تحذير فرنسي لإيران من نقل ملفها النووي إلى مجلس الأمن

(تحليل إخباري)

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يركض قبل وصول رئيس الوزراء الأيرلندي ميشيل مارتن إلى قصر الإليزيه الرئاسي أمس(د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يركض قبل وصول رئيس الوزراء الأيرلندي ميشيل مارتن إلى قصر الإليزيه الرئاسي أمس(د.ب.أ)
TT

تحذير فرنسي لإيران من نقل ملفها النووي إلى مجلس الأمن

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يركض قبل وصول رئيس الوزراء الأيرلندي ميشيل مارتن إلى قصر الإليزيه الرئاسي أمس(د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يركض قبل وصول رئيس الوزراء الأيرلندي ميشيل مارتن إلى قصر الإليزيه الرئاسي أمس(د.ب.أ)

حذرت مصادر رسمية فرنسية إيران من أن الاستمرار في تجاوز «الخطوط الحمراء» سيفضي في نهاية المطاف إلى نقل الملف النووي مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي، ما من شأنه تفعيل آلية «سناب باك» التي تعني إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران، التي رفعت بعد التوقيع على اتفاقية العام 2015.
وما يميز هذه الآلية ويوفر لها بعداً رادعاً يعود لكون العمل بها وما يستتبعه من عقوبات لا يتطلب التصويت على قرار جديد في مجلس الأمن الدولي، وبالتالي فإن العقوبات سيعاد فرضها بشكل آلي.
وهذا الواقع يفسر ردات الفعل الإيرانية على القرارات التي تصدر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المخول له نقل الملف إلى مجلس الأمن. وبعد كل قرار جديد عن مجلس محافظي الوكالة، ترد إيران إما بتصعيب عمل المفتشين الدوليين كما في شهر يونيو (حزيران) الماضي، وإما من خلال الارتقاء بمستوى التخصيب ونشر طاردات مركزية إضافية حديثة كما حصل بعد قرار المجلس الأخير. أما عن الأسباب التي حالت حتى اليوم دون الإقدام على هذه الخطوة رغم أن طهران تخلت، من جهة، عن غالبية التزاماتها في الاتفاقية وأخفقت، من جهة ثانية، في التجاوب مع ما تطلبه الوكالة بخصوص توضيح ظروف المواقع الثلاثة غير المعلنة التي عثر فيها المفتشون على آثار يورانيوم مخصب، فتعود، وفق باريس، إلى رغبة الغربيين بتجنب قطع طريق التفاوض بشكل نهائي. وما زالت فرنسا تعتبر أن إحياء الاتفاق النووي يعد «أفضل ضمانة» للحؤول دون تحول إيران إلى دولة تمتلك السلاح النووي. وبعكس المعلومات المتداولة على نطاق واسع، أكدت هذه المصادر أن إيران «لم تصل بعد إلى ما يسمى الحافة النووية» التي تعني «عسكرة» برنامجها النووي القدرة على إنتاج سلاح ذري في حال قررت ذلك.
منذ انطلاق الاحتجاجات منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، غاب الملف النووي عن الساحة. إلا أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يسعى بين فترة وأخرى إلى إعادة طرحه. ورغم حديثه أمس عن مساع يبذلها الوسيط الأوروبي من أجل «إيجاد حل» لمأزق المفاوضات فإن باريس تبدو متمسكة بمقاربتها التي تقوم على أن «الكرة في ملعب إيران»، وأن على إيران قبول المقترحات التي قدمها مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل في الصيف الماضي، ووضع حد لاختلاق الأعذار والتقدم بطلبات جديدة.
وقال الرئيس ماكرون إنه «عازم على التواصل» مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي «في الأسابيع المقبلة» دون تعيين تاريخ محدد. وبحسب المصادر الفرنسية، فإن ذلك يندرج في إطار السياسة المزدوجة التي تتبعها باريس وهي التشدد من جهة كما في حالة تأكيد الدعم للحركة الاحتجاجية التي وصفها ماكرون بـ«الثورة» واستقباله أربعاً من الناشطات الإيرانيات في قصر الإليزيه، ومن جهة ثانية، الحرص على استمرار التواصل، وإن المتقطع مع النظام الإيراني.
ليست ثمة عناصر يمكن وصفها بـ«الإيجابية» في العلاقة بين باريس وطهران، وقد أشار عبد اللهيان إلى ذلك عندما تحدث أمس عن «توترات» مع أربعة أطراف غربية بينها فرنسا التي دفعت باتجاه قرار التأنيب والتحذير الصادر عن مجلس محافظي الوكالة. وترى باريس أن إيران تعيش «أزمة ثلاثية الأبعاد» عناوينها أزمة النظام والأزمة النووية والأزمة الإقليمية، وهي تحملها مسؤولية الأعمال المزعزعة للاستقرار في المنطقة وتهديد الأمن البحري «في البحر الأحمر والخليج»، والتدخل في شؤون دول الإقليم، والمشاركة في الحرب الروسية على أوكرانيا. فضلاً عن ذلك، فإن هناك أزمة الفرنسيين السبعة الذين تسميهم باريس «رهائن دولة» بأيدي طهران.
تعتبر فرنسا أن ما يحصل من حراك في إيران منذ أكثر من شهرين «ليس سوى تعبير عن أزمة عميقة وواسعة» في المجتمع الإيراني، فضلاً عن أنها أزمة «جيل جديد» لم يعرف من حكم سوى النظام الراهن. ووفق المصادر المشار إليها، فإن ما سماها الرئيس ماكرون أكثر من مرة «الثورة» «سوف تتواصل» باعتبارها نابعة من دوافع اجتماعية قوية، ولأن النظام واجهها بقمع أعمى وبأدوات «وحشية» آخر تجلياته أحكام الإعدام التي أصدرتها محاكمه. وتنظر باريس إلى التطورات الإيرانية على أنها «بالغة الخطورة». أما عما إذا كان الحراك الراهن يشكل تهديداً للنظام، فإن هذه المصادر تتجنب الرد المباشر، وتكتفي بالقول إن الأسس التي قام عليها النظام هي اليوم موضع رفض وإعادة نظر، الأمر الذي يفسر ديمومة الحراك وقوته. وتؤكد باريس أن الرد عليه يتم عبر عدة مستويات؛ وطنية وأوروبية ودولية، مع تأكيد الدعم للإيرانيين والإيرانيات للحصول على حقوقهم الأساسية.
أما بالنسبة لاستهداف الفرنسيين واحتجازهم رهائن، فإن باريس ترى أن هناك ثلاثة أسباب تفسر التصرف الإيراني، وأولها أن النظام واقع تحت ضغط الحراك الداخلي والتنديد الخارجي، وبالتالي يحتاج إلى حرف الأنظار عما يجري في الداخل من خلال تحميل الخارج مسؤولية التآمر. وثاني الأسباب أن طهران بحاجة إلى «كبش فداء» جديد يكون غير الشيطان الأكبر «أميركا»، والشيطان الأصغر «إسرائيل». وثالث العناصر أن الأجهزة الأمنية الإيرانية لا تتوانى عن اقتناص الفرص التي تتوافر لها من أجل وضع اليد على أجانب يمكن أن يشكلوا لاحقاً سلعة للتفاوض والمبادلة مع إيرانيين معتقلين في الخارج. وما يحصل مع فرنسا حصل مثله مع العديد من الدول الغربية، وغالباً ما كان المعتقلون من مزدوجي الجنسية، وعمليات المبادلة أصبحت عملة رائجة.
حتى اليوم، ما زال الرئيس ماكرون متمسكاً بالدعوة إلى مؤتمر إقليمي «بغداد 2» يعقد في عمان، ويضم كافة دول المنطقة كالذي استضافته بغداد في شهر أغسطس (آب) من العام الماضي. والحال أن الواقع الإيراني الداخلي وأزمات الإقليم والأداء الإيراني، ليست عاملاً مساعداً للدعوة لمؤتمر كهذا الذي سيكون، في أي حال، فارغاً من المعنى إذا غابت عنه طهران.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

