ملايين الأوكرانيين لا يزالون من دون مياه وغارقين في الظلمة والبرد

الاتحاد الأوروبي يعد حزمة عقوبات تاسعة ضد روسيا

سكان كييف يصطفون للحصول على مياه الشرب بعد تعطل المرافق العامة نتيجة القصف الروسي (أ.ب)
سكان كييف يصطفون للحصول على مياه الشرب بعد تعطل المرافق العامة نتيجة القصف الروسي (أ.ب)
TT

ملايين الأوكرانيين لا يزالون من دون مياه وغارقين في الظلمة والبرد

سكان كييف يصطفون للحصول على مياه الشرب بعد تعطل المرافق العامة نتيجة القصف الروسي (أ.ب)
سكان كييف يصطفون للحصول على مياه الشرب بعد تعطل المرافق العامة نتيجة القصف الروسي (أ.ب)

انقطع الخميس التيار الكهربائي والمياه عن مناطق أوكرانية عدة، بينها العاصمة كييف، غداة ضربات روسية جديدة كثيفة استهدفت منشآت الطاقة الأوكرانية، وهي استراتيجية وصفها الحلفاء الغربيون بأنها «جرائم حرب» مع اقتراب الشتاء، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى تبني حزمة جديدة تاسعة من العقوبات ضد موسكو. وبحسب وزارة الطاقة الأوكرانية، تركت الضربات الصاروخية الروسية «الغالبية الكبرى من المستهلكين» في أوكرانيا دون كهرباء. وقال وزير الطاقة الأوكرانية، غيرمان غالوشتشنكو، في بيان: «إذا لم تحصل ضربات جديدة، فسنتمكّن من تقليص نقص (الكهرباء) في نظام الطاقة بحلول نهاية اليوم». وأكّد أن «الوضع صعب عموماً» في أوكرانيا، لكن في بعض المناطق «زاد الإمداد بالكهرباء بالفعل»، مشيراً إلى أن «البنية التحتية الحيوية في جميع أنحاء أوكرانيا» أُعيد توصيلها بالشبكة. وأدان المستشار الألماني أولاف شولتس بشدة تعمد روسيا قصف البنية التحتية المدنية في أوكرانيا. وفي أعقاب لقاء مع الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس، قال شولتس، في برلين، مساء الأربعاء، إن «هذا القصف الإرهابي ضد السكان المدنيين يجب أن يتوقف على الفور». وأضاف السياسي الذي ينتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يُظْهِر مرة أخرى مدى سلوكه غير المبالي وغير الرحيم في هذه الحرب، «ويبدو واضحاً للغاية أنها حرب لم يعد بمقدوره أن يكسبها في ساحة القتال».
وأكّد رئيس بلدية كييف، فيتالي كليتشكو، أن «شركات الطاقة تبذل كل الجهود (الممكنة) لإعادة التيار الكهربائي بأسرع وقت ممكن». وعادت إمدادات مياه الشرب إلى الضفة اليسرى من كييف صباح الخميس، وتأمل السلطات أن تتمكّن من فعل الشيء نفسه على الضفة اليمنى خلال النهار. وتأثرت أنحاء كثيرة في أوكرانيا بانقطاع الكهرباء والمياه. وقال حاكم منطقة خاركيف، أوليغ سينيغوبوف، إن السكان المدنيين يعانون من «مشكلات الإمداد بالكهرباء». وفي منطقة بولتافا (وسط)، الوضع مشابه. غير أن حاكم المنطقة، دميترو لونين، تعهّد «تزويد طاقة للمنشآت الحيوية، ثمّ لغالبية المنازل في الساعات المقبلة». وجنوبًا، في منطقة دنيبرو، «لا يزال الوضع معقّداً»، وفق حاكمها. وتجري أعمال لإصلاح الشبكة في ريفني وتشيركاسي (وسط) وكيروفوغراد (وسط) وجيتومير (وسط غرب).
وأعلن سلاح الجو الأوكراني الأربعاء أن روسيا أطلقت نحو 70 صاروخاً عابراً على أوكرانيا استهدفت منشآت الطاقة الرئيسية. وفي منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، عمدت روسيا شنّ ضربات منتظمة وكثيفة على منشآت الطاقة الأوكرانية مع اقتراب حلول فصل الشتاء، بعد تعرّض روسيا لانتكاسات عسكرية في شمال شرق أوكرانيا وجنوبها. واعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في كلمة عبر الفيديو خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، الأربعاء، أنّ الغارات الجوية الروسية على شبكة الكهرباء الأوكرانية تمثّل «جريمة واضحة ضدّ الإنسانية». وقال زيلينسكي: «عندما تكون درجة الحرارة دون الصفر، وملايين الناس من دون