تركيا ترى تقدماً نحو انضمام السويد وفنلندا إلى «الناتو»

احتجاز عشرات المشاركات في تجمع احتجاجاً على العنف ضد المرأة

تركيات يتضامن مع الإيرانيات في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
تركيات يتضامن مع الإيرانيات في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا ترى تقدماً نحو انضمام السويد وفنلندا إلى «الناتو»

تركيات يتضامن مع الإيرانيات في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
تركيات يتضامن مع الإيرانيات في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)

رأت تركيا أنّ السويد وفنلندا أحرزتا تقدماً في ما يتعلق بطلب انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) والالتزام ببنود مذكرة التفاهم الثلاثية التي وُقّعت على هامش قمة الحلف في مدريد في 28 يونيو (حزيران) الماضي. فيما احتجزت السلطات التركية عشرات المشاركين في مسيرة في إسطنبول بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، حيث طالبوا بتمكين المرأة من حقوقها والعودة للعمل باتفاقية مجلس أوروبا لمكافحة العنف المنزلي، المعروفة بـ«اتفاقية إسطنبول».
وعبّرت تركيا والسويد وفنلندا عن ترحيبها بتكثيف التعاون في ما بينها وبالتقدم الذي أحرزته فنلندا والسويد في إطار احترام مذكرة التفاهم الثلاثية التي تنص على العمل على إزالة المخاوف الأمنية لتركيا وتسليم المطلوبين من العناصر الإرهابية التي تعمل ضدها لدى البلدين الأوروبيين ورفع حظر السلاح الذي شاركتا في فرضه عليها في 2019 بسبب عملية«نبع السلام» العسكرية التي نفذتها في شمال شرق سوريا ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يعتبرها الغرب حليفاً في الحرب على تنظيم«داعش» الإرهابي.
واختتم بالعاصمة السويدية ستوكهولم، ليل الجمعة - السبت، ثاني اجتماعات الآلية المشتركة الدائمة في إطار المذكرة الثلاثية. وقال بيان لمكتب المتحدث باسم الرئاسة التركية، أن المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين ونائب وزير الخارجية سادات أونال، ترأسا الوفد التركي خلال الاجتماع الثاني.
وبحسب البيان، رحبت الآلية المشتركة الدائمة بزيادة المستوى الفني للتنسيق بين الوزارات والمؤسسات ذات الصلة، وبإحراز فنلندا والسويد تقدما وفق المذكرة. كما اتفقت الأطراف على مواصلة العمل من أجل تنفيذها.
وأضاف البيان أن السويد وفنلندا ستبدآن التحقيق في أنشطة جمع أموال وتجنيد مقاتلين لحزب «العمال الكردستاني»، المصنف كمنظمة إرهابية.
من جانبه، قال رئيس الوفد السويدي في المفاوضات، أوسكار ستينستروم، عبر «تويتر» عقب الاجتماع، إن بلاده احترمت إلى حد كبير المذكرة الثلاثية وتحرز تقدماً.
في الوقت ذاته، أكد رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، أن بلاده ستفي بالوعود التي قدمتها لتركيا في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن ما تم توقيعه في مدريد ليس مذكرة بل اتفاقاً يتضمن تعهدات أمنية مقدمة لتركيا.
وأضاف أن ستوكهولم تتواصل مع أنقرة في ما يخص قانون الإرهاب الجديد المتوقع دخوله حيز التنفيذ في السويد خلال ربيع العام المقبل.
وسارعت السويد وفنلندا، عقب اندلاع الاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي، إلى التقدم لعضوية «الناتو» في مايو (أيار). وصادقت دول الحلف، باستثناء المجر وتركيا، على انضمام البلدين. ويحتاج الأعضاء الجدد في الحلف إلى موافقة بالإجماع.
وتتهم تركيا السويد وفنلندا بالتساهل مع حزب «العمال الكردستاني» وامتداداته على غرار وحدات «حماية الشعب» الكردية في سوريا، وتطالب بتسليم عناصر منهما إلى جانب عناصر من حركة «الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن التي اتهمتها بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو (تموز) 2016 وصنّفتها منظمة إرهابية.
وأقر البرلمان السويدي في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي تعديلاً على الدستور يسمح للسويد بتشديد حربها ضد الإرهاب، على أن يدخل حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) المقبل.
على صعيد آخر، احتجزت السلطات التركية عشرات المحتجات اللاتي احتشدن لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة في إسطنبول ليل الجمعة - السبت.
وكان مقرراً عقد التجمع في ميدان تقسيم، الذي شهد تفجيراً إرهابياً في شارع الاستقلال المتفرع منه في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي نسب إلى حزب «العمال الكردستاني» و«الوحدات» الكردية، وقررت السلطات منع إقامة أي فعاليات عامة فيه اعتباراً من الجمعة. لكن الشرطة منعت هذا التحرك لعدم حصوله على تصريح، ووضعت حواجز لقطع الطرق وانتشرت شرطة مكافحة الشغب بأعداد كبيرة.
وتجمع مئات النساء بدعوة من«منصّة 25 نوفمبر»، ائتلاف الحركات النسوية في تركيا، وبعضهن محجبّات، ورددن بالتركية وباللغة الكردية «المرأة… الحياة… الحرية»، وهو شعار النساء الإيرانيات اللواتي يتظاهرن ضد النظام الإيراني.
وارتفعت المطالبات في تركيا من جانب الجمعيات والمنصات الناشطة في مجال حقوق النساء بالعودة إلى اتفاقية مجلس أوروبا لمناهضة العنف ضد المرأة الموقعة عام 2011 والمعروفة بـ«اتفاقية إسطنبول»، التي أعلنت الحكومة التركية الانسحاب رسمياً منها في نهاية يونيو (حزيران) 2021 وسط رفض واسع في أوساط المعارضة والمدافعين عن حقوق المرأة وإدانة الحلفاء الغربيين وتحذيرات من المنظمات الحقوقية الدولية من تصاعد العنف ضد المرأة.
وأدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قرار إردوغان، بينما تصاعدت الاحتجاجات والمسيرات الرافضة له في تركيا.
ودافع إردوغان عن انسحاب بلاده من الاتفاقية، قائلاً إن كفاح تركيا لإنهاء العنف ضد المرأة لم يبدأ مع«اتفاقية إسطنبول» ولن ينتهي بالخروج منها. ويعتقد كثير من المحافظين وحزب«العدالة والتنمية» بزعامة إردوغان أن الاتفاقية تقوض الهياكل الأسرية التي تحمي المجتمع، وتروج المثلية الجنسية من خلال مبدأ عدم التمييز على أساس التوجه الجنسي.
واتفاقية إسطنبول أبرمها مجلس أوروبا وفتح باب التوقيع عليها في 11 مايو (أيار) 2011 بمدينة إسطنبول، وتهدف إلى منع العنف وحماية الضحايا ووضع حد لإفلات مرتكبي الجرائم من العقاب. ووقّعت 45 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، على الاتفاقية، غير أن معظم الدول الأعضاء، لم تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ. وكانت تركيا من أوائل الدول التي عملت على تطبيقها، ودخلت حيز التنفيذ في الأول من أغسطس (آب) عام 2014.
وتركيا ليست الدولة الأولى التي تنسحب من اتفاقية إسطنبول، وكانت أعلى محكمة في بولندا قررت فحص هذه الاتفاقية بعد أن دعا عضو في الحكومة البولندية إلى الانسحاب منها باعتبارها ليبرالية أكثر من اللازم.
ويشهد معدل قتل النساء في تركيا ارتفاعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث سجلت مجموعة مراقبة حالة واحدة يومياً في السنوات الخمس الماضية.