إقفال مدارس في إيران جراء موجة صقيع وعاصفة رملية

تلوث الهواء يضعف الرؤية في العاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)
تلوث الهواء يضعف الرؤية في العاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)
TT

إقفال مدارس في إيران جراء موجة صقيع وعاصفة رملية

تلوث الهواء يضعف الرؤية في العاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)
تلوث الهواء يضعف الرؤية في العاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)

أعلنت إيران إغلاق المدارس والإدارات العامة في عدد من المحافظات، الأحد، بسبب موجة صقيع تضرب البلاد ونقص في إمدادات الطاقة، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية.

ورغم أن إيران تملك ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإنها اضطرت إلى ترشيد استهلاك الكهرباء في الأسابيع الأخيرة بسبب نقص الغاز والوقود اللازمين لتشغيل محطات الإنتاج.

كما تعاني شبكة الكهرباء في إيران من نقص الاستثمار في البنية التحتية، ويعود ذلك جزئياً إلى العقوبات الغربية، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن المدارس والمؤسسات الحكومية أغلقت في محافظات غيلان، وغولستان، وأردبيل الشمالية، وكذلك محافظة البرز غرب العاصمة طهران «بسبب الطقس البارد ومن أجل ترشيد استهلاك الوقود».

وأضافت أن قرارات مماثلة اتخذت بسبب البرد في محافظات أخرى بينها طهران، ومازندران في الشمال، وكرمانشاه في الغرب، وقزوين في الوسط، وخراسان الجنوبية في الشرق.

وحض الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الخميس، المواطنين على خفض التدفئة «درجتين» لتوفير الطاقة، في إطار حملة روجت لها حكومته.

كما ضربت عاصفة رملية جنوب غربي إيران، الأحد، متسببة أيضاً في إغلاق المدارس والمؤسسات وإلغاء رحلات جوية بسبب سوء الرؤية، على ما ذكرت وسائل إعلام رسمية.

ولف ضباب كثيف محافظتي خوزستان وبوشهر النفطيتين الحدوديتين مع العراق، الواقعتين على بُعد أكثر من 400 كيلومتر على خط مستقيم من طهران.

وفي صور نشرتها «وكالة الأنباء الإيرانية» تكاد الأبنية تختفي جراء الغبار المسيطر في حين وضع سكان كمامات في الشارع.

في جنوب غربي إيران، أغلقت المدارس والمرافق العامة أبوابها، الأحد، وعلقت كل الرحلات الجوية حتى إشعار آخر بسبب سوء الرؤية التي لا تتعدى المائة متر على ما ذكرت وكالة «تسنيم» للأنباء.

في آبدان في جنوب غربي البلاد عدَّت نوعية الهواء، الأحد، «خطرة» مع مؤشر عند مستوى 500 أي أعلى بـ25 مرة من تركز الجزئيات الصغيرة الملوثة PM2.5 في الجو التي تعد مقبولة من جانب منظمة الصحة العالمية.

وتصل عاصفة الرمل والغبار هذه من العراق المجاور مع جزئيات قد تصيب مواطنين بمشاكل في التنفس تستدعي دخولهم المستشفى.