انطلاق مؤتمر المناخ بتوافق على مناقشة «تعويض الأضرار»

غوتيريش أكد في افتتاح «كوب 27» أن الأعوام الثمانية الماضية كانت الأكثر احتراراً

شكري في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «كوب 27» بشرم الشيخ أمس (رويترز)
شكري في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «كوب 27» بشرم الشيخ أمس (رويترز)
TT

انطلاق مؤتمر المناخ بتوافق على مناقشة «تعويض الأضرار»

شكري في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «كوب 27» بشرم الشيخ أمس (رويترز)
شكري في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «كوب 27» بشرم الشيخ أمس (رويترز)

انطلقت، أمس الأحد، فعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول المناخ «كوب 27»، بمدينة شرم الشيخ المصرية، بتوافق على مناقشة تعويض الخسائر والأضرار، ووسط تحذير من «التراجع عن جهود الحد من الانبعاثات الكربونية».
وقال سامح شكري، وزير الخارجية المصرية، في الجلسة الافتتاحية، إن «أجندة المؤتمر الذي يستمر على مدار أسبوعين تتضمن مناقشة آليات تمويل الخسائر والأضرار التي لحقت بالدول النامية جراء تبِعات التغيرات المناخية، في انعكاس لحالة تضامن وتعاطف مع ضحايا التغيرات المناخية».
ويرتبط ملف الخسائر والأضرار بمطالبة الدول الصناعية الكبرى (دول الشمال) بتقديم تمويل إلى الدول النامية (دول الجنوب) لمواجهة أضرار التغيرات المناخية من فيضانات واحترار وغيرها، والتي كانت دول الشمال سبباً رئيسياً فيها، حيث تحتلّ الصين والولايات المتحدة الأميركية المرتبتين الأولى والثانية على التوالي بوصفهما أكثر الدول المصدرة للانبعاثات الكربونية.
وأوضح السفير أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، في بيان صحافي، أن أجندة المؤتمر «تتضمن العديد من البنود الخاصة بموضوعات التكيف مع تغير المناخ، وتخفيف تداعياته السلبية وسُبل توفير تمويل المناخ، كما يشمل جدول الأعمال، للمرة الأولى، بنداً حول معالجة الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ».
وقال ألوك شارما، رئيس «كوب 26»، في كلمته خلال الافتتاح، إن «هناك إجماعاً دولياً على التعاون لمواجهة تغيرات المناخ»، معرباً عن أمله في أن «تسفر قمة (كوب 27) عن الاتفاق على تمويل إضافي للتغيرات المناخية».
وأشارت مصادر شاركت في مفاوضات الإعداد لجدول أعمال مؤتمر المناخ، إلى أن ملف تمويل الخسائر والأضرار «شغل حيزاً كبيراً من المناقشات على مدار 48 ساعة قبيل افتتاح المؤتمر»، موضحة، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بعد مناقشات متعمقة جرى الاتفاق على مناقشة وضع آلية عمل لتمويل هذا البند، والتوصل لصيغة بشأنه بحلول عام 2024».
وقال وزير الخارجية المصري، والذي تسلَّم رسمياً، أمس الأحد، رئاسة قمة «كوب 27»، إن «تغير المناخ بات يهدد حياة البشر، ولا بد من تغيير نمط التنمية السائد منذ الثورة الصناعية، الذي لم يعد قابلاً للاستمرار لأن ذلك سيؤدي إلى عواقب وخيمة»، مؤكداً «حرص بلاده على إنجاح القمة لتكون شرم الشيخ علامة مميزة على طريق مواجهة أكبر تحدٍّ للبشرية».
ولفت وزير الخارجية المصري إلى أن «مؤتمر (كوب 27) هو استكمال لمسيرة عمل بدأت قبل 30 عاماً، باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ». وقال شكري إنه «رغم كل الأمنيات الطيبة وكل الجهود المبذولة، فإن الدراسات العملية تشير إلى فجوات تتسع بشكل مُقلق، سواء فيما يخص الحفاظ على الهدف الحراري لاتفاق باريس، أو التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ أو توفير التمويل اللازم لتمكين الدول النامية للقيام بهذا الجهد».
