الغنوشي أمام القضاء التونسي بتهمة «التآمر على أمن الدولة»

رئيس «النهضة» أكد أن القضية «هدفها صرف الأنظار عن مشكلات الشعب»

رئيس «حركة النهضة» راشد الغنوشي (إ.ب.أ)
رئيس «حركة النهضة» راشد الغنوشي (إ.ب.أ)
TT

الغنوشي أمام القضاء التونسي بتهمة «التآمر على أمن الدولة»

رئيس «حركة النهضة» راشد الغنوشي (إ.ب.أ)
رئيس «حركة النهضة» راشد الغنوشي (إ.ب.أ)

مثل راشد الغنوشي، رئيس «حركة النهضة» رئيس البرلمان التونسي المنحل، اليوم، أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية في مدينة سوسة (وسط شرقي تونس)، للاستماع إليه في ملف ما باتت تعرف في تونس بـ«قضية مؤسسة إنستالينغو»، المتعلقة بغسل الأموال، والتآمر على أمن الدولة الخارجي.
ويواجه العاملون في هذه المؤسسة؛ المختصة في صناعة المحتوى والاتصال الرقمي على شبكة الإنترنت، ومن بينهم صحافيون وسياسيون ومسؤولون سابقون في الدولة، اتهامات خطيرة عدة، غير أن المتهمين عدّوا أن الملف «سياسي»، مؤكدين أنه لا توجد أي حجج دامغة تثبت التهم الموجهة إليهم.
وقبل دخوله المحكمة، عدّ الغنوشي، في تصريح إعلامي اليوم، أن القضية المثارة ضده، «يراد منها صرف الأنظار عن المشكلات الحقيقية التي تهم الشعب التونسي»، وأكد أن وجوده في المحكمة «لن يخفض الأسعار ولن يحقق الأمن»، مشدداً على أنه يجهل قضية «إنستالينغو»، التي سمع بها منذ 10 أيام فقط؛ على حد قوله.
وقال الغنوشي، أمام عدد من مؤيديه، إن «القضية زائفة مثل القضايا الأربع السابقة، التي رفعت ضدي»، مضيفاً بنبرة مليئة بالسخرية والتهكم: «وجودي هنا لن يخفض أسعار المواد الغذائية التي يعاني الشعب من ارتفاعها، ولن يحل مشكلة الانتخابات التي تزيف عياناً. وقد جئت هنا متمسكاً بحصانتي البرلمانية، وأيضاً احتراماً للقضاء لأنني أعرف أن القضية فارغة»؛ على حد تعبيره.
وكانت تقارير إعلامية محلية قد تحدثت عن حدوث حالة من الفوضى قبيل انطلاق جلسة التحقيق مع الغنوشي، وعن مناوشات حادة خلال وصوله أمس إلى مقر المحكمة بين عدد من المحامين المؤيدين له، وبعض المعارضين له، ليتطور الأمر سريعاً إلى فوضى وتبادل للعنف بين الطرفين.
يذكر أن النيابة العامة فتحت في 20 يونيو (حزيران) الماضي تحقيقاً قضائياً ضد 28 شخصاً مشتبهاً فيهم؛ من بينهم من شملهم البحث سابقاً في ملف قضية شركة «إنستالينغو»، بمدينة القلعة الكبرى (سوسة). وضمت قائمة المشتبه فيهم محمد علي العروي، المتحدث السابق باسم وزارة الداخلية، وعادل الدعداع رجل الأعمال التونسي المنتمي إلى «حركة النهضة»، والناشط السياسي بشير اليوسفي، إضافة إلى الصحافي لطفي الحيدوري، والمدونين أشرف بربوش وسليم الجبالي. وبعد إجراء عدد من التحريات الأمنية، جرى الاحتفاظ بـ9 أشخاص وإدراج 12 بالتفتيش.
وقد ورد اسم الغنوشي ضمن التحريات التي أجرتها السلطات التونسية مع المتهمين، وهو ما دفع بالقضاء إلى فتح تحقيق ضده، وضمه إلى قائمة المتهمين في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الأمنية والقضائية. وقد أعلنت السلطات التونسية لاحقاً أنّ قضاء مكافحة الإرهاب أمر بتجميد الأرصدة المالية والحسابات المصرفية لـ10 شخصيات؛ من بينهم الغنوشي ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي. كما استُدعي الغنوشي في 19 يوليو (تموز) الماضي للتحقيق معه في قضية تتعلق بتبييض أموال وفساد، غير أن «حزب النهضة» نفى التّهم الموجّهة لزعيمه.
وإضافة إلى الاتهامات الموجهة إلى الغنوشي، اتهمت أطراف سياسية تونسية عدة قيادات «حركة النهضة» بترشيح ودعم عدد من المستقلين في الانتخابات البرلمانية؛ المقررة في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكدة أن كثيراً من المترشحين المنتسبين والداعمين لـ«الحركة» قدموا ترشحاتهم لانتخابات البرلمان، بصفتهم مرشحين مستقلين وغير منتمين إلى «الحركة». كما أوضحت هذه الأطراف السياسية أن كثيراً من الوجوه الناشطة في المجال السياسي والمجتمع المدني، مقربة أو منتسبة إلى «حركة النهضة»، وأنها قدمت ترشحاتها لانتخابات البرلمان، وتلقت خلال جمع التزكيات دعماً من «الحركة»، على غرار ما حدث في الدوائر الانتخابية بولاية (محافظة) بن عروس، وكذلك بمنطقة طبربة في محافظة منوبة، وفي كثير من الدوائر الانتخابية الأخرى؛ على حد تعبيرها.
وكانت «حركة النهضة» قد أعلنت بصفة رسمية مقاطعتها التامة للمسارين السياسي والانتخابي في تونس، ولم ترشح أي قيادي من قياداتها المعروفين لهذا الاستحقاق الانتخابي المرتقب. لكن «حركة النهضة» ليست الوحيدة المتهمة بالترشح سراً للانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث اتهم «الحزب الدستوري الحر»، الذي تتزعمه عبير موسي، أيضاً باعتماد الأسلوب نفسه، من خلال دعم ترشح عدد من الأشخاص، الذين سبق أن تقلدوا مناصب في عهد الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

