الأمن الغذائي على مائدة المفاوضات في «قمة المناخ»

إطلاق مبادرة للتحول المستدام في الزراعة

فعاليات الجلسة الافتتاحية ليوم «التكليف والزراعة» في مؤتمر المناخ (الشرق الأوسط)
فعاليات الجلسة الافتتاحية ليوم «التكليف والزراعة» في مؤتمر المناخ (الشرق الأوسط)
TT

الأمن الغذائي على مائدة المفاوضات في «قمة المناخ»

فعاليات الجلسة الافتتاحية ليوم «التكليف والزراعة» في مؤتمر المناخ (الشرق الأوسط)
فعاليات الجلسة الافتتاحية ليوم «التكليف والزراعة» في مؤتمر المناخ (الشرق الأوسط)

احتلت قضية الأمن الغذائي صدارة مناقشات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن المناخ «كوب 27»، المنعقد حالياً في مدينة شرم الشيخ المصرية. وأكد سامح شكري، وزير الخارجية المصري، «أهمية الزراعة من أجل تحقيق الأمن الغذائي الذي يشهد حالياً أزمة عالمية في ضوء تداعيات الأزمة الروسية - الأوكرانية، فضلاً عن التأثيرات السلبية لتغير المناخ».
وتواصلت فعاليات الأيام الموضوعية، لمؤتمر المناخ، أمس (السبت)، تحت عنوان «يوم الزراعة والتكيف مع المناخ». وقال أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، إن «الوزير شكري بحث مع وزير الزراعة الأميركي توم فيلساك، على هامش (يوم الزراعة والتكيف)، التعاون بين البلدين في قطاع الزراعة الحيوي؛ حيث استعرض الوزير الأميركي مبادرات بلاده في هذا المجال ومن بينها (بعثة الابتكار الزراعي) من أجل المناخ، التي تهدف للتعامل مع قضايا تغير المناخ والجوع من خلال حشد تمويل المناخ اللازم».
وأعلنت مبادرة «بعثة الابتكار الزراعي»، التي أطلقتها الولايات المتحدة والإمارات، يوم الجمعة، عن «مضاعفة الاستثمارات في هذا المجال لتبلغ 8 مليارات دولار، مقارنة بـ4 مليارات في (كوب 26)». وخلال افتتاح «يوم التكيف والزراعة» أعلن السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري، عن «إطلاق مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام (FAST)»، واصفاً إياها بأنها «فرصة تساعد الدول المشاركة فيها في الحصول على تمويل يمكّنها من مواجهة التغيرات المناخية».
ولفت القصير إلى «تأثير التغيرات المناخية على الزراعة؛ حيث تؤدي إلى تقليل المحاصيل، وتحدث تغيرات في مدى ملاءمة الأراضي للزراعة، وتتسبب في ظهور الآفات والأمراض الجديدة في أماكن لم تكن معروفة فيها من قبل، ما يؤدي إلى تفاقم مخاطر الجوع وسوء التغذية بين أكثر الفئات ضعفاً». وقال وزير الزراعة المصري إن «الدول النامية تعد الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية رغم ضآلة مساهمتها في انبعاثات الغازات الكربونية العالمية، ومصر واحدة من أقل المساهمين في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إذ تبلغ نسبتها 0.6 في المائة فقط؛ إلا أنها تعد واحدة من الدول كغيرها من الدول الأفريقية التي تتأثر بشكل كبير بتغير المناخ»، مطالباً «الدول الكبرى المسؤولة عن 80 في المائة من الانبعاثات بدعم الدول النامية الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية».
من جانبها، أكدت ماري هيلينا سيميدو، نائب مدير عام منظمة الأغذية والزراعة «FAO»، على «ضرورة مواجهة التغيرات المناخية، بخفض البصمة الكربونية، والجمع بين الأمن الغذائي والزراعي». وتطرقت في كلمتها إلى «أهمية التمويل». وقالت إن «حجم التمويل لقطاع الزراعة منذ عام 2002 وحتى الآن بلغ 122 مليار دولار، يحصل صغار المزارعين على 5 في المائة فقط منها»، لافتة إلى أن «مبادرة (FAST) ستسهم في حل هذه المشكلات».
وتضمن «يوم الزراعة والتكيف»، عدداً من الجلسات، التي ركزت في معظمها على بحث سبل توفير الأمن الغذائي، والحلول الابتكارية والتمويلية لمواجهة تأثير التغيرات المناخية على قطاع الزراعة.
وقالت ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية والمنسق الوزاري ومبعوث مؤتمر المناخ، خلال جلسة دعم العمل المناخي التحولي في الزراعة والأراضي في مصر، أمس (السبت)، إن «المؤتمر يضع الأمن الغذائي في قلب التحدي المناخي»، داعية إلى «التركيز على موضوعات المياه والغذاء في التكيف، باعتبارها من الموضوعات المُلحة في عام 2022». ولفتت إلى أن «التقارير العالمية تؤكد أن أكثر من 173 مليون شخص سيعانون من الجفاف، في حين يتعرض 43 مليون شخص لخطر الفقر من تداعيات التغيرات المناخية».
وتحت عنوان «أجندة الطاقة والمناخ: تنافسية الأعمال التجارة الزراعية والتنمية الإقليمية»، عقدت حلقة نقاشية لبحث الجوانب التمويلية في قطاع الزراعة. وقالت رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي المصرية، في كلمتها، إن «مصر سباقة في الدمج بين جهود المناخ والتنمية، وإن المشروعات الكبرى المنفذة منذ عام 2014 كانت تقوم على معايير واضحة للدمج بين جهود المناخ والتنمية مثل (مجمع بنبان) للطاقة الشمسية، ومشروعات تحلية المياه ومعالجة المياه وغيرها من المشروعات التي أسهم في تمويلها شركاء التنمية متعددو الأطراف والثنائيون».
وتطرقت وزيرة التعاون الدولي المصرية إلى بعض المشروعات المنفذة مع برنامج الأغذية العالمي، التي «تستهدف دعم صغار المزارعين في صعيد مصر ضمن برنامج التنمية الريفية».
وشهد المؤتمر الإعلان عن حزم تمويلية في مختلف القطاعات؛ حيث أعلنت مصر والولايات المتحدة الأميركية، خلال جلسة مساء الجمعة، عن حزمة دعم بقيمة تتجاوز 150 مليون دولار تستهدف «تعزيز إجراءات التكيف في أفريقيا»، يتزامن ذلك مع إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن، في كلمته أمام المؤتمر مساء الجمعة، «مضاعفة إسهامات بلاده في صندوق التكيف لتصل إلى 100 مليون دولار».
وقالت وزيرة التعاون الدولي المصرية إن «مؤسسة صناديق الاستثمار في المناخ ستبدأ تطبيق مبادرة في مصر والدول النامية بقيمة 350 مليون دولار».


