مشاهدة العرب لكأس العالم... أرقام تتلاعب بها «المنصات والقرصنة»

«فيفا» قال إن شعبية المونديال «أكثر من أي وقت مضى»

شعار كأس العالم 2022 في الدوحة بقطر (رويترز)
شعار كأس العالم 2022 في الدوحة بقطر (رويترز)
TT

مشاهدة العرب لكأس العالم... أرقام تتلاعب بها «المنصات والقرصنة»

شعار كأس العالم 2022 في الدوحة بقطر (رويترز)
شعار كأس العالم 2022 في الدوحة بقطر (رويترز)

تمثل كأس العالم لكرة القدم واحدة من أكثر المناسبات التي تستقطب المشاهدين من كل قارات العالم. ورغم إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» أن الأرقام المبكرة لبطولة كأس العالم 2022 في قطر تشير إلى «شعبية المسابقة الدولية أكثر من أي وقت مضى»، فإنه يبدو من الصعب التوصل إلى أرقام دقيقة حول معدلات مشاهدة مباريات المونديال، على الأقل في المنطقة العربية التي تعاني افتقاراً واضحاً لاستخدام قياسات فنية حاسمة، أو أدوات علمية دقيقة لحصر أعداد المشاهدين.
ويرى خبراء ومختصون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن القياس الدقيق لحجم المشاهدة لا يتوافر لدى معظم الدول العربية. فأجهزة رصد التقاط البث التلفزيوني لا تتوافر في المنطقة العربية، علاوة على تباين أنماط المشاهدة بين الدول، واستخدام وسائط وأساليب لا يمكن رصدها وقياسها علمياً، فضلاً عن غلبة الطابع التجاري على بحوث المشاهدين التي تجريها شركات مختصة.
وأعلن «فيفا» في بيان رسمي على موقعه الخميس الماضي، أن الأرقام المبكرة لبطولة كأس العالم 2022 في قطر، تشير إلى شعبية المسابقة الدولية أكثر من أي وقت مضى في جميع أنحاء العالم، حيث أظهرت الأرقام الأولية زيادة عدد المشاهدين مقارنة بالأرقام التي سُجلت قبل 4 أعوام في روسيا.
وبحسب بيان الاتحاد الدولي، فإن المواجهة الافتتاحية لمونديال قطر، استطاعت جذب مشاهدين أكثر من المباراة الافتتاحية في كأس العالم 2018، وإن عدد مشاهديها زاد إلى 109 في المائة (مقارنة مع المونديال السابق)، وهي نسبة أعلى من النسختين الأخيرتين من كأس العالم 2018 في روسيا و2014 في البرازيل.
ولم يحدد بيان «فيفا» أعداد المشاهدين في المنطقة العربية، رغم ذكره للأعداد في مناطق عدة بأوروبا والأميركتين.
من جانبها، لم تفصح شبكة بي إن سبورتس القطرية (الناقل الحصري للبث التلفزيوني الفضائي لعدة بطولات رياضية كبرى ومنها كأس العالم لكرة القدم)، عن أرقام المشتركين في باقة «كأس» العالم التي خصصتها لراغبي متابعة مباريات المونديال، كما لم ترد على استفسار لـ«الشرق الأوسط» حول عدد المشتركين أو المعايير التي اعتمدتها لقياس الأرقام المعلنة.
ويكتسب كأس العالم (قطر 2022) أهمية خاصة لدى الجمهور العربي، ليس فقط لإقامته للمرة الأولى على أرض دولة عربية، لكن أيضاً بالنظر إلى المشاركات اللافتة لأربعة منتخبات عربية ذات شعبية، في مقدمتها المنتخب السعودي، الذي زاد من معدلات الاهتمام بمبارياته بعد فوزه التاريخي على منتخب الأرجنتين.
طرق مشاهدة متعددة
تتباين طرق مشاهدة البطولة بين فئات الجمهور العربي، سواء بين الدول، أو داخل الدولة نفسها، وبحسب القدرة الشرائية ومستوى دخل الأفراد. فالبعض مشترك في باقات رياضية تنقل المباريات، والبعض الآخر لا يستطيع دفع المقابل المادي لهذا الاشتراك، ويتحايل بسبل مختلفة للمشاهدة سواء عبر استخدام ما يوصف بأنه «وصلات فرعية»، وهي طرق غير قانونية لاستقبال البث التلفزيوني عبر كابل من جهاز شخص مشترك في باقات الشبكة الناقلة للمباريات.
