«ضوي يا نجوم» في الميلاد: وحشية السرطان وذل علاجه

ديزيريه فرح كتبته من آهاتها

مشهد يختزل الرجاء خلال تصوير المسلسل
مشهد يختزل الرجاء خلال تصوير المسلسل
TT

«ضوي يا نجوم» في الميلاد: وحشية السرطان وذل علاجه

مشهد يختزل الرجاء خلال تصوير المسلسل
مشهد يختزل الرجاء خلال تصوير المسلسل

سبع حلقات من مسلسل «ضوي يا نجوم» تعرضها «إم تي في» اللبنانية في زمن الميلاد. ليل 18 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ترد الحلقة الأولى الوفاء لمعذبي الأمراض المستعصية، وتكون بداية لحكاية رجاء. خلف القصة، قلب يتسع للآهات كلها، تقطفه المُعدة وكاتبة برامج الطفولة ديزيريه فرح وتمنحه للإنسانية.
قبل عشر سنوات، رافقت ديزيريه طفلة آلمها المرض حد خطف روحها. كانت الصغيرة نجمة أحد برامجها، وحين غادرت، شعرت بحاجة إلى سرد قصتها. حديث «ديدي»، كما تُعرف، مع «الشرق الأوسط» يتيح تأمل الداخل ومساءلته. أحقاً نحن بشر؟ أي مكانة لإنسانيتنا في الوجود المزدحم؟ أين موقعنا من صناعة الخير؟ أيكفي التعاطف للارتقاء بالمشاعر النبيلة، أم لا بد من اقتران النوايا بالأفعال؟
هجر الأب ابنته المريضة وأمها كرد عكسي على عجزه، لتبقى الأم وحيدة مع صغيرة تُنازع. بعد سنة على وفاة طفلتها، عادت هذه الأم إلى المستشفى لتكون بعضاً من رحلة شفاء الأطفال المرضى؛ تساند وتساعد. من عمق التأثر بصلابة الأمومة المكوية بالجرح، كان على «ديدي» غسل القلوب المثقلة بالفراق بدموع صافية.
الأحداث حقيقية في الحلقة الأولى حتى موت الصغيرة بالمرض الكبير. «أكملتُ القصة بمسألتين: إلقاء الضوء على كارثة العلاج في لبنان ودور الإعلام الهادف. المكتوب في المسلسل هو خلاصة سنوات أمضيتها في المستشفيات، أشارك المعذبين آلامهم. وهو اختزال تجربة إنسانية أمام الشاشة ووراءها. المفارقة أن العلاج اليوم باهظ والدواء مقطوع. هذه فظاعة».

ديزيريه فرح لا تتراجع عن صناعة الأمل

الإعلامية إليز فرح، بشخصية والدة الطفلة في أول أدوارها التمثيلية. تبحث «ديدي» ومعها زوجها المخرج داني جبور عن وجوه تصدُق حين تمثل. يدير الأخير الكاميرا الخاصة به في مستشفى سيدة المعونات الجامعي بمدينة جبيل، ويأتي مع شريكة الأفكار والحياة بأولاد يعانون بالفعل وآخرين يتشربون المعاناة بحُسن أدائها. تصف «ديدي» طاقاتهم التمثيلية بالصادقة: «(الفايك) خارج الكادر، لا مكان له بين الشخصيات والسياق. لم نكن في جو تصوير درامي. كنا يداً بيد نشكل رسالة محبة».
بطل المسلسل بدور الإعلامي المتمسك بنُبل المهنة، هو يورغو شلهوب. يطل بقضية على كتفيه، هي منح الضوء لمَن يستحق. في غرف المستشفى، حيث يمكث عادة الويل، تتلألأ بهجة مصدرها أعماق الأطفال. فهم رغم أوجاعهم، أبطال. مسار «ديدي» لا تحيد عنه وإن أتعبتها الرياح: «لا نواح ولا كآبة. نصور الأمل».
تجمع إليز فرح ويورغو شلهوب طفلة متروكة للهبوب: «نُظهر أيضاً قسوة الحياة تجاه أطفال اليُتم. يتواطأ المرض مع خسارة الأهل فيضخم فيهم الكدمات. على الصوت أن يعلو مطالباً بالطبابة العادلة لجميع البشر».
الأسى اللبناني يحرم الإنسان علاجه ويجيد كسره كالمرض. ذلك القلب الذي يحتضن الآهات، يعتصر وهو يُخبر ما سمع: «أمٌ في المستشفى لم تعد تنتظر دواءً لشفاء ابنها. تطلب تأمين المورفين لتستكين آلامه فيموت بسلام! الحكايات هناك مخيفة، يخطها وجع قد لا يُحتمل. المسلسل لتبلغ الجميعَ أصواتٌ تئن في الليل ولا تلقى مَن يهدئ الأنين. رجاء، ثمة أولاد بحاجة إلى علاج وأمهات يصبح المورفين أملهن الوحيد».
تغرف من الامتنان تحية وتوزعها لـ«ماريتا رعيدي، رجاء المسلسل. هزمت السرطان مرتين، وتعيد تمثيل شجاعتها. ألاريا النشار ابنة الثماني سنوات بدور مايا، الطفلة التي تموت في البداية. ترفض الدمع الاصطناعي، وتُطلق دموعاً حقيقية تُبكي الكبار. كايت مرجانة التي فارقت الوجود بين يدي بابا نويل. أرهقها الدور كتركيب الأمصلة وماكينات الأكسجين. إلى النجوم، كبياريت قطريب بشخصية المسؤولة عن العلاقات العامة في المستشفى وغيرها...».

