عقوبة الإعدام أداة لترهيب المحتجين في إيران

إيرانيون في تركيا يرفع أحدهم صورة نويد أفكاري المصارع الذي أعدمته السلطات، خلال وقفة احتجاجية بالقرب من القنصلية الإيرانية في اسطنبول (رويترز)
إيرانيون في تركيا يرفع أحدهم صورة نويد أفكاري المصارع الذي أعدمته السلطات، خلال وقفة احتجاجية بالقرب من القنصلية الإيرانية في اسطنبول (رويترز)
TT

عقوبة الإعدام أداة لترهيب المحتجين في إيران

إيرانيون في تركيا يرفع أحدهم صورة نويد أفكاري المصارع الذي أعدمته السلطات، خلال وقفة احتجاجية بالقرب من القنصلية الإيرانية في اسطنبول (رويترز)
إيرانيون في تركيا يرفع أحدهم صورة نويد أفكاري المصارع الذي أعدمته السلطات، خلال وقفة احتجاجية بالقرب من القنصلية الإيرانية في اسطنبول (رويترز)

حذر نشطاء من أن إيران، إحدى الدول الأكثر تطبيقاً لعقوبة الإعدام في العالم، تخطط لاستخدامها اليوم أداة لقمع الحركة الاحتجاجية عبر إشاعة مناخ من الخوف.
ثبّت القضاء حتى الآن 6 أحكام إعدام على صلة بالاحتجاجات، بينما ذكرت منظمة العفو الدولية أنه بناء على تقارير رسمية، تجري محاكمة 21 شخصاً على الأقل بتهم مرتبطة بجرائم قد تفضي إلى إعدامهم.
وتعدم إيران سنوياً في الوقت الحالي عدداً أكبر من الأشخاص مقارنة بأي دولة أخرى باستثناء الصين، بحسب مجموعات حقوقية.
وتفيد منظمة العفو الدولية بأن إيران أعدمت 314 شخصاً على الأقل في 2021، بينما تشير منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها أوسلو، إلى أن عدد الإعدامات هذه السنة بات أعلى بكثير منذ الآن، إذ بلغ 482 شخصاً.
ويحذّر ناشطون من أن السلطات تخطط لإعدام متظاهرين إثر تهم غامضة مرتبطة بـ«أعمال الشغب» والهجمات المفترضة على قوات الأمن خلال الاحتجاجات، ولزيادة الإعدامات التي لا علاقة لها بالحركة الاحتجاجية، خصوصاً لسجناء مدانين بتهم تتعلّق بالمخدرات.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية نقلاً عن منظمة العفو، بأن استخدام السلطات عقوبة الإعدام «مصمم لترهيب المشاركين في الانتفاضة الشعبية... وردع آخرين من الانضمام للحراك». وأكدت أن الاستراتيجية تهدف إلى «إشاعة الذعر في أوساط الناس»، بينما دانت «التصعيد المثير للذعر في استخدام عقوبة الإعدام أداة للقمع السياسي والانتهاك الممنهج لحقوق المحاكمة العادلة في إيران».

