تونس: حملة انتخابية بطيئة بعد خمسة أيام من انطلاقها

تنافس داخل الصف الواحد يغذيه غياب الأحزاب المعارضة للرئيس سعيد

مجموعة من متظاهري «حركة النهضة» المقاطعة للانتخابات (رويترز)
مجموعة من متظاهري «حركة النهضة» المقاطعة للانتخابات (رويترز)
TT

تونس: حملة انتخابية بطيئة بعد خمسة أيام من انطلاقها

مجموعة من متظاهري «حركة النهضة» المقاطعة للانتخابات (رويترز)
مجموعة من متظاهري «حركة النهضة» المقاطعة للانتخابات (رويترز)

تمشي ببطء الحملة الانتخابية المتعلقة بالانتخابات البرلمانية المقررة في تونس يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إذ بعد خمسة أيام من بدايتها القانونية يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لا تزال المساحات المخصصة للحملة شاغرة، ولا تشاهد أي حملات دعائية تجلب الانتباه، لا في شوارع العاصمة ولا في الفضاءات الثقافية والرياضية، التي غالباً ما احتضنت النشاطات ذات الصلة، خلال الانتخابات السابقة في سنوات 2011 و2014 و2019، والانتخابات البلدية التي أجريت سنة 2018.
ورأى كثير من المتابعين، في ذلك المعطى، مؤشراً على نسبة إقبال متواضعة، على العملية الانتخابية برمتها. ومن خلال جولة أجرتها «الشرق الأوسط» صباح الثلاثاء، في عدد من الأحياء القريبة من العاصمة التونسية، غابت تماماً علامات وجود حملة انتخابية من الأساس. وربما يعود ذلك، وفق متابعين، إلى أن الانتخابات السابقة كانت تتم وفق قوائم انتخابية مدعومة من الأحزاب السياسية التي غالباً ما تتمتع بقواعد شعبية، وتنظم مهرجانات خطابية كبرى، أما الانتخابات البرلمانية المقبلة فيتم فيها التصويت على الأفراد.
وقد كشف عدد من التقارير الإعلامية المحلية عن الانطلاق المحتشم للحملة الانتخابية في بقية ولايات تونس، وليس في العاصمة فقط، والتفاوت العميق بين دائرة انتخابية وأخرى، علاوة على عدم تسجيل أي نشاطات انتخابية من قبل المرشحين في بعض الدوائر.
ويذكر أن 10 مرشحين أعلنوا فوزهم بالتزكية في الانتخابات قبل إجرائها، وذلك لغياب وجود أي منافس، وبالتالي فلا داعي لأي دعاية انتخابية.
واعتبر المحلل السياسي فاروق بوعسكر، أن بطء الحملات الانتخابية يعد «أمراً عادياً، وأنها ستعرف أوجها في الأيام الأخيرة قبل الاقتراع، من خلال توزيع معلقات دعائية، والتنقل داخل حدود الدائرة الانتخابية والالتقاء بالناخبين المسجلين».
وأكد بوعسكر أن «صغر الدوائر الانتخابية التي حددها القانون الانتخابي الجديد، يجعل الدعاية الانتخابية أقل صعوبة، وبالإمكان القيام بها بوسائل محدودة، حتى في حالة غياب التمويل العمومي للحملات الانتخابية».
وبدوره، اعتبر حسان العيادي، وهو محلل سياسي أيضاً، أن «المنافسة الانتخابية تدور حالياً بين ثلاثة أطراف كلها تؤكد أنها داعمة للخيار السياسي للرئيس التونسي قيس سعيد»، مؤكداً أن «التنافس الانتخابي لن يقتصر على تمثيل الشعب التونسي وإرادته فحسب، بل أيضاً على تمثيل مشروع مسار 25 يوليو (تموز) 2021 (...) والمنافسة تدور بين الأحزاب السياسية الداعمة للمسار السياسي الذي يقوده قيس سعيد، وأبرزها (حركة الشعب) التي يتزعمها زهير المغزاوي، و(حركة تونس إلى الأمام) التي يترأسها عبيد البريكي القيادي النقابي السابق».
أما الطرف الثاني فهو يضم قوى سياسية تقدم نفسها هي الأخرى على أنها داعمة للرئيس ولمسار 25 يوليو، وهو ما يعني أن التنافس الانتخابي سيتجاوز هذه الانتخابات البرلمانية ليكون على شكل منافسات ثانوية ورئيسية، تتضمن صراعاً بين الأحزاب والمجموعات غير المهيكلة في تنظيم سياسي تقليدي على غرار مجموعة «الانتصار للشعب» أو «حراك 25 يوليو».
والمجموعتان تتقدمان للانتخابات على أساس أنهما «امتداد شعبي لمسار 25 يوليو 2021 وتعبير جدي عنه».
ويرى العيادي أنه في هذه الحالة، «فإن المنافسة الحقيقية ستكون بين تلك القوى السياسية، حول نجاح كل منها في إقناع قيس سعيد والتونسيين، بأنها المنتسب الأصلي لمشروع سياسي جل عناصره ما زالت غامضة، وما اتضح منه برزت تناقضاته الحادة».
والتنافس بين الأطراف الداعمة للرئيس، أدى إلى تنازع وصدام في مرحلة جمع التزكيات (400 تزكية لكل مترشح). وكشف عن مدى الخلافات بين أنصار 25 يوليو 2021 إلى حد وصل إلى التجريح والشتم والتخوين الصريح لبعضهم، سواء أكانوا أحزاباً أم مجموعات أم أفراداً.
ويعد مراقبون أن الأحزاب السياسية التي تمسكت بمشاركتها في المسار الانتخابي، تصارع على واجهات عدة، منها الانتخابية والسياسية. إذ إن معركتها ليست فقط حول الفوز في الانتخابات وضمان عدد من المقاعد داخل «برلمان منزوع الصلاحيات»، بل كذلك حول قياس مدى شعبيتها وثقلها الانتخابي في غياب أحزاب كبرى قاطعت الانتخابات، على غرار «حركة النهضة»، وحزب «التيار الديمقراطي» وحزب «قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة».
واستعداداً لمراقبة الحملة الانتخابية، وما قد يعتريها من تجاوزات ومناكفات، جندت هيئة الانتخابات التونسية 1100 مراقب، بمعدل 7 مراقبين في كل دائرة انتخابية، مع تمكينهم من الوسائل المادية واللوجيستية اللازمة لمتابعة الحملة التي ستتواصل إلى يوم 15 ديسمبر المقبل.
وكان خلاف حاد قد نشأ بين «الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري» (الهايكا)، و«هيئة الانتخابات» حول الطرف الذي يتولى مراقبة التغطية الإعلامية، ومن المنتظر حسم هذا الخلاف عبر القضاء ومن خلال المحكمة الإدارية.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)
الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)
الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية، وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن، وأوضح أن الفيروسات التنفسية التقليدية هي المنتشرة حالياً، مشيراً إلى أن الإصابة بنزلات البرد في هذا التوقيت، مع دخول فصل الشتاء: «أمر طبيعي يتكرر كل عام».

