جولات باتيلي... هل تكسر حالة «الجمود السياسي» في ليبيا؟

وسط ضغط أميركي لإجراء الانتخابات

لقاء سابق يجمع المنفي وباتيلي (البعثة)
لقاء سابق يجمع المنفي وباتيلي (البعثة)
TT

جولات باتيلي... هل تكسر حالة «الجمود السياسي» في ليبيا؟

لقاء سابق يجمع المنفي وباتيلي (البعثة)
لقاء سابق يجمع المنفي وباتيلي (البعثة)

قال المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب الليبي، فتحي المريمي، إن لقاءً بين رئيسي «النواب» عقيلة صالح، و«الأعلى للدولة» خالد المشري، «سيعقد قريباً» دون تحديد مكانه أو موعده، حيث يكثف المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي، من جولاته وزياراته للأطراف السياسية بالبلاد، وسط تساؤلات حول قدرته على تقريب وجهات النظر بينهم حول «نقاط الخلاف» بخصوص «القاعدة الدستورية» اللازمة لإجراء الانتخابات.
والتقى باتيلي، مساء أمس (السبت)، بنائبي رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني، وعبد الله اللافي، وأطلعهما على نتائج لقاءاته مع عدد من الأطراف السياسية في الداخل والخارج، كما بحث معهما سُبل دفع العملية السياسية للوصول للانتخابات لتحقيق تطلعات الشعب الليبي، والتوافق على نتائجها من كل الأطراف.
وأكد النائبان حرص المجلس الرئاسي، على التعاون مع باتيلي، في المهمة الموكلة له، لتحقيق الاستقرار في ليبيا، وإنهاء المراحل الانتقالية، بإجراء الانتخابات، ونجاح مشروع المصالحة الوطنية الذي وصل مراحل متقدمة في إشارة للملتقى التحضيري الذي سيعقد بداية ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وبرغم هذه الجولات الأممية المتسارعة، فإن عودة الأطراف السياسية إلى طاولة الحوار، مرهونة بمدى توافق صالح والمشري، في اللقاء المُرتقب، على «نقاط الخلاف» المتعلقة بـ«القاعدة الدستورية» اللازمة لإجراء الانتخابات، كما يرى متابعون.
ويرى سياسيون ليبيون، أن باتيلي، «إن لم ينجح في خلق حالة من التوافق بين مجلسي النواب و(الأعلى للدولة)، وكسر الجمود السياسي، فإن مصيره لن يختلف عن سابقيه من المبعوثين الأمميين»، مشيرين إلى أن «الأزمة الليبية ستظل معلقة، وفق ما يتحقق لهذين المجلسين من مصالح ونفوذ سياسي».
ووسط ما تردد عن وجود لقاء بين صالح والمشري، في تركيا، للتفاهم على «القاعدة الدستورية» نفى عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب ذلك، أمس، دون توضيح مزيد من التفاصيل، لكن وسائل إعلام محلية، نقلت عن المريمي، أن «هناك اتفاقاً تاماً بين صالح والمشري، حول المناصب السيادية»، وهي الخطوة التي تعد عقبة أمام عودة لجنة «المسار الدستوري» المشكلة من المجلسين للانعقاد مرة ثانية.
وسبق لصالح والمشري، اللقاء في المملكة المغربية الشهر الماضي، والإعلان عن اتفاقهما على بدء تغيير (المناصب السيادية) وتوحيدها قبيل نهاية العام الجاري. وتوقعت مصادر نيابية، أن يلتقي أعضاء من مجلس النواب و(الأعلى الدولة) في مدينة سرت، (وسط البلاد) للتشاور حول ما تبقى من نقاط خلاف بشأن «القاعدة الدستورية».
وكان باتيلي، الذي استقبله محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، نهاية الأسبوع الماضي، قد كرر دعوته للأطراف السياسية في ليبيا بضرورة الوصول إلى التوافق المطلوب لإنجاز «القاعدة الدستورية»، والوصول للانتخابات، مشدداً على «أهمية الحوار والاستفادة من تأثيره في تيسير التواصل بين الأطراف لتجاوز الانقسام السياسي».
وتأتي هذه التحركات وسط ضغط من سفير الولايات المتحدة وسفيرها لدى ليبيا ريتشارد نولاند، الذي اجتمع بالمبعوث الأممي، منتقداً التأخر في إجراء الاستحقاق الانتخابي، ومحذراً ما أسماهم بـ«معرقلي الحلول السياسية في البلاد».
وسبق لنورلاند، القول إن «أول اهتمام بالنسبة لنا كجهات دولية وشركاء دوليين بالتعاون مع الجهات الوطنية هو إيجاد آلية لإحياء العملية السياسية وإيجاد جسم تنفيذي يستطيع إجراء الانتخابات في القريب العاجل»، وذهب إلى أن «الوضع الحالي في البلاد يعتبر مثيراً للقلق بالنسبة لغالبية الليبيين ومثيراً للحيرة».
في السياق ذاته، تحدث عضو المجلس الأعلى للدولة محمد معزب، عن وجود توجهين داخل مجلسه، أحدهما يدعو إلى «توخي الحذر في التعامل السياسي مع رئيس مجلس النواب، والآخر يرى المضي في التعامل معه وتغيير المناصب السيادية لحسم الانقسام».
ونقلت قناة «ليبيا الأحرار» عن معزب، قوله، إن «الفريق الأول يشدد على ضرورة التوافق التام حول مسألة الانتخابات سواء كانت على أساس دستوري أو قانوني قبل الانتقال للتوافق مع مجلس النواب حول الحكومة والمناصب السيادية الخمسة، فيما يرى الفريق الثاني، التحاور مع مجلس النواب لتوقف النزاع على مستوى السلطة التنفيذية باعتبار هذه المناصب والحكومة الموحدة هي الأدوات التي ستنجز الاستحقاق الانتخابي؛ حيث إنه من دون حكومة تسيطر على كامل التراب الليبي لن تكون هناك انتخابات».
وبعد فشل إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر 2021، بسبب الخلافات حول «القاعدة الدستورية» والقوانين اللازمة لإجراء الانتخابات، دخل المجلسان في مفاوضات حول قضيتي «المناصب السيادية» وتغيير السلطة التنفيذية، وعقدا جلسات عدة بالقاهرة، دون التوصل لتوافق حول النقاط الخلافية المتعلقة بأحقية العسكريين للترشح للانتخابات والتصويت فيها.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