****رسالة قوية*****
وفي خطوة لافتة، امتنعت السلطة القضائية الإيرانية عن نشر أسماء المدانين الستة الذين حُكم عليهم بالإعدام، فيما يعتقد أنها محاولة لتجنّب استخدام المحتجين أسماءهم خلال التظاهرات أو انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأدينوا جميعاً إما بتهمة «محاربة الله» أو «الإفساد في الأرض»، وهي جرائم تحمل عادة العقوبة القصوى في إيران التي لطالما عبّر الناشطون الحقوقيون عن قلقهم من استخدامها ضد معارضي النظام.
لكن منظمة العفو الدولية تفيد بأن طبيعة التهم تتيح استنتاج أسماء المحكومين حتى الآن. من بين هؤلاء، محمد غوبادلو، وهو شاب أصدرت والدته مناشدة مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي للمطالبة بالحفاظ على حياة ابنها.
ومن بين الأشخاص الـ21 الذين يواجهون عقوبة الإعدام امرأة عرّفت عنها منظمة العفو على أنها فرزانة غاري حسنلو وزوجها حميد، وهو طبيب.
ويواجه آخرون عقوبة الإعدام بينهم سامان صيدي، المعروف أيضاً باسم سامان ياسين، وهو مغني راب في طهران متحدر من الأقلية الكردية أيّد الاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي، ويواجه تهمة إطلاق النار في الهواء وتقويض الأمن القومي.
وتطالب المجموعات الحقوقية، المجتمع الدولي، بالتحرّك بشكل منسّق لمنع تنفيذ عمليات الإعدام، خصوصاً أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سيعقد جلسة خاصة نادرة من نوعها لبحث ملف إيران الخميس.
ولاحظ الناشطون بالفعل زيادة مقلقة في عمليات الإعدام هذه السنة، حتى قبل انطلاق الحركة الاحتجاجية، إذ عاودت إيران إعدام أعداد كبيرة من المدانين بتهم تتعلّق بالمخدرات، رغم الخطوات الأخيرة للحد من هذا النوع من عمليات الإعدام.
كما تشتكي مجموعات حقوقية من أن أعداداً كبيرة بشكل غير متناسب من أفراد الأقليات العرقية في إيران يتم إعدامهم، بما في ذلك الأكراد، لكن خصوصاً البلوش المتحدرّين من جنوب شرقي البلاد الذي يعاني من الفقر.
وقال مدير منظمة حقوق الإنسان في إيران محمود أميري مقدّم، أمام المؤتمر العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام في برلين: «ما لم يبعث المجتمع الدولي رسالة قوية جداً جداً إلى سلطات الجمهورية الإسلامية، فسنواجه عمليات إعدام واسعة النطاق».
وتحدّث أميري مقدم الذي تراقب منظمته حالات الإعدام في إيران عن كثب، قائلاً: «ليس عن الإعدامات السياسية فحسب، بل تلك التي تؤثر على من ليست لهم صفة سياسية، خصوصاً بتهم تتعلّق بالمخدرات».

- حاجز الخوف
تحوّلت الاحتجاجات التي أثارتها وفاة مهسا أميني التي أوقفتها شرطة الأخلاق في طهران إلى أكبر تحدٍ يواجه «الجمهورية الإسلامية» في إيران منذ ثورة 1979.
ووصفت السلطات في إيران معظم الاحتجاجات، بأنها «أعمال شغب»، بينما أكد رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي، أن الأشخاص الذين يخضعون للمحاكمة «ارتبطوا بأفراد مناهضين للثورة»، وستتم معاقبتهم «وفق القانون».
وفي وقت سابق هذا الشهر، صوّت 227 من النواب الإيرانيين البالغ مجموعهم 290 لصالح إجراء يحض على استخدام عقوبة الإعدام بحق المدانين على صلة بالتظاهرات، داعياً القضاء إلى تطبيق العدالة بموجب مبدأ «العين بالعين».
وشهد العام الماضي بالفعل تعبئة ضد استخدام عقوبة الإعدام، بينما انتشر وسم على وسائل التواصل الاجتماعي يطالب بوقف الإعدامات.
ومن بين الأشخاص الذين يقبعون في السجن حالياً المخرج محمد رسولوف الذي تم توقيفه قبل الاحتجاجات ونال جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي عام 2020 عن فيلمه المناهض لعقوبة الإعدام «لا وجود للشيطان».
وقال أميري مقدّم إن «الجمهورية الإسلامية استخدمت عقوبة الإعدام للمحافظة على حاجز الخوف على مدى 43 عاماً». وأضاف أن «الاحتجاجات الحالية شهدت انهيار هذا الحاجز الذي تحاول السلطات الإيرانية الآن إعادة بنائه مع القمع وأحكام الإعدام الحالية».


