برّي يرفض التسليم بالفراغ الرئاسي في لبنان

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)
TT

برّي يرفض التسليم بالفراغ الرئاسي في لبنان

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)

تحوّلت جلسات انتخاب رئيس الجمهورية التي تعقد أسبوعياً إلى مسرحيّة سياسية تملأ الفراغ في انتظار تسوية داخلية لم تنضج ظروفها بعد، أو تدخلات خارجية ربما تفرض على الجميع رئيساً لا يراعي المواصفات التي يضعها هذا الطرف أو ذاك. ويبدو أن القوى السياسية سلّمت بحتمية استمرار الشغور الرئاسي، بدليل موقف رئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي الذي أعلن أنه سيعطي مهلة لأسابيع وربما حتى نهاية العام الحالي للتوافق على رئيس للجمهورية، وإلا فسيكون له تحرّك آخر.
وحمل كلام بري تفسيرات متعددة؛ أقلها أنه لن يبقى وكتلته من المقترعين بـ«الورقة البيضاء»؛ بل سيسمون مرشحهم الرئاسي. وقالت مصادر مقرّبة من عين التينة (مقرّ الرئاسة الثانية) إن رئيس المجلس النيابي «لن يقبل المضي باستمرار الانهيار وتعميق الحفرة التي يقع فيها لبنان واللبنانيون». وعدّت أن البعض «تجاوز حدود المسؤولية الوطنية عبر رفضه الدعوة إلى الحوار، واعتماد المناورات التي لا توصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية». وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «أزمة الانتخابات الرئاسية تعبّر عن انقسام وطني حادّ، بسبب الخلاف على الخيارات». وشددت على أن رئيس البرلمان «لن يسلّم باستمرار الفراغ لأشهر وسنوات مثلما حصل قبل انتخاب الرئيس عون، أو قبل انتخاب الرئيس ميشال سليمان، وهو يراهن على اتصالات داخلية سيفعّلها في الأيام المقبلة، ولا يستبعد دوراً خارجياً إيجابياً يسرّع بانتخاب رئيس للبلاد». وتابعت المصادر المقربة من «عين التينة»: «لا يمكن إضاعة إنجاز ترسيم الحدود البحرية الذي تحقق، وعملية الاستكشاف والتنقيب عن الغاز، ولا موضوع الاتفاق مع صندوق الدولي، وهذه الملفات كلّها تستدعي انتخاب رئيس لينتظم معه عمل المؤسسات».
وكرّست جلسات انتخاب الرئيس يوم الخميس الانقسام بين الكتل النيابية، وبقيت أحزاب المعارضة؛ المتمثلة في «القوات اللبنانية» و«الكتائب» و«التقدمي الاشتراكي»، على التصويت للنائب ميشال معوض الذي نال في الجلسة الأخيرة 44 صوتاً، فيما استمرّت الكتل المحسوبة على «قوى 8 آذار» في الاقتراع لـ«الورقة البيضاء»، مما يعني أن هذه الكتل غير متفقة على مرشّح واحد. وتشتتت أصوات النواب التغييريين والمستقلين على الاقتراع لـ«لبنان الجديد» واعتبرت أوراقها ملغاة، بينما صوّت 6 منهم للأستاذ الجامعي والأكاديمي عصام خليفة.
وأمام المراوحة المستمرّة التي يسعى برّي إلى كسرها من دون الكشف عن خطته، عبّر عضو «كتلة التحرير والتنمية» النائب علي خريس عن أسفه؛ لأن «جلسات انتخاب الرئيس تحولت إلى مسرحية، جعلت كلّ طرف يتحصّن خلف موقفه». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا بد من كسر رتابة المشهد القائم عبر الحوار والنقاش بين الكتل النيابية للوصول إلى حلّ ينهي الأزمة». وأكد خريس أن الرئيس بري «لن يبقى مكتوف اليدين، وسيطلق حركة مشاورات في وقت قريب للعودة إلى الحوار مجدداً وفتح قنوات الحلّ». وذكّر بأن «طبيعة لبنان لا تقوم إلا على حوار داخلي يؤسس لخلق أرضية مشتركة تلقى دعماً إقليمياً ودولياً يبارك هذا التفاهم، ويفتح صفحة جديدة للعلاقات اللبنانية مع محيطه العربي وشركائه الدوليين». وأضاف: «الصيغة التي سيعمل عليها رئيس المجلس ستفضي إلى انتخاب رئيس يجمع ولا يفرّق».
وفي انتظار الخيارات البديلة التي سيلجأ إليها برّي، وما إذا كانت دعوة جديدة إلى الحوار سبق أن رفضتها الكتلتان المسيحيتان الكبريان؛ «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ»، عبّرت بعض الأطراف عن رغبتها في مدّ قنوات التواصل بين القوى الرئيسية. وأكد مصدر بارز في «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط» أن قيادة الحزب «تؤيد موقف برّي وتحذيراته من الافتراق السياسي حول الانتخابات الرئاسية». وأشار إلى أن «البلد لا يحتمل الفراغ لأشهر طويلة، ويفترض أن تتركز الجهود على إيجاد صيغة مرنة حول انتخاب رئيس يحقق المصلحة الوطنية»، عادّاً أنه «من الطبيعي أن يكون لكل فريق مرشحه ويخوض معركته». وشدد أخيراً على أن «العقل والمنطق يقول إنه لا بدّ من البحث عن حلول عند انسداد الأفق».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

