تركيا «لا تنتظر إذناً» لحماية أمنها... و«قسد» تتوعد بردّ على أي هجوم

إردوغان أكد الإعداد لغزو بري في إطار عملية «المخلب ـ السيف» نافياً أي تنسيق مع أميركا وروسيا

صورة أرشيفية لقافلة عسكرية تركية في منطقة إدلب (أ.ب)
صورة أرشيفية لقافلة عسكرية تركية في منطقة إدلب (أ.ب)
TT

تركيا «لا تنتظر إذناً» لحماية أمنها... و«قسد» تتوعد بردّ على أي هجوم

صورة أرشيفية لقافلة عسكرية تركية في منطقة إدلب (أ.ب)
صورة أرشيفية لقافلة عسكرية تركية في منطقة إدلب (أ.ب)

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن عملية «المخلب - السيف» التي أطلقها الجيش التركي ضد مواقع «حزب العمال الكردستاني» و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية غالبية قوامها، في شمال سوريا والعراق، لن تقتصر على الضربات الجوية، مؤكداً أنه «لم يجر التشاور مع الولايات المتحدة وروسيا، وتركيا لن تحصل على إذن من أحد من أجل حماية أمنها من الإرهابيين».
وأضاف إردوغان، في تصريحات لعدد من الصحافيين رافقوه في طريق عودته من الدوحة الاثنين، بعد مشاركته في حفل افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم التي انطلقت في قطر الأحد، أنه جرى تدمير 12 هدفاً تابعاً لـ«الإرهابيين» المتمركزين في مدينة عين العرب (كوباني) شمال سوريا، مؤكداً «عدم وجود قيود» في هذا الصدد، وأن «استمرار العملية وارد».
وتابع أن العملية الجوية، التي نفذت ليل السبت - الأحد، شاركت فيها نحو 70 طائرة من الطائرات المقاتلة وطائرات الدعم والمسيرات، وجرى خلالها تدمير 89 هدفاً بنجاح، وأنها ملاجئ ومخابئ وكهوف وأنفاق ومستودعات ذخيرة، «وما تسمى مقرات ومعسكرات تدريب الإرهابيين الذين يهددون بلادنا وأمتنا وأمن حدودنا في شمال سوريا والعراق».
وقال إردوغان: «في الوقت الحالي جرت إصابة 45 هدفاً إرهابياً بعمق 140 كيلومتراً في شمال العراق، و44 هدفاً على عمق 20 كيلومتراً في سوريا بدقة عالية... العملية الجوية كانت ناجحة».
وأضاف: «لم نتكلم عبثاً عندما قلنا إننا سنأتي ذات ليلة على حين غرة، واتخذنا هذه الخطوة عندما حان الوقت المخطط له والمنتظر... من غير الوارد أن تقتصر العملية على الضربات الجوية، وسنتخذ القرار والخطوة بشأن حجم القوات البرية التي يجب أن تنضم للعملية عبر رئاسة الأركان ووزارة الدفاع».

إردوغان يطلع من وزير الدفاع خلوصي أكار على خريطة القصف (أ.ف.ب)

وأكد إردوغان أنه لم يجر أي محادثات مع الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين بخصوص العملية التي انطلقت في شمال سوريا والعراق، قائلاً: «جهاز الأمن التركي يقرر ويتخذ خطواته، ولا ننتظر الإذن من أحد، وعلى الولايات المتحدة أن تعرفنا جيداً بعد الآن».
وأضاف: «كل من السيد بايدن والسيد بوتين يعلمان أنه يمكننا القيام بمثل هذه العمليات في هذه المنطقة في أي وقت... في واقع الأمر في هذه الحالة نقول دائماً إننا يمكن أن نأتي فجأة في ليلة واحدة».
وعبر إردوغان عن أسفه في ما يتعلق بالمواقف الأميركية تجاه سوريا، قائلاً: «أبلغنا الأميركيين امتعاضنا من إرسال الأسلحة للإرهابيين في سوريا منذ عهد أوباما ولم يتغير شيء... نحن أعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لكن الأميركيين مصممون على الاستمرار في دعم الإرهابيين (الوحدات الكردية) في سوريا».
في سياق متصل، نقلت صحيفة «يني شفق»، القريبة من الحكومة التركية، عن مصدر مطلع، لم تحدده بالاسم، أنه «جرى تغيير توقيت العملية الجوية التركية في شمال سوريا والعراق وتقديمها يوماً واحداً بسبب تسريب الجانب الأميركي معلومات عن احتمالات القيام بها»، في إشارة إلى تحذير القنصلية الأميركية في أربيل، الجمعة، المواطنين الأميركيين من عمليات محتملة للقوات التركية في شمال العراق وشمال سوريا.
وأضافت الصحيفة: «كان من المقرر أن تجري العملية مساء الأحد، لكن تم تقديم الموعد يوماً واحداً؛ لأن الجانب الأميركي الذي جرى إطلاعه بشكل مسبق على العملية سرب معلومات عنها، وبما أن اهتمام القوات المسلحة التركية يركز على مدى أشهر عدة على العمليات في شمال العراق، فلم يتوقع أحد حدوث مثل هذه العملية واسعة النطاق في سوريا».
وتابعت أن «الجيش التركي بفضل الخطة، التي أفسدت لعبة رغب البعض القيام بها، أثبت للجميع أنه يمكن إصابة الأهداف في وقت واحد على محورين في شمال سوريا والعراق».
في المقابل، عدّ الناطق الرسمي باسم قوات «قسد»، آرام حنا، أن لدى تركيا «رغبة في التوسع وضم مزيد من الجغرافيا السورية». وأكد أن «(قسد) لن تقف مكتوفة الأيدي وستدافع عن مناطقها حيال أي توغل، والمجريات الميدانية تفيد بأن القوى الدولية (الولايات المتحدة وروسيا) لن تفسح المجال أمام تقدم تركي على الأرض».
وأكد حنا، في تصريحات الاثنين، أن «(المجالس العسكرية) ومختلف تشكيلات (قسد)، اتخذت إجراءات دفاعية متعددة بما يضمن تأمين مناطقها وسكانها من الخطر المحدق المتمثل في سياسات الجيش التركي ومرتزقته».
ورأى أن «من واجب القوات الروسية لعب دور أكثر فاعلية وإيجابية؛ لأن تأثيرها الفعلي على أرض الواقع غير ملموس رغم وجود نقاط للشرطة العسكرية الروسية في مدن وبلدات عدة تخضع لسيطرة (قسد)، مثل عين عيسى وتل تمر ومناطق أخرى تقع في ريف حلب الشمالي».
وأوضح أنه من غير الممكن صد «العدوان التركي» دون اتخاذ خطوات على الصعيدين العسكري والدبلوماسي تضمن «وقف هذه الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال التركي وسط غياب الحكومة السورية في دمشق عن المشهد كلياً، كما حدث في الأعوام السابقة حين خضنا وحدنا حرباً مفتوحة انطلاقاً من واجبنا الوطني».
وكانت «قسد» أعلنت، الأحد، أنها «سترد» على العملية الجوية التركية «في الموعد والمكان المناسبين».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.