أميركا لتقوية «آسيان» في مواجهة نفوذ الصين الاقتصادي

برلين لتقليص اعتمادها التجاري على بكين

الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح رئيس وزراء كمبوديا هون سين أثناء لقائهما على هامش قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح رئيس وزراء كمبوديا هون سين أثناء لقائهما على هامش قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أمس (أ.ف.ب)
TT

أميركا لتقوية «آسيان» في مواجهة نفوذ الصين الاقتصادي

الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح رئيس وزراء كمبوديا هون سين أثناء لقائهما على هامش قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح رئيس وزراء كمبوديا هون سين أثناء لقائهما على هامش قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أمس (أ.ف.ب)

تسعى الولايات المتحدة جاهدة لتحجيم قوة الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بعد بلوغ ناتجها المحلي الاقتصادي أكثر من 18 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي، وذلك عبر طرق عدة، يتمثل آخرها في تقوية دول جنوب شرق آسيا ومساعدتها على تسريع وتيرة الاقتصاد في وجه التنين الصيني.
وللحفاظ على عالم ذي قطب وحيد، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن بلاده ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) سوف ترتقيان بالعلاقات الدبلوماسية بينهما إلى «شراكة إستراتيجية شاملة»، وأشاد بإطلاق اتفاق جديد بين بلاده ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ووصفه بأنه خطوة حاسمة نحو معالجة «أكبر قضايا عصرنا».
وفي معرض حديثه أمام قمة آسيان في بنوم بنه، عاصمة كمبوديا، أكد بايدن الشراكة الوثيقة بين الجانبين، وقال إنه طلب توفير استثمارات بقيمة 850 مليون دولار لمبادرات جديدة من أجل «تعزيز آسيان وزيادة الربط عبر جنوب شرق آسيا». وتابع بالقول: «آسيان في قلب إستراتيجية إدارتنا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ونواصل تعزيز التزامنا».
وأضاف أن آسيان والولايات المتحدة سوف تعملان من أجل التصدي «لأكبر مشاكل عصرنا»، والتي تشمل التغير المناخي والتهديدات لسيادة القانون، وفي الوقت نفسه إقامة «منطقة الهندي الهادئ لتكون حرة ومفتوحة، مستقرة ومزدهرة، مرنة وآمنة».
كان مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، قد قال قبيل القمة، أمس السبت، إن الولايات المتحدة يمكن أن تساعد دول جنوب شرق آسيا في مكافحة الصيد والشحن غير القانونيين، في ظل وجود تركيز الانتباه الدولي على أنشطة الصين في المنطقة.
وأضاف سوليفان أن بايدن يعتزم العمل مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) لاستخدام «الترددات اللاسلكية من الأقمار الاصطناعية التجارية لتعقب الشحن المظلم (و) الصيد غير القانوني وغير المنظم». ومن شأن ذلك أن يجعل من الممكن تعقب السفن حتى لو أغلقت أنظمتها الخاصة بالتعريف التلقائي.
ودون ذكر الصين ومطالبها الإقليمية في بحر الصين الجنوبي، شدد سوليفان على الحاجة إلى «حرية الإبحار» و «التجارة المشروعة دون عوائق»، التي سوف يناقشها بايدن مع قادة آسيان خلال قمة الرابطة في بنوم بنه.
ويمر ثلث سفن الشحن في العالم عبر بحر الصين الجنوبي، الغني بالموارد، حيث يشكل الصيد الجائر من جانب السفن الصينية مشكلة رئيسية.
وتقع بعض الجزر والشعاب المرجانية المتنازع عليها على بعد أكثر من 800 كيلومتر من ساحل الصين ونحو 220 كيلومترا فقط من الفلبين. ورفضت المحكمة الدولية للتحكيم في مدينة لاهاي بهولندا المطالب الإقليمية من جانب الصين ووصفتها بأنها غير شرعية في 2016.
وتجري آسيان مشاورات مع مجموعة من الزعماء من بينهم بايدن ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز ورئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول. وهذا اللقاء هو الأول في سلسلة من الاجتماعات ستعقد في جنوب شرق آسيا خلال الأيام السبعة المقبلة.
يأتي هذا بعد أن أعلنت الصين وآسيان رفع مستوى العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة العام الماضي.
واقترح الرئيس الكوري الجنوبي في وقت سابق السبت آلية للحوار مع الصين واليابان لمعالجة أي أزمات تطرأ في المستقبل بما في ذلك تداعيات الحروب على مجالات مثل أمن الغذاء والطاقة وكذلك تغير المناخ.
في غضون ذلك، أعلن وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك اعتزامه توسيع نطاق العلاقات التجارية مع دول أخرى في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وتقليص الاعتماد على الصين.
وقبل انطلاق فعاليات مؤتمر للنشاط الاقتصادي الألماني في منطقة آسيا-الباسفيك في سنغافورة، قال نائب المستشار الألماني أولاف شولتس أمس: «يجب علينا إعادة تنظيم سياستنا التجارية، فنحن بحاجة إلى دول أخرى وإلى شركاء آخرين». وحث السياسي المنتمي إلى حزب الخضر على سرعة إجراء محادثات حول إبرام اتفاقية لتحرير التجارة بين الاتحاد الأوروبي والهند «فالعالم لن ينتظر إلى حين تجاوز أوروبا أو ألمانيا عثرتها».
ورأى هابيك أنه لا ينبغي أن يكون هناك اعتماد أحادي الجانب في مجالات حيوية بعينها؛ وتحدث هابيك عن مجال أشباه الموصلات، قائلا إن هناك قدرات إنتاجية لأشباه الموصلات متوافرة في كل من ألمانيا وسنغافورة، وطالب بتوسيع نطاق التعاون مع سنغافورة.
وقال هابيك إن أسواق جنوب آسيا التي تتطور بشكل قوي، تحظى باهتمام كبير من جانب الاقتصاد الألماني، غير أنه في الوقت نفسه أن هذا لا يعني انفصالا اقتصاديا عن الصين.
يذكر أن ألمانيا تسلك في هذه القضية مسلكا مغايرا لمسلك الولايات المتحدة حيث ينظر الاقتصاد الألماني إلى جمهورية الصين الشعبية باعتبارها شريكا تجاريا مهما للغاية، وهناك الكثير من الشركات الألمانية تنتج في الصين.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.