مسؤول أوروبي يبحث في تونس وضع حقوق الإنسان

الزيارة تزامنت مع احتجاجات معارضة لتوجهات الرئيس سعيد

راشد الغنوشي بعد قرار الإفراج عنه وإبقائه في حال سراح (إ.ب.أ)
راشد الغنوشي بعد قرار الإفراج عنه وإبقائه في حال سراح (إ.ب.أ)
TT

مسؤول أوروبي يبحث في تونس وضع حقوق الإنسان

راشد الغنوشي بعد قرار الإفراج عنه وإبقائه في حال سراح (إ.ب.أ)
راشد الغنوشي بعد قرار الإفراج عنه وإبقائه في حال سراح (إ.ب.أ)

بدأ ديدييه ريندارز، المفوض الأوروبي لشؤون العدل، أمس، زيارة إلى تونس هي الأولى من نوعها، يلتقي خلالها الرئيس التونسي قيس سعيد، ووزيرة العدل ليلى جفال، ووزير الداخلية توفيق شرف الدين، إضافة إلى وزير الشؤون الخارجية عثمان الجرندي، وعدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني، وذلك قبل أسابيع من تنظيم أول انتخابات برلمانية، إثر إقرار التدابير الاستثنائية في البلاد، منذ الخامس من يوليو (تموز) 2021. وفي ظل اتهامات بالتضييق على المعارضة.
وخلال زيارته إلى تونس، سيبحث المسؤول الأوروبي، الذي يسهر على ضمان دولة القانون، عدة ملفات شائكة مع السلطات التونسية، من بينها كشف انتهاكات حقوق الإنسان ومنعها، والإصلاح الدستوري والانتخابي، والتطورات الحاصلة على الساحة السياسية، إضافة إلى التحديات وآفاق إصلاح المنظومة القضائية لحقوق الأساسية والعدالة التجارية، وحماية المعطيات الشخصية، كما يبحث مع المسؤولين التونسيين آفاق التعاون القضائي المدني والجنائي بين تونس والاتحاد الأوروبي.
وتزامنت هذه الزيارة مع احتجاجات نظمتها أمس «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة، التي تتزعمها «حركة النهضة»، في كل من العاصمة التونسية والعاصمة الفرنسية باريس تحت شعار «من أجل استعادة الديمقراطية»، وتزامناً أيضاً مع خضوع راشد الغنوشي، رئيس «الحركة الإسلامية»، لتحقيقات قضائية بتهمة التآمر على أمن الدولة الخارجي، وفي ظل انتقادات كثيرة داخلية وخارجية للمسار الانتخابي المؤدي إلى الانتخابات البرلمانية، المقررة في 19 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وخلال المظاهرة الاحتجاجية التي نظمتها أحزاب المعارضة، أمس، في العاصمة التونسية، رفعت قيادات «جبهة الخلاص الوطني» عدة شعارات تطالب بالتغيير، من بينها «من أجل ربيع عربي واحد»، و«من أجل استعادة الديمقراطية». وكانت هذه الجبهة السياسية المعارضة قد كثفت من تحركاتها الاحتجاجية خلال الأسابيع الأخيرة في عدد من المدن التونسية، أبرزها قبلي جنوب تونس، والرقاب بولاية (محافظة) سيدي بوزيد، وهو ما أثار حفيظة الرئيس سعيد، الذي وجه انتقادات صريحة ومباشرة لمعارضيه، أكد فيها أن «مآربهم معروفة، وهي الالتفاف على إرادة الشعب، وافتعال أزمة تلو الأزمة، والارتماء في أحضان قوى خارجية، ولو كان هناك تضييق على الحريات، كما يدّعون، لما التقوا في سويسرا»، على حد تعبيره.
في غضون ذلك، وبعد أكثر من 14 ساعة من التحقيقات القضائية، قررت محكمة تونسية الإبقاء على راشد الغنوشي، رئيس «حركة النهضة»، في حال سراح، مع منعه من السفر، في انتظار استكمال الأبحاث، وورود نتائج الاختبارات الفنية المتعلقة بالاتصالات الرقمية، وذلك بعد أن كانت النيابة العامة قد طالبت بإصدار أمر بسجن الغنوشي وبعض قيادات «حركة النهضة»، كما استأنفت الحكم القضائي المتعلق بإبقائه بحال سراح. ويواجه الغنوشي عدة تهم ثقيلة، من أهمها تبييض الأموال، والتآمر على أمن الدولة الخارجي.
وبعد مغادرته المحكمة، قال الغنوشي في تصريح إعلامي إن الإفراج عنه وإبقاءه في حال سراح «يكذب ويفند كل التهم» الموجهة إليه، التي وصفها بـ«الخطيرة»، حيث تصل الأحكام فيها إلى حد الإعدام، على حد تعبيره. وأضاف الغنوشي أمام عدد من أنصاره خارج المحكمة أن قرار قاضي التحقيق بإبقائه في حال سراح «يؤكد مرة أخرى انتفاء الجرائم التي تجرم (النهضة) ورئيسها»، مشيراً إلى أن محامي الدفاع «فندوا كل التهم الموجهة» إليه، والمتعلقة بالخصوص بعلاقته ببعض المشمولين بالبحث في ملف «أنستالينغو»، وهو ملف يتعلق بتبيض أموال وتعريض أمن الدولة للخطر. واعتبر الغنوشي أن «الذين فشلوا في التفوق على (النهضة) عبر صناديق الاقتراع، يعملون بكل الطرق على تجريمها وقياداتها، وتلفيق واصطناع التهم لها، مثلما كان الشأن في عهدي بورقيبة وبن علي... لكن الديكتاتورية في تونس تعيش أيامها الأخيرة»، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
TT

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

ألقى «النفوذ الروسي» في ليبيا بظلاله على تقديرات محللين ليبيين بشأن أبعاد زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد، ريتشارد نورلاند، غير المسبوقة إلى الجنوب الليبي.