قوى سياسية وعسكرية سودانية تبحث «اليوم الأول» بعد الحرب

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)
اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)
TT

قوى سياسية وعسكرية سودانية تبحث «اليوم الأول» بعد الحرب

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)
اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

شهدت العاصمة المصرية القاهرة اجتماعاً لأكثر من 15 حزباً وتنظيماً، بالإضافة إلى تنظيم العسكريين المتقاعدين المعروف باسم «تضامن»، تناول بشكل أساسي خطة «اليوم الأول» بعد وقف الحرب، وهو أول اجتماع بين قوى سياسية كانت ترفض الجلوس مع بعضها البعض. كما بحث الاجتماع دور القوى المدنية في إيقاف الحرب، وتقريب المواقف وإغاثة الضحايا وبناء مركز مدني موحد في مواجهة خطاب الكراهية.

وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الأحزاب التي شاركت في الاجتماع هي: حزب «الأمة القومي» ومثّله أحمد المهدي وعبد الجليل الباشا، والحزب الشيوعي ومثّله صديق يوسف ومسعود الحسن، و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز الحلو، و«المؤتمر الشعبي» مثّله عبد القادر عز الدين، و«المؤتمر السوداني» ومثّله بكري يوسف، وحزب «البعث القومي» ومثّله كمال بولاد، و«الحركة الاتحادية» ومثّلها أحمد حضرة.

كما حضر الاجتماع «التحالف السوداني» ومثّله ماهر أبو الجوخ، والحزب «الوحدوي الناصري» ومثلته انتصار العقلي، والحزب «الوطني الاتحادي» محمد الهادي، و«القومي السوداني» ميرغني إدريس، و«تيار الوسط للتغيير» محمد نور كركساوي، و«التيار الاتحادي الحر» معاوية الشاذلي، وحزب «البعث السوري» بابكر محجوب، و«الحركة الشعبية لتحرير السودان - التيار الثوري»، بالإضافة إلى ممثلين عن قيادة «تضامن» الذي مثّله اللواء متقاعد كمال إسماعيل، والعقيد متقاعد بجهاز أمن الدولة هاشم أبو رنات.

وأشار المصدر إلى أن أهمية الاجتماع تكمن في أنه «كسر الحواجز» بين القوى السياسية والمدنية، بما يمكّن من التحاور بينها من أجل وقف الحرب واستعادة الانتقال المدني الديمقراطي. وأضاف أن المجتمعين أقروا عقد اجتماع آخر في وقت قريب من أجل صياغة «دليل عمل» يتضمن موقف القوى المدنية من المحاور الأساسية.

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الحرب (د.ب.أ)

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في 15 أبريل (نيسان) 2023، ظلت قوى مدنية وسياسية تعمل من أجل تكوين «مركز مدني موحد»، يضغط على القادة العسكريين في الجانبين المتحاربين من أجل وقف الحرب، واستعادة التحول المدني الديمقراطي، و«تحقيق أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018» التي أطاحت بنظام الرئيس المعزول عمر البشير.

وأدت مساعي هذه القوى إلى تكوين تحالف باسم «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» المعروف اختصاراً بـ«تقدم»، ويقوده رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك الذي عزله انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قام به قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان مع قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حينما كانا متعاونين قبل أن يتحاربا.

وعلى الرغم من أن تحالف «تقدم» يعد أوسع تحالف مدني تكوّن بعد اندلاع الحرب، فإنه لم يشمل قوى سياسية يسارية، أبرزها «الحزب الشيوعي» الذي كوّن تحالفاً آخر تحت مسمى «تحالف قوى التغيير الجذري»، وحزب «البعث العربي الاشتراكي» الذي كوّن تحالفاً آخر باسم «الجبهة الشعبية العريضة للديمقراطية والتغيير».