خلافات عاصفة في مجلس الأمن تحول دون موقف موحّد من كوريا الشمالية

تراشق اتهامات بين الولايات المتحدة وروسيا والصين مع إطلاق مزيد من الصواريخ

قاذفتان أميركيتان من طراز «ب1 - ب» ترافقهما مقاتلات أميركية وكورية جنوبية خلال تدريب جوي مشترك (إ.ب.أ)
قاذفتان أميركيتان من طراز «ب1 - ب» ترافقهما مقاتلات أميركية وكورية جنوبية خلال تدريب جوي مشترك (إ.ب.أ)
TT

خلافات عاصفة في مجلس الأمن تحول دون موقف موحّد من كوريا الشمالية

قاذفتان أميركيتان من طراز «ب1 - ب» ترافقهما مقاتلات أميركية وكورية جنوبية خلال تدريب جوي مشترك (إ.ب.أ)
قاذفتان أميركيتان من طراز «ب1 - ب» ترافقهما مقاتلات أميركية وكورية جنوبية خلال تدريب جوي مشترك (إ.ب.أ)

تراشقت الولايات المتحدة وحلفاؤها الاتهامات مع الصين وروسيا في مجلس الأمن الذي بدا عاجزاً مجدداً، مساء أول من أمس (الجمعة)، عن التغلب على خلافاته المستحكمة وعن محاسبة كوريا الشمالية على إطلاقها وابلاً من الصواريخ الباليستية وغيرها من «الاستفزازات»، بحسب الوصف الذي استخدمه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.
وعقد مجلس الأمن جلسة هي التاسعة له عام 2022 حول ملف انتهاكات جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، الاسم الرسمي لكوريا الشمالية. واستمع إلى إحاطة من الأمين العام المساعد للشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ خالد خياري، حول إطلاق عشرات الصواريخ الباليستية، علماً بأن أحدها عابر للقارات في «عملية إطلاق ربما لم تكن ناجحة». وإذ نقل عن غوتيريش «تنديده الشديد» بهذه «الاستفزازات»، دعا بيونغ يانغ إلى «الكف فوراً عن القيام بأي أعمال طائشة أخرى والامتثال الكامل لالتزاماتها الدولية بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة».
وفرض مجلس الأمن عقوبات بعد أول تجربة نووية لكوريا الشمالية عام 2006، وشددها على مدى سنوات سعياً إلى كبح برامجها النووية والصاروخية الباليستية ووقف التمويل. لكن في مايو (أيار) الماضي، منعت الصين وروسيا قراراً لمجلس الأمن كان من شأنه أن يشدد العقوبات على إطلاق الصواريخ، في أول خلاف خطير في المجلس في شأن العقوبات ضد كوريا الشمالية. وبدا هذا الخلاف أعمق في ظل التوتر المتصاعد بسبب غزو روسيا لأوكرانيا، وزيادة حدة المنافسة بين الصين والولايات المتحدة.
وأكدت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد أن انتهاك كوريا الشمالية لقرارات مجلس الأمن «أمر غير مقبول»، محذرة من «جسامة الخطر» الذي يواجه العالم والمنطقة من جراء إطلاق الصواريخ. وذكّرت أعضاء المجلس بمسؤوليتهم في حماية السلم والأمن الدوليين والدفاع عن معاهدة عدم الانتشار وتنفيذ قرارات مجلس الأمن. وحضت على التنديد بتصرفات كوريا الشمالية لأنها «غير مسؤولة وغير شرعية». وقالت إن «إطلاق 59 صاروخاً باليستياً» أمر «مذهل» هذا العام، بما في ذلك 13 صاروخاً منذ 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأحدها أحدث «تأثيراً غير مسبوق» على مسافة نحو 50 كيلومتراً من شاطئ كوريا الجنوبية. ولفتت إلى أن 13 من الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن نددوا هذا العام بتصرفات كوريا الشمالية المتنعمة بـ«غطاء حماية» من روسيا والصين اللتين «فعلتا كل شيء» لتبرير الانتهاكات المتكررة لعقوبات الأمم المتحدة من كوريا الشمالية. واعتبرت أن الصين وروسيا «مكنتا كوريا الشمالية واستهترتا بهذا المجلس».
وكذلك ندد نظيرها الفرنسي نيكولا دو ريفيير بـ«التصعيد غير المسبوق والاستفزازات غير المقبولة» من بيونغ يانغ. وكذلك فعلت المندوبة البريطانية بربارة وودوارد التي حضت على محاسبة بيونغ يانغ على مخالفتها قرارات مجلس الأمن.
* إطاحة حكم بيونغ يانغ؟
