أزمة دبلوماسية بين «الوحدة» الليبية واليونان

ديندياس رفض النزول من طائرته في طرابلس... والمنقوش تستدعي «السفيرين»

المشير خليفة حفتر مستقبلاً وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس (مكتب الإعلام بالقيادة العامة)
المشير خليفة حفتر مستقبلاً وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس (مكتب الإعلام بالقيادة العامة)
TT

أزمة دبلوماسية بين «الوحدة» الليبية واليونان

المشير خليفة حفتر مستقبلاً وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس (مكتب الإعلام بالقيادة العامة)
المشير خليفة حفتر مستقبلاً وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس (مكتب الإعلام بالقيادة العامة)

فجّر قرار نيكوس ديندياس، وزير الخارجية اليوناني، إلغاء زيارته التي كانت مقررة إلى العاصمة الليبية، أمس، أزمة دبلوماسية بين حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وبلاده، وذلك بعدما رفض النزول من طائرته، ليغادر بعدها مطار معيتيقة الدولي بطرابلس (غرباً) على نحو مفاجئ، متجهاً إلى مدينة بنغازي (شرقاً).
وحطت طائرة ديندياس في مطار معيتيقة صباح أمس، لكنه لم يمكث به سوى 15 دقيقة فقط، ورفض مغادرتها اعتراضاً على وجود نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة، في انتظاره، وهو الأمر الذي وصفته الأخيرة بأنه «موقف يدعو للاستياء»، واعتبرته «إجراء غير دبلوماسي». غير أن وسائل إعلام يونانية اعتبرت أن ديندياس تفادى بذلك «خطأ دبلوماسياً» من جانب حكومة الدبيبة.
وفي أول ردّ فعل من حكومة «الوحدة» على تصرف ديندياس، استدعت المنقوش السفير الليبي لدى اليونان للتشاور، كما استدعت السفير اليوناني في ليبيا لتوضيح خلفيات ما حدث.
وكانت وزارة الخارجية اليونانية قد أعلنت أول من أمس عن زيارة ديندياس إلى ليبيا «لتعزيز التعاون في منطقة البحر الأبيض المتوسط». وقد غرّد الوزير اليوناني بعد اندلاع أجواء الغضب السياسي في طرابلس، بعد دقائق من إقلاع طائرته إلى بنغازي: «ألغيت زيارتي إلى طرابلس؛ حيث كان من المقرر أن ألتقي رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، لأن وزارة الخارجية خرقت اتفاقاً بعدم الاجتماع بها». في إشارة إلى حكومة «الوحدة»، التي ترى اليونان أنها باتت «منتهية الولاية».
وقال الدبيبة، الذي التقى المنقوش في مكتبه أمس للتباحث بشأن موقف الوزير اليوناني، إن «الاحترام المتبادل أساس العلاقة الدبلوماسية مع دولة اليونان»، مضيفاً أنه «لن يتم السماح بهذه التصرفات تجاه دولة ليبيا وسيادتها». ومن جهتها، أكدت المنقوش «عدم السماح لأي دولة بالتعامل مع ليبيا، دون احترام لسيادتها وهيبتها، لأن هذه مهمة أساسية في مجال عملها». وقالت عبر حسابها على «تويتر»: «في عالم مليء بالتهديدات المعقدة، يعتمد أمننا وقيادتنا على جميع عناصر قوتنا، بما في ذلك الدبلوماسية القوية والمبدئية».
وقبل أن تصل طائرة ديندياس إلى بنغازي صباح أمس، قالت خارجية الدبيبة إنه «بناء على طلب من اليونان مُنحت للوزير اليوناني الموافقة على زيارة طرابلس، وكانت الوزيرة نجلاء المنقوش في استقباله، وفق الأعراف الدبلوماسية». موضحة أنه «رغم السياسات والمواقف الفجّة التي انتهجها وزير خارجية اليونان خلال الأيام الماضية، تجاه مصالح الدولة الليبية، والتي عكستها تصريحاته غير المتزنة فيما يتعلق بسيادة ليبيا، وحقها في العلاقات التي تحقق تطلعات شعبها، فإنها وافقت على استقباله في طرابلس... لكن في موقف مفاجئ يدعو للاستياء، رفض الوزير اليوناني النزول من طائرته، وعاد من حيث أتى دون أي إيضاحات». كما عبّرت الخارجية الليبية عن «استهجانها» من تصرف الوزير اليوناني، وتوعدت بأنها «سوف تتخذ الإجراءات الدبلوماسية المناسبة، التي تحفظ لدولة ليبيا هيبتها وسيادتها».
وكانت الخارجية اليونانية قد صرحت بأن زيارة ديندياس «تستهدف لقاء المنفي، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، وعدد من المسؤولين، لبحث تعزيز التعاون بين البلدين، على أساس احترام القانون الدولي، خاصة قانون البحار، والعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وليبيا، وكذلك تطورات منطقة المتوسط، كما يناقش الأساس الدستوري لإجراء الانتخابات في ليبيا في أقرب وقت ممكن، هذا بالإضافة إلى تقديم مساعدات تشمل لقاحات (كوفيد 19)».
وبعض ظهر أمس، حطت طائرة الوزير اليوناني في مطار بنينا الدولي بمدينة بنغازي، والتقى قيادات محلية بالبلاد، وسلّمهم مساعدات طبيبة. كما استعرض مساهمة بلاده في إعادة إعمار ميناء بنغازي البحري. وتحدث الوزير اليوناني عن أهمية الميناء لتوصيل المساعدات الغذائية والإنسانية إلى المنطقة الواسعة في شمال أفريقيا ودول الساحل. كما التقى وزير خارجية اليونان عدداً من أعضاء ورؤساء اللجان الدائمة بمجلس النواب، وتناول اللقاء، الذي عُقد بمقر المجلس في بنغازي، العلاقات الثنائية بين البلدين، وسُبل تعزيزها بما يخدم مصلحة الشعبين الصديقين.
في سياق ذلك، أعلن مكتب القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» أن المشير خليفة حفتر التقى في مكتبه ببنغازي وزير الخارجية اليوناني، والوفد المُرافق له، وبحثا سبل تحقيق الاستقرار في ليبيا والمنطقة.
وتشهد العلاقات الثنائية بين طرابلس وأثينا توتراً منذ عام 2020. وذلك عندما وقّعت حكومة «الوفاق» السابقة مع أنقرة اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بينهما، لم تلق قبولاً من اليونان، التي رفضت أيضاً مذكرة التفاهم، التي تم توقيعها قبل شهرين بين حكومة الدبيبة في طرابلس وأنقرة، وهي المذكرة التي تمنح الإذن ببدء تركيا عمليات الاستكشاف، والتنقيب في المياه الليبية، ضمن الحدود البحرية المرسومة بين الطرفين.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
TT