مقالات ذات صلة

القضاء على الجوع هدف مؤجل إلى 2050 بسبب الحروب والصراعات والتغير المناخي

الاقتصاد فتاة تتفاعل مع تجمع الفلسطينيين لتلقي الطعام الذي تعده جمعية خيرية وسط أزمة الجوع (رويترز)

القضاء على الجوع هدف مؤجل إلى 2050 بسبب الحروب والصراعات والتغير المناخي

سيطرت السياسة على نقاشات قمة توفير الغذاء ومحاربة الجوع في أسبوع الغذاء العالمي الذي أقيم في العاصمة الإماراتية أبو ظبي.

هبة القدسي (أبوظبي)
المشرق العربي أفراد من القوات المسلحة الأردنية يسقطون مساعدات جوية على غزة 9 أبريل 2024 (رويترز)

طائرات عسكرية أردنية تسقط مساعدات على شمال قطاع غزة

قال مصدر رسمي إن طائرات عسكرية أردنية أسقطت، الثلاثاء، مساعدات على شمال غزة لأول مرة في خمسة أشهر للمساعدة في تخفيف وطأة الوضع الإنساني المتردي في القطاع.

«الشرق الأوسط» (عمّان)
الاقتصاد جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، إنه يتوقع مخرجات مهمة من مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر الذي ينعقد في السعودية.

لمياء نبيل (القاهرة)
يوميات الشرق النظام الغذائي النباتي يعتمد بشكل أساسي على الأطعمة النباتية (جامعة كولومبيا)

التحول للنظام النباتي يوفر 650 دولاراً للفرد سنوياً

أظهرت دراسة أميركية أن اتباع نظام غذائي نباتي منخفض الدهون يمكن أن يخفض تكاليف الطعام للفرد بنسبة 19%، أي ما يعادل 1.80 دولار يومياً أو نحو 650 دولاراً سنويا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي نزوح سكان شمال غزة في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية (أ.ف.ب)

المنسق الأممي للسلام: الوضع في غزة «كارثي» مع بداية الشتاء ونزوح سكان الشمال

قال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند اليوم الاثنين إن الوضع في قطاع غزة «كارثي» مع بداية فصل الشتاء.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».