وردَّ المندوب الصيني تشانغ جون على نظيرته الأميركية، فرأى أن إطلاق كوريا الديمقراطية للصواريخ يرتبط بشكل مباشر بإعادة إطلاق التدريبات العسكرية واسعة النطاق بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بعد انقطاع دام خمس سنوات، بمشاركة مئات الطائرات الحربية. كما أشار إلى مراجعة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لعام 2022، التي تتصور استخدام كوريا الشمالية للأسلحة النووية، معتبراً أن القضاء على الحكم في كوريا الشمالية أحد الأهداف الرئيسية للاستراتيجية الدفاعية الأميركية.
وعزت نائبة المندوب الروسي آنا إيفستينييفا الوضع المتدهور بشكل كبير في شبه الجزيرة الكورية إلى «رغبة واشنطن في إجبار بيونغ يانغ على نزع سلاحها من جانب واحد باستخدام العقوبات وممارسة الضغط والقوة».
ووصفت المناورات الأميركية - الكورية الجنوبية التي بدأت في 31 أكتوبر (تشرين الأول) بحجم غير مسبوق، بمشاركة 240 طائرة حربية بأنها «بروفة لشن ضربات ضخمة على أراضي كوريا الشمالية».
* «دعاية» أم «مخاوف»؟
وردت المندوبة الأميركية على هذه التصريحات الصينية والروسية، معتبرة أنها «رجع صدى للدعاية» الكورية الشمالية. وقالت إن المناورات العسكرية الدفاعية التي طال أمدها «لا تشكل أي تهديد لأي كان، ناهيك بكوريا الشمالية». وأضافت أنه «في المقابل، قالت كوريا الديمقراطية، الشهر الماضي فقط، إن فورة عمليات الإطلاق الأخيرة كانت محاكاة لاستخدام أسلحة نووية تكتيكية في ساحة المعركة للقضاء على أهداف محتملة للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية».
وطلب المندوب الصيني الكلام مجدداً، فدعا الولايات المتحدة إلى «التوقف عن إثارة التوترات والمواجهة من جانب واحد»، والاستجابة «للمخاوف المشروعة والمعقولة لكوريا الشمالية لتهيئة الظروف لاستئناف الحوار الهادف». وقال إن على مجلس الأمن أن يساهم «في استئناف الحوار والمفاوضات وحل الصعوبات الإنسانية والمعيشة التي تواجهها كوريا الديمقراطية»، بدلاً من السعي لمزيد من الضغط عليها.
وكذلك ردت المندوبة الروسية مجدداً، معتبرة أن المزيد من العقوبات من شأنه أن تهدد مواطني كوريا الشمالية «باضطرابات اجتماعية واقتصادية وإنسانية غير مقبولة»، داعية إلى اعتماد «الدبلوماسية الوقائية» لإيجاد حل دبلوماسي سياسي.
وكررت توماس غرينفيلد الرد، فأكدت أن الولايات المتحدة «ملتزمة الحل الدبلوماسي»، مشيرة إلى أنها نقلت رغبتها هذه إلى كوريا الشمالية.
* بيانات منفصلة
وفيما رفضت الصين وروسيا إصدار أي بيان مشترك من مجلس الأمن، خرج ممثلو الدول العشر المنتخبة في مجلس الأمن، وأصدروا بياناً يدين عمليات الإطلاق، ويدعون كوريا الشمالية إلى وقف برامجها النووية والصاروخية، مؤكدين «التزامهم الدبلوماسية والحوار».
ثم قرأت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكوريا الجنوبية واليابان ودول أخرى بياناً يدعو كل الدول إلى الانضمام إلى إدانة «سلوك كوريا الشمالية المزعزع للاستقرار، وحض كوريا الديمقراطية على التخلي عن برامج أسلحتها غير القانونية والانخراط في الدبلوماسية تجاه نزع السلاح النووي».


مقالات ذات صلة

كوريا الشمالية تتعهد بتعزيز «الردع العسكري» رداً على إعلان واشنطن

العالم كوريا الشمالية تتعهد بتعزيز «الردع العسكري» رداً على إعلان واشنطن

كوريا الشمالية تتعهد بتعزيز «الردع العسكري» رداً على إعلان واشنطن

تعتزم كوريا الشمالية تعزيز «الردع العسكري» ضد كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، منتقدة اتفاق القمة الذي عقد هذا الأسبوع بين البلدين بشأن تعزيز الردع الموسع الأميركي، ووصفته بأنه «نتاج سياسة عدائية شائنة» ضد بيونغ يانغ، وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية. ونشرت وكالة الأنباء المركزية الكورية (الأحد)، تعليقاً انتقدت فيه زيارة الدولة التي قام بها رئيس كوريا الجنوبية يون سيوك - يول إلى الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة، ووصفت الرحلة بأنها «الرحلة الأكثر عدائية وعدوانية واستفزازاً، وهي رحلة خطيرة بالنسبة لحرب نووية»، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الألمانية. وذكرت وكالة أنباء «

