تركيا: العملية البرية شمال سوريا تنتظر أمر إردوغان... وتل رفعت بمقدمة الأهداف

تعزيزات عسكرية ضخمة واستمرار القصف بالهاوتز على أهداف لـ«قسد»

صورة نشرتها وكالة «إخلاص» التركية لتعزيزات عسكرية تركية إلى مناطق الحدود مع سوريا
صورة نشرتها وكالة «إخلاص» التركية لتعزيزات عسكرية تركية إلى مناطق الحدود مع سوريا
TT

تركيا: العملية البرية شمال سوريا تنتظر أمر إردوغان... وتل رفعت بمقدمة الأهداف

صورة نشرتها وكالة «إخلاص» التركية لتعزيزات عسكرية تركية إلى مناطق الحدود مع سوريا
صورة نشرتها وكالة «إخلاص» التركية لتعزيزات عسكرية تركية إلى مناطق الحدود مع سوريا

دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى المناطق الحدودية مع سوريا وسط توقعات بانطلاق العملية العسكرية البرية التي تستهدف مواقع قوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا في أقرب وقت... وأكدت تقارير ومصادر تركية أن القوات التركية وعناصر «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة باتت جاهزة للعملية التي تنتظر الإذن من الرئيس رجب طيب إردوغان.
وناقش مجلس الوزراء التركي برئاسة إردوغان، في اجتماعه الاثنين، نتائج عملية «المخلب - السيف» الجوية التي انطلقت في شمالي سوريا والعراق ليل 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بعد أسبوع من تفجير إرهابي في شارع الاستقلال بمنطقة تقسيم في إسطنبول نسب إلى حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل العمود الفقري لقوات قسد، وتحديد موعد العملية البرية التي سبق أن أعلن إردوغان الأسبوع الماضي أنها ستنطلق قريباً لإنشاء حزام أمني على حدود تركيا الجنوبية. وقبل ساعات من انعقاد اجتماع مجلس الوزراء، نشرت صحيفة «صباح» القريبة من الحكومة التركية، الاثنين، صوراً ومقاطع فيديو أظهرت عربات عسكرية ودبابات في طريقها إلى النقطة «صفر» على الحدود التركية مع سوريا، وقالت إن الجيش التركي بدأ الدفع بشحنات عسكرية أخرى إلى مناطق في محيط مدينة تل رفعت، التي تعد من أهم أهداف العملية المرتقبة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر ومقاتلين في «الجيش الوطني السوري» أن هدف العملية العسكرية هو القرى الواقعة على خط جبهة منطقة الشهباء في شمال حلب، وأنها ستنهي وجود «الوحدات الكردية» في تل رفعت والقرى التابعة لها. وتتعرض تل رفعت منذ أيام لقصف جوي ومدفعي من جانب القوات التركية وفصائل الجيش الوطني، تصاعدت حدته خلال اليومين الماضيين مقارنة بالمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة قسد. ولفتت الصحيفة التركية إلى تعرض مناطق تل رفعت ومرعناز ومطار منغ العسكري للقصف الجوي، مضيفة أن مدافع هاوتزر لا تزال تواصل من داخل تركيا ضرب «أهداف إرهابية» في الشمال السوري. وتنتشر في تل رفعت قوات قسد والنظام، إلى جانب عناصر من الشرطة العسكرية الروسية، وقوات أخرى محسوبة على الميليشيات التي تدعمها إيران، التي تقاتل إلى جانب قوات النظام.
من جانبها، قالت صحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة التركية، إن العملية البرية في سوريا ستبدأ في أقرب وقت ممكن، استناداً إلى تقرير لوزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، قدمه في اجتماع مغلق للحزب الحاكم السبت. وذكرت الصحيفة أن التقرير لفت إلى أنه لم يكن بالإمكان الحصول على الدعم المطلوب من كل من روسيا والولايات المتحدة في عملية «المخلب - السيف» الجوية في شمال سوريا، لكن رغم ذلك فإن العملية جرت وكانت ناجحة. وانتقد التقرير الموقف الأميركي، ووصفه بـ«المنافق». وبحسب ما نقلته صحيفة «يني شفق» فإن الولايات المتحدة انتقدت العملية الجوية في سوريا، وأبلغت تركيا في الوقت نفسه بأنه «لا ينبغي الدخول إلى هناك، لأن المنطقة تحت سيطرتها».
