تعسف حوثي من بوابة «المولد النبوي» يستهدف وسائل النقل

يمنيون في سوق بصنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون في سوق بصنعاء (إ.ب.أ)
TT
20

تعسف حوثي من بوابة «المولد النبوي» يستهدف وسائل النقل

يمنيون في سوق بصنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون في سوق بصنعاء (إ.ب.أ)

أفادت مصادر يمنية بأن الميليشيات الحوثية شنت قبيل حلول ذكرى المولد النبوي حملة ميدانية استهدفت من خلالها سائقي الدراجات النارية وحافلات النقل وسيارات الأجرة في صنعاء العاصمة وريفها بهدف إجبارهم على شراء وتعليق شعارات الجماعة، بالتزامن مع مواصلة إنفاق مليارات الريالات من قوت اليمنيين لصالح الاحتفال بالمناسبة الدينية التي حولتها الميليشيات إلى فعاليات سياسية بصبغة طائفية.
وكشفت المصادر أن قادة الجماعة أصدروا تعليمات إلى أتباعهم بشن حملات ميدانية للضغط على السائقين وملاك المركبات والدراجات وإجبارهم بمختلف الطرق والوسائل على تعليق لافتات وشعارات على مركباتهم بعد طلائها باللون الأخضر.
وشن عناصر الميليشيات والموظفون الموالون لها مدعومين بمسلحين يرتدون زي المرور على مدى الأيام القليلة المنصرمة حملة ميدانية بناءً على تلك التعليمات طالت مواقف السيارات والشوارع والطرقات الرئيسة والفرعية في صنعاء لاستهداف السائقين وملاك الدراجات النارية. بحسب ما ذكرته المصادر.
في السياق نفسه، شكا سائقو حافلات وسيارات أجرة ودراجات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بطش الانقلابيين الحوثيين وطالبوا الجهات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية بسرعة إنقاذهم والعمل على وقف الاستهداف الحوثي لهم ورفع الجور والظلم عنهم.
وأشاروا إلى أن الجماعة لا تزال مستمرة بملاحقتهم واستهدافهم بحجة تزيين سياراتهم ودراجاتهم احتفاءً بذكرى المولد النبوي.
وكشف بعضهم، لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتقال مسلحي الجماعة خلال الأيام الأولى من انطلاق تلك الحملة العشرات من السائقين بذريعة تعنتهم ورفضهم الانصياع لأوامرها الناتجة عن عدم قدرتهم على القيام بتزيين مركباتهم باللافتات والطلاء الأخضر.
ويشكو عبد الله، وهو سائق أجرة في صنعاء - اكتفى باسمه الأول - من ضغوط وتحذيرات يتعرض لها يومياً في نقاط تفتيش حوثية منتشرة في شوارع وطرقات العاصمة صنعاء مع انتقاد عناصر الجماعة له لعدم طلاء سيارته باللون الأخضر وتهديده بالتعرض للاعتقال والمساءلة.
وقال إن السبب الحقيقي الذي يقف خلف استهداف الحوثيين المتعمد للسائقين يعود إلى مواصلتهم استغلال هذه المناسبة الدينية كل عام بهدف التربح وكسب المزيد من الأموال من ورائها.
ولفت إلى أن ذلك الاستغلال يتضح من خلال قيام الجماعة منذ نحو أسبوع بتشغيل عدد كبير من أتباعها في تزيين سيارات المواطنين ودراجاتهم في معظم شوارع العاصمة؛ حيث تصل بحسبه تكلفة تزيين السيارة الواحدة بالطلاء الأخضر والأبيض ما يعادل نحو عشرة دولارات.
ويرى مراقبون أن الانقلابيين يحاولون في هذه المناسبة كعادتهم من كل عام نشر اللون الأخضر على مباني وشوارع العاصمة صنعاء وبقية المدن الواقعة تحت سيطرتهم، إضافة إلى الجدران، والسيارات الخاصة وحافلات النقل، بأنه تقليد واضح لما يحدث في إيران.
يشار إلى أن اليمنيين اعتادوا على مدى قرون الاحتفاء بالمناسبة (المولد النبوي) عبر إقامة مجالس الذكر في المساجد في أجواء روحانية بعيدة عن السياسة، لكن الميليشيات سعت منذ انقلابها على الشرعية إلى استيراد الطقوس والشعائر الإيرانية الدخيلة على ثقافة المجتمع اليمني بالتزامن مع تحويل المناسبات الدينية إلى مواسم لجباية الأموال وحشد المجندين إلى جبهات القتال.
وكانت الجماعة المدعومة إيرانياً فرضت خلال الأيام القليلة الماضية إتاوات وجبايات باهظة على المواطنين والسكان والشركات والمتاجر المختلفة بحجة دعم احتفالية المولد النبوي.