مقالات ذات صلة

مقتل قائد شرطة برصاص مسلحين في بلوشستان الإيرانية

شؤون إقليمية مقتل قائد شرطة برصاص مسلحين في بلوشستان الإيرانية

مقتل قائد شرطة برصاص مسلحين في بلوشستان الإيرانية

قُتل شرطي إيراني، وزوجته، برصاص مسلَّحين مجهولين، أمس، في محافظة بلوشستان، المحاذية لباكستان وأفغانستان، وفقاً لوسائل إعلام إيرانية. وقال قائد شرطة بلوشستان دوست علي جليليان، لوكالة «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، إن رئيس قسم التحقيقات الجنائية، الرائد علي رضا شهركي، اغتيل، في السابعة صباحاً، أثناء قيادته سيارته الشخصية، مع أسرته، في أحد شوارع مدينة سراوان. وذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن زوجة شهركي نُقلت إلى المستشفى في حالة حرجة، بعد إطلاق النار المميت على زوجها، لكنها تُوفيت، متأثرة بجراحها. وقال المدَّعي العام في المحافظة إن السلطات لم تعتقل أحداً، وأنها تحقق في الأمر.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية 24 هندياً على متن ناقلة نفط احتجزتها إيران في خليج عمان

24 هندياً على متن ناقلة نفط احتجزتها إيران في خليج عمان

أعلنت الشركة المشغلة لناقلة نفط كانت متّجهة نحو الولايات المتحدة، واحتجزتها إيران في خليج عمان أن السفينة كانت تقل 24 هندياً هم أفراد الطاقم، وأضافت اليوم (الجمعة) أنها تعمل على تأمين الإفراج عنهم. وأوضحت شركة «أدفانتج تانكرز» لوكالة «الصحافة الفرنسية»، أن حالات مماثلة سابقة تُظهر أن الطاقم المحتجز «ليس في خطر»، بعد احتجاز الناقلة (الخميس). وذكرت الشركة، في بيان، أن البحرية الإيرانية نقلت السفينة «أدفانتج سويت»، التي ترفع علم جزر مارشال، إلى ميناء لم يُكشف عن اسمه، بسبب «نزاع دولي». وقالت «أدفانتج تانكرز» إن «البحرية الإيرانية ترافق حاليا أدفانتج سويت إلى ميناء على أساس نزاع دولي».

«الشرق الأوسط» (دبي)
شؤون إقليمية كوهين يلتقي علييف في باكو وسط توتر مع طهران

كوهين يلتقي علييف في باكو وسط توتر مع طهران

أجرى وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين مشاورات في باكو، مع كبار المسؤولين الأذربيجانيين، قبل أن يتوجه إلى عشق آباد، عاصمة تركمانستان، لافتتاح سفارة بلاده، في خطوة من شأنها أن تثير غضب طهران. وتوقف كوهين أمس في باكو عاصمة جمهورية أذربيجان، حيث التقى الرئيس الأذربيجاني ألهام علييف في القصر الرئاسي، وذلك بعد شهر من افتتاح سفارة أذربيجان في تل أبيب. وأعرب علييف عن رضاه إزاء مسار العلاقات بين البلدين، وقال، إن «افتتاح سفارة أذربيجان في إسرائيل مؤشر على المستوى العالي لعلاقاتنا»، مؤكداً «العلاقات بين بلدينا تقوم على أساس الصداقة والثقة المتبادلة والاحترام والدعم»، حسبما أوردت وكالة «ترند» الأذربيج

شؤون إقليمية إيران تبدأ استخدام الكاميرات الذكية لملاحقة مخالفات قانون الحجاب

إيران تبدأ استخدام الكاميرات الذكية لملاحقة مخالفات قانون الحجاب

بدأت الشرطة الإيرانية اليوم (السبت)، استخدام الكاميرات الذكية في الأماكن العامة لتحديد هويات مخالِفات قانون ارتداء الحجاب، بحسب وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء. وسوف تتلقى النساء اللاتي يخالفن القانون رسالة تحذيرية نصية بشأن العواقب، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وتقول الشرطة إن الكاميرات التي تتعقب هذه المخالفة لن تخطئ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية إيران: تركيب كاميرات في الأماكن العامة لرصد من لا يلتزمن بالحجاب