*جهوزية الجيش
وتأكيداً للتقارير التركية، قال مسؤولون أتراك لـ«رويترز»، إن الجيش لا يحتاج إلا لأيام قليلة ليكون جاهزاً لعملية توغل بري في شمال سوريا، وإن من المحتمل اتخاذ قرار بهذا الشأن خلال اجتماع لمجلس الوزراء (الاثنين)، وذلك في الوقت الذي تقصف فيه القوات التركية مواقع قسد، وتقصف مدافع هاوتزر التي يتم إطلاقها يومياً من تركيا أهدافاً لوحدات حماية الشعب الكردية منذ أسبوع، بينما تنفذ طائرات حربية غارات جوية. وأعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس، مقتل 14 من عناصر الوحدات الكردية في قصف على منطقتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» في محافظة حلب. وبحسب «رويترز» قال مسؤول كبير إن «القوات المسلحة التركية بحاجة إلى بضعة أيام فقط لتصبح جاهزة بشكل كامل تقريباً»، مضيفاً أن المعارضة السورية المسلحة المتحالفة مع تركيا استعدت لمثل هذه العملية بعد بضعة أيام من تفجير إسطنبول في 13 نوفمبر الحالي... وأن العملية لن تستغرق وقتاً طويلاً حتى تبدأ وأن الأمر يتوقف فحسب على إصدار الرئيس رجب طيب إردوغان للأمر.
وقال مسؤول تركي آخر، طلب أيضاً عدم نشر اسمه، قبل اجتماع مجلس الوزراء التركي: «كل الاستعدادات كاملة... بانتظار القرار السياسي». وذكر المسؤول التركي الأول أن عملية برية تستهدف مناطق منبج وعين العرب (كوباني) وتل رفعت، باتت حتمية لربط المناطق التي دخلت تحت سيطرة تركيا وحلفائها السوريين بالمناطق التي تم الاستيلاء عليها خلال توغلات بدأت في 2016، وأن أنقرة أجرت اتصالات مع موسكو وواشنطن بشأن أنشطتها العسكرية.
وبحسب المصدر أبلغت الولايات المتحدة تركيا، العضو بحلف شمال الأطلسي (ناتو)، بأن لديها مخاوف بالغة من أن يؤثر التصعيد العسكري على الهدف المتمثل في مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا، بينما طلبت روسيا من تركيا الامتناع عن شن هجوم بري شامل. بدوره، أبدى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عزمه على المضي قدماً في تنفيذ العملية العسكرية، دون الرجوع لأحد أو الحصول على إذن (في إشارة إلى الرفض الأميركي والتحفظ الروسي)، قائلاً إن تركيا لها حق التصرف في مناطق حددتها خارج حدودها لحماية أمنها، ولا يمكن لأحد أن يمنعها من استخدام هذا الحق.
ولمح إردوغان إلى وجود «مؤامرة» تستهدف تركيا قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة منتصف العام المقتل، قائلاً: «من المنظمات الإرهابية وصولاً إلى وسائل الإعلام العالمية، تم تحريكها جميعاً ضد تركيا الآن قبل الانتخابات». ودعا إردوغان الدول الإسلامية إلى بذل مزيد من الجهد لتخليص سوريا من دوامة الصراع. وقال، خلال مشاركته في افتتاح الاجتماع 38 اللجنة الوزارية الاقتصادية التجارية التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، الاثنين: «يجب على الدول الإسلامية أن تبدي إرادة أقوى وأن تدعم جهود الحل السياسي في سوريا ليتخلص البلد من دوامة الصراع والأزمة الإنسانية والإرهاب». وأكد ضرورة إنهاء لعبة دعم تنظيم «حزب العمال الكردستاني» الإرهابي وامتداداته (وحدات حماية الشعب الكردية) التي تتخفى تحت ستار مكافحة تنظيم «داعش»، في إشارة إلى الدعم الأميركي للوحدات الكردية. في سياق متصل، ألغت الشرطة العسكرية الروسية تسيير دورية مشتركة مع القوات التركية كان مقرراً تسييرها، الاثنين، في ريف عين العرب (كوباني) الشرقي، بسبب التصعيد العسكري بين القوات التركية وقسد، ضمن الدوريات الاعتيادية بموجب تفاهم سوتشي الموقع في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.