خطوة واعدة لإنتاج لقاح لفيروس التهاب الكبد الوبائي «سي»

صورة تظهر الطول الكامل لمركب البروتينين مع ثلاثة أجسام مضادة محايدة (معهد سكريبس للأبحاث)
صورة تظهر الطول الكامل لمركب البروتينين مع ثلاثة أجسام مضادة محايدة (معهد سكريبس للأبحاث)
TT

خطوة واعدة لإنتاج لقاح لفيروس التهاب الكبد الوبائي «سي»

صورة تظهر الطول الكامل لمركب البروتينين مع ثلاثة أجسام مضادة محايدة (معهد سكريبس للأبحاث)
صورة تظهر الطول الكامل لمركب البروتينين مع ثلاثة أجسام مضادة محايدة (معهد سكريبس للأبحاث)

الخطوة الأساسية لإنتاج لقاح لفيروس كورونا، بدأت برسم خرائط عالية الدقة للبروتين السطحي الشائك الذي يرصع سطح الفيروس (بروتين سبايك). إلا أن هذه الإمكانية لم تكن متاحة لفيروس التهاب الكبد الوبائي (سي)، لذلك ظل حلم إنتاج لقاح له بعيد المنال.
الآن، يبدو أن العالم أصبح أقرب خطوة نحو إنتاج لقاح للفيروس، بعد أن تمكن علماء من معهد سكريبس للأبحاث بأميركا، وجامعة أمستردام بهولندا، من رسم خرائط عالية الدقة للبروتينات الحرجة التي ترصع سطح الفيروس، وتمكنه من دخول الخلايا المضيفة، واستطاعوا بمزيد من التفصيل توضيح المواقع الرئيسية للضعف على بروتين الفيروس، والتي يمكن الآن استهدافها بشكل فعال باللقاحات. وجرى الإعلان عن هذا الإنجاز في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بدورية «ساينس».
ويعاني ما يقرب من 60 مليون شخص على مستوى العالم، من عدوى مزمنة بفيروس التهاب الكبد الوبائي، حيث يصيب الفيروس خلايا الكبد، وعادة ما ينشئ عدوى «صامتة» لعقود، حتى يصبح تلف الكبد شديدا بدرجة كافية لإحداث أعراض، وهو سبب رئيسي لأمراض الكبد المزمنة د وسرطانات الكبد الأولية وعمليات زرع الكبد. إن أصول هذا الفيروس غير مؤكدة، لكن يعتقد أنه ظهر منذ عدة مئات من السنين على الأقل، ثم انتشر في نهاية المطاف عالميا، خاصةً عن طريق عمليات نقل الدم، في النصف الأخير من القرن العشرين.
وفي حين تم القضاء على الفيروس في الغالب من بنوك الدم بعد اكتشافه الأولي عام 1989، فإنه يستمر في الانتشار بشكل رئيسي عن طريق مشاركة الإبر بين متعاطي المخدرات عن طريق الحقن في البلدان المتقدمة، وباستخدام أدوات طبية غير معقمة في البلدان النامية. وتعتبر الأدوية المضادة للفيروسات فعالة، لكنها باهظة الثمن للغاية بالنسبة للعلاج على نطاق واسع.
ويمكن للقاح فعال في نهاية المطاف القضاء على الفيروس باعتباره عبئا على الصحة العامة، ومع ذلك لم يتم تطوير مثل هذا اللقاح، إلى حد كبير بسبب الصعوبة غير العادية في دراسة مركب بروتين غلاف الفيروس، والذي يتكون من بروتينين فيروسيين يسميان (E1) و(E2). وتكون صعوبة التصوير عالي الدقة لمركب هذين البروتينين، هو أنه أشبه بكيس من «السباغيتي الرطب»، دائما ما يغير شكله، ووجد الباحثون أنه يمكنهم استخدام مزيج من ثلاثة أجسام مضادة لفيروس التهاب الكبد الوبائي (سي) على نطاق واسع لتحقيق الاستقرار في مركب البروتينين في شكل طبيعي. والأجسام المضادة المعادلة على نطاق واسع هي تلك التي تكون قادرة على الحماية من مجموعة واسعة من السلالات الفيروسية، من خلال الارتباط بمواقع غير متغيرة نسبيا على الفيروس بطرق تقطع دورة حياة الفيروس.
وباستخدام المجهر الإلكتروني منخفض الحرارة، قام الباحثون بتصوير مركب البروتينين المثبت بالأجسام المضادة، وبمساعدة برنامج تحليل الصور المتقدم، تمكن الباحثون من إنشاء خريطة هيكلية للبروتينين ذات وضوح ومدى غير مسبوقين، وبدقة المقياس الذري تقريبا.
تضمنت التفاصيل معظم هياكل البروتينين (E1) و(E2)، بما في ذلك واجهة البروتينين الرئيسية، ومواقع ربط الأجسام المضادة الثلاثة، كما سلطت البيانات الهيكلية الضوء على غابة من جزيئات «الجليكان» المرتبطة بالسكر فوق البروتينين.
وغالباً ما تستخدم الفيروسات «الجليكانات» لحماية نفسها من الجهاز المناعي لمضيف مصاب، لكن في هذه الحالة، أظهرت البيانات الهيكلية أن جليكانات فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي (سي) لها دور رئيسي آخر على ما يبدو، وهو المساعدة على تثبيت هيكل البروتينين الضعيف معا.
تقول ليزا إيشون ويلسون، باحث ما بعد الدكتوراه بمعهد «سكريبس للأبحاث» في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد، بالتزامن مع الدراسة «الحصول على هذه التفاصيل عن البروتينين سيساعد الباحثين على تصميم لقاح يستخرج الأجسام المضادة بقوة لمنع الإصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائي».