وتبنّت 197 دولة عام 2015، خلال أعمال مؤتمر «كوب 21»، اتفاق باريس، الذي يهدف إلى الحد من الغازات المسبِّبة للاحتباس الحراري، والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية خلال القرن الحالي إلى درجتين، مع الإبقاء على الزيادة دون 1.5 درجة. وأشار شكري إلى ما وصفه بالأحداث «المؤلمة» التي شهدها العالم في باكستان وأفريقيا وأوروبا، والتي «تدعو إلى اليقظة والحرص والتحرك العاجل لاتخاذ كل التدابير اللازمة لتنفيذ التعهدات في هذا الصدد».
وتسببت التغيرات المناخية، في الشهور الأخيرة، في موجة فيضانات بباكستان ونيجيريا، وجفاف في بعض الدول الأفريقية، وموجات احترار في عدد من الدول.
وقال شكري إن «مؤتمر المناخ يُعقد في خضم توترات سياسية تركت آثارها البالغة على الدول جميعاً، ترتَّب عليها أزمات في إمدادات الطاقة والغذاء»، مشيراً إلى أنه «على جميع المشاركين في المؤتمر أن يثبتوا عكس المنظور الشائع؛ والذي يقول إن التحديات الأخيرة ستعرقل العمل الجماعي بشأن مواجهة آثار التغيرات المناخية».
يأتي انعقاد المؤتمر في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت تداعياتها في أزمة طاقة دفعت البعض إلى التفكير في العودة لاستخدام الفحم لمواجهة برد الشتاء.
وأكد سيمون ستيل، السكرتير التنفيذي للأمم المتحدة بشأن المناخ، أنه «لا سبيل للتراجع عن أهداف خفض الانبعاثات الكربونية، وعلى الجميع العمل على مواجهة التغيرات المناخية».
بدوره قال وزيارة الخارجية المصري إنه «حان الوقت لتنفيذ التعهدات»، داعياً إلى «وقفة للمصارحة حول حقيقتين لا مناص من إنكارهما؛ وهما أن جهود تغير المناخ على مدى العقود الماضية اتسمت بقدر ملحوظ من الاستقطاب، مما أفضى إلى إبطاء وتيرة التقدم في عملية التفاوض، والثانية أن الحالة الراهنة لجهود الحشد وتوفير التمويل تثير الكثير من الشواغل، إذ إن تعهد توفير 100 مليار دولار سنوياً لم يجد بعدُ سبيلاً إلى التنفيذ».
وقال شكري إن العالم «لا يملك ترف الاستمرار على هذا النهج»، مشدداً على أن «الفرصة لا تزال سانحة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة، إذا ما توفرت الإرادة السياسية لذلك، وإذا ما استطعنا العمل سوياً بشكل متسق ومتناغم».
وفي كلمةٍ جرت مشاركتها عبر الفيديو، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن «التقارير الأخيرة تعكس حالة من الفوضى المناخية»، مشيراً إلى أن «السنوات الثماني الماضية كانت الأكثر احتراراً، مما يهدد حياة البشر، لا سيما الفئات الأكثر ضعفاً». وقال إنه «لا بد من الرد على إشارات الكوكب بالأفعال، و(كوب 27) هو المكان والوقت المناسب لذلك».
وتنطلق، اليوم الاثنين، فعاليات قمة المناخ على مستوى قادة الدول والحكومات، وقال شكري إن «قادة العالم يتوافدون على شرم الشيخ للإعراب عن التزامهم الراسخ بجهود مواجهة تغير المناخ وأولوية العمل من أجل مستقبل نتمكن فيه من العيش دون خطر يهددنا»، مشيراً إلى أنه «الأسبوعان المقبلان سيشهدان مفاوضات مهمة وحيوية لترجمة الالتزامات السياسية إلى توافقات عملية».
وسجل لحضور المؤتمر أكثر من 50 ألف شخص، وفقاً لبيانات الرئاسة المصرية للقمة.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

واصل الجيش السوداني، الخميس، تقدمه في المعارك الدائرة في ولاية الجزيرة وسط السودان، وسيطر على بلدة «الشبارقة»، بعد انسحاب «قوات الدعم السريع»، وفق مصادر محلية.

