رئيس «الصحة العالمية» أمام تحدٍ استثنائي لإدارة أزمة إنسانية في مسقط رأسه

معظم أقاربه موجودون في المناطق الأكثر تأثراً في إقليم تيغراي

تيدروس أدهانوم غيبرييسوسيتحدث في قمة الصحة العالمية في 16 أكتوبر الماضي (د. ب. أ.)
تيدروس أدهانوم غيبرييسوسيتحدث في قمة الصحة العالمية في 16 أكتوبر الماضي (د. ب. أ.)
TT

رئيس «الصحة العالمية» أمام تحدٍ استثنائي لإدارة أزمة إنسانية في مسقط رأسه

تيدروس أدهانوم غيبرييسوسيتحدث في قمة الصحة العالمية في 16 أكتوبر الماضي (د. ب. أ.)
تيدروس أدهانوم غيبرييسوسيتحدث في قمة الصحة العالمية في 16 أكتوبر الماضي (د. ب. أ.)

يواجه المدير العام لـ«منظمة الصحة العالمية» تيدروس أدهانوم غيبرييسوس تحدياً فريداً، إذ يتوجب عليه إدارة أزمة إنسانية في إقليم تيغراي الإثيوبي يكون مصير عائلته فيها على المحك.
يتحدر تيدروس (57 عاماً) من إقليم تيغراي الواقع شمال إثيوبيا، والمحاصر منذ عامين من قبل القوات الفيدرالية وحلفائها.
وقع طرفا النزاع، الحكومة الإثيوبية ومتمردو تيغراي، اتفاقية هدنة الأسبوع الماضي، ما ولد أملاً بأن يتم إرسال المساعدات الإنسانية بطريقة أسرع إلى سكان الإقليم.
وغرد تيدروس بعد الإعلان عن الاتفاقية السبت «الشجعان يختارون السلام»، مضيفاً في تغريدة لاحقة «أعطوا السلام فرصة!».
عُرف تيدروس على الساحة الدولية في سعيه لمحاربة تفشي (كوفيد - 19) وغالباً ما بات يستخدم منصبه ومنبره لتسليط الضوء على مسقط رأسه الإثيوبي الذي يضم ستة ملايين نسمة، ويعاني من انقطاع الاتصالات لمعظم فترة النزاع، ويفتقر لأدنى الخدمات، ويواجه نقصا حادا في السلع الغذائية والوقود والأدوية.
وفي 19 أكتوبر (تشرين الأول)، أكد تيدروس بتأثر شديد خلال مؤتمر صحافي، «نعم، أنا من تيغراي، ونعم هذا يمسني شخصياً، ولا أدعي غير ذلك. معظم أقاربي موجودون في المناطق الأكثر تأثراً، أكثر من 90 في المائة منهم».
وأضاف «لكن عملي يقضي بلفت انتباه المجتمع الدولي إلى الأزمات التي تهدد صحة الناس، أينما وجدوا».
إقليم تيغراي محروم منذ عامين من المساعدات الإنسانية، في وقت يتوجب على وكالات الأمم المتحدة التعامل مع السلطات، مهما كانت، لتتمكن من العمل في أي بلد.
وأمام تيدروس مهمة صعبة تكمن في تحقيق توازن دقيق بين تطرقه إلى الأزمة في تيغراي، وعدم تخطي الصلاحيات الموكلة إليه.
وتتهمه الحكومة الإثيوبية بالتحيز وباستغلال منصبه كمنبر للتعبير عن آرائه السياسية.
وفي يناير (كانون الثاني)، قال سفير إثيوبيا لدى الأمم المتحدة زينيبي كيبيدي كورشو إن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية «استخدم منصبه لكي يبدي مصلحته السياسية الشخصية على مصلحة إثيوبيا».
ووجهت الحكومة الإثيوبية «مذكرة شفهية» دبلوماسية طالبت فيها منظمة الصحة العالمية بفتح تحقيق بحق تيدروس بتهمة «سوء السلوك وانتهاك مسؤوليته المهنية والقانونية».
غير أن هذه الاتهامات لم تمنع تيدروس من الفوز بولاية ثانية في مايو (أيار).
بدأ الصراع في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 عندما أرسل رئيس الحكومة أبي أحمد القوات الحكومية إلى إقليم تيغراي بعد اتهام «جبهة تحرير شعب تيغراي» بمهاجمة معسكرات للجيش الفيدرالي.