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا يعد «GPT-4o mini» نموذج ذكاء اصطناعي صغيراً فعالاً من حيث تكلفة العملاء (شاترستوك)

200 مليون مستخدم نشط في «تشات جي بي تي» أسبوعياً

صرحت شركة «أوبن إيه آي (OpenAI)»،الناشئة للذكاء الاصطناعي، بأن روبوت الدردشة الخاص بها «تشات جي بي تي (ChatGPT)» لديه الآن أكثر من 200 مليون مستخدم نشط أسبوعيا.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا توفر أفضل ممارسات وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) أساساً قوياً لحماية جهازك ومعلوماتك الشخصية (شاترستوك)

إيقاف وتشغيل هاتفك مرة أسبوعياً قد يعطل الهجمات الإلكترونية

ويجعل من الصعب على المتسللين الحفاظ على السيطرة على جهازك.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تتيح ميزة «التنظيف» الجديدة إزالة العناصر المشتتة من الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي «أبل»

تعرف على ميزة «التنظيف» الجديدة في الصور من «أبل»

قامت «أبل» بإصدار النسخة التجريبية الثالثة من نظام «آي أو إس» (iOS 18.1) للمطورين، مضيفة ميزة جديدة تدعى «التنظيف» (Clean Up) لتطبيق الصور (Photos) تعتمد على…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا الوظيفة الأساسية لـ«دوِّن الملاحظات لي» هي تقديم ملخّص موجَز للنقاط الرئيسية في الاجتماع بدلاً من النسخ الحرفي (شاترستوك)

تفعيل ميزة تدوين الملاحظات عبر الذكاء الاصطناعي في «اجتماعات غوغل»

يمكن الوصول إليها من خلال أيقونة «Gemini AI» التي يمثّلها قلم رصاص لامع.

نسيم رمضان (لندن)

دراسة: قردة «بهيات الشعر» تمنح بعضها بعضاً أسماء مثل البشر

قرد القشة القزمة في حديقة حيوان سيمبيو في سيدني بأستراليا (أ.ف.ب - صفحة حديقة حيوان سيمبيو على «فيسبوك»)
قرد القشة القزمة في حديقة حيوان سيمبيو في سيدني بأستراليا (أ.ف.ب - صفحة حديقة حيوان سيمبيو على «فيسبوك»)
TT

دراسة: قردة «بهيات الشعر» تمنح بعضها بعضاً أسماء مثل البشر

قرد القشة القزمة في حديقة حيوان سيمبيو في سيدني بأستراليا (أ.ف.ب - صفحة حديقة حيوان سيمبيو على «فيسبوك»)
قرد القشة القزمة في حديقة حيوان سيمبيو في سيدني بأستراليا (أ.ف.ب - صفحة حديقة حيوان سيمبيو على «فيسبوك»)