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)

قضت محكمة تونسية، مساء أمس (الجمعة)، بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر في قضية تتعلق بانتقادها لهيئة الانتخابات، بحسب ما أكد محاميها نافع العريبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ومطلع أغسطس (آب) الماضي، أصدرت محكمة ابتدائية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023.

وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين. وأوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج. وأعلنت بعد ذلك ترشحها للانتخابات الرئاسية، لكن هيئة الانتخابات رفضت ملفها لعدم استكمال الوثائق وجمع تواقيع التزكيات اللازمة. وتواجه موسي تهماً خطيرة في قضايا أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

وجاء هذا القرار، بعد أن قال علي البجاوي، المحامي ورئيس هيئة الدفاع عن رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن وضعها الصحي في السجن «متدهور ولا يبشر بخير»، وذلك بعد أن قام بزيارتها في السجن الخميس، مشيراً إلى أنها «تعاني من ضعف وحالة إنهاك شديد».

مظاهرة نظمها مؤيدون لعبير موسي ضد المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس سعيد (أ.ف.ب)

وتابع البجاوي موضحاً: «وزنها يتراجع بسبب النقص في التغذية، كما تعاني من أوجاع في الكتف والرقبة»، مبرزاً أن رئيسة «الحزب الدستوري الحر» أجرت تحاليل وخضعت لكشوفات طبية لم يتم الاطلاع على نتائجها بعد. وتواجه موسي، وهي من بين المعارضين الرئيسيين للرئيس الحالي قيس سعيد، تهمة «الاعتداء القصد منه تبديل هيئة الدولة»، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتعود هذه التهمة إلى قضية «مكتب الضبط» للقصر الرئاسي، حين توجهت موسى إليه لإيداع تظلم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يتم إيقافها من قبل الأمن وإيداعها لاحقاً السجن.

وعلى أثر ذلك، تقدمت هيئة الدفاع بطعن ضد قرار قضاة التحقيق. وقال المحامي البجاوي إنه «لا توجد جريمة، ورئيسة الحزب قدمت تظلمها وفق الإجراءات القانونية». وعلاوة على ذلك، تلاحق موسي أيضاً في قضايا أخرى، من بينها قضية قامت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتحريكها ضدها بتهمة نشر «معلومات مضللة» عن الانتخابات التشريعية لعام 2022، بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق في 2021، وصدر حكم ضدها بالسجن لسنتين في هذه القضية، لكن هيئة الدفاع تقدمت بطعن ضده.

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)

وخلف القضبان تقبع شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وعصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبقا أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا عن ذلك. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيس التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المائة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».