«أكسيون» و«الواحة»... قوة الفن في عمق صحراء الرياض

فنانان عالميان يقدمان تراكيب استثنائية على بعد 70 كيلومتراً من العاصمة

الوجه الآخر لـ«الواحة» بإضاءة مختلفة
الوجه الآخر لـ«الواحة» بإضاءة مختلفة
TT

«أكسيون» و«الواحة»... قوة الفن في عمق صحراء الرياض

الوجه الآخر لـ«الواحة» بإضاءة مختلفة
الوجه الآخر لـ«الواحة» بإضاءة مختلفة

على بُعد نحو 70 كيلومتراً شمال غرب مدينة الرياض، تمتدّ مساحة شاسعة من الصحراء المُحاذية لمعرض الصقور والصيد السعودي الدولي, يعمّها السكون التام في الليل، وهو ما يجعل فكرة إيجاد تراكيب فنية في هذا المكان البعيد عن ضجيج المدينة وحركة الناس أمراً باعثاً للتساؤل، خصوصاً أن افتتاحه جاء في تمام الساعة 11 ليلًا، بالتزامن مع أكبر الاحتفالات الفنية للضوء بالعالم «نور الرياض 2022»، المُقامة حالياً تحت شعار «نحلم بآفاق جديدة».
وفور الوصول إلى الموقع، تبددت هذه التساؤلات، حيث لاح في الأفق عمل فني يتلألأ من مسافة بعيدة، ومع الاقتراب منه أكثر، يرتفع صوت الموسيقى الصاخبة التي أخذ يتردد صداها في وسط الصحراء الشاسعة، بما يخلق حياة تبدِّد وحشة الليل وتكسر سكون المكان، وهو عمل «أكسيون» للفنان الألماني كريستوفر باودر، الممتلئ بالبهجة والحيوية.
يحاذيه عمل «الواحة» للفنان البلجيكي آرني كوينز، الذي يعكس قدرة الجمال الجامح على إحالة صحراء الرياض إلى جنة غنّاء. هذان العملان يأتيان وحيدين في المنطقة التي سمّاها المنظِّمون «The desert»، أحد المواقع الـ40 التي ستُقام فيها النسخة الثانية من احتفالية نور الرياض 2022، والمستمرة إلى يوم 19 من نوفمبر الحالي.

أكسيون
البداية مع «أكسيون» أو «AXION»، في إشارة إلى المجسم الافتراضي، إذ تقول الفرضية إنه إذا كان هناك مجسم له وجود، فقد يكون مكوناً من مادة مظلمة باردة. ويعتقد علماء الكونيات أن جزءًا صغيراً فقط من الكون يتكون من النجوم والكواكب والكائنات الحية، بينما الـ95 % الأخرى من الكون هي المادة المظلمة والطاقة المظلمة. كما تصف نظرية المادة المظلمة الباردة كيفية انتقال الكون من حالة أولية سلِسة إلى التوزيع غير المتكافئ للمجرّات ومجموعاتها التي نراها، اليوم.
وهذا كله يستكشفه كريستوفر باودر في عمله «أكسيون»، بالاستناد إلى عروض الضوء واسعة النطاق، المصممة خصوصاً للمواقع الصحراوية أو البيئات الترابية الأخرى، فيبدو المجسم للوهلة الأولى وكأنه جهاز علمي عملاق لاستكشاف الفضاء، أو اكتشاف الجسيمات، مع مجموعة من المرايا والأجسام الكروية.


عمل «أكسيون» لكريستوفر باودر يضيء صحراء الرياض (تصوير: إيمان الخطاف)

وبمجرد الاقتراب من هذا العمل الصاخب، يزداد حجم انعكاسات الضوء، وتتبدد الظلمة، وكأن المجهول يضمحل ليحل مكانه عالم جديد خلقه الفنان، في عمل نابض بالحياة تفاعل معه الجمهور بالرقص تماشيًا مع الإيقاع الموسيقي المصاحب، في ساعتين هما أشبه برحلة إبداع فني مميز لا يشبهها أي عمل فني سابق.