سجن مؤثرين في تونس يفجر جدلاً حول استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي

احتجاجات صحفيين وسط العاصمة للمطالية بعدم التضييق على رجال الإعلام (إ.ب.أ)
احتجاجات صحفيين وسط العاصمة للمطالية بعدم التضييق على رجال الإعلام (إ.ب.أ)
TT

سجن مؤثرين في تونس يفجر جدلاً حول استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي

احتجاجات صحفيين وسط العاصمة للمطالية بعدم التضييق على رجال الإعلام (إ.ب.أ)
احتجاجات صحفيين وسط العاصمة للمطالية بعدم التضييق على رجال الإعلام (إ.ب.أ)

اشتعل جدل حاد في الأوساط الحقوقية والسياسية في تونس حول محتوى منصة «تيك توك»، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، وتسببت في انقسام الآراء بشكل واضح، وذلك بعد قرار محكمة تونسية بسجن أربعة من المؤثرين المشهورين لفترات تتراوح بين 20 شهراً و4 سنوات ونصف السنة هذا الأسبوع. فبعد أيام من رفض محكمة تونسية الإفراج عن صناع المحتوى الأربعة، وتحديد جلسة للنطق بالحكم عليهم، صدر القرار في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري بحق الشبان الأربعة، بعد إدانتهم بتهمتَي «مضايقة الغير عمداً بفاحشة، والظهور بوضعيات مخلة بالأخلاق الحميدة، أو منافية للقيم المجتمعية، من شأنها التأثير سلباً في سلوكيات الشباب».

ورأت وزارة العدل التونسية في بيان أن هذه الملاحقات جاءت في إطار محاولات التصدي لمن وصفتهم بأنهم «أفراد يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصاً (تيك توك) و(إنستغرام)، لعرض محتويات معلوماتية تتعارض مع الآداب العامة، أو استعمال عبارات أو الظهور بوضعيات مخلة بالأخلاق الحميدة، أو منافية للقيم المجتمعية».

