الحوثيون يحرمون اليمنيين من رواتبهم رغم جباية المليارات سنوياً

تقارير حكومية: عائدات الوقود والضرائب تكفي لـ500 ألف موظف

جنود يمنيون من قوات خفر السواحل في منطقة الخوخة جنوب الحديدة يقومون بتوعية الصيادين حول مخاطر الألغام التي زرعها الحوثيون (أ.ف.ب)
جنود يمنيون من قوات خفر السواحل في منطقة الخوخة جنوب الحديدة يقومون بتوعية الصيادين حول مخاطر الألغام التي زرعها الحوثيون (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يحرمون اليمنيين من رواتبهم رغم جباية المليارات سنوياً

جنود يمنيون من قوات خفر السواحل في منطقة الخوخة جنوب الحديدة يقومون بتوعية الصيادين حول مخاطر الألغام التي زرعها الحوثيون (أ.ف.ب)
جنود يمنيون من قوات خفر السواحل في منطقة الخوخة جنوب الحديدة يقومون بتوعية الصيادين حول مخاطر الألغام التي زرعها الحوثيون (أ.ف.ب)

كشفت مصادر حكومية يمنية، وأخرى تجارية، أن الانقلابيين الحوثيين جمعوا مئات المليارات من الريالات سنوياً من عائدات الوقود الواصل إلى موانئ الحديدة منذ بداية الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، وما زالوا حتى الآن، رغم مرور نحو 6 أسابيع على انتهاء الهدنة ورفضهم تمديدها.
في الوقت نفسه، تشير بيانات الانقلابيين أنفسهم إلى أنهم يجنون سنوياً أكثر من 600 مليار ريال (نحو مليار دولار أميركي) من عائدات الضرائب والجمارك، في حين أن إجمالي رواتب الموظفين في مناطقهم تبلغ نحو 50 مليار ريال شهرياً.
وذكرت مصادر في وزارة المالية اليمنية، وأخرى من القطاع التجاري في مناطق سيطرة الانقلابيين، أن إجمالي ما حصل عليه الحوثيون من عائدات 54 سفينة تحمل الوقود دخلت ميناء الحديدة منذ بداية الهدنة حتى نهاية الأسبوع الماضي تقترب من 400 مليار ريال يمني (الدولار نحو 560 ريالاً)، وأكدت أن هذه الأموال ستذهب لصالح ما يسمى المجهود الحربي، كما حدث في مرات سابقة.
- الرواتب الشهرية
مسؤولان في وزارة المالية في الحكومة اليمنية ذكرا لـ«الشرق الأوسط» أن إجمالي الرواتب الشهرية التي يتم صرفها حالياً لأكثر من نصف الموظفين، وفقاً لبيانات العام 2014، تصل إلى 50 مليار ريال في الشهر، وأن هذا المبلغ احتسب بعد إسقاط رواتب العاملين في القضاء والقطاع الصحي وأساتذة الجامعات، التي توقفت منذ عامين تقريباً نتيجة منع ميليشيات الحوثي تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية وفرض رسوم تحويل على المبالغ المالية إلى مناطق سيطرتها، تصل إلى 100‎ في المائة، وأكدا أن الموظفين في محافظة الجوف التي تسيطر الميليشيات على عاصمتها ما زالوا يتسلمون رواتبهم من الحكومة الشرعية.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أكد في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي أن ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، جنت عشرات المليارات من عائدات سفن الوقود الواصلة إلى ميناء الحديدة خلال فترة الهدنة، وقال إن نحو 300 مليار ريال حصلت عليها الميليشيات من عائدات سفن الوقود الواصلة إلى الميناء خلال الستة الأشهر الماضية من عمر الهدنة.
ورغم انتهاء الهدنة في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن الحكومة وافقت على طلب مبعوث الأمم المتحدة باستمرار سريان بنودها وإتاحة الفرصة للجهود التي يبذلها مع وسطاء دوليين وإقناع الميليشيات بمقترحاته الخاصة بتمديد الهدنة وتوسعتها، من خلال دفع رواتب الموظفين المدنيين في مناطق سيطرتهم وتوسيع الرحلات التجارية من مطار صنعاء إلى 6 عواصم أخرى.