ولم تُكشف تفاصيل كافية عن نتائج مباحثات نورلاند مع رئيس أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة، الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، في مدينة سبها الجنوبية، في وقت سابق هذا الأسبوع. لكنّ متابعين تحدثوا عن «رمزية» زيارة نورلاند إلى سبها، خصوصاً أنها «الأولى لمسؤول أميركي للمدينة الجنوبية، في ظل أوضاع أمنية مستقرة بعد موجات انفلات أمني سابقة»، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي.

المبعوث الأميركي إلى ليبيا والقائم بالأعمال خلال زيارة لسبها (السفارة الأميركية على إكس)

ويبدو أنه لم تغب «ظلال الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا، ومحاولات احتواء النفوذ الروسي عن زيارة المبعوث الأميركي إلى الجنوب الليبي»، في رأي عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة «جون هوبكنز»، حافظ الغويل، الذي يرى أن «امتداد نفوذ روسيا في الجنوب الليبي ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند»، علماً بأن تسريبات ظهرت منذ مارس (آذار) الماضي تتحدث عن أكثر من جسر جوي تقوده طائرات شحن عسكرية روسية نحو قاعدة براك الشاطئ، الواقعة جنوب البلاد.

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

ومنذ أقل من عامين أطلقت إدارة بايدن ما يعرف بـ«استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار - الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا»، وتهدف هذه الخطة من بين بنودها إلى «دمج الجنوب الليبي المهمش تاريخياً في الهياكل الوطنية، مما يؤدي إلى توحيد أوسع، وتأمين الحدود الجنوبية».

ومع أن نورلاند اكتفى عقب لقاء صدام حفتر بحديث عام عن الدور الحيوي الذي يلعبه جنوب ليبيا في استقرار المنطقة، وحماية سيادة ليبيا، والتغلب على الانقسامات، فإن زيارته حسب الدكتور أحمد الأطرش، أستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة طرابلس»: «قد لا تخرج عن سياقات صراع نفوذ مع موسكو، واستكشاف التمدد الروسي في المنطقة».

وكان اللافت أيضاً حديث المبعوث الأميركي عن دعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات الأمنية، عبر «الانخراط مع القادة العسكريين الليبيين من جميع أنحاء البلاد»، وهو ما رآه الأطرش في تصريح إلى «الشرق الأوسط» غطاء لحقيقة هذه الزيارة، التي تستهدف موسكو بالأساس، مقللاً من رؤى تستند إلى لقاء سابق جمع بين وزير الداخلية المكلف في غرب البلاد، عماد الطرابلسي وصدام، وهو تصرف أحادي.

من زيارة سابقة لنائب وزير الدفاع الروسي رفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى بنغازي (الشرق الأوسط)

في المقابل، ذهب فريق من المحللين إلى الحديث عن مخاوف أميركية شديدة من توسيع ما سموه بالأنشطة الصينية في ليبيا، إذ إن الجنوب الليبي، وفق المحلل السياسي عز الدين عقيل «يمكن أن يكون محطة مهمة بقطع طريق الحرير الصيني، واستخدامه أيضاً بوصفه قاعدة لإزعاج ومواجهة الصينيين بأفريقيا».

ويستند عقيل إلى ما ذُكر بشأن الصين في إحاطة «الدبلوماسية الأميركية جنيفر غافيتو، حيث كان من المقرر تعيينها سفيرة لواشنطن في طرابلس قبل أن تعتذر في صيف هذا العام».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، نبهت غافيتو في بيان أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى «النجاحات العميقة» لشركات مرتبطة بالصين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ليبيا.

وسبق أن حصلت الصين على حقوق تعدين الذهب الليبي في الجزء الجنوبي من البلاد «بشروط مغرية للغاية» في عهد رئيس الحكومة الليبية السابق، فتحي باشاغا، وفق المستشار في مؤسسة «أنفرا غلوبال بارتنرز»، جوناثان باس، الذي لفت إلى دعم بكين القائد العام لقوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

يُشار إلى أن منطقة الساحل شهدت خلال العامين الأخيرين الإطاحة ببعض الأنظمة الراسخة الموالية لفرنسا، تزامناً مع انخراط روسيا في المنطقة، بوصفها حليفة للأنظمة الجديدة.

اللافت أنه غداة زيارة نورلاند إلى سبها، كان السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين خلف عجلة قيادة الشاحنة الروسية «أورال»، محتفياً، في لقطة لا تخلو من الدلالات، بدخولها السوق الليبية، بعد وصولها بالفعل إلى البلاد ضمن المئات منها إلى جانب الشاحنة «أورال».