وشهدت السنوات الأخيرة تزايداً واضحاً بوتيرة استخدام أجهزة (IPTV)، وهي حسبما يقول محمد عواض فني تركيبات أجهزة التقاط البث التلفزيوني بوسط القاهرة لـ«الشرق الأوسط»، عبارة عن أجهزة استقبال تتصل بشبكة الإنترنت، وتدعم نظام البث التلفزيوني عبر الإنترنت بدلاً من الاستقبال عبر القمر الصناعي. وتتصل تلك الأجهزة بخوادم (سيرفرات) تبث المحتوى المقرصن (صوتاً وصورة) للمشتركين فيها مقابل، مبالغ مالية زهيدة لا تتجاوز في مصر 500 جنيه (نحو 20 دولاراً) سنوياً. في حين يبلغ الاشتراك في شبكة (بي إن سبورتس) 2700 جنيه سنوياً (أي نحو 110 دولارات)، إضافة إلى ألفي جنيه تكلفة الباقة الخاصة لمشاهدة مباريات كأس العالم.
ويصعب قياس مدى انتشار هذه النوعية من الأجهزة، إذ لا تتوافر إحصاءات موثوق بها عن مدى انتشارها أو كميات استيرادها. وإذا ما أضيف إلى هذا النمط من المشاهدة، ما بات يعرف بـ«المشاهدة الجماعية» من خلال إتاحة متابعة المباريات في المقاهي والمجمعات التجارية، وكذلك في الأندية الرياضية، فإن الأمر يصبح أكثر صعوبة؛ إذ تستخدم تلك المقاصد اشتراكات منزلية في معظم الأحيان، لكنها تتيح للعشرات، وأحياناً للمئات من روادها، مشاهدة جماعية للمباريات كنوع من الترويج واجتذاب الزبائن أو خدمة للأعضاء.
ولا تقتصر مشاهدة مباريات كأس العالم على النمط التلفزيوني، إذ دخلت منصات التواصل الاجتماعي والوسائط الرقمية كمنافس قوي خلال السنوات الأخيرة، وتخصصت مواقع إلكترونية وحسابات على منصات فيسبوك وتويتر وإنستغرام وغيرها، في تقديم بث مباشر للمباريات ذات الجاذبية الجماهيرية، وهو ما تكرر مع مباريات كأس العالم، إضافة إلى إتاحة خدمات صحافية وتلفزيونية لملخصات للمباريات. كما يلجأ بعض المشاهدين إلى استخدام برامج قرصنة متاحة عبر شبكة الإنترنت لتوفير مشاهدة المباريات عبر الهواتف الذكية أو أجهزة الكومبيوتر.
* استطلاعات الرأي العام
ويرى الدكتور ماجد عثمان، الرئيس التنفيذي لمركز بصيرة لاستطلاعات الرأي العام، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري الأسبق، أن الأداة الأدق لمعرفة معدلات المشاهدة التلفزيونية هي استطلاعات الرأي العام، التي تجري غالباً باستخدام الاتصالات الهاتفية من جانب مراكز أو شركات مختصة في هذا المجال.
ويضيف عثمان لـ«الشرق الأوسط» أن استخدام أجهزة قياس استقبال إشارات القنوات التلفزيونية، غير متاح في معظم الدول العربية، رغم أن تلك الأجهزة معمول بها في العديد من دول العالم، وفي مقدمتها الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة، بل إن هذه الأجهزة تقادمت الآن هناك، وباتت هناك أدوات أكثر حداثة.
ويتابع رئيس مركز «بصيرة» أن استطلاعات الرأي العام لا تزال هي الوسيلة الأنجع للتوصل إلى معلومات دقيقة بخصوص المشاهدة، لأنها لا تقتصر فقط على أعداد المشاهدين، لكنها تقدم أيضاً أنماط المشاهدة، وخصائص الجمهور مثل السن والدخل والنوع الاجتماعي، وهو ما يوفر معلومات أكثر عمقاً وشمولاً حول الجمهور وأنماط مشاهدته، ويمكن أن يقدم رؤية أكثر دقة لوسائل الإعلام، وللجهات المختصة التي تحتاج إلى تلك المعلومات مثل المعلنين والشركات التجارية.
ويعتقد عثمان أن العديد من الاعتبارات التجارية باتت تتحكم في بحوث المشاهدة التي تجريها شركات في هذا الصدد. وهناك وقائع عديدة رصدت مخالفات واضحة في ترتيب القنوات الأكثر مشاهدة، وأعداد مشاهديها، الأمر الذي أضر بسمعة بعض الشركات، واضطرت إلى الإغلاق.