- نصف مليون موظف
بحسب بيانات الموازنة العامة اليمنية عام 2014، فإن إجمالي الموظفين في الجهاز الإداري للدولة يبلغ 447653، منهم 85164 موظفاً في وحدات القطاع العام، في حين يبلغ إجمالي الموظفين في الوحدات المستقلة والصناديق 17347، كما يبلغ إجمالي الموظفين في وحدات القطاع المختلط 6207 موظفين، أما إجمالي الموظفين في الجهات غير المبوبة فيبلغ 13960 موظفاً، يضاف إلى ذلك موظفو الجهاز العسكري والأمني، البالغ عددهم 652752 عنصراً.
وبموجب تلك البيانات وتأكيدات مسؤولين في وزارة المالية اليمنية، فإن قطاع التعليم يستحوذ على العدد الأكبر من الموظفين، حيث يبلغ عدد الموظفين في هذا القطاع 307157 موظفاً، فيما يأتي قطاع الصحة في المرتبة الثانية بإجمالي 49696 موظفاً، ويتوزع بقية الموظفين على بقية الجهاز الإداري.
وطبقاً لما ذكرته هذه المصادر، فإن إجمالي الموظفين الذين يحصلون على رواتب شهرية من قبل الحكومة اليمنية يبلغ 224053 موظفاً، ما يشكل نسبة 47‎ في المائة من إجمالي عدد الموظفين مضافاً إليهم 26 ألف موظف في مديريات محافظة الحديدة الخاضعة لسيطرة الميليشيات؛ حيث كانت الحكومة قد أقرت عقب اتفاق أستوكهولم البدء بصرف رواتب الموظفين هناك، في حين لا يزيد عدد الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي عن 254600 موظف.
ووفق دراسة لوزير الشباب والرياضة الأسبق رأفت الأكحلي، فإن إجمالي الباب الأول (الأجور والمرتبات) في موازنة عام 2014 نحو 977 مليار ريال، أي 81 ملياراً شهرياً، مقسمة إلى 547 ملياراً للجهاز المدني (45.5 مليار شهرياً) و430 ملياراً للجهاز الأمني والعسكري (35.8 مليار شهرياً)، فيما قال مسؤولون في وزارة المالية إن إجمالي الرواتب التي يتم صرفها حالياً تبلغ 50 مليار ريال شهرياً، أي ما يعادل 25 مليار ريال، وفقاً لسعر العملة قبل الانقلاب.
- مئات المليارات
وطبقاً لهذه المصادر، فإنه بعد خصم ما تدفعه الحكومة للموظفين في مناطق سيطرتها، فإن المبلغ المتبقي لتغطية رواتب الموظفين المدنيين في مناطق سيطرة الانقلابين بحدود 55 مليار شهرياً، فيما عائدات ميناء الحديدة من شحنات الوقود تبلغ نحو 50 مليار ريال شهرياً بخلاف بقية الموارد التي يتم تحصيلها من قبل الميليشيات، مثل الضرائب على شركات الاتصالات والتجار والجمارك على البضائع القادمة من موانئ سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً. وبالإضافة إلى تلك الموارد، فوفق بيانات خطة الإنفاق التي قدمتها الحكومة غير المعترف بها التي أعلنت آخر مرة قبل عامين، تبلغ إيرادات الجمارك 69.600 مليار ريال، فيما لم تذكر أي تقديرات لإيرادات جمارك النفط والغاز، فيما قدرت إيرادات الضرائب بمبلغ 469.229 مليار ريال، وإيرادات الاتصالات 25 مليار ريال، وإيرادات أخرى 24.512 مليار ريال، وفائض أرباح مبلغ 60.675 مليار ريال، ليكون إجمالي الإيرادات 649.131 مليار ريال.
وإذا ما تم قسمة هذا المبلغ على إجمالي مستحقات الموظفين المدنيين، فإنه يغطي رواتبهم لمدة عام كامل، بخلاف الأموال المحصلة من عائدات سفن الوقود الواصلة إلى موانئ الحديدة، لكن ذلك لم يتم حيث استمرت الميليشيات في توظيف تلك العائدات لخدمة مقاتليها وقادتها وشراء الولاءات والإنفاق على أعضاء حكومتها الانقلابية، وما يسمى مجلسي النواب والشورى.


مقالات ذات صلة

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).