أدى أنور إبراهيم اليمين الدستورية رئيسا لوزراء ماليزيا، أمس الخميس، في تتويج لرحلة سياسية استمرت ثلاثة عقود، من تابع مخلص للزعيم المخضرم مهاتير محمد إلى قائد للاحتجاجات وسجين مدان باللواط وزعيم للمعارضة.
ورأت وكالة «رويترز» أن تعيين أنور إبراهيم من شأنه أن ينهي أزمة غير مسبوقة في البلاد بعد الانتخابات الأخيرة، التي جرت السبت الماضي، لكنه قد يكون بداية لحالة جديدة من عدم الاستقرار إذ يتحداه منافسه، رئيس الوزراء السابق محيي الدين ياسين، أن يثبت تمتعه بالأغلبية في البرلمان.
ولم يحصل أي منهما على الأغلبية في الانتخابات، إلا أن الحاكم الدستوري الملك السلطان عبد الله عين أنور بعد مشاورات مع العديد من أعضاء البرلمان.
ويتولى أنور المنصب في وقت مليء بالتحديات: فالاقتصاد متباطئ والبلاد منقسمة بعد انتخابات شهدت تنافسا محتدما بين تحالف أنور إبراهيم التقدمي وبين تحالف محيي الدين ياسين الذي يغلب عليه الطابع المحافظ ولا يضم سوى المسلمين من عرق الملايو. وحُرم أنور البالغ من العمر 75 عاما مرارا من الوصول لرئاسة الوزراء رغم اقترابه من المنصب على مدار السنين، وسبق أن شغل منصب نائب رئيس الوزراء في التسعينيات وكان رئيس الوزراء المرتقب عام 2018. وبين هذا وذاك أمضى ما يقرب من عقد في السجن متهما باللواط والفساد، وهي اتهامات ظل يؤكد أن دوافعها سياسية وتهدف إلى إنهاء مسيرته السياسية. وعبر أنصار أنور عن أملهم في أن تتمكن حكومته من منع عودة التوتر التاريخي بين الأغلبية المسلمة التي تنتمي لعرق الملايو والأقليات العرقية الصينية والهندية.
وقال أنور لـ«رويترز» في مقابلة قبل الانتخابات إنه سيسعى حال تعيينه رئيسا للوزراء «لتعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد، وتخليص البلاد من العنصرية والتعصب الديني». وفاز تحالفه، المعروف باسم باكاتان هارابان (تحالف الأمل)، بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات يوم السبت إذ حصل على 82 مقعدا، مقابل 73 لكتلة بيريكاتان ناسيونال (الرابطة الوطنية) بزعامة محيي الدين. إلا أن الطرفين لم يحققا الأغلبية التي تؤهلهم لتشكيل الحكومة بالحصول على 112 مقعدا.
وحصلت كتلة باريسان (الجبهة الوطنية) الحاكمة منذ فترة طويلة على 30 مقعدا فقط، في أسوأ أداء انتخابي للتحالف الذي يهيمن على السياسة منذ الاستقلال عام 1957. وأعلنت باريسان أمس أنها لن تدعم حكومة يقودها محيي الدين، إلا أنها لم تتطرق إلى أنور.
وبعد تعيين أنور طالبه محيي الدين بإثبات أغلبيته في البرلمان.
وتدخل الملك لتعيين رئيس الوزراء بعدما تجاوز كل من أنور ومحيي الدين مهلة انتهت عصر يوم الثلاثاء لتشكيل تحالف يتولى الحكم. ويتمتع الملك بصلاحية تقديرية تتيح له تعيين رئيس الوزراء الذي يعتقد أنه يحظى بدعم غالبية النواب. وتُعدّ ماليزيا، ذات الغالبية المسلمة ولكنها تضم أيضاً أقليات صينية وهندية كبيرة، ملكية دستورية ذات نظام فريد لتناوب العرش كل خمس سنوات بين حكام ولايات ماليزيا التسع.
على مدى أربع سنوات، اهتزت صورة هذه الملكية البرلمانية بسبب الاضطرابات السياسية وهشاشة الحكومات التي أدت إلى تعاقب ثلاثة رؤساء وزراء خلال أربع سنوات.