بريطانيّان يحاكمان بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور «تدريبات إرهابية»

لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)
لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)
TT

بريطانيّان يحاكمان بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور «تدريبات إرهابية»

لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)
لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)

مثل رجلان بريطانيان، من أصول لبنانية، أمام محكمة في لندن، الثلاثاء، بعد توجيه اتهامات لهما بالانتماء إلى جماعة «حزب الله» المدعومة من إيران، والمصنّفة «منظمة محظورة» في بريطانيا، إضافة إلى حضور معسكرات تدريب إرهابية، في حين وُجّهت لأحدهما تهمة المساعدة في تأمين قِطع تُستخدم في الطائرات المسيّرة.

ووجّهت إلى أنيس مكي (40 عاماً) تهماً بحضور معسكر تدريب إرهابي في قاعدة بركة جبور الجوية بلبنان عام 2021، والمشاركة في التحضير لأعمال إرهابية، والانتماء إلى «حزب الله»، إلى جانب التعبير عن دعمه لـ«حزب الله» وحركة «حماس» الفلسطينية المصنَّفة «محظورة» في المملكة المتحدة.

كما اتُّهم محمد هادي قصير (33 عاماً) بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور معسكر تدريب في منطقة بافليه بجنوب لبنان عام 2015، إضافة إلى معسكر آخر في قاعدة بركة جبور الجوية عام 2021. وقد دفع قصير ببراءته من التهم الموجّهة إليه.

وقالت المدّعية العامة كريستل بوس، أمام محكمة وستمنستر، إن قصير كان «عضواً متجذراً في (حزب الله)»، مشيرة إلى العثور على صور تُظهره «يتلقى تدريبات في معسكر يخضع لسيطرة (حزب الله) ويشارك في تدريبات على احتجاز رهائن عام 2015».

وأضافت بوس أن مكي كان يتمتع بإمكانية الوصول إلى «شبكة واسعة تابعة لـ(حزب الله)»، مرتبطة بتسهيل الحصول على قِطع تُستخدم في الطائرات غير المأهولة (المسيّرة).

وقرر القاضي بول غولدسبرينغ إبقاء المتهميْن قيد الاحتجاز إلى حين مثولهما مجدداً أمام محكمة أولد بيلي في لندن في 16 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وكان الرجلان قد أُوقفا في منزليهما بلندن خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، ثم أُعيد اعتقالهما، الأسبوع الماضي، عقب توجيه الاتهامات رسمياً إليهما.

وقال القائد دومينيك مورفي، رئيس شرطة مكافحة الإرهاب بلندن، في بيان صدر قبل جلسة الثلاثاء: «أودّ طمأنة الجمهور إلى أنني لا أقيّم وجود تهديد مستمر على عامة الناس نتيجة أنشطة هذين الشخصين».


الحكومة العراقية تُقيل مسؤولين عن إدراج «حزب الله» و«الحوثي» بقوائم الإرهاب

جانب من اجتماع لمجلس الوزراء العراقي (واع)
جانب من اجتماع لمجلس الوزراء العراقي (واع)
TT

الحكومة العراقية تُقيل مسؤولين عن إدراج «حزب الله» و«الحوثي» بقوائم الإرهاب

جانب من اجتماع لمجلس الوزراء العراقي (واع)
جانب من اجتماع لمجلس الوزراء العراقي (واع)

أعلنت الحكومة العراقية، الثلاثاء، توقيع عقوبات تضمنت إعفاءً لمسؤولين عن نشر قرار، قبل أسبوعين تقريباً، بتصنيف جماعة «الحوثي» اليمنية، و«حزب الله» اللبناني، منظمتين «إرهابيتين».

وأقر مجلس الوزراء العراقي، الثلاثاء، توصيات لجنة التحقيق التي شكلها بشأن القرار الذي نشرته الجريدة الرسمية، بعدما أثار لغطاً واسعاً، خصوصاً بين القوى السياسية المكونة للحكومة، التي تعد مقربة من الجماعتين.

وعقب نشر التصنيف الذي تضمن تجميداً لأموال الجماعتين، اعتبرت الحكومة أن التصنيف تم «بطريق الخطأ»، ووجَّه رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ في القرار، وتحديد المسؤولية.