وكانت البلدة أحد أبرز أهداف الجيش في هذه الجبهة، لأنها تمكنه من الناحية العسكرية من التقدم نحو عاصمة الولاية، مدينة ود مدني.

وحقق الجيش السوداني تقدماً كبيراً في جنوب الجزيرة، يوم الأربعاء، حيث سيطر بالكامل على مدينة «الحاج عبد الله»، وعدد من القرى المجاورة لها، فيما تحدث شهود عيان عن توغله في أكثر من قرية قريبة من ود مدني باتجاه الجنوب.

عناصر من «الدعم السريع» في منطقة قريبة من الخرطوم (رويترز)

وقالت «لجان المقاومة الشبارقة»، وهي تنظيم شعبي محلي، «إن القوات المسلحة بسطت سيطرتها الكاملة على البلدة بعد معارك طاحنة».

وأفادت في بيان على موقع «فيسبوك»، بأن الطيران الحربي التابع للجيش «لعب دوراً كبيراً في إسناد الهجوم البري، بتنفيذ ضربات جوية على مواقع قوات الدعم السريع لمنعها من التقدم».

ووفقاً للجان، فقد «استولت القوات المسلحة على كميات من الأسلحة والذخائر كانت مخبأة داخل المنازل في البلدة».

وأظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، عناصر من قوات الجيش أمام لافتة على مدخل الشبارقة، فيما قالت مصادر أخرى، إن اشتباكات عنيفة سجلت بين قوات مشتركة من الميليشيات المسلحة المتحالفة مع الجيش ضد «قوات الدعم السريع» في الأجزاء الشرقية من بلدة «أم القرى» شرق الجزيرة، على بعد نحو 30 كيلومتراً من ود مدني.

وحسب المصادر، فإن القوات المهاجمة، تتقدمها ميليشيا «درع السودان» التي يقودها القائد المنشق عن «الدعم السريع» أبو عاقلة كيكل، فشلت في استعادة البلدة خلال المعارك الشرسة التي دارت الأربعاء.

وقال شهود عيان لــ«الشرق الأوسط»، إن المضادات الأرضية لقوات «الدعم السريع» تصدت لغارات جوية شنها الطيران الحربي للجيش على ارتكازاتها الرئيسية في وسط البلدة.

وتوجد قوات الجيش والفصائل التي تقاتل في صفوفه، على بعد عشرات الكيلومترات من مدينة ود مدني، لكن قوات «الدعم» لا تزال تنتشر بكثافة في كل المحاور المؤدية إلى عاصمة الولاية.

دورية لـ«الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (رويترز)

ولم يصدر أي تصريح رسمي من «الدعم السريع»، التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي» بخصوص المعارك في ولاية الجزيرة التي جاءت بعد أشهر من التخطيط من قبل الجيش الذي شنّ هجوماً برياً يعد الأوسع والأعنف، وتمكن للمرة الأولى، من التوغل بعمق والسيطرة على عدد من المواقع التي كانت بقبضة «الدعم السريع».

ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت قوات «الدعم» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى عبر محورها لاستعادة الولاية كاملة.

ولكن رغم تقدم الجيش عسكرياً خلال الأشهر الماضية في وسط البلاد والخرطوم، لا تزال «الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان في الجنوب... وفي حال فرض الجيش سيطرته الكاملة على ولاية الجزيرة، فإنه بذلك سيحاصر «الدعم» في العاصمة الخرطوم من الناحية الجنوبية.

واندلعت الحرب منذ أكثر من 21 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين من منازلهم.