مقالات ذات صلة

سفن بمضيق هرمز تبلغ عن عمليات تشويش على أنظمة الملاحة

أوروبا أرشيفية لناقلة نفط تمر عبر مضيق هرمز (رويترز)

سفن بمضيق هرمز تبلغ عن عمليات تشويش على أنظمة الملاحة

أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، أنها تلقت تقارير من عدة سفن تبحر في مضيق هرمز عن تعرضها لعمليات تشويش أثرت على نظام تحديد المواقع العالمي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي عناصر حوثيون يفترشون أرضية أحد المساجد في إحدى ليالي رمضان (إكس)

الحوثيون يحكمون قبضتهم على المساجد في رمضان

تسعى الجماعة الحوثية للسيطرة المطلقة على المساجد في مناطق سيطرتها، وتحويلها إلى مقار لتنظيم فعاليات خاصة بها بدلاً عن صلاة التراويح التي تمنع السكان من أدائها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)

خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
TT
20

خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)

برغم فشل غالبية مشاريع خدمة التوصيل في العاصمة اليمنية صنعاء بسبب غلاء المعيشة، فإن الطلب عليها لم يتوقف، ويستمر مئات الشباب في تقديمها خصوصاً في شهر رمضان، وتشهد الشوارع المزدحمة قبيل مغرب كل يوم سباقاً مع الوقت يخوضه الشباب العاملون في هذه الخدمة، معرضين حياتهم للخطر.

وغالباً ما تتسبب الدراجات النارية بالكثير من الحوادث المرورية في شوارع صنعاء، ويرفع العاملون في خدمة التوصيل منسوب هذه الحوادث نتيجة رغبتهم في توصيل أكبر عدد من الطلبات لزيادة مداخيلهم، والاستجابة لإلحاح زبائنهم المطالبين بسرعة وصول الوجبات من المطاعم ومستلزمات الوجبات المنزلية من الأسواق.

ويذكر عمار سعيد، وهو عامل توصيل على دراجة هوائية، أن عمله في هذه المهنة يتطلب هدوء أعصاب وتركيزاً شديداً وقدرة على الصبر والتحمل.

ويبين سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية زبائنه يطلبون وصول الطعام بأقصى سرعة، ويستعجلونه خلال تنقلاته بإلحاح شديد وتذمر، ما قد يفقده التركيز أثناء قيادة دراجته، وكثيراً ما يكون مضطراً لتوصيل أكثر من طلب في الوقت نفسه في اتجاهات مختلفة.

عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)
عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)

وكانت خدمة التوصيل في العاصمة صنعاء ومدن أخرى قد شهدت ازدهاراً كبيراً منذ 5 أعوام بسبب حائجة كورونا (كوفيد 19) وما تسببت به من عزوف عن الاختلاط والخروج من المنازل، وهو ما دفع بعدد من المستثمرين إلى إنشاء شركات توصيل تستخدم تطبيقات على الهواتف المحمولة.

ويكشف مقيمون في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه، وبرغم إيقاف العديد من شركات التوصيل نشاطها وتسريح العاملين فيها خلال الأعوام الماضية، فإن الخدمة ذاتها لم تتوقف، بل تشهد تزايداً نسبياً من خلال طلب العائلات والأفراد لها من شبان يتعاملون معهم باستمرار، إلى جانب توظيف المطاعم الكبيرة لعمال توصيل.

ثراء غير متوقع

يستغرب الكثير من المتابعين للوضع في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ظهور وانتشار خدمة التوصيل، في حين يعاني غالبية السكان من أوضاع معيشية صعبة ومعقدة، ولا يملكون القدرة على شراء الطعام من المطاعم، ناهيك عن دفع المزيد من الأموال مقابل خدمة توصيله.

المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)
المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)

وبحسب هؤلاء، فإن العاصمة صنعاء تشهد اتساع رقعة البطالة وإغلاق العديد من الشركات التجارية وهروب أصحاب الأموال والاستثمارات، ولم يتبقَّ فيها إلا من لا يستطيع المغادرة لعدم مقدرته على ذلك، أو من لا يخشى على نفسه وممتلكاته من ممارسات الجماعة الحوثية.

إلا أن الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان يشير إلى أن الإقبال على طلب خدمة التوصيل يأتي بسبب نشوء فئة واسعة تمكنت من الإثراء مستفيدة من الانقلاب والحرب، وهي الفئة التي تسيطر مظاهر ثرائها على المشهد في صنعاء من خلال ظهور أنواع جديدة من السيارات الفارهة والقصور الكبيرة وزيادة النشاط العمراني، مقابل اتساع دائرة الفقر والفاقة.

ويوضح شمسان لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الفئة الجديدة نشأت من خلال أعمال النهب المنظم، أو العشوائي، لموارد المؤسسات العامة وأعمال الجباية والإتاوات المفروضة على غالبية السكان، وابتزاز الشركات التجارية ورجال الأعمال والمستثمرين، وتكوين طبقة من المستثمرين الطفيليين الذين سعوا للإثراء من خلال الأموال المنهوبة أو بالشراكة الإجبارية مع أصحاب رؤوس الأموال.

شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)
شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)

ويرى مراقبون للشأن اليمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أن هناك فئة أخرى تمكنت من الإثراء من خلال العمل أو النشاط في تقديم المساعدات الإغاثية، سواء مع المنظمات الدولية والأممية أو المحلية، وهو النشاط الذي يشهد فساداً واسعاً بحسب العديد من التقارير.

أطعمة جديدة

يعدّ انتشار خدمة التوصيل في صنعاء أمراً لافتاً، كون الأوضاع المعيشية فيها لا تؤهل لذلك، إلى جانب أن المطاعم الشعبية منتشرة في كل الشوارع والأحياء وبالقرب من جميع المساكن تقريباً، في حين يفضل غالبية السكان إعداد الطعام في المنازل.

تقول لبنى عقلان، وهي طبيبة أسنان، إنها وحتى سنوات قليلة مضت، لم تكن تطلب هذه الخدمة كما هي عليها الآن، وكانت تكتفي بالاتصال الهاتفي إلى الكافتيريا الموجودة في نفس البناية التي تقع فيها عيادتها لطلب الطعام، فيقوم أحد العاملين بإيصاله خلال دقائق معدودة.

انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)
انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)

لكن الأعوام الأخيرة شهدت، بحسب حديث عقلان لـ«الشرق الأوسط»، افتتاح مطاعم تقدم وجبات جديدة ومميزة، وهو ما يغري بطلب إيصالها بسبب ازدحام أوقات العمل وعدم القدرة على التنقل إليها والعودة بسرعة.

أما عصام شرف، وهو اسم مستعار لمعلم فيزياء في إحدى كبريات مدارس العاصمة صنعاء، فيلفت إلى أن طلبات توصيل الطعام تعدّ رفاهية لا يحصل عليها سوى من يملكون القدرة على ذلك، وقد حظي بها بسبب عملها في تقديم الدروس الخصوصية.

الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)
الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)

ووفق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن الطلاب الذين يقدم لهم الدروس الخصوصية، وغالبيتهم من عائلات ثرية، يطلبون الطعام لهم وله خلال جلسات الدراسة، فيحصل على وجبات لم يكن يفكر حتى بها بسبب أسعارها المرتفعة، وأحياناً يأخذ ما تبقى منها لعائلته في المنزل.

وتساعد مشاريع إعداد الطعام بالمنازل في استمرار خدمة التوصيل، حيث يعتمد أصحاب هذه المشاريع، وأغلبهم من النساء، على شبان يعملون على دراجات نارية أو هوائية في توصيل الطعام إلى الزبائن.