وكانت «جبهة تحرير شعب تيغراي» هي القوة المهيمنة في تحالف الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي الذي سيطر على السياسة الإثيوبية منذ عام 1991 على مدى ثلاثة عقود.
وكان تيدروس عضواً في اللجنة التنفيذية المؤلفة من تسعة أعضاء في «جبهة تحرير شعب تيغراي» حتى تسلمه منصبه على رأس منظمة الصحة العالمية في جنيف في عام 2017.
وكان أيضاً قد أدار المكتب الإقليمي للصحة في تيغراي قبل أن يصبح وزيراً للصحة في إثيوبيا من عام 2005 حتى 2012.
وحين توفي رئيس الحكومة ميليس زيناوي في عام 2012، اعتبر تيدروس خلفاً محتملاً لرئاسة «جبهة تحرير شعب تيغراي» وبالتالي لرئاسة إثيوبيا.
لكن بدلاً من ذلك، أصبح وزيراً للخارجية الإثيوبية حتى عام 2016 قبل انتقاله في العام التالي إلى منظمة الصحة العالمية.
ولدى وصول أبي أحمد إلى السلطة في عام 2018 بعد سنوات من المظاهرات المناهضة للحكومة، حل تحالف الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي وأسس «حزب الرخاء». رفضت حينها جبهة تحرير شعب تيغراي الالتحاق بهذه الحركة.
خلال منتدى للشباب في عام 2020 تحدث تيدروس عن أنه شهد، وهو في السابعة من عمره، وفاة شقيقه الأصغر بسبب الحصبة على الأرجح. وقال: «لم أتقبل الوضع حينها... وما زلت لا أتقبله حتى الآن... لقد أثر ذلك علي كثيراً».
ويدلي تيدروس تقليدياً بملاحظات افتتاحية في المؤتمرات الصحافية الأسبوعية لمنظمة الصحة العالمية، ويترك مهمة الإجابة عن الأسئلة عادة لفريقه.
لكن حين يتعلق الأمر بالنزاع في تيغراي، يتولى بنفسه الحديث عن الموضوع من خلال إثارة المشاعر.
وكان قد قال في أغسطس (آب)، بالحديث عن مصير عائلته في تيغراي: «أريد إرسال المال لهم، لكنني أعجز عن ذلك. يموتون جوعاً، أعلم ذلك، ولا أستطيع مساعدتهم. لا أعلم حتى من توفي منهم ومن هو على قيد الحياة».
في الأول من نوفمبر، كان تيدروس المسؤول الأممي الوحيد الذي تحدث عن خطر «إبادة».
قد يوفر اتفاق وقف إطلاق النار فرصة لإنهاء إراقة الدماء. وتتجه الأنظار مرة أخرى إلى ما سيقوله تيدروس بهذا الشأن.


مقالات ذات صلة

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صحتك لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صُمم جهاز طبي مبتكر يُعرف باسم « Genio» يهدف إلى تحفيز الأعصاب في اللسان لتحسين التنفس أثناء النوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي سوريون ينتظرون في طابور للعبور إلى سوريا من تركيا في منطقة ريحانلي في هاتاي بتركيا في 10 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

الصحة العالمية: نزوح مليون شخص منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الثلاثاء، إن نحو مليون شخص نزحوا منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أن قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)

مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

لم تمنع الضغوط والأعباء المادية الكبيرة التي تتكلفها مصر جراء استضافة ملايين الوافدين، من علاج الآلاف منهم من «فيروس سي»، ضمن مبادرة رئاسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.