ديزيريه فرح مع يورغو شلهوب وإليز فرح... صوت الطفولة الموجوعة

تخشى أن تفلت الذاكرة اسماً وتبخس الجهد، فتشكر الجميع، بينهم إدارة «إم تي في» على الدعم. لكن لديها مع يورغو شلهوب قصة. هو صديق زوجها منذ الدراسة، أرسلت النص إليه وسألته رأيه. تكمل: «بعد 5 ساعات، اتصل باكياً: (هذا الدور لي!). يجدر بنا فعل شيء لإنقاذ هؤلاء الملائكة».
تكتب «ديدي» برامجها والحوارات بين الشخصيات في حلقات الأطفال. نصها الدرامي الأول، هو «ضوي يا نجوم»، سألت حوله مجموعة آراء. كان شلهوب الحكم، وبتأثره اطمأنت إلى أنه مكتوب بحُب: «أردتُ فكرة جديدة لعيد الميلاد، فوضعتُ أمامي ورقة وقلماً ورحتُ أكتب. غرفتُ كل ما ترسخ في ذاكرتي. أفرغتُ نفسي بما تحمله من أصوات وصور. ومن جميع الذين يتألمون ويحاربون برجاء. ممن انتصروا ومَن رحلوا واليوم يضيئون النجمات».
عشرون عاماً من العمل الإنساني، فهل يخشن القلب؟ هل يجنح نحو القسوة وهو يصطدم بكثافة الوجع، خصوصاً ما يعذب الأطفال؟ «نعم تعبت، لكنها رسالتي ولا أتراجع. أخبط بقدمَي من أجل الطفولة، فماذا إن مُنحتُ فرصة الوصول إلى الناس وشد الانتباه إلى الخير؟»، تعبق كلمات «ديدي» بتنهيدة، فترى أن الله يمنح بعض البشر هدية، هي كف التذمر عن العطاء.
ليلة العيد، تُعرض الحلقة الأخيرة. بعدها، يلتقي الأولاد مع نجوم المسلسل بجلسة مباشرة لمحاكاة القلوب البيضاء والأيادي الكريمة. الخير يهذب وحشية السرطان ويُجنب ذله.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)

وقّع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان، الجمعة، مذكرة تفاهم في المجال الثقافي، عقب مباحثات جمعتهما في العاصمة اليابانية طوكيو، تناولت أهمية تعزيز العلاقات الثقافية المتينة التي تربط بين البلدين.

وتهدف «مذكرة التفاهم» إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الرياض وطوكيو في مختلف القطاعات الثقافية، وذلك من خلال تبادل المعرفة في الأنظمة والتنظيمات المعنية بالشؤون الثقافية، وفي مجال الرسوم المتحركة، والمشروعات المتعلقة بالمحافظة على التراث بجميع أنواعه، بالإضافة إلى تقنيات الحفظ الرقمي للتراث، وتطوير برامج الإقامات الفنية بين البلدين، وتنمية القطاعات الثقافية.

بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية (الشرق الأوسط)

وكان الأمير بدر بن عبد الله، التقى الوزيرة توشيكو في إطار زيارته الرسمية لليابان، لرعاية وحضور حفل «روائع الأوركسترا السعودية»؛ حيث بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية.

وهنّأ وزير الثقافة السعودي، في بداية اللقاء، نظيرته اليابانية بمناسبة توليها منصب وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية، مشيراً إلى أن مشاركة السعودية بجناحٍ وطني في معرض «إكسبو 2025» في أوساكا تأتي في ظل العلاقات الوطيدة التي تربط بين البلدين، متمنياً لليابان حكومة وشعباً التوفيق في استضافة هذا الحدث الدولي الكبير.

وتطرّق اللقاء إلى أهمية تعزيز التعاون القائم بين هيئة الأدب والنشر والترجمة والجانب الياباني، لتدريب الطلبة السعوديين على فن صناعة القصص المصورة «المانغا».

وتأتي مذكرة التفاهم امتداداً لعلاقات الصداقة المتميزة بين السعودية واليابان، خصوصاً في مجالات الثقافة والفنون عبر مجموعة من البرامج والمشروعات والمبادرات المشتركة. كما تأتي المذكرة ضمن جهود وزارة الثقافة في تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية السعودية 2030».

حضر اللقاءَ حامد فايز نائب وزير الثقافة، وراكان الطوق مساعد وزير الثقافة، وسفير السعودية لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر.