شارون ستون... المواجهة بالصراحة

أصيبت مؤخراً بالورم الليفي الرحمي

شارون ستون... المواجهة بالصراحة
TT

شارون ستون... المواجهة بالصراحة

شارون ستون... المواجهة بالصراحة

ما يحمّل شارون ستون هَمّ الدفاع عن صحة النساء هي معارك تخوضها للنجاة بصحتها. لأكثر من شهر، تعتزل الضوء؛ لحاجتها إلى علاج يردع تفاقم الألم. أخطأ طبيب في التشخيص، فلجأت إلى آخَر أطلعها على ما لا تحبِّذ المرأة سماعه: ورم ليفي رحمي، ولا بدّ من مداواته. إصابتها بالمرض تُعيدها إلى جوهرها الإنساني حيث المسافات من قشور الحياة.
ترقّبت شفاء أوجاعها بعد عملية افترض طبيبٌ أهميتها، ليتبيّن أنها ارتدّت عليها بالضرر. راح الألم يتمدّد في أرجائها. وحين شعرت باستحالة التحمّل، هرعت إلى استشارة عاجلة قدّمها طبيب أصاب التشخيص، أطلعها على مرضها: إنه الورم الليفي الرحمي الخطير، والمطلوب التفرّغ لعلاج مدّته أربعة إلى ستة أسابيع. لم تكن المرة الأولى التي تُوضع فيها أمام امتحان الصحة. تدرك أنه شاقّ، لا تستلطفه، لكنها تجيد اجتيازه.
تتخفّى عوارض هذا المرض بخبث، وفي حالة شارون ستون أشارت الآلام إلى ما هو عصيّ على التخفّي، فاستدركته. تتوجه للنساء من تجربة لقّنتها درساً في قطف اليقين عن أكثر من غصن: «الأجدى استشارة ما يزيد على طبيب. ذلك يمكن أن ينقذ حياتكن». انقلاب العوارض على صمتها، فتجلّيها بشكل أو بآخر، جنّب صاحبتها نوماً على حرير وزعماً بأنّ الأمور تسير على ما يرام. الطبيب الأول أخطأ، فصحّح القدر.

تُنصّب الحياة بعض البشر سفراء لخير الإنسانية. يكونون المعنى حين تتزاحم الأصوات ويملأ الضجيج المكان. ويختارون دور المُصلح وسط فوضى الخراب. شارون ستون منهم. صراعاتها الصحية عبء عليها، توظّفها في تخفيف أعباء الآخرين. فهي وإن احتفظت بالعذابات لنفسها، تتعمّد مشاركة الخلاصة من تجاربها على الملأ. صراحتها حول صحتها تجعلها نموذجاً في تحويل الشخصي إلى عبرة، والمكروه إلى حب.
ليست إصابتها بجلطة دماغية عام 2011 ما دفعها فحسب إلى إعلان الحرب على الاستهتار. تصدِّيها دافعه إحساس بالمسؤولية حيال المتورّطين بتعثّر الصحة والاستغلال والرضوخ. ومنطلقه مشيئتها حماية الإنسان مما يجهل فتشعل النور في الدروب.
محرِّك الصراحة الأول هو الإجهاض. مرارة تذوّقتها تسع مرات، حتى فاضت، فألحّ الفيض على مشاركته. آلام شارون ستون (64 عاماً) في الرحم والأنوثة، آلام المرأة في صميمها الحي. في الرحم حيث مخبأ الأطفال. والنبض الأول. تسع محاولات لتصبح أماً انتهت بالإخفاق. يبدو الرقم فظاً. يترافق مع جلجلة عذابات وأصناف من الصدمة. إجهاض تلو الآخر، كسكِّين يجوّف حيث يحل. للسكاكين نشاط أكثر وحشية كأن «تجلخ» مكانها وحولها وسائر الأطراف. خصوصاً الروح. خيبات الإجهاض المتتالية حفرت عميقاً في نجمة السينما، لكن نبل الأمومة لا يقوى سكينٌ على جلخه.
تبنّت ثلاثة أولاد كتعويض عن الحرمان. الأم هي العطايا ولو منحتها لمخلوق أليف غير ناطق. تتخذ شارون ستون من العجز عن الإنجاب فرصة للتصويب على ما لم يعد مسموحاً التغاضي عنه: وجع النساء. ترفض ألا يُفسَح للمرأة مجال على هيئة منتدى يتيح مناقشة «عمق هذه الخسارة». المنابر ليست في كثرتها، بل في احتوائها قدرة إيصال الأفكار. يخاف العالم من امرأة تجاهر بما أنهكتها لفلفته. «إنه ليس شعوراً بسيطاً على المستوييْن النفسي والجسدي»، ترفع الصوت. «لكننا نتحمله وحدنا في السر. يشبه ذلك الشعور بالفشل».

الذين هم في صلب الوجع يبلغون حقيقته. لا تقلل النجمة من جدوى الدعم والتعاطف، فتجربتها أكدت لها أهميتهما. ولا تحجز للعلاج مقعداً خلفياً، فمقعده أمامي. تختلف بإدراك ماهية الجرح والإصرار على علاجه: «عافية المرأة وصحتها أصبحتا في متناول أيديولوجية الذكور. هم يتراخون في هذا السياق، ويجهلون واقعها».
كما تتصدّى للاستغلال الجنسي في هوليوود وتتكلّم على سبيل «الفضح» ووضع الحد؛ فهي في صراحتها الصحية «تفضح» سوء فهم الرجل لسلامة المرأة. لها نظرة مغايرة للخلل والمتسبّبين به. ذلك جراء تجارب لم تثبت لها العكس. ترفض بعد اليوم التحمّل بالسر، فتعلن أنها تدرك واقع الصراع على حقيقته، والذكور لا يقفون على حياد مما يجري.
يلتقي مشاهير في هوس الضوء وتعقّب المجد، ويتفرّدون بخطواتهم نحو الإنسانية. أزمات شارون ستون الصحية رسالتها إلى فهم الوجود وصوتها العالي ضد تعليب الحقيقة. كما فنها. بلاغة المعاناة تمنح البشرية فسحة للتضامن. العالم في حاجة إلى تأثير مذهل.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

كيف سيبدو العالم إذا انقرض البشر؟

أحد شوارع العاصمة الفرنسية باريس خلال حظر التجوال تجنباً لتفشي وباء «كورونا» (رويترز)
أحد شوارع العاصمة الفرنسية باريس خلال حظر التجوال تجنباً لتفشي وباء «كورونا» (رويترز)
TT

كيف سيبدو العالم إذا انقرض البشر؟

أحد شوارع العاصمة الفرنسية باريس خلال حظر التجوال تجنباً لتفشي وباء «كورونا» (رويترز)
أحد شوارع العاصمة الفرنسية باريس خلال حظر التجوال تجنباً لتفشي وباء «كورونا» (رويترز)

يُعدّ اختفاء البشر فكرة شائعة في الأفلام والبرامج التلفزيونية والكتب، إلا أن نهاية البشرية لا تزال أمراً غريباً يجب التفكير فيه.

موقع «كونفرزيشن» طرح سيناريو تخيلياً لمصير كوكب الأرض إذا انقرض البشر لأي سبب، وقال: «إن اختفاء البشر فجأةً من العالم من شأنه أن يكشف شيئاً عن الطريقة التي نتعامل بها مع الأرض، وسيظهر لنا أيضاً أن العالم الذي نعيشه اليوم لا يمكنه البقاء على قيد الحياة من دوننا، وأننا لا نستطيع البقاء على قيد الحياة إذا لم نهتم به، وأن الحضارة مثل أي شيء آخر تحتاج لإصلاح مستمر».

ووفقاً للسيناريو الذي طرحه الموقع: «إذا اختفى البشر، وتمكّنتَ من العودة إلى الأرض لترى ما حدث بعد عام واحد، فإن أول شيء ستلاحظه لن يكون بعينيك، بل بأذنيك؛ إذ سيكون العالم هادئاً. وستدرك مدى الضجيج الذي يُصدره الناس، أما عن الطقس فستصبح السماء أكثر زُرقةً، والهواء أكثر صفاءً، وسوف تقوم الرياح والأمطار بتنظيف سطح الأرض، وسيختفي كل الضباب الدخاني والغبار الذي يصنعه البشر».

«وفي تلك السنة الأولى، عندما يكون منزلك خالياً من أي إزعاج من قِبل أي شخص، ستذهب إلى منزلك، وآمُل ألّا تشعر بالعطش؛ لأنه لن يكون هناك ماء في الصنبور؛ حيث تتطلّب أنظمة المياه ضخّاً مستمراً. إذا لم يكن هناك أحد في مصدر المياه العام لإدارة الآلات التي تضخ المياه، فلن تكون هناك مياه، لكن الماء الذي كان في الأنابيب عندما اختفى الجميع كان سيظل موجوداً عندما جاء فصل الشتاء الأول؛ لذلك في أول موجة برد، كان الهواء البارد سيُجمّد الماء في الأنابيب ويفجّرها».

«ولن تكون هناك كهرباء. ستتوقف محطات توليد الطاقة عن العمل؛ لأنه لن يقوم أحد بمراقبتها، والحفاظ على إمدادات الوقود، لذلك سيكون منزلك مظلماً، من دون أضواء أو تلفزيون أو هواتف أو أجهزة كمبيوتر».

محطة قطارات خالية من روادها في لندن ضمن التدابير الهادفة للسيطرة على تفشي فيروس «كورونا» (د.ب.أ)

«وسيكون منزلك مترباً، ففي الواقع، يوجد غبار في الهواء طوال الوقت، لكننا لا نلاحظه لأن أنظمة تكييف الهواء والسخانات لدينا تنفخ الهواء حولنا.

وفي أثناء تنقلك بين غرف منزلك، فإنك تحافظ على الغبار في حالة تحرك أيضاً. ولكن بمجرد أن يتوقف كل ذلك، سيظل الهواء داخل منزلك ساكناً ويستقر الغبار في كل مكان».

«وسوف ينمو العشب الموجود في حديقتك حتى يصبح طويلاً ويتوقف عن النمو، وسوف تظهر أعشاب ضارة جديدة، وستكون في كل مكان، والكثير من النباتات التي لم ترها من قبل سوف تنمو في حديقتك. وفي كل مرة تُسقط فيها شجرة بذرة، قد تنمو شتلة صغيرة، ولن يكون هناك أحد ليخرجها أو يقطعها». وفقاً للموقع.

«وفي الشوارع، سوف تتآكل الطرق والسدود والجسور التي بناها الناس على الأنهار والجداول في العالم، وسوف تعود المزارع إلى الطبيعة، وستبدأ النباتات التي نأكلها بالاختفاء؛ لأنه لم يَعُد هناك الكثير من الذرة أو البطاطس أو الطماطم بعد الآن.

وستكون الحيوانات الأليفة فريسة سهلة للدببة والذئاب والفهود، وبمرور الوقت ستصبح القطط مثلاً وحشية على الرغم من أن الكثير منها سوف يتم افتراسه من قبل حيوانات أكبر».

وذكر الموقع أن هذا السيناريو قد يتحقق عن طريق اصطدام كويكب بالأرض أو توهج شمسي يتسبب في اختفاء البشرية.