وجاءت هذه الأحكام، التي عدَّها بعض الحقوقيين «قاسية جداً»، بعد أن اشتكى البعض خلال الأشهر الأخيرة من انتشار مقاطع فيديو على «تيك توك» ومنصات أخرى، يعدّونها «مسيئة للمرأة والعائلة التونسية»، فيما رأى آخرون أنها تندرج في إطار «حرية التعبير»، منتقدين بشدة الملاحقات القضائية الأخيرة.

أحد هؤلاء ويُدعى أيمن باردو، وهو صانع محتوى تونسي على «تيك توك»، قال لوكالة «الشرق نيوز» إن الحكم على أشخاص بسبب محتوى «أمر مقلق»، رغم اتفاقه على أن بعض مقاطع الفيديو «فيها قلة حياء. لكن الخطأ الذي حدث هو أن الردع لم يحدث منذ البداية»، وذلك من خلال إحداث قوانين تردع الناس، وتثنيها عن صنع محتويات مخلّة بالحياء. لكن ليس بعد مرور ثلاث سنوات. هناك اليوم أطفال صغار، تتراوح أعمارهم بين 13 و14 سنة فقط، ينشرون مثل هذه الفيديوهات، والحكم عليهم بثلاث أو أربع سنوات هو أمر قاسٍ بعض الشيء».

من مظاهرة سابقة نظَّمها حقوقيون وإعلاميون احتجاجاً على ما عدوه «تضييقاً» على الحريات (أ.ف.ب)

وصدر أطول الأحكام مدة بحق الشابة شموخ، البالغة من العمر 24 عاماً، التي اتُّهمت بارتكاب جرائم أخلاقية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتحريض على الفجور، وفق ما أشارت إليه وسائل إعلام تونسية.

وقال المحامي التونسي أحمد بن حسان، الذي يتولى الدفاع عن أحد المتهمين الأربعة، إن المشكلة في تعدد الاتهامات بحق المتهمين، أو ما قال إنها «نصوص الإحالة». مضيفاً أن «المشكلة في نصوص الإحالة التي تكون متعددة، وهو ما يعني أنه يجري اعتقال الشخص الواحد ثم يحال من أجل عدة تهم، كتهمة التجاهر بمنافي الحياة التي تصل عقوبتها إلى ستة أشهر، والاعتداء على الأخلاق الحميدة التي تصل عقوبتها أيضاً إلى ستة أشهر، والإساءة إلى الغير عبر الشبكة العمومية للاتصالات، التي يعاقَب عليها بسنتين، وخلق فرصة لارتكاب فجور متعلق بقاصرين، التي تصل عقوبتها إلى ثلاث سنوات... وربما هذا ما يفسر قسوة العقوبات التي فوجئنا بها».

كانت محكمة تونسية قد أصدرت، الشهر الماضي، حكماً بسجن المحامية والمعلقة بوسائل الإعلام، سنية الدهماني، لمدة عامين بتهمة نشر أخبار غير صحيحة. وتتعلق القضية بتصريحات أطلقتها المحامية في برنامج حواري، تتضمن انتقادات لاذعة للدولة، بسبب سياساتها تجاه المهاجرين الوافدين من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى البلاد.

سنية الدهماني أدانتها المحكمة بعامين بتهمة نشر أخبار غير صحيحة (الشرق الأوسط)

وتواجه «تيك توك» على وجه الخصوص حملات في كثير من الدول، بينها البرازيل التي قالت الهيئة الوطنية لحماية البيانات فيها إنها رصدت ما وصفتها بأنها «مؤشرات على انتهاكات (تيك توك) المعايير البرازيلية بشأن استخدام القاصرين للإنترنت».

وفي فرنسا، أقامت عائلات دعوى قضائية على «تيك توك»، متهمة المنصة بتعريض أطفالها المراهقين لمحتوى ضار، أدى إلى انتحار اثنين منهم في سن الخامسة عشرة. كما تواجه «تيك توك» دعاوى تعويض في ولايات أميركية.