تجري أحزاب جزائرية، ذات توجه يساري ووطني واسلامي، تحضيرات لعقد مؤتمراتها وسط خشية بعضها من استحداث هيئات جديدة، ترى فيها بديلا للعمل السياسي الذي عرف جمودا في السنوات الأخيرة.
ويبدو مؤتمر "حركة مجتمع السلم" الاسلامية، المقرر في مارس(آذار) المقبل، أهم حدث سياسي يترقبه الإعلام بالنظر إلى التكهنات الجارية حول خليفة عبد الرزاق مقري، الذي ترأس الحزب لولايتين متتاليتين.
ويمنع القانون الاساسي لـ"مجتمع السلم" قيادته لأكثر من فترتين (10 سنوات). ومنذ انتخابه رئيسا للحزب عام 2012، تميز خطاب الحزب بالراديكالية تجاه السلطة، خصوصا بعد أن انسحب من الطاقم الحكومي على خلفية "ثورات الربيع العربي"، التي أنذرت بتغيير النظام، لكن الاحتجاج الشعبي الذي كان متوقعا، "تأخر" إلى 22 فبراير(شباط) 2019 عندما خرج الملايين إلى الشارع رافضين ترشح الرئيس السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة.
وفيما يقول القادة الجدد للبلاد، أن "تغييرا جذريا" حدث في النظام لفائدة المجتمع، يؤكد اعضاء الحراك الشعبي عكس ذلك تماما، بخاصة على صعيد الحريات والتداول الديمقراطي.
وظل النزاع مستمرا في السنوات الأخيرة، داخل "الحزب الاسلامي"، بين "تيار المعارضة" الذي يمثله مقري، و"تيار المشاركة في السلطة" الذي يقوده عضو "مجلس الشورى" ورئيس الحزب سابقا أبو جرة سلطاني.
وتفيد مصادر من التشكيل السياسي الاسلامي، "أن التوجه العام للمناضلين الذين سيختارون مندوبيهم للمؤتمر، يتمثل في البقاء على خط المغالبة ، تجاه السلطة.
ولا يظهر في الأفق من سيترشح لخلافة مقري، فيما احتمال أن يعود سلطاني إلى القيادة كما يتمنى ذلك أنصاره، بات ضعيفا منذ أن اختار الالتحاق بـ "مجلس الامة" (الغرفة البرلمانية الثانية)، ضمن ثلث الاعضاء الذين يختارهم رئيس الجمهورية، ويسمون الثلث الرئاسي".
وبنهاية العام، يعقد أقدم حزب معارض، "جبهة القوى الاشتراكية" مؤتمره وسط توقعات بعدم حدوث تغييرات كبيرة في "هيئته الرئاسية" التي تتكون من 5 قياديين، والتي تطبخ بداخلها أهم القرارات.
ويحتدم، بمناسبة التحضير لجلسات الحزب، جدل كبير حول "المهادنة" التي باتت تطبع خطاب مسؤوليه، حيال السلطة، وبخاصة سكرتيره الاول يوسف أوشيش. ويرفض عدد كبير من المناضلين، أية محاولة للتخلي عن الخط الراديكالي الذي شكل أساس إطلاق الحزب عام 1963، من طرف رجل الثورة الراحل حسين آيت احمد، وحافظ عليه إلى وفاته عام 2015.
من جهته، لم يستقر قادة حزب "جبهة التحرير الوطني"، الموالي للسلطة، على تاريخ لعقد مؤتمره. وقال قياديون، فضَلوا عدم نشر أسمائهم، لـ"الشرق الأوسط" أن الأمين العام أبو الفضل بعجي، بصدد أخذ احتياطات للحؤول دون تمكَن خصومه وهم كثر، من حضور المؤتمر ليضمن استمراره في القيادة.
وأظهر بعجي رغبة في أن تدعمه رئاسة الجمهورية ضد معارضيه، لكن كل مساعيه لتحقيق هدفه خابت، لهذا يتحاشى تحديد تاريخ للمؤتمر، رغم بلوغ آجاله القانونية وهي خمس سنوات.
ومع انشغال الاحزاب الكبيرة بترتيب شؤونها الداخلية، أطلقت رئاسة الجمهورية في المدة الأخيرة، هيئات استحدثها التعديل الدستوري 2020، عدَت مسعى من طرف السلطة لاستبدال العمل السياسي الحزبي بتنظيمات المجتمع المدني. وأهم هذه الهيئات، "المرصد الوطني للمجتمع المدني" و"المجلس الأعلى للشباب"، اللذان يتبعان للرئاسة.
وعبَر بعجي في تصريحات للصحافة، الاسبوع الماضي، عن رفض شديد لفكرة تعويض نشطاء المجتمع المدني بمناضلي الاحزاب. مؤكدا أن الانتخابات "تخوضها الاحزاب وليس الجمعيات".