«الشرق الأوسط» (سيول)
العالم كوريا الشمالية تحذر من «خطر أكثر فداحة» بعد اتفاق بين سيول وواشنطن

كوريا الشمالية تحذر من «خطر أكثر فداحة» بعد اتفاق بين سيول وواشنطن

حذرت كيم يو جونغ شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون من أن الاتفاق بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لتعزيز الردع النووي ضد بيونغ يانغ لن يؤدي إلا إلى «خطر أكثر فداحة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. كانت واشنطن وسيول حذرتا الأربعاء كوريا الشمالية من أن أي هجوم نووي تطلقه «سيفضي إلى نهاية» نظامها. وردت الشقيقة الشديدة النفوذ للزعيم الكوري الشمالي على هذا التهديد، قائلة إن كوريا الشمالية مقتنعة بضرورة «أن تحسن بشكل أكبر» برنامج الردع النووي الخاص بها، وفقا لتصريحات نقلتها «وكالة الأنباء الكورية الشمالية» اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (بيونغ يانغ)
العالم شركة تبغ ستدفع 600 مليون دولار كتسوية لانتهاكها العقوبات على بيونغ يانغ

شركة تبغ ستدفع 600 مليون دولار كتسوية لانتهاكها العقوبات على بيونغ يانغ

وافقت مجموعة «بريتيش أميركان توباكو» على دفع أكثر من 600 مليون دولار لتسوية اتهامات ببيعها سجائر لكوريا الشمالية طوال سنوات في انتهاك للعقوبات التي تفرضها واشنطن، كما أعلنت وزارة العدل الأميركية الثلاثاء. في أشدّ إجراء تتخذه السلطات الأميركية ضدّ شركة لانتهاك العقوبات على كوريا الشمالية، وافق فرع الشركة في سنغافورة على الإقرار بالذنب في تهم جنائية تتعلق بالاحتيال المصرفي وخرق العقوبات. وأفادت وزارة العدل الأميركية بأنه بين عامَي 2007 و2017، عملت المجموعة على تشغيل شبكة من الشركات الوهمية لتزويد صانعي السجائر في كوريا الشمالية بسلع. وقال مسؤولون أميركيون إن الشركة كانت تعلم أنها تنتهك عقوبات أم

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم كوريا الشمالية: وضعنا كدولة تملك أسلحة نووية حقيقة لا يمكن إنكارها

كوريا الشمالية: وضعنا كدولة تملك أسلحة نووية حقيقة لا يمكن إنكارها

نقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية، اليوم الجمعة، عن وزيرة خارجية كوريا الشمالية، تشوي سون هوي، قولها إن وضع البلاد باعتبارها دولة تمتلك أسلحة نووية سيظل حقيقة لا يمكن إنكارها، وإنها ستستمر في بناء قوتها حتى القضاء على التهديدات العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها. جاءت تصريحات الوزيرة في بيان ينتقد الولايات المتحدة ودول مجموعة السبع.

«الشرق الأوسط» (سيول)
العالم كوريا الشمالية ترفض دعوة «مجموعة السبع» للامتناع عن تجارب نووية جديدة

كوريا الشمالية ترفض دعوة «مجموعة السبع» للامتناع عن تجارب نووية جديدة

رفضت كوريا الشمالية، اليوم (الجمعة)، دعوة مجموعة السبع لها إلى «الامتناع» عن أي تجارب نووية أخرى، أو إطلاق صواريخ باليستية، مجددةً التأكيد أن وضعها بوصفها قوة نووية «نهائي ولا رجعة فيه»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ونددت وزيرة الخارجية الكورية الشمالية تشوي سون هوي بالبيان «التدخلي جداً» الصادر عن «مجموعة السبع»، قائلة إن القوى الاقتصادية السبع الكبرى في العالم تُهاجم «بشكل خبيث الممارسة المشروعة للسيادة» من جانب بلادها. وقالت تشوي في بيان نشرته «وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية» إن «موقف جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية بصفتها قوة نووية عالمية نهائي ولا رجوع فيه». واعتبرت أن «(مج

«الشرق الأوسط» (بيونغ يانغ)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.