مقالات ذات صلة

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

العالم موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

أكد سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) نشر وحدات عسكرية إضافية في أوروبا الشرقية، وقام بتدريبات وتحديثات للبنية التحتية العسكرية قرب حدود روسيا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، اليوم الأربعاء. وأكد باتروشيف في مقابلة مع صحيفة «إزفستيا» الروسية، أن الغرب يشدد باستمرار الضغط السياسي والعسكري والاقتصادي على بلاده، وأن الناتو نشر حوالى 60 ألف جندي أميركي في المنطقة، وزاد حجم التدريب العملياتي والقتالي للقوات وكثافته.

العالم إسبانيا تستدعي سفير روسيا إثر «هجوم» على حكومتها عبر «تويتر»

إسبانيا تستدعي سفير روسيا إثر «هجوم» على حكومتها عبر «تويتر»

أعلنت وزارة الخارجية الإسبانية، الجمعة، أنها استدعت السفير الروسي في مدريد، بعد «هجمات» شنتها السفارة على الحكومة عبر موقع «تويتر». وقال متحدث باسم الوزارة، لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن الغرض من الاستدعاء الذي تم الخميس، هو «الاحتجاج على الهجمات ضد الحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم {الناتو} يؤكد تسليم أوكرانيا كل المركبات اللازمة لهجوم الربيع

{الناتو} يؤكد تسليم أوكرانيا كل المركبات اللازمة لهجوم الربيع

أعلن القائد العسكري الأعلى لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، أن جميع المركبات القتالية، التي وعد حلفاء أوكرانيا الغربيون بتسليمها في الوقت المناسب، تمهيداً لهجوم الربيع المضاد المتوقع الذي قد تشنه كييف، قد وصلت تقريباً. وقال الجنرال كريستوفر كافولي، وهو أيضاً القائد الأعلى للقوات الأميركية في أوروبا، إن «أكثر من 98 في المائة من المركبات القتالية موجودة بالفعل». وأضاف في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب يوم الأربعاء: «أنا واثق جداً من أننا قدمنا العتاد الذي يحتاجون إليه، وسنواصل الإمدادات للحفاظ على عملياتهم أيضاً».

العالم الناتو يؤكد تسليم كل المركبات القتالية اللازمة لهجوم الربيع الأوكراني

الناتو يؤكد تسليم كل المركبات القتالية اللازمة لهجوم الربيع الأوكراني

أعلن القائد العسكري الأعلى لحلف شمال الأطلسي (الناتو) أن جميع المركبات القتالية، التي وعد حلفاء أوكرانيا الغربيون بتسليمها في الوقت المناسب، تمهيداً لهجوم الربيع المضاد المتوقع الذي قد تشنه كييف، قد وصلت تقريباً. وقال الجنرال كريستوفر كافولي، وهو أيضاً القائد الأعلى للقوات الأميركية في أوروبا، إن «أكثر من 98 في المائة من المركبات القتالية موجودة بالفعل». وأضاف في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي الأربعاء: «أنا واثق جداً من أننا قدمنا العتاد الذي يحتاجون إليه، وسنواصل الإمدادات للحفاظ على عملياتهم أيضاً».

العالم مقاتلات ألمانية وبريطانية تعترض طائرات روسية فوق البلطيق

مقاتلات ألمانية وبريطانية تعترض طائرات روسية فوق البلطيق

اعترضت مقاتلات ألمانية وبريطانية ثلاث طائرات استطلاع روسية في المجال الجوي الدولي فوق بحر البلطيق، حسبما ذكرت القوات الجوية الألمانية اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. ولم تكن الطائرات الثلاث؛ طائرتان مقاتلتان من طراز «إس يو – 27» وطائرة «إليوشين إل – 20»، ترسل إشارات جهاز الإرسال والاستقبال الخاصة بها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