرا لخوفه على سلامته، إنه فر أمام القوات الكردية المتقدمة، ولكن إذا ما استمرت المعركة لوقت أطول من ذلك فسوف ينضم إلى قوات «داعش»: «إذا ما أردت الدفاع عن دينك وأرضك وشرفك، فينبغي عليك الانضمام إلى داعش. لأنك إذا لم تفعل، فسوف تأتي القوات الكردية وتحتل أرضك».
*خدمة {واشنطن بوست}



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.