إيران: تركيب كاميرات في الأماكن العامة لرصد من لا يلتزمن بالحجاب

أعلنت الشرطة الإيرانية اليوم (السبت) أن السلطات تركب كاميرات في الأماكن العامة والطرقات لرصد النساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب ومعاقبتهن، في محاولة جديدة لكبح الأعداد المتزايدة لمن يقاومن قواعد اللباس الإلزامية، وفقاً لوكالة «رويترز». وقالت الشرطة في بيان إن المخالفات سيتلقين بعد رصدهن «رسائل نصية تحذيرية من العواقب». وجاء في البيان الذي نقلته وكالة أنباء «ميزان» التابعة للسلطة القضائية ووسائل إعلام حكومية أخرى أن هذه الخطوة تهدف إلى «وقف مقاومة قانون الحجاب»، مضيفا أن مثل هذه المقاومة تشوه الصورة الروحية للبلاد وتشيع انعدام الأمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)

واشنطن تؤكد معارضتها بناء قاعدة عسكرية إسرائيلية دائمة في غزة

قافة عسكرية إسرائيلية تتحرك بالقرب من حدود قطاع غزة مع إسرائيل (أ.ب)
قافة عسكرية إسرائيلية تتحرك بالقرب من حدود قطاع غزة مع إسرائيل (أ.ب)
TT

واشنطن تؤكد معارضتها بناء قاعدة عسكرية إسرائيلية دائمة في غزة

قافة عسكرية إسرائيلية تتحرك بالقرب من حدود قطاع غزة مع إسرائيل (أ.ب)
قافة عسكرية إسرائيلية تتحرك بالقرب من حدود قطاع غزة مع إسرائيل (أ.ب)

أعلنت الولايات المتّحدة الثلاثاء رفضها بناء قاعدة عسكرية إسرائيلية دائمة في غزة، وذلك غداة تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» مفاده أنّ الجيش الإسرائيلي بصدد تسريع أعمال بناء منشآت عسكرية في القطاع الفلسطيني.

واستنادا إلى صور التقطتها أقمار اصطناعية، قالت الصحيفة النيويوركية إنّها رصدت في وسط قطاع غزة تسريعا لأعمال بناء هذه القاعدة بالتوازي مع هدم أكثر من 600 مبنى في المنطقة، ما يؤشّر إلى أنّ الجيش الإسرائيلي يخطّط لوجود طويل الأمد في القطاع.

وتعليقا على هذا التقرير، قال فيدانت باتيل، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إنّ الولايات المتّحدة لا تستطيع تأكيد هذه المعلومات، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أعرب منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس قبل أكثر من عام عن معارضته لأيّ وجود إسرائيلي دائم في غزة. وقال باتيل خلال مؤتمر صحافي إنّه إذا كانت معلومات نيويورك تايمز «صحيحة، فمن المؤكد أنّ هذا الأمر يتعارض مع عدد من المبادئ التي حدّدها الوزير بلينكن». وأضاف «لا يمكن أن يحصل تقليص للأراضي في غزة. أكثر من ذلك، لا يمكن أن يكون هناك تهجير قسري للفلسطينيين من منازلهم».

من جانبه، أعلن الجنرال بات رايدر، المتحدث باسم البنتاغون، أنّ موقف الولايات المتحدة هو أنّ «إسرائيل يجب أن لا تستمر في احتلال غزة بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار وبعد القضاء على التهديد الذي تشكّله حماس». وأضاف «سنواصل التشاور مع شركائنا الإسرائيليين بشأن هذا الموضوع، لكن الأهمّ هو تحقيق وقف لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، وإنهاء هذا النزاع الرهيب».

وفي تقريرها، نقلت «نيويورك تايمز» عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله إنّ الإنشاءات الجارية هدفها تشغيلي، مؤكّدا أنّ أيّ بناء يمكن تفكيكه بسرعة.