كريستوفر باودر
وُلد الفنان كريستوفر باودر عام 1973، وعمل في إنشاء الفن التركيبي المكاني وتصميمات الإضاءة للمساحات الواسعة منذ تخرُّجه في جامعة برلين للفنون. أنشأ أستديو وايت فويد المتكامل عام 2004 ليتمكن من تنفيذ أعماله ذات التصميمات الكبيرة، كما عمل مع متخصصين في تصميم التفاعل وتصميم الوسائط، وكذلك مع مهندسي الديكور ومهندسي الإلكترونيات لإنشاء عروض ضوئية ضخمة.
واشتهر باودر بتركيباته الفنية للأضواء حول المدينة، التي سمّاها «ليشتغرينزي»، وصمّمها، بالتعاون مع أخيه مارك عام 2014، في الذكرى الـ25 لسقوط سور برلين. وفي عام 2020 قدم «دارك ماتر»؛ وهو عبارة عن معرض دائم لأعماله، وجذب أكثر من 120 ألف زائر في الشهور الأولى. في حين تركز مشروعات باودر على تحويل وحدات تخزين المعلومات (وحدات البت والبايت) إلى كائنات وبيئات، وكذلك العكس، ويتخذ المساحة والمادة والصوت والضوء والتفاعل عناصر أساسية للفن.
الواحة
وعلى بُعد كيلومتر واحد سيراً على الأقدام من «أكسيون»، يضيء عمل فني آخر هو «الواحة» أو «Oasis» للفنان البلجيكي آرني كوينز؛ وهو عمل غني بالألوان المتدرجة بشكل يدهش الأنظار، إذ تنعكس قوة الألوان بشدة في هذا التركيب المصنوع من الألومنيوم، والذي يجسد فلسفة كوينز: مكان نابض بالحياة في الصحراء القاحلة، حيث تنبثق الحياة.
يضع هذا التركيب الجمهور أمام معرض مفتوح في الهواء الطلق وسط صحراء الرياض، ويأخذ العمل مساحة كبيرة يبلغ ارتفاعه 16 متراً، وبعرض يصل لنحو 40 متراً، حيث يهدف هذا التركيب إلى جمع الناس معاً وتوسيع مداركهم على آفاق جديدة من خلال جمال وقوة الفن، وهذا الجمال الجامح هو أشبه بحالة تأمل عميقة يعيشها كل من يقف تحت العمل، متمعنًا في القوة الهائلة للمزيج اللوني الذي يخترق الروح بشكل انسيابي.


«الواحة» للفنان آرني كوينز يشكل مكاناً نابضاً بالحياة  في الصحراء القاحلة (تصوير: إيمان الخطاف)

آرني كوينز
بدأ الفنان البلجيكي المعاصر آرني كوينز رحلته الفنية فناناً يمارس الفن في الشوارع منذ الثمانينات، وركز على عرض أعماله في عدد من المدن حول العالم. وفي كل عمل من أعمال آرني كوينز الأخيرة يرى المتلقي مواجهة تبدو فوضوية بين العناصر التي ترتبط وتشكل بيئة حيوية جرى إنشاؤها بدقة.
تتنوع الألوان والأشكال في أعماله مثلما يتنوع خيال المشاهد، كما يصور الفنان المجتمع على أنه نظام بيئي متماسك وسليم ويعتبره عيّنة من الطبيعة، وذلك هو مصدر إلهامه الرئيسي. وبهذه الطريقة تدعو تركيباته الفنية العالمية إلى الحفاظ على التنوع من أجل التجريب والتلاقح المتبادل، ويرى كوينز أن الهدف النهائي للفن العام هو إعادة جمع الناس معاً مرة أخرى، فبإمكان منحوتة مذهلة أن تحصل على انطباع مبهر من المارة، ويرى أنه من واجب المدن أن تيسر التعايش مع عدد من الكائنات الحية، كما هي الحال في الطبيعة والأعمال الفنية، والذي بدوره يساعد على استمرارية الوجود والحفاظ على المستقبل.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
TT

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء: الطقوس، الممارسات الجمالية والاجتماعية» ضمن قوائم التراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو» على أنه تراث مشترك بين 16 دول عربية.

ويأتي الملف التراثي نتيجة تعاون مشترك بين وزارتي الثقافة والخارجية المصريتين وسائر الدول العربية التي تعد الحناء من العناصر الثقافية الشعبية المرتبطة بمظاهر الفرح فيها، كما تمثل تقليداً رئيساً لمظاهر احتفالية في هذه المجتمعات وهي: السودان، مصر، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، العراق، الأردن، الكويت، فلسطين، تونس، الجزائر، البحرين، المغرب، موريتانيا، سلطنة عمان، اليمن، وقطر.

وتعقد اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي اجتماعاً يستمر منذ الاثنين الماضي وحتى الخميس 5 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في أسونسيون عاصمة باراغواي، للبت في إدراج 66 عنصراً جديداً رُشحَت على أنها تقاليد مجتمعية، وفق «اليونيسكو».

وذكّرت المنظمة بأن الحنّة (أو الحناء): «نبتة يتم تجفيف أوراقها وطحنها ثم تحويلها إلى عجينة تُستخدم في دق الوشوم وتحديداً تلك التي تتلقاها المدعوات في حفلات الزفاف، وتُستعمل أيضاً لصبغ الشعر أو جلب الحظ للأطفال».

الحنة تراث ينتقل بين الأجيال (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

وعللت «اليونيسكو» إدراج الحنّة في قائمة التراث الثقافي غير المادي بأنها «ترمز إلى دورة حياة الفرد، منذ ولادته وحتى وفاته، وهي حاضرة خلال المراحل الرئيسة من حياته، وترافق طقوس استخدام الحنّة أشكال تعبير شفهية مثل الأغنيات والحكايات».