ويضيف أن الوقوف على بحوث دقيقة للمشاهدة يخدم كل الأطراف، سواء المؤسسات الإعلامية، التي يمكنها تطوير المحتوى عبر ما تقدمه تلك البحوث من مؤشرات على جاذبية المحتوى، أو للمؤسسات العلمية والمهنية التي تبحث عن معلومات موثوق بها، مشيراً إلى أن تلك البحوث تتطلب تكلفة كبيرة، وتحتاج إلى داعمين وعملاء يقدرون قيمة تلك البحوث.
تقول عزة العدوي، وهي مشرفة على جودة البيانات في إحدى الشركات العربية المختصة ببحوث المشاهدة، إن مشروعاً جرى الإعداد له في عام 2016 لتركيب أجهزة رصد مشاهدة المواطنين العرب للقنوات الفضائية، إلا أن المشروع قوبل برفض شديد في أكثر من دولة، من بينها السعودية ومصر والبحرين، وكان رفض المواطنين التجاوب مع مشروع الشركة مرده الخشية من انتهاك الخصوصية، أو وجود أجهزة تسجيل أو تصوير في الأدوات التي كانت ستُثبت بأجهزة «الريسيفر»، وهو ما دفع الشركة إلى إلغاء المشروع والعودة إلى استخدام استطلاعات الرأي الهاتفية للتعرف على تفضيلات الجمهور.
وتضيف العدوي لـ«الشرق الأوسط» أن الشركة التي تعمل بها حالياً نفذت بالفعل، مشروعاً حول معدلات مشاهدة مباريات كأس العالم، وأن المشروع نُفذ في بعض الدول العربية، لكن نتائجه لا يمكن تعميمها على مجمل الوطن العربي، لأنه يقيس بالأساس ارتباط المشاهدة بمستوى الدخل وأنماط الاستهلاك، وأن هناك العديد من الشركات العاملة في مشروعات مشابهة، لكن لا يمكنها تبادل البيانات فيما بينها، لأن ذلك يُعتبر في هذه الحالة، نوعاً من التنافس التجاري.
* متابعة تتجاوز المشاهدة
ولاحظت عزة عبد المنعم أن هناك تنامياً واضحاً لاستخدام الوسائط الرقمية في مشاهدة مباريات كأس العالم لكرة القدم المقامة حالياً في قطر، وهو ما يتفق معه هاني البشر عضو الاتحاد السعودي للصحافيين الرياضيين، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن احتكار قنوات بعينها للبطولات الرياضية، صار أمراً معتاداً لدى المواطن العربي الذي أصبح يذهب للمقاهي والمطاعم لكي يشاهد المباريات، وهو ما أضفى جواً آخر على أنماط المشاهدة، كما أن وسائط التواصل الاجتماعي تقدم ملخصات أولاً بأول، وبالتالي حازت على قطاع واسع من المتابعين الذين كانوا يشاهدون المباريات تلفزيونياً.
ويضيف هاني أن هذا النمط الجديد لمتابعة البطولات الرياضية، وخصوصاً الكبرى منها مثل كأس العالم، فرض إيقاعاً وأسلوباً مختلفاً على الإعلام الرياضي العربي الذي يسعى إلى مواكبة هذا التوجه، وأصبحت المؤسسات الإعلامية المختلفة تسعى إلى التواجد على «السوشيال ميديا»، وتبث فيديوهات قصيرة ومقاطع لا تبثها القنوات الناقلة، بحثاً عن تميز يجذب الجمهور.
ويرى الناقد الرياضي أيمن بدرة، رئيس التحرير السابق لجريدة «أخبار الرياضة» المصرية، أن مفهوم المتابعة لكأس العالم يتجاوز مفهوم المشاهدة. فاليوم تميل قطاعات واسعة من الجمهور العربي إلى متابعة المباريات عبر منصات رقمية أو منافذ الإعلام الرياضي، خصوصاً أن مواعيد المباريات تأتي في توقيتات متباينة في دول عربية مختلفة، فضلاً عن أن البطولة تُقام في ذروة الموسم الدراسي في معظم البلدان العربية، وفي أوقات العمل.
ويضيف بدرة أن انتشار الأدوات الرقمية أسهم في نشر ثقافة المتابعة وليس المشاهدة، وقد صارت المتابعة أكثر اتساعاً من المشاهدة المباشرة. فالجمهور العربي اليوم، لا يريد أن يبقى لساعات يتابع مباريات كاملة، بل يميل إلى مشاهدة ملخصات وافية للحظات الحاسمة، مثل إحراز الأهداف أو الفرص الضائعة، أو حالات الطرد والمشادات، وهو ما يجعل الحديث الدقيق عن معدلات المشاهدة أمراً بالغ الصعوبة.