يُعدّ منح الأسماء بين كائنات من الجنس نفسه مؤشراً إلى تطوّر كبير، وقد تمت ملاحظته في السابق لدى البشر وأنواع من الدلافين والفيلة الأفريقية فقط، لكنّ دراسة نُشرت، الخميس، في مجلة «ساينس» المرموقة، بيّنت أنّ القردة التي تُطلق عليها تسمية «بهيات الشعر» تنتمي أيضاً إلى هذه المجموعة المحدودة من الحيوانات.

وأظهرت الدراسة، التي أجراها فريق من الجامعة العبرية في القدس، أنّ هذه الرئيسيات الصغيرة تطلق صرخات عالية بنبرة حادة لمنح «ألقاب صوتية» لأنفسها.

وقال المعد الرئيسي للدراسة ديفيد عمر، في حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن مهتمون جداً بالسلوك الاجتماعي لاعتقادنا بأنّه هو ما يجعلنا كبشر كائنات مميزة مقارنة بالحيوانات الأخرى».

وأضاف: «نحن لا نركض بسرعة ولا نطير ولا نتفوق في أي شيء غير قدراتنا الاجتماعية، وبأنّ كل إنجازاتنا مجتمعية».

ورأى أنّ «بهيات الشعر» مثالية لدراسة تطور السلوك الاجتماعي واللغة لدى البشر؛ لأنّها تتمتع بخصائص مماثلة للبشر. وتعيش هذه القرود ضمن مجموعات عائلية صغيرة أحادية الزوج مؤلفة من ستة إلى ثمانية قرود تتولى معاً تربية صغارها.

وسجل الباحثون محادثات بين قردين من نوع «بهي الشعر» يفصل بينهما حاجز بصري، بالإضافة إلى التفاعلات بينهما ونظام حاسوبي يبث تسجيلات. وكان تحليل صرخاتهما ممكناً بفضل التقدم المُحرَز في مجال التعلم الآلي والقوة التي تتمتع بها الحوسبة.

ووجد الباحثون أنّ هذه القردة تستخدم صرخات عالية النبرة لمخاطبة بعضها بعضاً. وكانت هذه الرئيسيات قادرة بشكل ملحوظ على معرفة ما إذا كانت الصرخات موجهة إليها، وأظهرت إمكانية أكبر في الردّ عند مناداتها باسمها.

«تطور متقارب»

والقرود العشرة التي خضعت للاختبار متحدرة من ثلاث عائلات مختلفة. وأظهر الباحثون أنّ القردة المنتمية إلى المجموعة العائلية نفسها استخدمت خصائص صوتية متشابهة لأسماء مختلفة، تشبه إلى حد كبير اللهجات أو اللكنات عند البشر.

واعتمدت قرود أخرى بالغة انضمت إلى مجموعة من دون أن تكون مرتبطة بها مباشرة، الرموز الصوتية نفسها، مما يشير إلى إمكانية أن تتعلمها من قرود أخرى. ويعزو ديفيد عمر اكتساب القرود للمؤشرات الصوتية إلى «تطور متقارب»؛ أي إنها طوّرت سمات مماثلة خلال الاستجابة لتحديات بيئية مماثلة.

ويُعدّ منح الأسماء مسألة مهمة جداً لـ«بهي الشعر»، للحفاظ على الروابط الاجتماعية وتماسك المجموعة في الغابات الاستوائية الكثيفة في أميركا الجنوبية، حيث تكون الرؤية محدودة جداً.

أما مسألة متى وكيف بدأ البشر في الكلام، فهي موضع نقاش، ولكن حتى وقت قريب رفض عدد كبير من العلماء فكرة أنّ الرئيسيات توفّر عناصر للإجابات.

ويقول ديفيد عمر: «لا يزال بإمكاننا أن نتعلم الكثير من الرئيسيات غير البشرية بشأن تطور اللغة عند البشر». في المستقبل، يمكن أن تشكّل إحدى طرق البحث المضي قدماً في استخدام الذكاء الاصطناعي، لفك تشفير محتوى محادثات «بهيات الشعر» بشكل أفضل.