وجاء في البيان الحكومي العراقي، الثلاثاء، أن مجلس الوزراء أقر «توصيات اللجنة التحقيقية الخاصة بشأن ما جاء في مضمون جريدة (الوقائع) العراقية بعددها (4848) الصادر في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، بشأن قرار لجنة تجميد أموال الإرهابيين (61 لسنة 2025)، إذ تضمنت التوصيات عقوبات إدارية اشتملت على إعفاء عدد من المسؤولين المعنيين وتدوير آخرين».

وفي سياق آخر، أعلن جهاز الأمن الوطني العراقي، الثلاثاء، عن الإطاحة بمن وصفه بـ«أخطر خبراء التفجير في عصابات (داعش) الإرهابية من دولة مجاورة».

وذكر الجهاز في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية (واع)، أنه «بعملية استخبارية نوعية استمرت لأكثر من 10 أشهر من المتابعة والرصد الدقيق، نجح جهاز الأمن الوطني في إلقاء القبض على أحد قيادات عصابات (داعش) الإرهابية بعد عودته من إحدى دول الجوار»، مبيناً أن «الإرهابي المقبوض عليه يعدّ من العناصر عالية الخطورة، حيث ورد اسمه ضمن قوائم قيادات التنظيمات الإرهابية، وبدأ نشاطه منذ عام 2004 ضمن عناصر تنظيم (القاعدة) في العاصمة بغداد، متخذاً كنية (أبو علياء)، وكان متخصصاً في تجهيز العبوات الناسفة، وقاد مفرزة إرهابية مكونة من 5 عناصر لتنفيذ العمليات الإجرامية».

واشار إلى أن «التحقيقات أظهرت أن الإرهابي كان مسؤولاً عن ربط وتجهيز أجهزة التفجير بالهواتف النقالة، وقد قام بتسليم أكثر من 100 جهاز تفجير خلال فترة عمله في بغداد، وأسهم بشكل مباشر في تنفيذ عمليات إرهابية استهدفت مناطق مختلفة من العاصمة».


محافظ السويداء يدعو «مشايخها وأهل الوقار فيها» إلى ردع العابثين «بأمنها واستقرارها»

الشاعر والناشط أنور فوزات الشاعر الذي قتل الأحد إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلح مجهول أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الشاعر الذي قتل الأحد إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلح مجهول أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
TT

محافظ السويداء يدعو «مشايخها وأهل الوقار فيها» إلى ردع العابثين «بأمنها واستقرارها»

الشاعر والناشط أنور فوزات الشاعر الذي قتل الأحد إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلح مجهول أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الشاعر الذي قتل الأحد إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلح مجهول أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)

دعا محافظ السويداء، مصطفى البكور، «المشايخ وأهل الرأي والوقار» في المحافظة ذات الأغلبية الدرزية، إلى «رفع كلمة الحق، وصيانة دماء المواطنين وكرامتهم، وردع كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن واستقرار محافظتنا».

ووصف مصدر محلي في مدينة السويداء، الدعوة بأنها «صادقة»، لكنه رأى أنها لن تلقى صدىً «ما لم تكن مدعومة بقرار أو تحرك خارجي، يزيح الشيخ حكمت الهجري من المشهد».

التصريح الذي أصدره محافظ السويداء مصطفى البكور

وتأتي دعوة بكور في وقت يتزايد فيه تدهور الوضع الأمني بشكل كبير في مناطق نفوذ الهجري التي تحولت إلى ساحة اغتيالات وتصفيات للشخصيات المناهضة له، وفي ظل تفاقم تردي الوضع المعيشي للأهالي، خصوصاً في ظلّ موجات البرد التي تتعرض لها المحافظة مع حلول فصل الشتاء باكراً، وارتفاع نسبة البطالة فيها.

وقال محافظ السويداء، في بيانه: «أيها المشايخ الكرام وأهل الرأي والوقار في محافظة السويداء: نستشعر جميعاً الواقع المؤلم الذي آلت إليه أوضاع المحافظة، فدماء الأبرياء تُزهق بسبب كلمة أو موقف، وأموال الناس تُنهب بلا رادع، وفصائل خارجة على القانون تضيّق على المواطنين وتتعمد استفزاز مؤسساتنا الأمنية بقصف حواجز الأمن العام وإطلاق النار، مما يزرع الرعب في قلوب الأبرياء».

وتساءل البكور في البيان الذي نشرته المحافظة في قناتها على منصة «تلغرام»: «إلى متى سيستمر هذا الحال؟ وأين صوت الحكمة الذي يردع الظالم؟ وأين اليد الحانية التي تمسح دمعة المظلوم وتعيد الأمن إلى النفوس؟».