إمدادات للطاقة ومن دون تدفئة ومن دون ماء، فهذه جريمة واضحة ضدّ الإنسانية». وأكد الناطق الرئاسي الروسي أن «القوات الروسية خلال سير العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا لم تضرب ولم تستهدف ولن تستهدف المرافق الاجتماعية في أوكرانيا». وأضاف ديميتري بيسكوف أن «العملية العسكرية الخاصة تقوم بمهامها المحددة، ولم تكن هناك ضربات على المرافق الاجتماعية، ولا يوجد منحى وتفكير باتجاه ذلك. أما بالنسبة للأهداف التي ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالإمكانات العسكرية فهي عرضة للهجوم. والعمل في هذا الاتجاه والمنحى مستمر». وأكد ديمتري بيسكوف أن «السلطات الأوكرانية لديها كل الفرص لتسوية الوضع بشأن الضربات على منشآت الطاقة الأوكرانية وإنهاء معاناة الشعب من خلال الوفاء بمتطلبات الجانب الروسي».
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، الخميس، أن قواتها نفذت سلسلة هجمات جديدة ومكثفة خلال الساعات الـ24 الماضية على مراكز قيادة عسكرية في كييف، وكذلك منشآت الطاقة المرتبطة بها. وأوضح بيان عسكري أن الطيران الروسي استخدم «أسلحة دقيقة وفائقة» في توجيه الضربات. ولفت البيان إلى أن القوات الروسية قامت أيضاً بتوجيه ضربة استباقية نفذتها قوات المدفعية، أحبطت من خلالها محاولة هجوم الجيش الأوكراني على منطقة زوباروجيا. ووفقاً للمؤسسة العسكرية، فقد أحبطت القوات الروسية كذلك هجوماً للقوات الأوكرانية في مقاطعة خاركيف وقضت فيها على نحو 60 جندياً أوكرانياً.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية، في تحديثها اليومي، أمس (الخميس)، إن روسيا حركت أجزاء كبيرة من وحداتها المحمولة جواً إلى شرق أوكرانيا. وأضافت الوزارة أن المناطق التي يحتمل أنه تم نقل الوحدات إليها تشمل مواقع دفاعية في مناطق حول بلدات سفاتوفي وكيرمينا في منطقة لوهانسك، أو إلى بلدة باخموت في منطقة دونيتسك. وخلال شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر الماضيين، جرى نشر القوات للدفاع عن المنطقة إلى غرب نهر دنيبرو في منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا، بحسب ما قالته الوزارة في بيانها. وقالت مصادر بريطانية إنه تم إرسال جنود احتياط محل بعض الوحدات المحمولة جواً المنهكة بشدة. وتعد القوات المحمولة جواً الروسية وحدة نخبة، وتمثل فرعاً منفصلاً من القوات المسلحة. وفي بداية الحرب ضد أوكرانيا منذ 9 أشهر، كان من المفترض أن تقوم القوات بالسيطرة على كييف مع القوات البرية، ولكن تم صدها. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خلال زيارة إلى فنلندا، أمس (الخميس)، إن الاتحاد الأوروبي يعد حزمة تاسعة من العقوبات ضد روسيا رداً على هجومها على أوكرانيا. وذكرت فون دير لاين، في مؤتمر صحافي: «نعمل جاهدين على استهداف روسيا في المجالات التي تؤلمها لتقويض قدرتها على مواصلة الحرب على أوكرانيا، ويمكنني أن أعلن اليوم أننا نعمل بكل طاقتنا لإعداد حزمة عقوبات تاسعة». وأضافت: «أنا على ثقة من أننا سنتفق قريباً على سقف عالمي لسعر النفط الروسي مع مجموعة السبع والشركاء الرئيسيين الآخرين. لن يهدأ لنا بال حتى تنتصر أوكرانيا على (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين وحربه الهمجية غير القانونية».
كما أقر البرلمان الأوروبي، الخميس، حزمة دعم مالي مخصصة من الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، تبلغ قيمتها 18 مليار يورو (18.7 مليار دولار)، لكن المجر التي تعد الأكثر تقارباً مع موسكو من بين بلدان الاتحاد الأوروبي الـ27، تؤكد أنها تعارض استدانة التكتل بشكل مشترك لتمويل حزمة المساعدات.


مقالات ذات صلة

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».