من جهته أعرب الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، عن اعتزازه بهذا الإنجاز، مشيراً إلى أن تسجيل الحناء يُعد العنصر التاسع الذي تضيفه مصر إلى قوائم التراث الثقافي غير المادي منذ توقيعها على اتفاقية 2003، بحسب بيان للوزارة.

وأكدت الدكتورة نهلة إمام رئيسة الوفد المصري أن الحناء ليست مجرد عنصر جمالي، بل تمثل طقساً اجتماعياً عريقاً في المجتمعات العربية؛ حيث تُستخدم في الحياة اليومية والمناسبات المختلفة، كما أشارت إلى «ارتباط استخدام الحناء بتقاليد شفهية، مثل الأهازيج والأمثال الشعبية، وممارسات اجتماعية تشمل زراعتها واستخدامها في الحرف اليدوية والعلاجية».

وسلط الملف الذي قُدم لـ«اليونيسكو» بهدف توثيقها الضوء على أهمية الحناء بأنها عنصر ثقافي يعكس الروح التقليدية في المجتمعات المشاركة، وكونها رمزاً للفرح والتقاليد المرتبطة بالمناسبات الاحتفالية وفق الدكتور مصطفى جاد، خبير التراث الثقافي اللامادي بـ«اليونيسكو»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تمثل الحناء واحدة من أهم عناصر تراثنا الشعبي، فهي مرتبطة بمعظم مفردات التراث الشعبي المصري والعربي الأخرى؛ وهي وثيقة الارتباط بالنواحي الجمالية والتزيينية، وأغاني الحناء، فضلاً عن الأمثال والمعتقدات الشعبية، والاستخدامات والممارسات الخاصة بالمعتقدات الشعبية، وتستخدم الحناء في الكثير من طقوسنا اليومية، المتعلقة بالمناسبات السعيدة مثل الزواج والأعياد بشكل عام».

الحنة تراث عربي مشترك (بكسيلز)

وأكد جاد أن التعاون العربي تجاه توثيق العناصر التراثية يعزز من إدراج هذه العناصر على قوائم «اليونيسكو» للتراث اللامادي؛ مشيراً إلى أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، وقال: «تثمن (اليونيسكو) عناصر التراث الشعبي المشتركة بين الدول، وقد سبق تسجيل عناصر النخلة، والخط العربي، والنقش على المعادن المشتركة بين مصر وعدة دول عربية؛ مما يؤكد الهوية العربية المشتركة».

وأضاف: «نحن في انتظار إعلان إدراج عنصر آخر مشترك بين مصر والسعودية على القوائم التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي بـ(اليونيسكو) اليوم أو غداً، وهو آلة السمسمية الشعبية المعروفة».

وكانت بداية الحناء في مصر القديمة ومنها انتشرت في مختلف الثقافات، خصوصاً في الهند ودول الشرق الأوسط، حتى صارت ليلة الحناء بمثابة حفل «توديع العزوبية» في هذه الثقافات، وفق عالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الأدلة الأثرية والتحاليل العلمية وثقت دور الحنة باعتبارها مادة أساسية ذات أهمية كبيرة في الحياة اليومية للمصريين القدماء»، وتابع: «بخلاف استخدامها في الأغراض التجميلية مثل صبغ الشعر، فقد تمت الاستعانة بها في الطقوس الجنائزية؛ إذ يعتقد استخدامها في التحنيط، كما كانت جزءاً من الممارسات الروحية لتحضير المومياوات للحياة الآخرة، فضلاً عن صبغ الأقمشة والجلود».

ارتبطت الحناء بالمناسبات والأعياد (بكسيلز)

الفنان العُماني سالم سلطان عامر الحجري واحد من المصورين العرب الذين وثقوا بعدستهم استخدام الحنة في الحياة اليومية، وسجّل حرص الجدات على توريثها للأجيال الجديدة من الفتيات الصغيرات، يقول الحجري لـ«الشرق الأوسط»: «الحنة في سلطنة عمان هي رمز للفرحة، ومن أهم استخداماتها تزيين النساء والأطفال بها في عيد الفطر، حيث عرفت النساء العربيات منذ القدم دق ورق الحناء وغربلته ونخله بقطعة من القماش وتجهيزه، مع إضافة اللومي اليابس (الليمون الجاف)، لمنحها خضاب اللون الأحمر القاتم، وذلك قبل العيد بعدة أيام، ثم يقمن بعجن الحناء المضاف له اللومي الجاف بالماء، ويتركنه لفترة من الوقت، وقبل النوم يستخدمن الحناء لتخضيب اليدين والرجلين للنساء والفتيات».