مقالات ذات صلة

ليما يحيي آمال الإمارات في العودة للمونديال بعد 36 عاماً

رياضة عالمية فابيو ليما (رويترز)

ليما يحيي آمال الإمارات في العودة للمونديال بعد 36 عاماً

تحوّل فابيو ليما البرازيلي المولد رمزاً لحملة الإمارات لما يمكن أن يكون صعودها لكأس العالم لكرة القدم بعد غياب 36 عاماً، بتسجيله 4 أهداف بالفوز الساحق على قطر.

«الشرق الأوسط» (دبي)
رياضة عربية سون هيونغ مين (أ.ف.ب)

سون قائد كوريا الجنوبية: علينا التعلم من منتخب فلسطين

أشاد سون هيونغ مين، قائد كوريا الجنوبية، بصلابة الفريق الفلسطيني، بعدما منح مهاجم توتنهام هوتسبير فريقه نقطة بالتعادل 1 - 1.

«الشرق الأوسط» (عمان)
رياضة عالمية فرحة لاعبي الأرجنتين بهدف مارتينيز (أ.ف.ب)

تصفيات كأس العالم: الأرجنتين تبتعد في الصدارة... والبرازيل تتعثر بنقطة الأوروغواي

قاد المهاجم لاوتارو مارتينيز المنتخب الأرجنتيني إلى الفوز على ضيفه البيروفي بهدف دون رد، الثلاثاء، في الجولة الـ12 من تصفيات أميركا الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (مونتيفيديو)
رياضة عربية فابيو ليما (رويترز)

ليما بعد الخماسية في قطر: الإمارات قدَّمت أفضل أداء في التصفيات

قال فابيو ليما مهاجم الإمارات، إن مباراة بلاده مع قطر في المرحلة الثالثة من التصفيات الآسيوية لكأس العالم لكرة القدم 2026 كانت الأفضل.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
رياضة عربية شين تاي-يونغ (أ.ف.ب)

مدرب إندونيسيا: الفوز على «الأخضر» يمنحنا الثقة في بلوغ كأس العالم

يثق شين تاي-يونغ مدرب إندونيسيا في أن الفوز المفاجئ 2-صفر على السعودية، في جاكرتا أمس (الثلاثاء) سيمنح فريقه فرصة حقيقية في بلوغ كأس العالم لكرة القدم 2026.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».