وقال تاج الدين، خلال مداخلة هاتفية متلفزة، الثلاثاء، إنه لا يوجد أي رصد لمتحورات جديدة من فيروس «كورونا» في مصر خلال الآونة الأخيرة. وهو ما أكد عليه الدكتور محمد حلمي، أستاذ مساعد ورئيس معمل «البايوانفورماتيكس وبيولوجيا النظم» في منظمة «اللقاحات والأمراض المعدية» بجامعة «ساسكاتشيوان» الكندية، بقوله إنه «لا وجود الآن لأي متحورات جديدة من فيروس (كورونا) في العالم»، مرجحاً أن الأعراض المنتشرة الآن «قد تعود لفيروسات الإنفلونزا الموسمية، التي تتسبب في ضعف مناعة الجسم، وقد تسهل الإصابة بأحد فيروسات (كورونا) القديمة الموجودة من حولنا بطبيعة الحال، وهو ما يضاعف من أعراض الإنفلونزا».

وأضاف حلمي موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون ذلك أحد أسباب انتشار أخبار غير حقيقية عن وجود متحور جديد لفيروس (كورونا)»، مشدداً على أنه «وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، فإنه لا وجود لانتشار متحورات جديدة من فيروس (كورونا) الآن».

من جانبه، أوضح الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصادات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، أن آخر الأخبار التي تتعلق بظهور متحورات جديدة من فيروس «كورونا» عالمياً «تعود إلى شهر أغسطس (آب) الماضي، لكن لا وجود الآن لأي متحورات جديدة تدعو للقلق»، واصفاً الأخبار المتداولة حالياً بأنها «أقرب للفرقعة الإعلامية، التي لا تستند إلى أي دليل علمي».

وأشار عنان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المتحورات القديمة الموجودة من فيروس «كورونا» بالفعل «ربما تكون سريعة الانتشار لكنها قليلة الضرر».

وأوصى عنان كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وموظفي الرعاية الصحية، والفئات الأكثر عُرضة للعدوى، باتخاذ الإجراءات الاحترازية العادية، مشيراً إلى أن «بعض البلدان تنصح هذه الفئات بأخذ اللقاحات كل عام، لكنها لا تلزمهم بذلك»، مؤكداً على أن هذه أيضاً هي التوصيات التي تنصح بها منظمة الصحة العالمية.

وأضاف عنان: «نظراً لأن فيروس (كورونا) تنفسي، فإن ارتداء القناع الواقي في الأماكن المزدحمة سيكون وسيلة فعالة للوقاية من العدوى»، ناصحاً بالترطيب المستمر للجسم، والإكثار من تناول السوائل والأطعمة الصحية، والجلوس في الأماكن جيدة التهوية، مما يخفف كثيراً من أعراض ما بعد التعافي في حالة الإصابة بأي من هذه الفيروسات، ولافتاً إلى أن «الفيروسات الموجود حالياً لا تختلف كثيراً عن الإنفلونزا العادية، وإن اختلفت عنها في أن أعراضها قد تستمر لفترة أطول، تتراوح ما بين أسبوع وعشرة أيام».

وكان تاج الدين قد وجّه نصيحة لمن يصاب بنزلات البرد، أو الإنفلونزا أو «كورونا»، بالالتزام بالراحة في المنزل لمدة 3 أيام، وتناول السوائل الدافئة، وفي حال ارتفاع درجة حرارة الجسم يجب على المريض مراجعة الطبيب المختص.