وختم البيان بالقول: «إننا نرى في هذه المسؤولية واجباً مقدساً أمام الله والتاريخ، فواجبنا جميعاً رفع كلمة الحق، وصيانة دماء المواطنين وكرامتهم، وردع كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن واستقرار محافظتنا».

متداولة على مواقع التواصل لرفع صورة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الشيخ حكمت الهجري من قبل الموالين في السويداء

كانت «وكالة الأنباء السورية» الرسمية أعلنت، الاثنين، مقتل الشاعر والناشط أنور فوزات الشاعر، مساء الأحد، إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلح مجهول أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي.

ونقلت الوكالة عن مصادر محلية أن «مجموعات خارجة عن القانون تسمى (الحرس الوطني)، تتبع لحكمت الهجري، تقف وراء عملية الاغتيال بسبب مواقف الشاعر الناقدة لتلك الميليشيات وممارساتها»، بينما أوضحت مصادر طبية أن الشاعر «وصل إلى المشفى الوطني في مدينة السويداء مفارقاً الحياة بعد إصابته بثلاث طلقات نارية، إحداها في الرأس».

ولفتت الوكالة إلى أن آخر منشور للشاعر على مواقع التواصل الاجتماعي، تضمّن انتقادات للمجموعات الخارجة عن القانون، حيث وصفها بأنها «ذيل» تركه النظام البائد في السويداء.

عائلة الشاعر أدانت الجريمة بأشد العبارات، وقالت في بيان لها: «إن عملية القتل الغادرة تتنافى مع القيم الدينية والإنسانية والأعراف الوطنية، وتشكل استهدافاً لأمن المجتمع ووحدته». وأكدت العائلة امتلاكها «خيوطاً أولية حول ملابسات الحادثة».

واتهم مدير أمن مدينة السويداء، سليمان عبد الباقي، عبر حسابه في «فيسبوك»، «الميليشيا التي يديرها حكمت الهجري» بالوقوف وراء عملية اغتيال الشاعر، معتبراً أن مقتله جاء على خلفية مواقفه الناقدة لتلك المجموعات.

سوريون يرفعون لافتات في «ساحة الكرامة» المركزية بمدينة السويداء جنوب سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وجاءت عملية اغتيال الشاعر بعد نحو أسبوعين من مقتل الشيخين رائد المتني وماهر فلحوط تحت التعذيب، عقب اعتقالهما من قبل «الحرس الوطني»، في ظل حالة من الفلتان الأمني تشهدها مناطق سيطرة الهجري و«الحرس الوطني»، وهو ما دفع الأهالي، وفق «سانا»، للمطالبة بعودة مؤسسات الدولة الشرعية لحماية المواطنين وحصر السلاح وإنهاء الفوضى.

في الأثناء، وصف مصدر في مدينة السويداء لديه اتصالات مع فصائل منضوية في «الحرس الوطني»، دعوة محافظ السويداء بأنها «صادقة وتليق للعقل»، لكن المدعوين بحسب المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه حرصاً على سلامته الأمنية، «يقعون بين مطرقة عصابات الهجري وسندان الحكومة (السورية) المؤقتة التي خذلت التيار الوطني العقلاني في السويداء». ولذلك فإن هذه الدعوة من وجهة نظره، «لن تلقى صدىً ما لم تكن مدعومة بقرار أو تحرك خارجي يزيح الهجري من المشهد».

ووصف المصدر، الوضع الأمني في مناطق سيطرة الهجري و«الحرس الوطني» والمجموعات المسلحة الأخرى الموالية له بأنه «مزرٍ». وقال: «هناك خوف وقلق لدى عامة الناس، حيث لا قانون ولا قضاء ولا ضابطة عدلية حقيقية، فقط هناك شكليات تبرر الواقع».

تصاعد الدخان جرّاء اشتباكات السويداء في يوليو الماضي (أرشيفية - د.ب.أ)

ولفت إلى أن «الأصوات المعارضة لـ(الهجري) لا تجرؤ على الكلام، خاصة أن إسكاتها هو الشغل الشاغل لأصحاب المشروع (الانفصالي)، حيث يبدأ العقاب بالتحريض والتشويه عبر فريق الدعاية المضللة لينتهي بالتصفية عبر قاتلين مأجورين، وربما يكون القتل أهون من عقاب القتل الذي يسبقه الإهانة والتعذيب، كما حصل مع الشيخ رائد المتني».

ويعيش الأهالي في مناطق سيطرة الهجري و«الحرس الوطني» أوضاعاً معيشية سيئة للغاية، خصوصاً مع موجات البرد والأمطار التي تتعرض لها المحافظة، وتزايد ارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير، وعدم وصول رواتب الموظفين بسبب البيروقراطية المفروضة من السلطة»، وذلك وفق المصدر الذي أشار إلى أن الموظف الذي «يريد الحصول راتبه عليه الذهاب إلى دمشق».